ج4: رسالة الطرق المُوَصِّلة لصلاة الله علينا وملائكته - من هو معلم الخير - ما هي الشروط لتكون معلم للخير - ما هو معنى الخير - ما الفرق بين الملائكة وأهل السموات والأرض - كيف نستوعب أن المخلوقات تدعو لطالب العلم ؟ (حوار بين العقل والنص الشرعي) - هل الشيطان يسبح بحمد الله - ما معنى سبحان الله وبحمده - لماذا نقول (سبحان الله) ولا نقول (أسبح الله) - ما هي حقيقة تسبيحك لله .

بسم الله الرحمن الرحيم

(رسالة)

الطرق المُوَصِّلة 

لصلاة الله علينا وملائكته

في الدنيا والآخرة

الجزء الرابع

* فهرس :

:: الفصل الخامس :: الطريق الثالث الذي يؤدي لصلاة الله عليك ..!!

1- س46: ما السبب الثالث لصلاة الله عليك ؟ (كن معلما للخير).

2- س47: من هو المُعلِّم ؟

3- س48: ما هو معنى الخير ؟

4- س49: ما هي الشروط لتكون معلم للخير ؟

5- س50: هل معلم الخير هو رجل الدين ؟

6- س51: من هو معلم الخير ؟

7- س52: ما الفرق بين الملائكة وأهل السموات والأرض ؟

8- س53: كيف نستوعب أن المخلوقات تدعو لطالب العلم ؟ (حوار بين العقل والنص الشرعي) .

9- س54: هل الشيطان يسبح بحمد الله ؟

10- س55: ما معنى سبحان الله وبحمده ؟

11- س56: لماذا نقول (سبحان الله) ولا نقول (أسبح الله) ؟

12- س57: ما هي حقيقة تسبيحك لله ؟

***************************

* بسم الله .. والحمد لله .. اللهم صل على سيدنا محمد النبي الأمي وعلى آله وسلم ..

* السلام عليكم ورحمة الله وبركاته .. نستكمل مع بعض .. الجزء الرابع من رسالة الطرق الموصلة لصلاة الله علينا في الدنيا والآخرة..

* وفي هذا الجزء نكمل شرح الأسباب التي نكون بها أهلا ليتجلى الله بالصلاة علينا رحمة منه وفضلا وكرامة وإحسانا .. والتي منها أن تكون معلما للخير .. وهذا هو موضوعنا في هذا الفصل ..

* مع بعض الحوار العقلي حول آية قرآنية .. والإجابة على سؤال مهم وهو .. هل الشيطان يسبح بحمد ربه ؟

* نبدأ بسم الله .. توكلت على الله ..

***************************

اللهم صل على سيدنا محمد

صلاة تجعلنا بها مفاتيحٌ للخير مغاليقٌ للشر

وعلى آله وسلم .

 **************************

 ..:: الفصل الخامس::..

*****************************

( الطريق الثالث الذي يكون سببا لصلاة الله عليك )

(3)

..:: س46: ما السبب الثالث لصلاة الله عليك ؟ ::..

( كن معلما للخير )

* قلت (خالد صاحب الرسالة) ..

3- الطريق الثالث .. ليكون سبيلا لصلاة الله علينا .. هو أن تكون معلما للخير .. حيث يقول النبي ( ذُكِرَ لرَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم رجُلانِ ؛ أحدهما عابدٌ ، والآخَرُ عالِمٌ ، فقال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم : فضلُ العالمِ على العابدِ كفضلي على أدناكم .. ثمَّ قالَ رسولُ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليْهِ وسلَّمَ : ( إنَّ اللَّهَ وملائِكتَهُ وأَهلَ السَّماواتِ والأرضِ حتَّى النَّملةَ في جُحرِها وحتَّى الحوتَ ليصلُّونَ على معلِّمِ النَّاسِ الخيرَ ) رواه الترمذي بسند صحيح – ذكره الألباني في صحيح الجامع

* ولا يخفى ميزة العالم على العابد .. حيث أن الحكمة والعلم والمعرفة يكونوا سبيلا للنور في حياة الإنسان .

* ولا يخفى أن العالم يستطيع أن ينفع مجتمعه فيرشد عقول ضالة ويحرك قلوب موتى بإرشاده .. ولكن العابد لا ينفع إلا نفسه ..!!

