الروحانيات فى الإسلام: ج11: رسالة حقيقة الأولياء وأخبار القطب والأوتاد والنقباء والنجباء والأبدال - ماذا قال بعض العلماء حول أحاديث الأبدال وحقيقة وجودهم - لماذا الصراع الطائفي بين (الصوفية والسلفية) قد نشأ بسبب وصف مثل الأبدال طالما لا إنكار على ذات اللفظ أو أن هذا مقام شريف.

بحث في المدونة من خلال جوجل

الأحد، 7 أغسطس 2022

Textual description of firstImageUrl

ج11: رسالة حقيقة الأولياء وأخبار القطب والأوتاد والنقباء والنجباء والأبدال - ماذا قال بعض العلماء حول أحاديث الأبدال وحقيقة وجودهم - لماذا الصراع الطائفي بين (الصوفية والسلفية) قد نشأ بسبب وصف مثل الأبدال طالما لا إنكار على ذات اللفظ أو أن هذا مقام شريف.

          بسم الله الرحمن الرحيم

رسالة

حقيقة الأولياء

وأخبار القطب والأوتاد والنقباء والأبدال والنجباء 

 (الجزء الحادي عشر)

#- فهرس:
:: الفصل الحادي عشر :: عن آراء بعض علماء الشريعة في أحاديث الأبدال ورأيهم في وجود مقام الأبدال من عدمه ::
1- س38: ماذا قال بعض العلماء حول أحاديث الأبدال وحقيقة وجودهم ؟
2- س39: لماذا الصراع الطائفي بين (الصوفية والسلفية) قد نشأ بسبب وصف مثل الأبدال طالما لا إنكار على ذات اللفظ أو أن هذا مقام شريف ؟
************************
..:: س38: ماذا قال بعض العلماء حول أحاديث الأبدال وحقيقة وجودهم ؟ ::..

- اعلم أخي الحبيب .. أن كثير من العلماء لا يمانعون من وجود مسميات للأولياء كالأقطاب والابدال والنجباء وغيرهم .. ومن الصعب حصرهم وجمع كلامهم .. وأشهرهم الإمام السيوطي وبن حجر الهيتمي واليافعي .. وقبلهم كثيرين وبعدهم كثيرين وفي عصرنا كثيرين جدا جدا .. ولكن الدين لا يؤخذ بكثرة كلام العلماء وإنما بنص شرعي يدل على أنه وحي من الله .
 
- وإذا العلماء الذين قالوا بوجود هذه المسميات قد استدلوا بأحاديث كثيرة كحجة لهم .. إلا أن هذه الأحاديث في الحقيقة لا ترتقي لتكون حجة مقنعة أو كعقيدة للإيمان بها .
 
- وأيضا هذا لا يدفعنا لاتهام هؤلاء العلماء بأي اتهام .. لأن لهم حجتهم ودليلهم حتى ولو لم يوفقوا فيها .

- علما بأن هؤلاء العلماء الذين قالوا بوجود هذه المقامات مثل الأقطاب والأبدال .. فإنما لم يقولوا بما قال به أهل التصوف الكشفي من كونهم حكومة باطنية متصرفة في الكون ..!!
 
- كان هذه مقدمة مهمة عليك أن تنتبه لها .. حتى لا تخوض في لحوم العلماء وتتهمهم بالباطل أو من يتبعهم من عوام المسلمين .. كما يفعل المستبيحين لهم من غوغاء الإنترنت أو ممن لديهم هواية الشتم والسب والتبديع والتكفير لخلق ربنا ممن يصفون أنفسهم بالسلفية وما هم بسلفيين وإنما نفوس غلبها الفساد وتحتاج لتقويم نفسي حتى يتعلموا الأدب أولا قبل أن يتكلموا في العلم .. وأنصحك أخي الحبيب بالإبتعاد عن هذه النفوس الآكلة في لحوم العلماء والمستمتعة بقذف المسلمين وتبديعهم وتحقيرهم وإدخالهم النار .. وكأنهم من بقايا نطفة الخوارج ..!!
 
#- فإذا علمت ما سبق .. فإليك آراء بعض أهل العلم من السلفيين في أحاديث الأبدال وغيرها .. مع التعقيب عليها .
    

