لمحات من حياتي :: حوار مع صديقي البحر - مرحبا صديقي البحر .. ألا زلت تتذكرني - حوار مع صديقي البحر– عن الحب والألم النفسي والإبتلاء - إشارات ولطائف عن مفهوم الشروق والغروب - هل انتبهت يوما إلى أن البحر يشبه أقدار الإنسان - ليه أهل الله قالوا: اعمل الخير وارميه البحر.

 بسم الله الرحمن الرحيم

(7)

:: لمحات من حياتي ::

حوار مع صديقي البحر

* فهرس:

:: لمحات من حياتي :: حوار مع صديقي البحر ..

1- مرحبا صديقي البحر .. ألا زلت تتذكرني !!

2- حوار مع صديقي البحر– عن الحب والألم النفسي والإبتلاء.

3- إشارات ولطائف عن مفهوم الشروق والغروب

4- هل انتبهت يوما إلى أن البحر يشبه أقدار الإنسان ؟

5- ليه أهل الله قالوا: اعمل الخير وارميه البحر ؟

*************************

(7)

:: لمحات من حياتي ::

..:: مرحبا صديقي البحر .. ألا زلت تتذكرني !! ::..

 

- أحيانا لحظات قليلة من التأمل في حياتنا قد تكون سببا فارقا في تغيير أمور كثيرة .. إذا تعلمنا كيف نتأدب مع الله في أنفسنا ..!! 

 - ودعني أوضح لك هذا بما حدث معي .. من حوار "كمشهد تخيلي" .. بالرغم من أن وجودي على البحر لم يتعدى سوى دقائق .. !!

- ذهبت منذ أيام إلى رحلة صيفية ثلاثة أيام في قرية ساحلية .. وذهبت إلى البحر وقت الشروق .. بالرغم من كوني لست من هواة البحر .. وإنما ذهبت رغبة لمن كانوا معي .. فوقفت أمام البحر وتذكرت ما كان بيني وبينه فيما مضى .. حيث كنت اجس أمامه كثيرا في أوقات العزلة .. وكنت أستمع إلى صوته جيدا ونسيم هواءه .. حتى سمعته ذات يوما مسبحا قائلا: "سبحان الملك القدوس القهار .. اللهم اغفر للأبرار" ..

- المهم .. كان وقوفي على البحر هذه المرة بعد أكثر من ثلاثون عاما .. وكأن روح الصداقة قد تلاقت بعد فراق دام طويلا .. ونظرنا بحنين إلى بعضنا البعض .. وكأن حضن الشوق قد جمع بين أرواحنا .. وبدأنا نتبادل الذكريات ..

 

- حتى وجدته وكأنه ينظر إلي عيني ويقول لي: أخرج ما بداخلك يا خالد وتكلم معي ولا تكتفي بابتسامتك الهادئة .. فقد كان بيننا ما كان .. ولا تنسى أنني أحمل في داخلي من ذكرياتك ما لا يعرفه غيري .. فتكلم يا صديق كما كنت تتكلم .. وكأنك تحمل في داخلك خليط من الحب والألم النفسي .. أم هو ابتلاء دخلت فيه وخائف أن لا تخرج منه ..!!  

- فسكت قليلا .. وكأني استجمع ما أريد الكلام عنه .. وهل كانت عيني تحمل فعلا ما قرأه صديقي البحر .. ولكن أخيرا ارتضيت بما قرأه صديقي في عيني .. وتكلمت معه ..

*****************************

 ..:: حوار مع صديقي البحر – عن الحب والألم النفسي والإبتلاء ::..

 

1- وكأني أسأله عن الحب .. فقال يا صديقي .. كن كما أكون .. فأنت تراني أعطي من الله ولا أبالي بمَن أخذ مني .. لأن عطائي من الله ولله .. ولا أحزن على من أساء إلي .. لأن الله يدبر لي أموري .. فكن كما أكون يا صديقي .. تعلم أن تحب بإخلاص من الله ولله .. فتعطي ولا تفكر كم أعطيت ولا لمن أعطيت .. ولا تحزن على كم أخذ منك ولا تتذكر من أساء إليك .. لأن الله يدبر أمور المحبين .. وهذا يقينهم في مولاهم .. هكذا يكون الحب يا صديقي ..

