ج23: رسالة الغيب والعرافين والمنجمين - هل هناك أحاديث تدل على انتهاء زمن الكهانة تماما - هل قول النبي عن الكهان بأنهم (ليسوا بشيء) فيه دلالة على انقطاع الكهانة للأبد - كيف نفهم أن بعض الكهنة في زمن النبي قد عرف بظهور النبي في حين أنه يقال لا كهانة في زمن النبي صلى الله عليه وسلم - هل ما يخبر بها الكهان من غيبيات حاليا إنما هو عما هو معلوم ولكن يجهله بعض الناس - ما هي بعض الأكاذيب التي يتم تداولها على النت بخصوص الكهنة والعرافين - هل هناك أدلة تشير إلى استمرار الكهانة حتى بعد زمن النبي صلى الله عليه وسلم

     بسم الله الرحمن الرحيم

رسالة

"الغيب والعرافة والكهانة"

والفرق بين الكرامة والإهانة

 (الجزء الثالث والعشرون)

* فهرس:
:: الفصل الثالث والعشرون :: مسائل عن الكهانة بصفة خاصة ::
1- س122: هل هناك أحاديث تدل على انتهاء زمن الكهانة تماما ؟
2- س123: هل قول النبي عن الكهان بأنهم (ليسوا بشيء) فيه دلالة على انقطاع الكهانة للأبد ؟
4- س124: كيف نفهم أن بعض الكهنة في زمن النبي قد عرف بظهور النبي في حين أنه يقال لا كهانة في زمن النبي صلى الله عليه وسلم ؟
4- س125: هل ما يخبر بها الكهان من غيبيات حاليا إنما هو عما هو معلوم ولكن يجهله بعض الناس ؟
5- س126: ما هي بعض الأكاذيب التي يتم تداولها على النت بخصوص الكهنة والعرافين ؟

6- س127: هل هناك أدلة تشير إلى استمرار الكهانة حتى بعد زمن النبي صلى الله عليه وسلم ؟ 

********************

:: الفصل الثالث والعشرون ::

:: مسائل عن الكهانة بصفة خاصة ::

*******************

 ..:: س122: هل هناك أحاديث تدل على انتهاء زمن الكهانة تماما ؟ ::..

 
- لا أجد فيما بين يدي من مصادر .. إلا حديث واحد فقط يشير إلى انتهاء زمن الكهانة .. وهو ما رواه بن اسحاق في سيرته .. وجاء فيه الآتي:
 
- عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْعَبَّاسِ عَنْ نَفَرٍ مِنْ الْأَنْصَارِ: (أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ لَهُمْ: مَاذَا كُنْتُمْ تَقُولُونَ فِي هَذَا النَّجْمِ الَّذِي يُرْمَى بِهِ؟ قَالُوا: يَا نَبِيَّ اللَّهِ كُنَّا نَقُولُ حَيْنَ رَأَيْنَاهَا يُرْمَى بِهَا: مَاتَ مَلِكٌ .. مُلِّكَ مُلْكٌ .. وُلِدَ مَوْلُودٌ .. مَاتَ مَوْلُودٌ .. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَيْسَ ذَلِكَ كَذَلِكَ وَلَكُنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى كَانَ إذَا قَضَى فِي خَلْقِهِ أَمْرًا سَمِعَهُ حَمَلَةُ الْعَرْشِ، فَسَبَّحُوا، فَسَبَّحَ مَنْ تَحْتَهُمْ، فَسَبَّحَ لِتَسْبِيحِهِمْ مَنْ تَحْتَ ذَلِكَ، فَلَا يَزَالُ التَّسْبِيحُ يَهْبِطُ حَتَّى يَنْتَهِيَ إلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا، فَيُسَبِّحُوا ثُمَّ يَقُولُ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ مِمَّ سَبَّحْتُمْ فَيَقُولُونَ سَبَّحَ مَنْ فَوْقَنَا فَسَبَّحْنَا لِتَسْبِيحِهِمْ، فَيَقُولُونَ: أَلَا تَسْأَلُونَ مَنْ فَوْقَكُمْ مِمَّ سَبَّحُوا؟ فَيَقُولُونَ مِثْلَ ذَلِكَ، حَتَّى يَنْتَهُوا إلَى حَمَلَةِ الْعَرْشِ، فَيُقَالُ لَهُمْ: مِمَّ سَبَّحْتُمْ؟ فَيَقُولُونَ: قَضَى اللَّهُ فِي خَلْقِهِ كَذَا وَكَذَا، لِلْأَمْرِ الَّذِي كَانَ، فَيَهْبِطُ بِهِ الْخَبَرُ مِنْ سَمَاءٍ إلَى سَمَاءٍ حَتَّى يَنْتَهِي إلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا، فَيَتَحَدَّثُوا بِهِ، فَتَسْتَرِقُهُ الشَّيَاطِينُ بِالسَّمْعِ، عَلَى تَوَهُّمٍ وَاخْتِلَافٍ، ثُمَّ يَأْتُوا بِهِ الْكُهَّانَ مِنْ أَهْلِ الْأَرْضِ فَيُحَدِّثُوهُمْ بِهِ فَيُخْطِئُونَ وَيُصِيبُونَ فَيَتَحَدَّثُ بِهِ الْكُهَّانُ، فَيُصِيبُونَ بَعْضًا وَيُخْطِئُونَ بَعْضًا. ثُمَّ إنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ حَجَبَ الشَّيَاطِينَ بِهَذِهِ النُّجُومِ الَّتِي يُقْذَفُونَ بِهَا، فَانْقَطَعَتْ الْكَهَانَةُ الْيَوْمَ، فَلَا كَهَانَةَ) رواه بن اسحاق في سيرته.
 