#- أولا: قال الإمام الحافظ بن الجوزي رحمه الله (المتوفى: 597هـ):
- ليس في هذه الأحاديث شيء يصح .. (الموضوعات ج3 ص152).
 
#- قلت (خالد صاحب الرسالة) تعقيبا:
1- يقصد الإمام بن الجوزي .. الأحاديث التي تتكلم عن عدد الأبدال .. حيث قد جمعها تحت باب واحد وهو "عدد أولياء الله" .. ولم يذكر رحمه الله .. روايات الإمام علي بن أبي طالب .. وكذلك لم ينكر وجود الأبدال رحمه الله وإنما تكلم عن عددهم فقط .
 
2- وفي العموم الروايات التي أتت بذكر عدد الأبدال فهي فعلا لم يصح منها شيء .. بل كلها روايات مضطربة لا يمكن الاعتماد عليها .. ولكنها روايات تشهد لبعضها على وجود مقام خاص لبعض الصالحين يسمى بالأبدال .
- والله أعلم .
 
#- ثانيا: الحافظ ابن الصلاح (ت 643هـ) في فتاويه:
- عن سؤال ورد إليه:
- هل ورد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: (على كلّ قدم نبيّ من الأنبياء عليهم الصلاة والسلام ولي من أولياء الله تعالى)، وسمعنا أن القطب على قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم، وسمعنا أن في الأرضِ سبعةَ أوتاد وأبدال ونجباء ونقباء .. كلما مات رجل أقام الله عز وجل عوضه رجلًا .. ولا تزال الوراثة دائمة في علم الباطن وفي علم الظاهر إلى قيام الساعة .. الأمر على ما ذكر أم لا ؟
 
#- فأجاب بقوله: لا يثبت هذا الحديث ..
- وأما الأبدال فأقوَى ما روِّيناه فيهم قول علي رضي الله عنه أنه بالشام يكون الأبدال .. وأيضًا فإثباتهم كالمجمع عليه بين علماء المسلمين وصلحائهم ..
- وأما الأوتاد والنجباء والنقباء فقد ذكرهم بعض مشايخ الطريقة، ولا يثبت ذلك ..
- ولا تزال طائفة من الأمة ظاهرة على الحقّ إلى أن تقوم الساعة، وهم العلماء. (فتاوى ابن الصلاح (1/ 183-184).
 
#- قلت (خالد صاحب الرسالة) تعقيبا:
- وما قال الإمام الحافظ بن الصلاح .. هو من الحق الواضح .. وإن كنت أحب لو أشار لحديث أم سلمة ..
- وتأمل قوله عن الأبدال على وجه الخصوص .. حيث قال : فإثباتهم كالمجمع عليه بين علماء المسلمين وصلحائهم ..
- والله أعلم .
 
 
#- ثالثا: قال الشيخ بن تيميه رحمه الله (ت 728هـ) في فتاويه:
- كل حديث يروى عن النبي صلى الله عليه وسلم في عدة الأولياء والأبدال والنقباء والنجباء والأوتاد والأقطاب مثل أربعة أو سبعة أو اثني عشر أو أربعين أو سبعين أو ثلاثمئة وثلاثة عشر، أو القطب الواحد .. فليس في ذلك شيء صحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم .. ولم ينطق السلف بشيء من هذه الألفاظ إلا بلفظ الأبدال .. وروي فيهم حديث أنهم أربعون رجلاً وأنهم بالشام وهو في المسند من حديث علي رضي الله عنه .. وهو حديث منقطع ليس بثابت. (مجموع الفتاوى 11/167).
 
- وقال في مكان آخر رحمه الله:
- الأسماء الدائرة على ألسنة كثير من النساك والعامة، مثل الغوث الذي بمكة والأوتاد الأربعة والأقطاب السبعة، والأبدال الأربعين، والنجباء الثلاثمائة، فهذه أسماء ليست موجودة في كتاب الله - تعالى - ولا هي أيضا مأثورة عن النبي، بإسناد صحيح، ولا ضعيف يحمل عليه. (الفتاوى ج11 ص433).
 
