ج16 : تجربتي الروحية مع الصلاة - قال البعض لا يجوز أن تقول في التشهد "السلام عليك أيها النبي" بعد وفاة النبي - ما دلالة رفع السبابة في التشهد - وما معنى أن رفع السبابة في التشهد هي أشد على الشيطان من الحديد ؟

من رسائل التنبيهات في الطريق إلى الله

حتى لا تسقط نفسيا وتنحرف عن الطريق

(الرسالة الثالثة)

(تجربتي الروحية في تذوق الصلاة)

(8)

" الجزء السادس "

* فهرس :
:: الفصل العشرون ::

1- مسألة (6) : قال البعض لا يجوز أن تقول السلام عليك أيها النبي بعد وفاته ؟ فهل هذا كلام صحيح ؟!

2- مسألة (7) : ما دلالة رفع السبابة في التشهد ؟

*******************************

مسألة (6)

..:: قال البعض لا يجوز أن تقول في التشهد "السلام عليك أيها النبي" بعد وفاة النبي ؟ ::..

فهل هذا كلام صحيح ؟!

* قلت (خالد صاحب الرسالة) :

روي عن بن مسعود أنه قال في التشهد بعد موت النبي "السلام على النبي" .. كما ذكره البخاري ..

وكان هذا رأي اجتهادي من الصحابي وليس عن تشريع نبوي ..!!

ولذلك خالفه كثير من الصحابة والتزموا بالأمر النبوي (قولوا التحيات لله ....) .. كما سيأتي تفصيل ذلك في كلام المباركفوري رحمه الله ..

* ولكن جاء البعض في هذا العصر ممن تستهويهم الفتنة بين المسلمين .. حتى جعلوا من كلام بن مسعود رضي الله عنه .. تشريع لازم الإتباع .. وجحدوا كلام النبي .. وجعلوا من لا يتبع قول بن مسعود بدعي آثم .. بل والبعض منهم جعلها مسألة عقيدة وجعلك ضال .. لأنك اتبعت أمر النبي وجحدت كلام بن مسعود ..!!

وإليكم تفنيد ضلال هؤلاء الذين جعلوا من كلام بن مسعود تشريع سماوي .. ونسأل الله لهم الهداية والتوبة ..!!

* فنقول لهم :

1- كيف ننسخ أمر النبي الذي هو وحي معصوم باجتهاد صحابي يخطيء ويصيب .. فإذا كان هذا اجتهاده .. فهذا شأنه هو ..!!

ولو سار الأمر على هذا المنوال لأصبح كلام الصحابي ناسخ للوحي الإلهي .. ونجعل من كلامهم وحيا واجب الإتباع .. وهذا كلام لم يقل به مسلم أبدا .. إلا من كان جاهل .. أو أراد فتنة في الأرض ..!!

2- الحديث النبوي جاء بصيغة الأمر (قولوا التحيات لله ....) .. فهل هذا الأمر مختص بزمن دون زمن ..؟!!

فلماذا يقول البعض .. هذا خاص بزمن النبي .. ؟

فلو قال إنسان بذلك فبهذا نقول أن كل الأوامر النبوية .. نجعلها خاصة بزمانه فقط ..!! وهذا لا يقول به مسلم .. !!

فلماذا تفتنون الناس في دينهم ..!!

3- من يزعم فيقول كيف شرع هذا اللفظ وهو خطاب بشر مع كونه منهياً عنه في الصلاة ؟

فنقول له : وهل لما كان النبي حيا وأمته في كل مكان يجاهدون ويصلون ويقرأون التشهد .. ألم يكن اللفظ فيه خطاب لبشر وغير متواجد معهم لأنهم في مكان وهو في مكان آخر .. وحتى لو معه في نفس المسجد .. أليس لازال اللفظ فيه خطاب لبشر ..؟!!

4- والأعجب والأغرب من وجدته جعل من المسألة مسألة عقيدة .. وقال أن النبي مات فلا تسلم عليه بصيغة المخاطب .. فلا تقول (السلام عليك أبها النبي) .. لأن صيغة المخاطب للأحياء ..!!

فأي جرأة واعتداء وجحود على الأمر النبوي (قولوا التحيات لله .....) .. وأي ضلال وأي فتنة يثيرها هذا الشخص بين المسلمين ..!!

* وكأنه ينكر قول النبي (صلوا عليَّ وسلِّمُوا حيثُما كنتم ، فسيبلُغُنِي سلامُكم وصلاتُكم) صحيح بطرقه وشواهده – ذكره الألباني في فضل الصلاة .

* فهل يختلف كونه حيا أم منتقلا لجوار ربه .. في الصلاة والسلام عليه ..!! أفلا تعقلون أم على الرسول تفترون ..!!

* وهل قال النبي لو مت لا تقولوا السلام عليك أيها النبي في التشهد ..!!

