الروحانيات فى الإسلام: اليقين فى الحديث النبوي الشريف

بحث في المدونة من خلال جوجل

الجمعة، 30 مايو 2014

اليقين فى الحديث النبوي الشريف

بسم الله الرحمن الرحيم

اليقين فى الحديث النبوي

كنا قد تداولنا فى الآونة الاخيرة موضوع اليقين .. لأنه يمثل الطريق الأعظم فى الوصول إلى الله .. وبدونه فلن يكون هناك نفس مطمئنة .. 
واستكمالا للموضوع فلنذهب الى المعاني اليقينية فى السنة النبوية .. ويتبعها ان شاء الله مقالة أخرى عن اليقين فى القرآن الكريم

وقد ذكرنا أن هناك دعوات تعينك للوصول الى اليقين وقد تم ذكرها فى مقاله سابقة بعنوان " كيف تصل الى اليقين " اضغط هنا .. فلا حاجة لإعادة هذه الدعوات .. فهذه المقالة تتحدث عن اليقين فى الحديث وأهميتها

أهمية اليقين فى الأحاديث

1- قال بن عباس رضي الله عنه: (كنتُ رَديفَ رَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فقال: يا غُلامُ، أو يا غُلَيِّمُ، أَلا أُعلِّمُك كَلِماتٍ ينفَعُكَ اللهُ بِهِنَّ؟ فقُلتُ: بلى. فقال: احفَظِ اللهَ يَحفَظْكَ، احفَظِ اللهَ تَجِدْه أَمامَكَ، تَعَرَّف إليه في الرَّخاءِ، يَعرِفْك في الشِّدَّةِ، وإذا سأَلتَ؛ فاسأَلِ اللهَ، وإذا استعَنتَ، فاستَعِنْ باللهِ، قد جَفَّ القَلَمُ بما هو كائِنٌ، فلو أنَّ الخَلقَ كُلَّهم جَميعًا أرادوا أنْ يَنفَعوكَ بِشَيءٍ لم يَكتُبه اللهُ عليكَ؛ لم يَقدِروا عليه، وإنْ أرادوا أنْ يَضُرُّوك بِشَيءٍ لم يَكتُبْه اللهُ عليكَ؛ لم يَقدِروا عليه، واعلَمْ أنَّ في الصَّبرِ على ما تَكرَهُ خَيرًا كَثيرًا، وأنَّ النَّصرَ مع الصَّبرِ، وأنَّ الفَرَجَ مع الكَرْبِ، وأنَّ مع العُسرِ يُسرًا) رواه أحمد .. وقال محققو المسند: حديث صحيح.

* فى الحديث الأول .. قال صلى الله عليه وسلم .. فى وصيته لابن عباس رضى الله عنهما .. ان يعمل للعمل بالشكر واليقين .. وكأن اليقين موصوف على أنه عمل وليس مجرد صفه نفسية .. فانتبه لذلك الكلام ..
وحتى تصل لليقين .. عليك ان تعمل مع الله .. كيف ذلك ؟
* بالدعاء الى الله
* بالرضا بالقضاء والقدر .. تفويضا واستسلاما
فبدون العمل باليقين .. فلن تكون مطمئنا بأى حال .. ولن تكون نفسك ساكنة أبدا .. بل دائما ستظل مضطربا كلما حدثت لك حادثة .. لأنك تتعامل مع الحدث ولا تتعامل مع الله
وهذا الحديث اعتبره هو الطريق الى الله .. ومن عمل به ووصل إلى تحقيق مطالبه كان من السعداء فى الدنيا والآخرة .. ولنا له شرح مستقل ان شاء الله تعالى 

2- قال النبي صلى الله عليه وسلم: (ما أخافُ على أمَّتي إلَّا ضعفَ اليقينِ) رواه الطبراني وبن أبي الدنيا .. وقال الهيثمي: رجاله ثقات .. وصححه الصعيدي في النوافح العطرة .. وضعفه الألباني لجهالة حال شخص في السند.. 
فى الحديث الثاني : أفاد أن ضعف اليقين .. يؤدى الى ضياع الانسان .. لشدة ارتباطة بالدنيا .. وإلا لما خاف صلى الله عليه وسلم من ضعف اليقين .. فإن ضعف اليقين من نقص الإيمان .. ونقص الإيمان يؤدى الى الشك .. فانتبه !