*****************************

..:: س47: من هو المُعلِّم ؟ ::..

* قلت (خالد صاحب الرسالة) ..

أولا : معنى معلم : أي مرشدك إلى شيء لتفعله .. سواء خير أو شر

ولذلك الحديث لم يقل (المعلم) فقط .. بل خصص فقال  المعلم الذي يستحق صلوات الله وملائكته وبعض المخلوقات .. هو (معلم الخير) ..

وهذا المعلم حتى يصلي الله عليه وملائكته فيجب أن يكون عن إيمان بالله ورسوله ..!! ليه ؟

لأن قبول الأعمال يتطلب إيمان بالله ورسوله .. يقول تعالى : ( وَمَن يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتَ مِن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُوْلَـئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ وَلاَ يُظْلَمُونَ نَقِيراً ) النساء124

وقال تعالى : ( وَمَنْ عَمِلَ صَالِحاً مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُوْلَئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ يُرْزَقُونَ فِيهَا بِغَيْرِ حِسَابٍ ) غافر40

  

*********************************

..:: س48: ما هو معنى الخير ؟ ::..

* قلت (خالد صاحب الرسالة) ..

* ما هو الخير ؟

الخير هو كل ما يترتب عليه نفع للإنسان ويكون موافقا للشرع أي للدين الإسلامي .. أي هو عمل صالح أباحته الشريعة وطلبت من الناس فعله ..

* فالخيرية هنا محكومة بأنها خيرية نفع أباحها الله .. وليس خيرية نفع استباحتها النفوس .. مثل لعب القمار الذي يعود بالمكسب للمحظوظ .. فهذا نفع للمحظوظ .. وإنما ليس فيه خير لأن الشرع نهى وحرم لعب القمار .. !!

  

*******************************

..:: س49: ما هي الشروط لتكون معلم للخير ؟ ::..

* قلت (خالد صاحب الرسالة) ..

* يبقى مما سبق .. نفهم أن معلم الخير الذي يصلي عليه الله وملائكته ويدعو له أهل السماء والأرض .. هو الذي يتحقق فيه شروط :

1- الأول : أن يكون إرشاده لفعل الخير حال كونه مؤمن بالله ورسوله .. لأن المؤمن يرشد للخير لأنه يعلم أن الله سيكافأه عليه .. وبالتالي كان إيمانه ونواياه سببا لمكافأته ...

2- الثاني : ابتغاء وجه الله متحريا الحلال .. حتى ولو تكسب من وراءه .. لأن الناس تفهم ابتغاء وجه الله بطريقة خاطئة .. لأن الذي يبتغي وجه الله هو الذي يفعل ما أباحه الله دون أن يعتدي فيه على ما طلبه الشرع منه .. ولذلك الذي يتحرى الحلال فقد ابتغى وجه الله ..!!

3- الثالث : أن لا يفعل الخير طالبا للرياء .. أي لا يفعل الخير حتى يراه الناس فيشكروه عليه .. أي لا يريد به الشهرة والسمعة بين الناس .. ولذلك يقول صلى الله عليه وسلم (إنَّ أولَ الناسِ يُقضى يومَ القيامَةِ عليه ..

رجُلٌ استُشهِد . فأتى به فعرَّفه نِعَمَه فعرَفها. قال: فما عمِلتَ فيها ؟ قال: قاتَلتُ فِيكَ حتى استُشهِدتُ. قال: كذَبتَ . ولكنَّكَ قاتَلتَ لِأَنْ يُقالَ جَريءٌ. فقد قيل. ثم أمَر به فسُحِب على وجهِه حتى أُلقِيَ في النارِ.

ورجُلٌ تعلَّم العِلمَ وعلَّمه وقرَأ القرآنَ . فأُتِي به . فعرَّفه نِعَمَه فعرَفها . قال: فما عمِلتَ فيها ؟ قال: تعلَّمتُ العِلمَ وعلَّمتُه وقرَأتُ فيكَ القرآنَ . قال: كذَبتَ ولكنَّكَ تعلَّمتَ العِلمَ لِيُقالَ عالِمٌ . وقرَأتَ القُرآنَ لِيُقالَ هو قارِئٌ . فقد قيل . ثم أمَر به فسُحِبَ على وجهِه حتى أُلقِي في النارِ .