- ومثل هذه الرواية قد رواها الإمام مسلم بما يشبهها في ألفاظها .. دون الجملة الاخيرة (فَانْقَطَعَتْ الْكَهَانَةُ الْيَوْمَ، فَلَا كَهَانَةَ) .. وهذه الزيادة جاءت في رواية بن اسحاق دون غيره .. وقد روى هذه الرواية بسند صحيح إلا أنه يوجد بها علة تضعفه .. وهي تدليس بن اسحاق حيث لم يصرح بالسماع من الإمام الزهري .. فأخشى أن يكون هذا الجزء من الرواية فيه ضعف – والله أعلم .. خاصة وأن الرواية التي تم التصريح فيها بالسماع عند البيهقي لم يأتي فيها هذا الجزء الأخير أيضا (فَانْقَطَعَتْ الْكَهَانَةُ الْيَوْمَ، فَلَا كَهَانَةَ) .. وعند بن حبان كذلك لا يوجد هذا الجزء الأخير .. وعند الإمام مسلم لم يوجد هذا الجزء الأخير ..!!
- ولعل هذا الجزء تم إضافته من بعض الرواة كتوضيح لما فهمه من الرواية وتم إلحاقه في الرواية بالخطأ .. فهي زيادة منكرة ..!!
- وقد يكون المقصد من قوله (فَانْقَطَعَتْ الْكِهَانَةُ الْيَوْمَ فَلَا كِهَانَةَ) يقصد به زمن النبي صلى الله عليه وسلم فقط .. ويكون قوله (فلا كهانة) أي فلا كهانة اليوم في زمن النبي كما كانت قبل زمن النبي .. والله أعلم ..
 

********************

 

..:: س123: هل قول النبي عن الكهان بأنهم (ليسوا بشيء) فيه دلالة على انقطاع الكهانة للأبد ؟ ::..

 
- قد فهم بعض العلماء من قول النبي صلى الله عليه وسلم (ليسوا بشيء) أنه قد انتهى زمن الكهانة .. ولكن هذا كلام غير دقيق ولا يشير إليه ظاهر الحديث .. وهذا يدعونا نقرأ الحديث ..
 
 - جاء في رواية السيدة عائشة رضي الله عنها حيث قالت: (سَأَلَ أُنَاسٌ رَسولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ عَنِ الكُهَّانِ؟ فَقالَ لهمْ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ: لَيْسُوا بشيءٍ قالوا: يا رَسولَ اللهِ، فإنَّهُمْ يُحَدِّثُونَ أَحْيَانًا الشَّيْءَ يَكونُ حَقًّا، قالَ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ: تِلكَ الكَلِمَةُ مِنَ الحق يَخْطَفُهَا الجِنِّيُّ، فَيَقُرُّهَا في أُذُنِ وَلِيِّهِ قَرَّ الدَّجَاجَةِ، فَيَخْلِطُونَ فِيهَا أَكْثَرَ مِن مِئَةِ كَذْبَةٍ) صحيح مسلم والبخاري.
 
1- فقول النبي صلى الله عليه وسلم: (ليسوا بشيء) .. أي أن  أقوالهم ليست بحق ويقين يعتمد عليه .. لأنها مخلوطة بالكذب لأنها عن سماع للشياطين ..
- ولو كان المقصد هو بذلك انقطاع الكهانة .. لكان قال النبي (لا كهانة) تقريرا منه بانتهاء زمن الكهانة .. ولكن قوله (ليسوا بشيء) فيه دلالة واضحة باستمرار وجودهم .. وإن كانوا ليست أقوالهم بحق يدل على أنهم يعلمون الغيب .
 
2- بل وأرى والله أعلم .. أن قوله (ليسوا بشيء) .. أي ليسوا بشيء ذي بال ليكون محل اهتمام في أي زمن من الأزمنة سواء قبل زمن النبي أو في زمنه أو بعد زمنه .. لأنهم غالب على كلامهم الكذب والرجم بالغيب .. فكيف لعاقل يأمن لمن حاله الكذب ؟!!
 