* وكأنه لم يقرأ في التشهد (السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين) .. وعباد الله الصالحين هم كل صالح حيا أو ميتا .. في كل زمان ومكان .. !!

* أما عن قوله أن الموتي لا يخاطبون .. فهذا إن دل فإنما يدل على جهالته التامة بالدين .. لأن النبي خاطب أهل القليب وكانوا موتى .. والمسلمون يسلمون على موتاهم بصيغة المخاطب .. والمسلمون يسلمون على النبي بصيغة المخاطب في كل زمان ومكان في صلاتهم وعلى هذا عمل الأمة ..!!

* فيا مسلم انتبه لهذه الجماعة ذات الأفكار الجاهلية المثيرة للفتنة بين المسلمين .. والمخالفة للصحيح من الشريعة ..!!

* وليتهم تأدبوا في اجتهاد الصحابي .. ويذكرونه كرأي فقهي خاص بالصحابي .. إلا أنهم يفرضون هذا الرأي ويجعلون من لم يقل به هو إنسان بدعي آثم .. وجعلوا من رأيه شرعة واجبة التنفيذ ..!!

فاحترسوا منهم .. فلعلهم من جماعات الظلام .. مثيري الفتنة ..!!

* وأتركم مع خلاصة القول في المسألة فيما ذكره الشيخ المباركفوري رحمه الله .. 

* قال الشيخ المباركفوري رحمه الله (المتوفى: 1414هـ):

واعلم أن الأحاديث المرفوعة كلها متفقة على قوله في التشهد "السلام عليك أيها النبي" أي على لفظ الخطاب وحرف النداء ..

* نعم ترك بعض الصحابة كابن مسعود وغيره الخطاب بعد وفاته - صلى الله عليه وسلم -، ففرقوا بين حياته - عليه السلام – ووفاته ، وقالوا "السلام على النبي" كما عند البخاري في الإستيذان ، وأبي عوانة في صحيحه ، والسراج والجوزقي وأبي نعيم الأصبهاني والبيهقي وعبد الرزاق ..

* لكن جمهور الصحابة والتابعين وغيرهم من المحدثين والفقهاء متفقون على التشهد المرفوع المروى بصيغة الخطاب والنداء ، أي على عدم المغايرة بين زمانه - صلى الله عليه وسلم - وما بعده ، وعلى هذا فلا بد من بيان توجيه الخطاب ؛ لأنه يرد عليه أنه كيف شرع هذا اللفظ وهو خطاب بشر مع كونه منهياً عنه في الصلاة ؟

والجواب أن ذلك من خصائصه - عليه السلام - 

* فإن قيل: ما الحكمة في العدول عن الغيبة إلى الخطاب مع أن لفظ الغيبة هو الذي يقتضيه السياق؟

كأن يقول "السلام على النبي" فينتقل من تحية الله إلى تحية النبي، ثم إلى تحية النفس، ثم إلى تحية الصالحين ؟

* أجاب الطيبي مما محصله:

نحن نتبع لفظ الرسول بعينه الذي كان علمه الصحابة.

* وقال ابن الملك: روى أنه - صلى الله عليه وسلم - لما عرج به أثنى على الله تعالى بهذه الكلمات، فقال الله تعالى: السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته، فقال عليه السلام: السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين ، فقال جبريل: أشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله - انتهى.

* قال القاري: وبه يظهر وجه الخطاب ، وأنه على حكاية معراجه - عليه السلام - في آخر الصلاة التي هي معراج المؤمنين - انتهى.

مرعاة المفاتيح ج3 ص233

* ثم قال رحمه الله بما يقطع به الحجة بوجوب اتباع اللفظ النبوي دون غيره :

 وقال بعض شيوخ مشائخنا ما حاصله: أن تشهده - صلى الله عليه وسلم - كان مثل ما علم الأمة ، فكان - عليه السلام - يقول في التشهد "السلام عليك أيها النبي" كما أمر به الأمة ، كما هو مصرح في حديث عبد الله بن الزبير عند الطحاوي، والبزار، والطبراني، وفي حديث ابن مسعود عند أحمد والطبراني.

* قال الزرقاني في شرح المواهب نقلاً عن النووي بعد ذكر ألفاظ التشهد ما نصه: وفي هذا فائدة حسنة، وهي أن تشهده - عليه السلام - بلفظ تشهدنا- انتهى.

* ومن المعلوم أن التشهد المَرْوِي في الأحاديث عام للحاضرين من الصحابة ، وللغائبين والموجودين في زمنه - صلى الله عليه وسلم -، ولمن جاء بعده ، إذا الخطاب في قوله : "إذا صلى أحدكم" ، وقوله : "ولكن قولوا" يشمل الحاضرين والغائبين ، والموجودين ، والمعدومين الكائنين إلى يوم القيامة مثل سائر الخطابات الواردة في الوضوء ، والصلاة ، والصيام، والزكاة ، والحج ، وغير ذلك ، وليس هناك حديث يدل على أن للغائبين والمعدومين تشهداً آخر غير هذا التشهد .