ورجُلٌ وسَّع اللهُ عليه وأعطاه مِن أصنافِ المالِ كلِّه. فأتَى به فعرَّفه نِعَمَه فعرَفها. قال: فما عمِلتَ فيها ؟ قال: ما ترَكتُ مِن سبيلٍ تُحِبُّ أنْ يُنفَقَ فيها إلَّا أنفَقتُ فيها لكَ. قال: كذَبتَ. ولكنَّكَ فعَلتَ لِيُقالَ هو جَوَادٌ. فقد قيل. ثم أمَر به فسُحِب على وجهِه. ثم أُلقِي في النارِ) رواه مسلم .

* والحديث يشير إلى قوله تعالى : ( مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا نُوَفِّ إِلَيْهِمْ أَعْمَالَهُمْ فِيهَا وَهُمْ فِيهَا لَا يُبْخَسُونَ * أُولَئِكَ الَّذِينَ لَيْسَ لَهُمْ فِي الْآخِرَةِ إِلَّا النَّارُ وَحَبِطَ مَا صَنَعُوا فِيهَا وَبَاطِلٌ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ) هود15-16 .

* فالذي يُعلِّم العلم النافع طلبا لشهرة وحبا للرياء أن يرى الناس أنه عالما فيثنون عليه .. فهذا الشخص ليس معلما للخير في الحقيقة وإنما يريد حظوظ نفسه وقد حبط عمله مع الله .. !!

* يعني باختصار وببساطة :

معلم الخير هو الذي يرشد الناس لما فيه نفع لهم .. وهو مؤمن بالله ورسوله .. لأنه يفعل الخير لأن دينه طلب منه وجوب ارشاد الناس للخير .. ولذلك ينال كرامة الله بالرحمة له ودعاء الملائكة له غيرهم من مخلوقات الله .. لأن هذا الإنسان إنما قال يا ألله طلبتك .. حينما أرشد الناس لما فيه النفع لهم ..!!

  

****************************

..:: س50: هل معلم الخير هو رجل الدين ؟ ::..

* قلت (خالد صاحب الرسالة) ..

* ستجد في كتب شرح الحديث يذكرون أن معلم الخير هو رجل الدين .. !! وهذا كلام غير صحيح على إطلاقه .. وإنما هم بعض معلمي الخير ..!!

ومن يخصص فليأت بالدليل القاطع على أن مراد النبي هم رجال الدين فقط ..!!

* وقد ترتب على هذا الفكر المنغلق .. أمرين :

1- دعوة للبلادة العلمية وحصر بعض الجماعات العلم في المسجد فقط وجعلوا من أنفسهم أنهم اهل التقوى وأهل المغفرة .. !!

2- دعوة للتخلف العلمي الذي تعيشه الدول الإسلامية .. بسبب تقديس نفسية الشيخ صاحب العلم الشرعي .. وكأنه هو وحده معلم الخير ..!! وهو صاحب الفضيلة .. وأن باقي أمة محمد ساقطون في ضلال مبين بدون توجيه هؤلاء ..!!

* فما أبشع هذه السخافات العقلية في تطويع الأحاديث لتخدم فكر معين ..!!

* وإليك الدليل على خطأ هذا الفكر الاستحواذي بأن معلم الخير هو رجل الدين فقط ..!!

1- عن أنس بن مالك عن النبي قال : ( إنَّ منَ النَّاسِ مفاتيحَ للخيرِ ، مغاليقَ للشَّرِّ ، وإنَّ منَ النَّاسِ مفاتيحَ للشَّرِّ مغاليقَ للخيرِ ، فَطوبى لمن جعلَ اللَّهُ مفاتيحَ الخيرِ على يدَيهِ ، وويلٌ لمن جَعلَ اللَّهُ مفاتيحَ الشَّرِّ على يديهِ ) رواه بن ماجه .. وذكره الألباني في صحيح الجامع ..

* فهل في الحديث تخصيص لرجال الدين ..؟!!

أم أن كلمة الناس على اطلاقها ..!!

بل لم يخصص الحديث فيها المؤمن والكافر ..!!