 #- قلت (خالد صاحب الرسالة) تعقيبا:
1- الجزء الأول من الفتوى قد تكلم فيه الشيخ بن تيمية بإنكار كل حديث تكلم عن عدد الأولياء تحت كل مسمى من مسميات الولاية التي ذكرها أهل التصوف الكشفي وهي الأبدال والنقباء والنجباء والأوتاد والأقطاب .
 
2- ولكنه أيضا أثبت وجود وصف الأبدال من خلال انتشار وصف هذا المقام على ألسنة السلف .
 
- بل وقال رحمه الله في العقيدة الواسطية عند كلامه على أهل السنة والجماعة أن من أوصافهم: "فيهم الصديقون والشهداء والصالحون ..، ومنهم أعلام الهدى ومصابيح الدُّجى أولوا المناقب المأثورة والفضائل المذكورة ..، وفيهم الأبدال .. ومنهم الأئمة الذين اجمع المسلمون على هدايتهم ودرايتهم ..." (العقيدة الواسطية ص133).
 
3- أما في الجزء الآخر من الفتوى فهو أنكر وجود مسميات (الأبدال والنقباء والنجباء والأوتاد والأقطاب) .. في القرآن أو في حديث النبي بحديث صحيح أو ضعيف يحمل عليه ..
 
- وهذا الكلام من الشيخ بن تيميه فيه نظر .. ليه ؟
أ- لأن الأحاديث التي يحمل عليها لفظ الأبدال وإن كان يغلب عليها الضعف إلا أن حملها يجعل المؤمن يقول بوجود جماعة الأبدال .. بمجموع هذه الأحاديث بلا ريب .. ولا ينكر ذلك إلا مكابر .. 
- وأتعجب من الشيخ بن تيميه .. لأنه إذا كان روايات أكثر من أحد عشر صحابيا بطرقهم المتعددة وبخلاف مراسيل التابعين .. لا يحمل من حديثهم وجود وصف مثل الأبدال فما هو الحديث الضعيف الذي من وجهة نظر الشيخ بن تيميه الذي يحمل عليه حينئذ ؟!! أليس هذا غريبا من الشيخ رحمه الله ..؟!!

 

ب- والغريب أن الشيخ بن تيميه قد أثبت وجود الأبدال عند السلف بل وأقر ذلك في العقيدة الواسطية .. فكيف يقر بما لا وجود عليه ولا نص يشير إليه ؟!!
- ولا يمكن أن يقال أن السلف هم من اخترعوا هذا الوصف من بنات أفكارهم .. وإلا فيقال لهم ما يقال عن أهل التصوف الكشفي من أين لك بهذا الوصف ؟!!
- بل أن مجموع النصوص وإن كانت يغلبها الضعف .. إلا أن علماء المسلمين على الاعتقاد بوجود الأبدال ومنهم بن تيميه نفسه.
 
ج- قد سبق بيان كلام الإمام علي بن أبي طالب وهو بسند صحيح جدا .. ومثله لا يقال بالرأي .. ومجموع أحاديث الأبدال دالة على وجود الأبدال .. وليس كما قال الشيخ بن تيمية .. بأنه لا يوجد حديث صحيح أو ضعيف يحمل عليه ..
- والله أعلم .



#- رابعا: وقال تلميذه الإمام بن القيم رحمه الله (ت 751هـ):
- أن أحاديث الأبدال والأقطاب والأغواث والنقباء والنجباء والأوتاد .. كلها باطلة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم .. وأقرب ما فيها: (لا تسبُّوا أهل الشام؛ فإن فيهم البدلاء، كلما مات رجل منهم أبدل الله مكانه رجلًا آخر) ..، ذكره أحمد، ولا يصحّ أيضًا؛ فإنه منقطع (المنار المنيف في الصحيح والضعيف ص136).
 
 #- قلت (خالد صاحب الرسالة) تعقيبا:
1- وهذا الكلام الذي ذكره الإمام بن القيم فيه نظر .. ليه ؟
- لأنه هو بنفسه في نفس الكتاب ذات الكتاب (المنار المنيف) وبعد عشرة صفحات .. قد قال بتحسين حديث أم سلمة الذي أتى فيه ذكر الأبدال .. بل وقال أن مثله يرتقي ليكون صحيحا ..!!
 