3- قال النبي صلى الله عليه وسلم: (صلاحُ أوَّلِ هذه الأُمَّةِ بِالزُّهدِ و اليَقينِ ، و يَهْلَكُ آخِرُها بِالبُخْلِ و الأَمَلِ) رواه الطبراني في الأوسط وأحمد في الزهد .. وصححه السيوطي في الجامع الصغير .. وذكره الألباني في صحيح الجامع.
- فى الحديث الثالث : يرشدنا صلى الله عليه وسلم أن الصلاح يكون بالزهد واليقين .. فإن تمسك العبد بحطام الدنيا وتوسع فى اسباع رغباته فسيكون هلاكه .. لأنه سيكون قد أصابه البخل وطول الأمل .. لماذا؟
لأنه كلما زاد اليقين داخلك .. كلما تيقنت ان الله هو المعطي .. فكلما اطمئنت نفسك الى العطاء للناس ولا تخشى الفقر .. لأنك متيقنا فى أن الله نخلف عليك بالخير .. 
وكلما تيقنت أن الدنيا زائلة وأنت راحل عنها .. فسيضعف الأمل بداخلك فى الارتباط بها .. وستعمل لآخرتك .. 
وذكر الحيث الزهد واليقين .. حيث أن الزهد عمل ظاهرى بالانقطاع عن الارتباط بالدنيا ، واليقين عمل باطني بالارتباط بالله فى كل حال .. 
فقد جمع لك صلى الله عليه وسلم .. كمال الامر فى التعامل مع الله ..
ملحوظة : الزهد هو ترك الانشغال بالدنيا والتعلق بها .. وليس معناه الابتعاد عن الدنيا واعتزال المجتمع والناس وعدم العمل .. فانتبهوا أكرمكم الله .. وكان للزهد مقالة فارجع لها لتفهم حقيقة الزهد ( الزهد .. هو محو صور الاكوان عن القلب طلبا للمولى )

4- قال النبي صلى الله عليه وسلم: (سَلوا اللهَ العفوَ والعافيةَ، فإنَّ أحدًا لم يُعطَ بعدَ اليقينِ خيرًا منَ العافيةِ) صحيح الترمذي.
- فى الحديث الرابع : يرشدنا النبي صلى الله عليه وسلم .. أن من أعلى الكرامات القلبية هو اليقين .. ولكن خوفا من ان ينكسر هذا اليقين بكثرة الابتلاءات .. فأرشدنا صلى الله عليه وسلم بأن نسأل الله االعافية .. حتى لا نشقى فى ابتلاءاتنا .. فهو صلى الله عليه وسلم يخاف علينا .. ويعلمنا أن أحد الاسباب التى تؤدى الى ضعف اليقين هو الابتلاء 
ملحوظة : العافية تكون فى الابدان ( الصحة ) ، وتكون فى القلوب ( بعدم الشك فى الله ) ، وتكون فى العقول ( فى الفكر السليم مع الله ) 

5- عن أبي هريرة قال: (كُنَّا مع رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ فقامَ بِلالٌ يُنادِي فلمْا سَكَتَ قال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ مَنْ قال مِثْلَ هذا يَقِينًا دخلَ الجنةَ) رواه أحمد .. وقال محققو المسند: صحيح .. وذكره الألباني في صحيح الترغيب.
فى الحديث الخامس : يرشدنا صلى الله عليه وسلم الى ان من آمن بمعاني الأذان وتيقن فيما يقوله المؤذن .. فقد دخل الجنة .. لأنه يكون آمن بأن الوجود كله فى قبضة الله .. فإن استشعر ذلك وعاش بذلك .. فقد تيقن بأنه لا إله إلا الله .. وان استشعر بأن محمد رسول الله .. فقد كمل إيمانه عند الله .. 
ملحوظة : اليقين فى الأذان ..ليس معناه أن تقول أنا موافق على كلام الاذان !!! ..، ولكن معناه هو العمل بما جاء فيه .. فكل ما أمرك به الله تعمل به .. وكل ما نهاك عنه تبتعد عنه .. مع كمال اليقين فى أنه لا إلا إلا هو سبحانه .. 

والله أعلم بمراد نبيه صلى الله عليه وسلم ..

6- قال عبدُ اللهِ بنُ مسعودٍ رضي الله عنه: (الصبرُ نصفُ الإيمانِ واليقينُ الإيمانُ كلُّه) رواه البيهقي في شعب الإيمان .. وقال بن الملقن في شرح البخاري بأن إسناده صحيح.
يقول ابن مسعود رضى الله عنه .. ان من رزقه الله الصبر فقد رزق نصف الايمان .. لأن الصبر معناه هو حبس النفس على ما تكره ..
ولكن اليقين هو الايمان كله .. ومعناه هو عدم الشك فى فعل الله .. يعني الرضا الكامل بلا كراهية للقضاء والقدر .. لأنك ترى أن الفاعل هو الله حقيقة ..

7- حكمة لبعض الصالحين: (الدُّنيا دارُ مَن لا دارَ لَهُ ومالُ مَن لا مالَ لَهُ ولَها يجمعُ مَن لا عقلَ لَهُ .. وعليها يُعادي مَن لا عِلم لَهُ .. وعليها يحسُدُ مَن لا فِقهَ لَهُ .. ولها يسعَى مَن لا يقينَ لَهُ)
هذا القول الحكيم .. يخبرنا أن الطامع فى الدنيا .. يجعل الدنيا و المال والعقل .. مسخرين لتحقيق أهواءه وشهواته ومطامعه .. ومادام كذلك هو الحال .. فقد فقد اليقين من قلبه .. لأنه لو كان متيقنا .. لكان بصيرا بأن الدنيا زائلة وما طمع وما حسد وما ظلم العباد ..
وكأنها تقول .. إن كنت من أهل اليقين .. فاجعل الاخرة دارك ، والمال هو رصيدك وعملك مع الله ، وزهدك يمنحك العقل الذى تصلح به وتقهر به رغباتك وشهواتك وتحجمها عن الطمع ..، ولا تعادي أحد لأنك لو كنت تعلم أن الله منتقم فكيف تظلم وتعادي أحد ، ولا تحسد أحد لأنك لو كنت راضيا بقضاء الله فلن تكون حاسدا .. ولو كنت متيقنا فى كمال الله وعظيم عطاءه .. لكنت تاركا سعيك فى الدنيا بالباطل وواثقا فى عطاء الآخرة 
*****************