 

2- وكأني أسأله عن الألم النفسي .. فيقول يا صديقي .. أنت تراني احمل الناس على ظهري يشقونه بمراكبهم .. واحملهم في باطني  يشقونه بالغوص فيه .. فكن ظهرا للناس تحملهم عليك .. وكن قلبا للناس وتحمَّل منهم .. فكلما أعطيت لهم .. كلما أمدك الله بما تحتمله منهم .. وكما أن ماء البحر لا يشكو لأنه موصول بالله .. فإن الراضي بالله لا يشكو لأنه موصول بالله .. والموصول بالله هو في معية الله ..

 

3- وكأني أسأله عن الإبتلاء .. فقال كأنك نسيت يا صديقي .. أن أمواح الإبتلاء دائما ما تذهب إلى زوال .. كما تذهب أمواجي إلى الرمال ولا يكون لها وجود .. ولكن ارضى بما قسمه الله لك حتى لا يزيد من أمواجه عليك لسوء أدبك معه .. فإن تأدبت .. وجدت رياح البركات وكريم النفحات في قلبك .. وكأنك في بحر الرضا ساكن بخفي لطف .. كما تسكن أمواجي مع نسيم الصيف ..!!

 

- فقلت له .. يا صديقي البحر .. أجد في نفسي حزن عميق .. ولم أعد أعرف هل بسبب ما فعلته أم بسبب ما تم فعله بي .. أم أن كلا الأمرين قد أحاطا بي .. لا أعلم ..!!  

 

- فقال البحر .. يا خالد دائما انتظر كل يوم شروق جديد في قلبك .. وإياك أن يجد الغروب له سبيل إلى قلبك .. 

 

- يا خالد : لا تحزن على فوات .. ولا تفرح بما هو آت .. ولكن كن باقيا بالله في حضرة الله لتظل في معية الله .. فالأنفاس قليلة ويوم القيامة قريب ..!!

 

- ثم وجدتني كأني أقول له علمني يا صديقي البحر ..

 

- قال صديقي البحر .. اجلس واسمع يا خالد ..

- فجلست اسمتع إليه .. كالتلميذ أمام أستاذه ..

 

******************************

 

..:: إشارات ولطائف عن مفهوم الشروق والغروب ::..

 

- قال صديقي البحر .. تأمل حال الشروق يا خالد ..  

- الشروق: علامة على بداية جدية .. وانتهاء ظلام سابق .. فاستبشر بأن هناك دائما نورا من وراء الظلمات ..

 

- وكأن اسم الله يتجلى بجماله على الوجود ليبسط من كراماته على الوجود .. وأنت ترى ذلك في صورة الشروق . ولكن لو أبصرت لرأيت جمال الله ولم ترى الشروق .. وإنما ظهر لك مولاك بجماله لتسأله من أفضاله ..

- فهل سألته من فضله يا خالد أم اكتفيت بالنظر للشروق ؟!!

 

- قال صديقي البحر .. ولو تأملت حال الغروب يا خالد ..  

- الغروب: علامة على اختفاء النور .. نور الحياة – نور الصحة – نور النعمة عموما .. فانتبه من زوال النعمة في أي وقت .. واعمل مع المنعم في كل وقت .. حتى يجعل لك دائما مع كل ظلمة شروق جديد ..

 

- وكأن الله يتجلي بجلاله على الوجود بالقبض والقهر والغلبة .. حتى تخاف فتفزع إليه وتتوسل إليه ليحميك من سطوة جلاله وقهره .. وتتيقن أنه لا ملجا منه إلا إليه ولا حول ولا قوة إلا به .. لأنه من يملك النور والظلمة .. وقادر على أن يغير من قلبك .. فإما أن يبقيك في حضرته .. وإلا سيطردك من رحمته ..!! فخاف يا خالد ..

 

- ولو أصابك يا خالد من ظلام هذا الغروب شيئا في باطنك "ذنوب".. فلا تتعلق بهذا الظلام في قلبك .. وسارع بالإستغفار والصلاة على النبي المختار حتى يتطهر قلبك بمشارق الأنوار .. حتى لا ينقبض قلبك بما لا يحتمل فتكون كئيبا حزينا متروكا في ظلمات النفس والوهم ..!!

 

- يا خالد : عالمنا بين غروب وشروق .. فاحرص على أن لا تلتفت للشروق ولا الغروب حتى لا تفتن .. وإنما كن ملتفتا دائما لخالق الغروب والشروق .. حتى تكون به وله وإليه ..

 

**************************

..:: هل انتبهت يوما إلى أن البحر يشبه أقدار الإنسان ؟ ::..