وإنما الكافر له نفع من عمله الطيب في الدنيا .. والمؤمن له في الدنيا والآخرة .. لأن عمل المؤمن عن طلب الله منه ذلك أنه يجب أن يكون انسان صالح .. فكان صلاح المؤمن اتباع لأمر الله .. فافهم ..!!

2- عن أبي الدرداء عن النبي قال : ( من سلك طريقًا يطلبُ فيه علمًا سلك به طريقًا إلى الجنةِ .. وإنَّ الملائكةَ لَتضعُ أجنحتَها رضًا لطالبِ العلمِ وإنَّ العالمَ لَيستغفِرُ له مَن في السماواتِ والأرضِ والحيتانُ في جوفِ الماءِ .. وإنَّ فضلَ العالمِ على العابدِ كفضلِ القمرِ ليلةَ البدرِ على سائرِ الكواكبِ وإنَّ العلماءَ ورثةُ الأنبياءِ وإنَّ الأنبياءَ لم يُورِّثوا دينارًا ولا دِرهمًا وإنما ورّثوا العلمَ فمن أخذهُ أخذَ بحظٍّ وافرٍ) رواه ابو داوود – ذكره الألباني في صحيح الجامع .

* فتأمل بداية الحديث .. حيث جعل للعلم طرق متعددة .. وحسبك قول النبي ( علما ) بالتنوين .. للدلالة عظمة واتساع العلم في الحياة .. وليس العلم الديني فقط .. كما يزعم من زعم ..!!

* ولكن كما قلنا شرط أن يكون مؤمنا يريد النفع للناس لأن الله طلب منه أن ينفع الناس ، ودون رياء ولا سمعة حتى يستوفي أجره من الله في الآخرة ..!!

* وفي الحديث السابق تشبيه لطيف جدا ..

حيث شبه العابد بالكوكب الحجري الذي يطوف في فلك نفسه ولا نفع منه للناس لأنه منطفيء ..

بخلاف العالم الذي استمد نور العلم من غيره حتى أصبح وسيلة لانعكاس نور العلم على الناس بالنفع حتى يخرجهم من ظلمات الجهل .. فحاله كالقمر الذي يستمد نوره من الشمس فينعكس بالنفع على الناس في ظلمة الليل ..!!

* فما ظنك لو كان معلم الخير .. يستمد نور علمه من رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي استمد نور علمه من مولاه تبارك وتعالى ..؟!!

* وهذا لا علاقة له برجل الدين .. وإنما له علاقة بمن يتبع النبي بصدق وأمانة وإخلاص .. حتى ولو كان لا يعرف القراءة والكتابة ..!!

**********************************

..:: س51: من هو معلم الخير ؟ ::..

* قلت (خالد صاحب الرسالة) ..

* بعد كل ما سبق .. أريدك أن تفهم شيء جيدا لم ينتبه إليه البعض .. وهو أن صلاة الله وملائكته لمعلم الخير .. وليس لعالم الخير ..!!

* يعني إيه الكلام ده ؟

نفهم أن معلم الخير .. غير العالم بالخير .. لأن الذي هو عالم بالخير المطلق هو الله ..!!

* يبقى معلم الخير من هو ؟

كل من يرشدك لما فيه نفع لك .. وهو ما يسمى عملا صالحا ..

* مع ملاحظة مهمة : أن مصطلح (معلم الخير) .. يرشدك على ثبات الخيرية في نفس هذا المعلم .. أي هو استوطن في نفسه الارشاد للخير وحب العمل الصالح كلما وجد أن في هذا نفع للآخرين ..

* وإليك أمثلة لمعلم الخير المرشد للعمل الصالح :

1- كل من يرشدك لمعلومة دينية أو حديث نبوي أو يذكرك بآية ..

2- كل من يعلمك صنعة أو حرفة لتكسب منها حلالا ..

3- كل من يعلم منهج علمي لتستقيم لك به الحياة مثل الطب والهندسة والإلكترونيات وغير ذلك من علوم ..

4- الأم التي ترشد أبنائها لما فيه منفعة لهم وصلاح ليكونوا أسوياء في دنياهم ..

5- أو حتى الذي أرشدك إلى طريق صحيح لتسافر منه ..

6- والذي يأخذ بيد مريض للمستشفى ..

7- والذي يقضي حوائج الناس ..

8- والذي يسدد ديون الناس ..