فهذه جملة  من الاحاديث والآثار فى اليقين .. إضافة الى الدعوات التى ذكرناها فى مقال سابق .. وأسأل الله العلي العظيم أن أكون قد وفقت فى توصيل المعلومة قدر المستطاع ..

مقالات سابقة عن اليقين

التسليم والتفويض عبادة قلبية




ما هو اليقين ؟ ومراتب اليقين ؟ وطرق الوصول إليه ؟



 والله يقول الحق وهو يهدى السبيل

والله اعلم
اللهم صل على سيدنا محمد وعلى آله وسلم


هذه المقالة مصدرها - مدونة الروحانيات فى الاسلام - ولا يحق لأحد نقل أى موضوع من مواضيعة إلا بإذن من صاحب المدونة -  ا /  خالد ابوعوف  .. ومن ينقل موضوع من المدونة فعليه بالاشارة الى مصدر الموضوع وكاتبه الحقيقي .

هناك تعليقان (2):

  1. يقينى بالله31/12/15 10:46 ص

    جزاك الله خيرا اخى الكريم مقال غايه فى الاتقان والروعة
    "اللهم اقْسِمْ لَنَا مِنْ خَشْيَتِكَ مَا تَحُولُ بَيْنَنَا وَبَيْنَ مَعَاصِيكَ , وَمِنْ طَاعَتِكَ مَا تُبَلِّغُنَا بِهِ جَنَّتَكَ , وَمِنَ الْيَقِينِ مَا تُهَوِّنُ بِهِ عَلَيْنَا مُصائب الدُّنْيَا , اللهم أمتعْنَا بِأَسْمَاعِنَا وَأَبْصَارِنَا وَقُوَّتِنَا مَا أَحْيَيْتَنَا , وَاجْعَلْهُ الْوَارِثَ مِنَّا , وَاجْعَلْ ثَأْرَنَا عَلَى مَنْ ظَلَمَنَا , وَانْصُرْنَا عَلَى مَنْ عَادَانَا , وَلاَ تَجْعَلْ مُصِيبَتَنَا فِى دِينِنَا , وَلاَ تَجْعَلِ الدُّنْيَا أَكْبَرَ هَمِّنَا , وَلاَ مَبْلَغَ عِلْمِنَا , وَلاَ تُسَلِّطْ عَلَيْنَا مَنْ لاَ يَرْحَمُنَا

    وقال ابن القيم : \" اليقين من الإيمان بمنزلة الروح من الجسد، وبه تفاضل العارفون، وفيه تنافس المتنافسون، وإليه شمر العاملون، وهو مع المحبة ركنان للإيمان، وعليهما ينبني وبهما قوامه، وهما يُمدان سائر الأعمال القلبية والبدنية، وعنهما تصدر، وبضعفهما يكون ضعف الأعمال، وبقوتهما تقوى الأعمال، وجميع منازل السائرين إنما تُفتتح بالمحبة واليقين، وهما يثمران كل عمل صالح، وعلم نافع، وهدى مستقيم\'[ مدارج السالكين 2/397] .

    ردحذف
  2. المريد: شيخي كثير من الناس تركو الصلاة والعبادة... ماذا يجب أن نحدثهم؟ كيف ننصحهم؟ كيف نقنعهم؟

    الشيخ: أنت انصح نفسك اذا كان لديك شيء تقوله... وأنا سأنصح نفسي اذا كان هناك شيء أقوله...
    لا علاقة لنا من ولماذا ترك العبادة، لن نحاسب...أتركوا الميزان والحكم لله...
    هل لدينا ميزان حتى نميز ذنوب بعضنا حتى نميز ذنوب الناس...
    لكن العاشق اذا أظهر المحبة خالصة لمعشوقه فماذا يفهم من هذه المحبة...
    الله لا يحتاج إلى صلاتنا التي نصليها أو الصيام الذي نصومه... على العكس العبد هو الذي يحتاج إلى الصلاة والصيام...
    بالصلاة والصيام يتواصل العبد مع رب العالمين... يقول تعالى جل جلاله لا تقربوا حقوق عبادي يا عبادي...
    يمكن أن يغفر الله كل شيء إلا حق العبد فلا يغفره أبدا...

    ردحذف

ادارة الموقع - ا/ خالد ابوعوف