 

- يا خالد هل تفكرت يوما أن البحر يشبه قدر الإنسان ؟

- فتراني في سكون وتراني متقلبا .. كما هو حال مزاج الإنسان وراحته ..

 

- وتراني أخرج من خيراتي وتراني تقل بركاتي .. كما هو حال سعي الإنسان ..

 

- وتراني لي موج عالي كالبلاء الشديد عند الإنسان .. وتراني لي موج منخفض كالبلاء المحتمل ..

 

- وتراني مصدر راحة للبعض وتراني مصدر قبض لأرواح آخرين .. كما هي الدنيا فقد يسعد بها البعض ويتألم منها آخرون ..

 

- وتراني وسيلة اطمئنان لقوم ووسيلة انزعاج لآخرين .. كما ترتاح لبعض النفوس ولا ترتاح لآخرين ..

 

- وتراني عليلا بما فعلته أيدي الناس .. كما يؤذي الناس بعضهم بعضا بألسنتهم وأيديهم ..!!

 

- وتراني أحمل في باطني ذكريات .. كما أحوال الأنسان في الحياة مجموعة ذكريات ..

 

- وتراني أحمل على ظهري مراكب الخير .. كما يحمل أهل الله الخير للغير ..

 

- وتراني تنتهي أمواجي على شاطيء الرمال .. كما تنتهي حياة الإنسان في التراب .. وإما جنة وإما نار .. والله عزيز غفار ..
 

*****************************

 

..:: ليه أهل الله قالوا : اعمل الخير وارميه البحر ؟ ::..

 
- يا خالد .. هل تعلم لماذا يقول أهل الله .. اعمل الخير وارميه البحر ؟

- لأنه دليل الإخلاص ..!!

- فكما يتبخر مائي .. فيجتمع سحابا ليحمل خيرا للناس .. كذلك المخلصين من الناس الذين يعملون الخير للناس .. يعلمون أن أعمالهم لا تزول حتى وإن ماتوا وإنما تعود بخارا يجتمع سحابا ليسقي الله به قلوب موتى .. !!

 

- فالإخلاص لا يموت يا صديقي .. وإنما يسوقه الله لقلب من يستحق ليسقيه منه .. لأن الإخلاص سر حياة الوجود والقلوب .. والله لا يضيع أجر المخلصين ..

 

- يا خالد: ستظل أعمال المخلصين كأنها على بحر العطاء تتجدد بشمس الرضا لتجتمع سحابا يحمل ماء الإيمان ليحيي به قلوبا موتى .. !! أما الزبد فيذهب جفاء .. وأما ما ينفع الناس فيمكث في الأرض .. والله لا يضيع أجر المحسنين بالإخلاص له .. فصبر جميل ..

 

- فقلت لصديقي البحر: جميل منك أنك تذكرتني .. والأجمل أنك نصحتني .. فأحسنت النصيحه .. فادعو لي ..

 

- فدعا قائلا: جعلك الله من المخلصين له وألزمك معيته .. وجعلك موصولا بالنبي الأمي لا تفارقه .. وختم لك بإحسان منه .. آمين يارب العالمين .

 

- فسلمت عليه وافترقنا على أمل اللقاء مرة أخرى .. إلا انني لازلت استشعر بروح مُحبة منه ترافقني .. كأني أسمع هذه الروح المحبة تردد في داخلي "بقدر الإخلاص يكن الخلاص يا خالد - ولا تقلق لأن المخلصين موصولين" ..

 

- فسلام عليك يا بحر .. إلى أن نلتقي يا صديقي .. لعلنا نجتمع قريبا من بعضنا البعض مرة أخرى .. ونأنس ببعضنا وكأننا نحضن بعضنا البعض ..

******************************

*****************

والله أعلم

اللهم صل على سيدنا محمد وعلى آله وسلم

هذه الرسالة مصدرها - مدونة الروحانيات فى الاسلام -  ولا يحق لأحد نقل أي موضوع من مواضيع أو كتب أو رسائل المدونة .. إلا بإذن كتابي من صاحب المدونة - ا/ خالد أبوعوف .. ومن ينقل موضوع من المدونة أو جزء منه (من باب مشاركة الخير مع الآخرين) فعليه بالإشارة إلى مصدر الموضوع وكاتبه الحقيقي .. ولا يحق لأحد بالنسخ أو الطباعة إلا بإذن كتابي من الأستاذ / خالد أبوعوف .. صاحب الموضوعات والرسائل العلمية .