- ففي نفس الكتاب حديث رقم331 (صفحة 144-145) .. عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: (يَكُونُ اخْتِلافٌ عِنْدَ مَوْتِ خَلِيفَةٍ فَيَخْرُجُ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ هَارِبًا إِلَى مَكَّةَ فَيَأْتِيهِ نَاسٌ من أهل مَكَّةَ فَيُخْرِجُونَهُ وَهُوَ كَارِهٌ فَيُبَايِعُونَهُ بَيْنَ الرُّكْنَ وَالْمَقَامِ وَيُبْعَثُ إِلَيْهِ بَعْثٌ مِنَ الشَّامِ فَيُخْسَفُ بِهِمْ بِالْبَيْدَاءِ بَيْنَ مَكَّةَ وَالْمَدِينَةِ فَإِذَا رَأَى النَّاسُ ذَلِكَ أَتَاهُ أَبْدَالُ الشَّامِ وَعَصَائِبُ أَهْلِ الْعِرَاقِ فَيُبَايِعُونَهُ ثُمَّ يَنْشَأُ رَجُلٌ مِنْ قُرَيشٍ أَخْوَالَهُ كَلْبٌ فَيَبْعَثُ إِلَيْهِمْ بَعْثًا فَيَظْهَرُونَ عَلَيْهِمْ وَذَلِكَ بَعْثُ كَلْبٍ وَالْخَيْبَةُ لِمَنْ لَمْ يَشْهَدْ غَنِيمَةَ كَلْبٍ فَيُقَسِّمُ الْمَالَ وَيَعْمَلُ فِي النَّاسِ بسنة نبيهم ويلقي الإسلام بجرانه فِي الأَرْضِ فَيَلْبَثُ سَبْعَ سِنِينَ ثُمَّ يَتَوَفَّى وَيُصَلِّي عَلَيْهِ الْمُسْلِمُونَ وَفِي رِوَايَةٍ فَيَلْبَثُ تِسْعَ سِنِينَ). وَرَوَاهُ الإِمَامُ أَحْمَدُ بِاللَّفْظَيْنِ .. ورَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَبِي الْخَلِيلِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَارِثِ عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ نَحْوِهِ .. وَرَوَاهُ أَبُو يَعْلَى الْمُوصِلِيُّ فِي مُسْنَدِهِ مِنْ حَدِيثِ قَتَادَةَ عَنْ صَالِحٍ أبي الْخَلِيلِ عَنْ صَاحِبٍ لَهُ وَرُبَّمَا قَالَ صَالِحٌ عَنْ مُجَاهِدٍ عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ .. وَالْحَدِيثُ حَسِنٌ وَمِثْلُهُ مِمَّا يَجُوزُ أَنْ يُقَالَ فِيهِ: "صَحِيحٌ".
 
2- فما هذا التعارض والتضارب الغريب في كتاب الإمام بن القيم (المنار المنيف) .. إذ أنه مرة أنكر تماما وجود حديث صحيح جاء فيه ذكر الأبدال .. ولكنه بعد صفحات قليلة يذكر حديث أم سلمة وينتصر له فيحسنه ويصححه ..!!
- ولعل الإمام بن القيم لم ينتبه لهذه الرواية في ذهنه حين كتابته جملة أنه لم يصح حديث عن الأبدال .. أو لعله يقصد لم يصح حديث في عدد الأبدال .. أو اعتمد على قوله شيخ بن تيميه رحمه الله .. ثم تبين له حديث أم سلمة بعد ذلك .. وغفل عن مراجعة ما كتبه سابقا في نفس الكتاب .. والله أعلم .
 
3- وبهذه الرواية التي حسنها الإمام بن القيم .. يتضح لنا أنه لا ينكر وجود طائفة تسمى بالأبدال ..   
- والله أعلم .