9- والمصلحين في الخصومات بين الناس ..

10- والذين ينشرون على صفحات النت أو برامج الموبايل إعلانات للتوعية من خطأ أو تحذير من شيء ما أو توجيه نصيحة أو تفسير آية أو حكمة أو حديث أو أي شيء فيه مساعدة للآخر حتى ولو ضحكة تدخل بها سرور إلى قلب مسلم ..

* وغير ذلك كثير .. مما يندرج تحت مظلة العمل الصالح ..

* وهكذا ستجد كل عمل صالح هو ارشاد للخير .. سواء فعلته بنفسك فكنت مرشدا لنفسك لتقربها من رضا الله وتنجيها من عذاب الله .. أو أرشدت له غيرك فكنت مرشدا لغيرك .. ويقول النبي (الدال على الخير كفاعله ) ..

* وهكذا تستمر دائرة الخيرية في نطاق المؤمن لا تخرج عنه .. طالما يريد النفع لنفسه وللآخرين .. وهو ما يسمى بالعمل الصالح ..

* فكل وصف في الوجود فيه تعليم يترتب عليه منفعة من وجهة نظر الشريعة الإسلامية (موصوف بالعمل الصالح) .. فهو موصوف بالخيرية .. وبالتالي كل معلم للخير ستجده في كل مسلم مؤمن على وجه الأرض .. ولكن يعلم الخير بطريقة مختلفة عن الآخر .. لأن مطلق تعليم الخيرية هو لله رب العالمين .. فهو يوزع الأدوار كما تقتضي حكمته سبحانه لأنها أرزاق ..!!

*********************************

..:: س52: ما الفرق بين الملائكة وأهل السموات والأرض ؟ ::..

* قلت (خالد صاحب الرسالة) ..

جاء في الحديث (إنَّ اللَّهَ وملائِكتَهُ وأَهلَ السَّماواتِ والأرضِ حتَّى النَّملةَ في جُحرِها وحتَّى الحوتَ ليصلُّونَ على معلِّمِ النَّاسِ الخيرَ) ..

* قال بعض العلماء أن (أهل السموات) هو تخصيص به تعميم (الملائكة) .. وأهل الأرض هم الإنس والجن .. والبعض قال (أهل السموات هم حملة العرش) .. ؟!!

* ورجعت لكلام النبي في الأحاديث .. فوجدت أن النبي يميز بين حملة العرش ويذكرهم بوصفهم .. ويميز بين ملائكة السماء فيذكرهم بأهل السماء ، وأهل الأرض يقصد بهم الإنس والجن وغيرهم من المخلوقات الموجودة على الأرض ..!!

1- ففي الحديث : (ربَّنا تبارك اسمُهُ وتعالى إذا قضى أمرًا سبَّحَ حملةُ العرشِ ثمَّ سبَّحَ أَهْلُ السَّماءِ الَّذينَ يلونَهُم ثمَّ الَّذينَ يلونَهُم حتَّى يبلُغَ التَّسبيحُ إلى هذِهِ السَّماءِ، ثمَّ سألَ أَهْلُ السَّماءِ السَّادسةِ أَهْلَ السَّماءِ السَّابعةِ: ماذا قالَ ربُّكم؟ قالَ: فيخبرونَهُم ثمَّ يستخبرُ أَهْلُ كلِّ سماءٍ حتَّى يبلغَ الخبرُ أَهْلَ السَّماءِ الدُّنيا) رواه الترمذي بسند صحيح .

2- وجاء في الحديث عن أهل الأرض ( ما طلعَتِ شمسُ يومٍ قطُّ إلَّا بُعِثَ بجنبَتَيْها مَلكانِ يناديانِ ، يُسمعانِ أهلَ الأرضِ إلَّا الثَّقلَيْنِ (أي الإنس والجن): يا أيُّها النَّاسُ  هلمُّوا إلى ربِّكُم ؛ فإنَّ ما قلَّ وكفَى ، خيرٌ ممَّا كثُرَ وألْهَى ، ولا آبَتْ شمسٌ قطُّ إلَّا بُعِثَ بجنبَتَيها ملكانِ يُناديانِ ، يُسمعانِ أهلَ الأرضِ إلَّا الثَّقلَيْنِ : اللَّهمَّ أعطِ مُنفقًا خلَفًا ، وأعطِ مُمسكًا تلفًا .) رواه أحمد بسند صحيح ..