* وأيضاً علمهم النبي - صلى الله عليه وسلم - التشهد هكذا بلفظ الخطاب والنداء بدون التفريق بين الحاضرين منهم والغائبين عنه مع أن الصحابة كانوا يغيبون عنه - صلى الله عليه وسلم - في الغزوات ، والسرايا ، وغير ذلك من الأسفار ، ولا يغايرون بين الحضور عنده والغيبة عنه ، ولم يثبت ما تقدم من حكاية المعراج ، فهذا كله يدل على أن ذلك مما لم نؤت علمه فينبغي لنا أن لا نبحث فيه ، ونكل أمره إلى الله ، قال الله تعالى : (ولا تقف ما ليس لك به علم) [17: 36] ، وإذا يكون هذا الخطاب معدولاً عن العقل والقياس ، فيكون مقصوراً على مورده ، فلا يقتضى هذا الخطاب جواز خطابه - صلى الله عليه وسلم - ونداءه في غير تشهد الصلاة- انتهى.

مرعاة المفاتيح ج3 ص234

* رحم الله الشيخ المباركفوري على رجاحة عقله وبصيرة فقهه ..!!

*******************************

مسألة (7)

..:: ما دلالة رفع السبابة في التشهد ::..

* رفع السبابه من سنن الصلاة .. فلو شئت عملتها ولك أجر اتباع النبي .. وإن لم تفعلها فلا حرج عليك ولا إثم ..

* والرمز في رفع السبابة وحركتها .. مع (التحيات لله .. ) وكأنك تقول مع كل حركة (لك وحدك) .. أي (التحيات لله لك وحدك ، والصلوات والطيبات لك وحدك) .. ثم توقف أصبعك ولا تحركه .. حتى إذا أتيت للشهادة فترفع أصبعك إشارة على التوحيد لله فيكون لسان وقلبك وعظامك يشهدون بالتوحيد لله ..

* وهناك من العلماء من قال أن حركة السبابة فقط تكون عند شهادة التوحيد فقط ولا حركة قبل ذلك ..

والله أعلم .

* ودليل رفع السبابه :

 * عن نافع قال: كان عبد الله بن عمر ، إذا جلس في الصلاة وضع يديه علي ركبتيه ، وأشار بأصبعه وأتبعها بصره ، ثم قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لهي أشد علي الشيطان من الحديد)) يعني السبابة . رواه أحمد.

* معنى ( أشد علي الشيطان من الحديد ) .. المقصد منه إظهار حسرة الشيطان لأن رفع السبابة هو إعلان التوحيد والإيمان بالله والخضوع له .. ولذلك كان هذا الأمر أشد على الشيطان لأنه جحد أمر الله بالسجود له فكان له النار مستقر في آخرته ..!!

* وعن عبد الله بن الزبير، قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم (يشير بأصبعه إذا دعا ، ولا يحركها) . رواه أبو داود، والنسائي. وزاد أبو داود: (ولا يجاوز بصره إشارته) .

* وعن أبي هريرة ، قال: (إن رجلاً كان يدعو بأصبعيه ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((أحد أحد)). رواه الترمذي ، والنسائي ..
وفي صحيح أبي داوود عن سعد بن أبي وقاص قال ( مَرَّ عليَّ النَّبيُّ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ وأنا أدعو بأُصبُعيَّ فقالَ أحِّدْ أحِّدْ وأشارَ بالسَّبَّابةِ ) صحيح أبي داوود .

* ومعنى (أحد أحد) : أي ارفع أصبع واحد فقط .. لأن الإشارة إلى الوحدانية تكون بأصبع واحد وهو السَّبَّابةِ .. 
* وكرر عليه اللفظ (أحد أحد) : للتأكيد على أن الإشارة للوحدانية تكون بإصبع السبابة فقط .. وللتنبيه واليقظة لما طلبه منه النبي .. والله أعلم

*****************************

مسألة (8)

..:: لماذا خص سيدنا إبراهيم مع سيدنا محمد في التشهد ؟ ::..

يتبع إن شاء الله تعالى

**********************

والله أعلم

اللهم صل على سيدنا محمد وعلى آله وسلم

هذا الموضوع مصدره - مدونة الروحانيات فى الاسلام -  ولا يحق لأحد نقل أي موضوع من مواضيع أو كتب أو رسائل المدونة .. إلا بإذن كتابي من صاحب المدونة - ا/ خالد أبوعوف .. ومن ينقل موضوع من المدونة أو جزء منه (من باب مشاركة الخير مع الآخرين) فعليه بالإشارة إلى مصدر الموضوع وكاتبه الحقيقي .. ولا يحق لأحد بالنسخ أو الطباعة إلا بإذن كتابي من الأستاذ / خالد أبوعوف .. صاحب الموضوعات ..