 
4- ملحوظة مهمة: ستجد بعض من يكتب في العلم وينتصر لنفسه .. يستدل كلام بن القيم الأول والذي ينفي فيه وجود أحاديث صحيحة في الأبدال وغيرها .. ولكنه لا يذكر حديث بن القيم الذي استدل به بعد ذلك .. والذي قال بتحسنه وتصحيحه وهو حديث أم سلمة عن الأبدال ..
- فماذا نسمى هذا ؟ كتم للعلم أم انتصار للرأي أم جهل بالمعلومة ؟!!
- بل وهذا المنتصر لرأيه ويفعل ذلك أيضا في كلام بن تيميه .. حيث يذكر منه ما ينتصر لهواه .. ولا يحقق في الكلام الذي ينقله .. وكأنه ينقل قرآن كريم أو حديث نبوي صحيح ..!! فما هذا الفساد العلمي .. وما هذه الجرأة في الدين ..!!

 
#- خامسا: الإمام الصنعاني رحمه الله (المتوفى: 1182هـ):
- قال الإمام الصنعاني في التنوير شرح الجامع الصغير:
- (قال) الحافظ بن حجر في فتاويه: الأبدال وردت في عدة أخبار منها ما يصح. وأما القطب فورد في بعض الآثار .. وأما الغوث بالوصف المشتهر بين الصوفية فلم يثبت . (التنوير شرح الجامع الصغير ج4 ص481).
 
#- قلت (خالد صاحب الرسالة) تعقيبا:
- لم أجد هذه المقولة للإمام بن حجر فيما توافر عندي من مراجع ..!!

#- سادسا: الشيخ محمد رشيد رضا (ت 1354هـ) في مجلة المنارة:
- وأما القطب وسائر الموظّفين الروحانيين في دائرة تصرفه الذين يسمّونهم رجال الغيب -كالإمامين والأوتاد والأبدال- فلم يرد شيء صحيح في السنة، إلا ما رووه في الأبدال، وهي روايات ضعيفة مضطَربة، في بعضها يعدون ثلاثين، وبعضها أربعين. (مجلة المنارة 5/52).


#- قلت (خالد صاحب الرسالة) تعقيبا:
- الشيخ رشيد رضا ينكر أيضا مسميات الحكومة الباطنية لأهل التصوف الكشفي .. ويذكر أنه لم يرد شيء في صحيح السنة يؤيد هذا الكلام .. ثم اشار لاضطراب الروايات في أعداد الأبدال ..
 
- ولكنه رحمه الله أحسبه نقل كلام الإمام بن تيميه دون تدبر منه ومتابعة للروايات .. لأن الروايات وإن كانت مضطربة في الأعداد إلا أنها تحمل وجود طائفة الأبدال بلا ريب كما سبق وأوضحنا ذلك في الردود السابقة .. وإلا فعلماء السلف كأحمد بن حنبل والشافعي والبخاري وغيرهم سيظهرون بمظهر الجهلاء الذين ابتدعوا أوصافا لا وجود لها في الدين .. حيث كثيرا ما يذكر وصف البدلاء في كتب السلف ..!!
 
#- سابعا: الشيخ الألباني رحمه الله (المتوفى: 1420هـ):
- قال الشيخ الألباني في السلسلة الضعيفة (2/339):
- واعلم أن أحاديث الأبدال لا يصح منها شيء، وكلها معلولة، وبعضها أشد ضعفا من بعض . انتهى النقل من كلامه.
 
- وقال الشيخ الألباني تعقيبا على كثرة روايات الإمام السيوطي في رسالته "الخبر الدال":
- غاية ما في الأمر .. أن هذه الروايات وغيرها مما روي تلتقي كلها على الاعتراف بوجود الأبدال .. ويشهد لذلك استعمال أئمة الحديث كالشافعي وأحمد والبخاري وغيرهم لهذا اللفظ، فنجدهم كثيرا ما يقولون: فلان من الأبدال. ونحو ذلك.
- وأما عددهم ومكانهم، فالروايات مضطربة جدا، لا يمكن الاعتماد على شيء منها (الضعيفة ج5 ص520).
 