* فيكون شرح الحديث كما تفكرت فيه يجمع بين أربع احتمالات .. والله أعلم :

1- التفسير الأول ..

أن الملائكة هم حملة العرش ..

وأهل السموات هم الملائكة العامرة في السموات .. كما رآهم النبي يوم المعراج ..

وأهل الأرض العقلاء هم صالحي الإنس والجن ، ومن أهل الأرض الغير عقلاء مثل النمل والحوت ..

* والإشارة لهذه الكائنات للدلالة على أن الكائنات من صغيرها لكبيرها يدعون للمؤمن معلم الخير .. وقد يكون المقصود هذه الكائنات بذاتها (أي النملة والحوت) دون غيرهما .. والله أعلم .

2- أو يقال تفسير آخر :

ممكن يكون المقصود من أهل الأرض هم الملائكة الحفظة الملازمين للإنسان ومنهم القرين الملكي ..

فيكون معنى الملائكة هم حملة العرش ..

وأهل السموات ، هم نوع آخر من الملائكة ..

وأهل الأرض نوع آخر من الملائكة ..

بالإضافة للكائنات الأرضية الأخرى مثل النمل والحوت ..!!

وبذلك يكون قد جمع الحديث مراتب الكائنات الغير مكلفة شرعا .. فأثبت لها أنها تدعو لمعلم الخير .. !!

3- أو يقال تفسير آخر :

* أن الملائكة هم كل الملائكة دون تخصيص ..

* أن أهل السموات هم الأنبياء الذين يسكنون هذه السموات كما جاء في حديث المعراج .. وقد ثبت أن الأنبياء يدعون .. كما الأقارب المتوفون يدعون في برزخهم لأقاربهم ..

 * وأهل الأرض .. هم الصالحين من الإنس والجن .. حينما يدعون لكل أهل الصلاح فيقولون ( السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين) .. حيث أن معلم الخير من الصالحين ..

* والنملة والحوت .. إشارة لكل الكائنات من صغيرها لكبيرها ..

4- أو يقال تفسير آخر :

قد يكون حدث تحريف في حرف (الواو) .. من الرواي دون قصد .. فبدلا من أن يقول (ملائكته أهل السموات والأرض) .. فزاد حرف الواو فقال (ملائكته وأهل السموات والأرض) ..

ويشهد لذلك .. الحديث التالي ( وإنَّ العالمَ لَيستغفِرُ له مَن في السماواتِ والأرضِ والحيتانُ في جوفِ الماءِ ) ..!!

* فبدون حرف الواو من كلمة (وأهل) .. يرتفع الإشكال .. لأنه سيكون مفهوم الحديث هم الملائكة من أهل السموات والأرض .. وهذا أمر مفهوم .. لأن هناك ملائكة حفظة تعيش مع الأنسان على الأرض ..

* والله أعلم بمراد النبي صلى الله عليه وسلم ..

************************

..:: س53: كيف نستوعب أن المخلوقات تدعو لطالب العلم ؟ ::..

( حوار بين العقل والنص الشرعي )

* قلت (خالد صاحب الرسالة) ..

* حينما كنت أكتب هذا الموضوع .. جائني خاطر عقلي يقول لي :

كيف نستوعب أن المخلوقات تدعو لطالب العلم ؟

فقلت له : كما استوعبت قوله تعالى ( تُسَبِّحُ لَهُ السَّمَاوَاتُ السَّبْعُ وَالأَرْضُ وَمَن فِيهِنَّ وَإِن مِّن شَيْءٍ إِلاَّ يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَلَـكِن لاَّ تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ إِنَّهُ كَانَ حَلِيماً غَفُوراً ) الإسراء44

****************************

..:: س54: وهل الشيطان يسبح بحمد الله ؟ ::..

* قلت (خالد صاحب الرسالة) ..

* ثم عاد العقل يسأل قائلا :

ولكن .. إذا كان كل شيء يسبح بحمده عاقل أو غيرعاقل .. والشيطان شيء وكل الكفار شيء .. فكيف يسبحون بحمده ؟

فقلت له :

نعم هم يسبحون حامدون لله .. كيف ذلك ؟

غاية التسبيح والحمد هو الاعتراف للجناب الإلهي بالكمال المطلق ..