#- قلت (خالد صاحب الرسالة) تعقيبا:
- بالرغم من الشيخ الألباني رحمه الله حقق كثير من روايات الأبدال وغيرها من رسالة الإمام السيوطي "الخبر الدال" .. ومن وجهة نظره كلها أحاديث ضعيفة .. وقد سبق مناقشة بعض تحقيقات الشيخ خاصة عند حديث أم سلمة .. فارجع للسؤال رقم (37) من هذه الرسالة.
- إلا أنه قال قول حق وهو: أن مجموع هذه الروايات تلتقي كلها على الاعتراف بوجود الأبدال .. وذكر أن هذا الوصف يستخدمه السلف . 
- والله أعلم .


#- خلاصة القول فيما سبق أخي الحبيب:
1- هناك اعتراض من بعض العلماء على روايات أحاديث الأبدال .. ولكن ليس عندهم اعتراض على وصف الأبدال أن يقال في بعض الصالحين .. دون تخصيص ليكون صاحب طريقة صوفية ولا غيرها .. فهو وصف يقال لمن صلح حاله في أمة الإسلام مثل وصف إنسان أنه من الصالحين أو من التائبين أو من الحامدين أو ما شابه ذلك .. فهذه أوصاف تتعلق بحال الإنسان مع ربه وليس باعتبار انتماءه لطائفة أو لمذهب ..!!
 
2- ما ذكرته لك أخي الحبيب إنما هو مجموعة أقوال مشهورة ومتداول بعضها على شبكة الإنترنت .. وهي لبعض العلماء ممن يغلب عليهم الوصف السلفي في منهجهم .. وقد تعمدت ذلك حتى تبصر وتفهم أنه لا غضاضة لديهم في وصف الأبدال من حيث كونه وصف لبعض الصالحين .. وهذا خلاف من ينشر بعض هذه الأقوال السابقة للعلماء على الإنترنت ليوهم العامة أن هؤلاء العلماء ينكرون وجود الأبدال .. لا .. هذا كلام غير صحيح .. وإنما البعض من هؤلاء العلماء ينكر وجود روايات صحيحة أتى فيها لفظ الأبدال وهذا رأيهم الخاص .. وفي نفس الوقت لا ينكرون أن يوصف أحد بكونه من الأبدال .. بمعنى أنه من الصالحين الذين لهم حال خاص مع الله ..

- كما أن وصف الأبدال متفق عليه عند السلف ولا غضاضة فيه .. وأبسط مثال على ذلك:
- الإمام أحمد بن حنبل .. حيث روي في مسنده حديث برقم (15671): (حَدَّثَنَا عَفَّانُ، حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ خَلَفٍ أَبُو خَلَفٍ وَكَانَ يُعَدُّ مِنَ الْبُدَلَاءِ .....) رواه أحمد .. وقال محققو المسند: حديث صحيح وهذا إسناد حسن .
- فالإمام أحمد وهو إمام من أئمة السلف .. لا يجد غضاضة في وصف أحد بأنه من البدلاء .. فتأمل وانتبه.
- والله أعلم .


********************
 
..:: س39: لماذا الصراع الطائفي بين (الصوفية والسلفية) قد نشأ بسبب وصف مثل الأبدال طالما لا إنكار على ذات اللفظ أو أن هذا مقام شريف ؟!! ::..

 
- يوجد أوصاف كثيرة للأولياء .. منهم الصديقون والشهداء والصالحين والسابقين والمقربين وغيرهم .. فلماذا الصراع الطائفي بين (صوفية وسلفية) قد نشأ بسبب وصف مثل الأبدال خاصة وأنه لا إنكار على ذات اللفظ أو لا انكار على وجود مقام يسمى بالأبدال ؟!!
 
#- قلت (خالد صاحب الرسالة):
1- المشكلة ليست في لفظ الأبدال كلفظ يدل على مدح بعض الصالحين بأنه من الأبدال .. أي الذين تبدلت نفوسهم حتى استوت الطمأنينة والسكينة فيها واستقاموا مع الله .. وظهر أن لهم دعوة مستجابة .. 

- إنما المشكلة .. في أن بعض أهل التصوف الكشفي يريدون أن يفرضوا عقيدة غيبية ليست من الدين في شيء .. فزعموا وجود حكومة باطنية والتي منها الأبدال وزعموا وظيفة باطنية غيبية لهؤلاء الأبدال بالتصريف في الكون كمنفذين لأوامر القطب الذين هم خاضعون لتصرفه .. واشترطوا لهم عدد معين .. وهذه الوظيفة لا دليل عليها إلا في وهمهم وخيالهم فقط .. أما عددهم فالله أعلم به لأنه لم يصح في هذا العدد أي نص .
 
2- وحتى على افتراض اعتماد خصائص هؤلاء الأبدال التي جاءت في الروايات الضعيفة .. فسنجد أن كلها تدور في فلك واحد فقط وهو أنهم مقبولين الدعاء عند الله .. وهذا هو حال الأولياء الذين يحبهم الله كما جاء في الحديث القدسي: (وإنْ سَأَلَنِي لَأُعْطِيَنَّهُ، ولَئِنِ اسْتَعاذَنِي لَأُعِيذَنَّهُ) صحيح البخاري.  
 
- فمن أين أتى بعض أهل التصوف الكشفي بأن هؤلاء الأبدال جزء من السلم الوظيفي في الترتيب الخفي للحكومة الباطنية المتصرفة في الكون من وراء حجاب ؟!!
- وبالتأكيد فإن الكشف الروحاني ليس حجة شرعية حتى لا يزعم أحد أن هذا هو دليلة .. وإلا فهو يستخف بعقول الناس قطعا ..!!  
- ثم كيف يتم التسليم لمن حجته هي الكشف الروحاني ؟!!
- فما فائدة النصوص الشرعية والوحي الإلهي حينئذ ؟!!
 
3- ومن ناحية أخرى .. فإن الترويج الصوفي لوجود رجال الحكومة الباطنية يثير في النفس شبهات كثيرة .. إذ ما هو المقصد من وراء ذلك الترويج طالما هو أصلا ليس شيئا من الدين حيث لم يخبرنا النبي صلى الله عليه وسلم عن هذه الحكومة الباطنية التي يقوم بإدارتها هذا القطب الذي لا دليل على وجوده أصلا في النصوص الشرعية.
 
4- والذي أراه هو التسليم بوجود اولياء لله في كل زمان ومكان .. مهما كان وصفهم مثل أبدال وصالحين وسابقين وصديقين وغيرهم من أهل الإيمان والتقوى الذين صدقوا مع الله .. وجميعهم اعتبرهم من رجال الغيب أي أخفياء الحال مع الله وإن كانوا لهم ظاهر من صلاح الحال ولكن باطنهم (قلبهم) يعلم حاله مولاهم .. وحقيقة مقامهم ورتبتهم ودرجتهم فهذا لا يعلمه إلا الله .. لأن الله أعلم بمن اتقى .. وأيضا لا مانع من حسن الظن والشهادة للبعض من أنهم أهل صلاح من خلال ظاهرهم ..

- والله أعلم .

 
#- وخلاصة القول فيما سبق:
1- هو أن أحد أسباب الصراع الطائفي بين (السلفية والصوفية) حدث بسبب رغبة بعض أهل التصوف الكشفي في إثبات ما ليس له ثبوت من الوحي .. فكيف يتم قبول ذلك ؟!!
 
2- ولماذا نعتقد فيما ليس فيه دليل يقيني من الوحي .. حيث أن العقائد تبني على اليقين وليس على الظن والكشف الروحاني ..!!
- والله أعلم.
 
#- وبهذا يكون ختام الكلام على مصطلح الأبدال .. وبعده إن شاء الله يكون الكلام عن وصف النجباء والرفقاء والنقباء .. حتى نتبين هل لهم وجود في النصوص الشرعية الصحيحة أم لا .. ونتبين هل كلام أهل التصوف الكشفي صحيحا أم لا ..
 *****************

يتبع إن شاء الله تعالى
*****************
والله أعلم
اللهم صل على سيدنا محمد وعلى آله وسلم
هذه الرسالة مصدرها - مدونة الروحانيات فى الاسلام -  ولا يحق لأحد نقل أي موضوع من مواضيع أو كتب أو رسائل المدونة .. إلا بإذن كتابي من صاحب المدونة - ا/ خالد أبوعوف .. ومن ينقل موضوع من المدونة أو جزء منه (من باب مشاركة الخير مع الآخرين) فعليه بالإشارة إلى مصدر الموضوع وكاتبه الحقيقي .. ولا يحق لأحد بالنسخ أو الطباعة إلا بإذن كتابي من الأستاذ / خالد أبوعوف .. صاحب الموضوعات والرسائل العلمية .