* فإذا كنت أيها العقل تقصد بالشيطان .. إبليس .. فهذا قد اعترف بالتسبيح والحمد لله .. معترفا بكمال الله ..

* حيث قد اعترف بالتسبيح من اعترافه لله تعالى بقوله ( فبعزتك ) ص82 .. وعزة الله هي (لا إله إلا الله) .. وهي تسبيح لله أن يكون له شريك أو أي نقص بأي حال من الأحوال .. كأنه يقول لله : يا عزيز لا نظير ولا مثيل له ..!!

* واعترف بالحمد لله .. حينما قال ( رب ) الحجر39 : فقد اعترف بأن خالقه والمنعم عليه هو مولاه جل جلاله ..

ومن خلال اعترافه بجلال الله وانعام الله .. فقد أثبت لله الكمال المطلق .. في الكون .

* أما لو كنت أيها العقل .. تقصد الشيطان بعموم اللفظ .. أي كل الشياطين من إنس وجن .. فهؤلاء انكشف التسبيح والتحميد عنهم ..  من خلال طريقين :

الأول : تسبيح دلالة : وهو أن خلقتهم بما تحويه من مدركات عقلية وسمعية وبصرية وغير ذلك إنما هو دليل على كمال تنزيه الله (أي تسبيحه عن النقائص)..

وحمدهم لله دلالته من خلال اغترافهم من نعم الله في الوجود الذي خلقه لهم ..

* وإجمالا فإن الكافر مفتقرا إلى ما أوجده له خالقه

من شمس وهواء وماء ونبات وحيوانات وكل ما فيه احتياج لإقامة حياتهم ..

فكان احتياجهم إلى ما ينقصهم .. وانتفاعهم بنعمته المخلوقة لهم .. كان ذلك اعتراف منهم بحمده وتسبيحه .. وإلا فليخلقوا لأنفسهم موارد غير الموجودة في هذا الكون .. !!

الثاني : تسبيح مقالة : وهو أن كل جسدهم يسبح الله ويحمده بالقول ولكن لا يفقهون .. ولولا هذا التسبيح والتحميد القولي لكان هذا الجسد أصبح عدم .. لأن بقاء الحياة يكون بخلق مقومات الحياة فيها .. وما من مخلوق إلا وهو يسبح بحمد الله لبقاءة على قيد الحياة حتى يأذن الله بفناءه ..

* فلو لم يكن التسبيح بالحمد قائما في أصل بنيتهم أي أجسادهم .. لهلكوا ..!!

ولذلك يقول الله جل شأنه ( يَوْمَ تَشْهَدُ عَلَيْهِمْ أَلْسِنَتُهُمْ وَأَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُم بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ) النور24 ..

فلو لم تكن هذه الأدوات الرقابية تسبح وتحمد الله في حال حياة الإنسان ما كانت لتستطيع أن تشهد عليهم يوم القيامة .. وكيف تشهد إذا لم يكن لهم حياة .. !!

* فثبت بذلك أن جسم الإنسان له حياة مع الله مستقلة عن نفسية الإنسان وقلبه .. وهذه الحياة لهذا الجسد لاستكمال مدة بقاءه في الحياة مع مراقبة الإنسان وحالها أنها تسبح الله وتحمده لأنها نعم الله على الإنسان .. حتى ولو جحد الإنسان خالقه .. فأجزاء جسده مسبحة وحامدة لله وشاهدة عليه رغم جحوده لله ..!!

يقول تعالى ( وَلَقَدْ مَكَّنَّاهُمْ فِيمَا إِن مَّكَّنَّاكُمْ فِيهِ وَجَعَلْنَا لَهُمْ سَمْعاً وَأَبْصَاراً وَأَفْئِدَةً فَمَا أَغْنَى عَنْهُمْ سَمْعُهُمْ وَلَا أَبْصَارُهُمْ وَلَا أَفْئِدَتُهُم مِّن شَيْءٍ إِذْ كَانُوا يَجْحَدُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ وَحَاقَ بِهِم مَّا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُون ) الأحقاف26

* فالجاحد .. مهما أعطيته .. فهو يظل جاحد .. لأنه لا يريد أن يعترف بالفضل لأهل الفضل ..!!