هناك 6 تعليقات:

  1. ماشاء الله استاذنا ربي يبارك فيك
    صياغة منظمة وماتعة للمتابعة
    سلمت يمينك وووفقك للمزيد
    آمين امين امين يارب العالمين

    ردحذف
  2. جزاك الله عنا كل خير أستاذنا الفاضل وزادك الله من فضله وعلمه وكرمه الله يعينك على ما كلفك الله يرزقك ما تتمنى وزياده....... اللهم آمين يارب العالمين
    ..................................................
    اللهم صل على سيدنا محمدٍ النبي الأمي وعلى آله وسلم

    ردحذف
  3. اللهم علمنا ما ينفعنا في ديننا وجنبنا الفتن ما ظهر منها وما بطن
    وصل اللهم وسلم وبارك على سيدنا محمد وآدم ونوح وإبراهيم وموسى وعيسى صلوات الله وسلامه عليهم اجمعين

    ردحذف
  4. السلام على قلبك
    أقبلت عاشوراء نفحة من نفحات الله جل في علاه
    ليست الاعياد والمواسم الدينة لمجرد الذكرى فقط للتذكر والتفكر والتدبر والتقرب
    في مثل هذا اليوم نجى فيه الله سيدنا موسى من فرعون وعلت كلمة الحق على الباطل
    تأتي عاشوراء لتذكرك أنه مهما طال الزمن فالنصر دوما للحق وأهل الحق و أنه لا يحيق المكر السيء إلا بأهله
    فإن كنت تسير في طريق الحق لتعلو كلمة التوحيد فأكمل طريقك ولا تبالي بما ترى من عراقيل وعقبات الله معك الله ناظر إليك الله ناصرك ومؤيدك
    تصوم يوم فيغفر لك عام بأكمله
    أي كرم هذا ولا يكون إلا من الكريم وحده
    دائما متفرد في عطائه لا يشبه عطاؤه عطاء أحد سبحانه لذا كان دوما ودائما واحد أحد صمد
    كان عام مليئ بالذنوب و الخطايا والرزايا وكلها دونت في كتابي وكتابك منها ما نتذكره ومنها ما غاب عنا ونسيناه لكنها كلها كانت خطايا سببت الران على القلوب و جعلت عليها حجابا على وصل المحبوب
    وها هو الله بجلالة قدره يعطينا فرصة للصلح معه والقرب منه
    فلا تكن بخيلا على نفسك فالأنفاس قليلة ولاتدري متى يحين وقت الرحيل
    فجاهد أن تصلح فيما عثت فيه فسادا في علاقتك مع ربك قبل اللقاء
    يوم واحد يا أخي تمتنع فيه عن الأكل والشرب وعن كل معصية منعت منها ظاهرا وباطنا
    ماذا يساوي يوم واحد أمام عام كامل يحوي كل الرزايا
    جدد النية وصم لله وحده طالبا عفوه ورضاه
    إجعله عقد صلح عسى الله يمحو ما مضى فإن رأى منك صدق نيتك وندم قلبك أكرمك وأصلح ما هو آت
    تعرض لنفحات الله يا أخي فلاتدري أي عطاء يصب قلبك فيغفر ذنبك ويزيل حجبك
    غفر الله لي ولكم

    عطر الجنة

    ردحذف
  5. بسم الله ماشاء الله لاقوة إلا بالله
    الله أكبر

    ردحذف
  6. ماشاء الله تبارك الرحمان
    تفصيل دقيق وجميل وأعجبني مناقشة جزئية وجود إختلاف في رأيك الشيخ ابن تيمية في قضية الأبدال
    ولكن ما أعجبني أكثر إلتماس العذر له بأن الأمر حصل دون قصد وهنا إشارة لنا لنتعلم ونتأدب مع أهل العلم وإبقاء حسن الظن به دائما
    جزاك الله كل خير يا رب العالمين

    ردحذف

ادارة الموقع - ا/ خالد ابوعوف