******************************

..:: س55: ما معنى سبحان الله وبحمده ؟ ::..

* قلت (خالد صاحب الرسالة) ..

* بمناسبة الكلام السابق .. قد يتساءل البعض ما معنى الذكر " سبحان الله وبحمده " ؟

التسبيح دليل على اثبات جلال الله وعظمته .. والحمد دليل اثبات جمال الله وإكرامه ..

فكان هذا الذكر جامعا لإثبات الجمال والجلال .. أي إثبات الكمال الإلهي لله رب العالمين .

* وكلمة (سبحان) : اسم مصدر منصوب على أنه مفعول مطلق لفعل محذوف تقديره : أُسَبِّحُ اللَّهَ سُبْحَانًا أي تسبيحا ..

* وجاء بحرف الباء في كلمة (بحمده)  للمصاحبه .. أي أسبِّح الله تسبيحا وأثني عليه بحمده .. أي أن هذا التسبيح مصحوبا بالثناء عليه.

والمقصد هو الإعتراف بالجلال والجمال الإلهي .. معترفا له بذلك بالكمال المطلق له جل جلاله ..

* وكأنك تقول بالمعنى : حاشا لله أن يكون فيه أي نقص أو عيب في ذاته أو صفاته أو أفعاله ، بل وله الحمد على جميل نعمه التي أنعم بها على الوجود .

* أو كأنك تقول بالمعنى : يا ذا الجلال والإكرام .. يا من لك الكمال .. أسبحك وأحمدك كما يليق بك .. وكما تحب وترضى ..

والله أعلم .

******************************

..:: س56: لماذا نقول (سبحان الله) ولا نقول (أسبح الله) ؟  - وما حقيقة تسبيحنا لله ؟ ::..

* قلت (خالد صاحب الرسالة) .. 

لأن اسم المصدر (سبحان) نقوله للمبالغة .. أي لثبوت الأمر له وكأنه علم له سبحانه ..

كأنك تقول : أن التسبيح خصوصية لله وهو المستحق له وحده دون غيره ..

* وكلمة (سبحان) على وزن فعلان .. لتفهم أن كمال التسبيح والتنزيه المطلق عن كل ما لا يليق به .. لا يستحقه أحد إلا الله تبارك وتعالى ..

* فضلا عن كونك لا تستطيع أن تقول (أسبح) .. لأنه منزه في ذاته وأفعاله وصفاته .. ؟!!

فهو ليس فيه نقص حتى تسبحه منه ..!!

وكأنك لو قلت (أسبح) .. أصبحت صاحب فضل على الله .. فلم يوكل لك حرية الاختيار تسبيحه .. بل أرشدك إلى ما يليق بذاته !!

******************************

..:: س57: ما هي حقيقة تسبيحك لله ؟ ::..

حقيقة التسبيح منك ومن جميع المخلوقات .. كأنك تقول : أسبحك بما أثبته لذاتك من التسبيح في كتابك ..

فتسبيحك لله .. عن تسبيحه سبحانه لنفسه في كتابه كما قال ( سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يَصِفُونَ ) المؤمنون91 ، كقوله تعالى ( سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يُشْرِكُونَ ) الحشر23 ..

* أي أنت تسبح الله بما سبح به نفسه في كتابه .. فلما قال الله (سبحان الله) .. فأنت قلت (سبحان الله) .. لأنه يعلم بما يليق بذاته من القول .. فافهم ..!!

والله أعلم .

**************************

يتبع إن شاء الله تعالى

**********************

والله أعلم

اللهم صل على سيدنا محمد وعلى آله وسلم

هذا الموضوع مصدره - مدونة الروحانيات فى الاسلام -  ولا يحق لأحد نقل أي موضوع من مواضيع أو كتب أو رسائل المدونة .. إلا بإذن كتابي من صاحب المدونة - ا/ خالد أبوعوف .. ومن ينقل موضوع من المدونة أو جزء منه (من باب مشاركة الخير مع الآخرين) فعليه بالإشارة إلى مصدر الموضوع وكاتبه الحقيقي .. ولا يحق لأحد بالنسخ أو الطباعة إلا بإذن كتابي من الأستاذ / خالد أبوعوف .. صاحب الموضوعات ..