3- الكهانة والعرافة ليست بشيء .. لأنها تسبب لك انهيار في علاقتك بالله بسبب عصيانك برغبتك في التجسس على غيب الله .. قد يصل إلى حجاب لا تستطيع إلى دفعه .. لأن الذي يتجه إلى أهل العرافة يصبح الأمر مثل الإدمان على هؤلاء الناس .. وكل مرة تذهب إليهم تزداد حجاب على حجاب .. حتى تخرج من دائرة الأحباب .. إلا من تاب وأناب فإن الله غفور رحيم .
- بخلاف غيبيات النبوة التي ترتقي بحالك من حال الغفلة إلى حال اليقظة القلبية .. وتزيد همتك وعزيمتك .. حينما تعلم أن الله غفور ورحيم وودود ومحب لك ويدخلك الجنة لو أحسنت وتبت ورجعت إلى الله .. ولك نار لو أصررت على العصيان والكفر والجحود .. وهكذا .. فكل هذه غيبيات .. ولكنها غيبيات معرفتها ترتقي بك كإنسان ليستقيم حالك في الحياة ..
 

**************************

 

..:: س124: كيف نفهم أن بعض الكهنة في زمن النبي قد عرف بظهور النبي في حين أنه يقال لا كهانة في زمن النبي صلى الله عليه وسلم ؟ ::..

 
- قد تقرأ في بعض كتب السيرة .. أن بعض الكهنة قد عرف بظهور النبي صلى الله عليه وسلم في الجزيرة العربية .. وهنا قد تستغرب فتقول كيف يحدث ذلك ومن المفترض أن الكهانة لا وجود لها في زمن النبي صلى الله عليه وسلم ؟!!
 
#- قلت (خالد صاحب الرسالة):
- أنت لم تنتبه لأمرين أخي الحبيب ..
1- الأمر الأول .. وهو أن الكهانة لم تنتهي في زمن النبي صلى الله عليه وسلم بمعنى أنه تم محوها .. ولكن بمعنى أنه لم يعد للروحاني الكاهن أو العراف معرفة شيئا من المعلومات ذو قيمة يستطيع أن يتحدى بها النبي صلى الله عليه وسلم .. ولذلك ترك الله الإستراق والخطف حسرة للشياطين وللكاهن على حد سواء .. فلا الشيطان يدرك شيئا مهما وقد يخسر حياته .. ولا الكاهن توصل إلى شيء يستطيع أن يتحدى به سوى أنه لازال يخسر آدميته باتباعه للشيطان ..!!
 
- ولذلك حينما تم سؤال النبي صلى الله عليه وسلم عن الكهان .. فقال عنهم (ليسوا بشيء) صحيح البخاري.. أي ليس كلامهم بشيء ذي بال ليهتم بهم أحد عاقل .. لأن كلامهم مخلوط بالباطل والكذب .. والعاقل لا يلتفت للباطل ولا للكذب ..!!
 
2- الأمر الثاني .. أن معرفة الروحانيين من الكهان والعرافين بأمور حدثت فعلا .. فهذا ليس باطلاع على الغيب المحظور معرفته .. لأنه شيء واقعي فعلا وقد حدث وعرفه البعض ولكن البعض الآخر لم يعرفه .. وهذا يسمى بغيب نسبي .. أي يعرفه البعض والبعض لا يعرفه .. ولكن أصبح موجودا فعلا في الوجود .. فلا استغراب حينئذ حينما تجد أحد يخبرك بشيء أنت لا تعرفه وتجده يحدث .. لأنه في الحقيقة هو حدث فعلا .. ولكن أنت الذي لا تعرفه ..
 
#- ويحضرني هنا قصة ..
- حيث قال لي البعض وكانت امرأة .. أنها صادفت أحد العرافين وأخبرها أن زوجها سيرسل لها مالا كثيرا قريبا جدا .. وثاني يوم وجدت فعلا أن زوجها أرسل لها مالا كثيرا جدا .. !!
 
- ولا وجه للإستغراب في الموضوع .. ليه ؟
- لأن الشيطان الملازم لهذه العرافة قد ذهب سريعا .. ليستخبر أحوال الزوج والأولاد ليعرف عنهم أخبارا بسرعة ليأتي بها للعراف الذي سيبهر بها هذه المرأة .. ولما ذهب الشيطان ليستعلم عن الزوج علم عنه أنه سيرسل مالا هدية لزوجته لأنه فعلا قد أعد ذلك وحضره وخصصه وبالتالي قرينه عرف ذلك .. وأخبر القرين بذلك شيطان العرافة .. ثم يذهب الشيطان للأولاد فيستفسر عنهم فيعرف مثلا أن أحد الأولاد على علاقة ببنت واسمها فلانه .. وهكذا .. فيرجع الشيطان بهذه الأخبار سريعا .. ليلقيها في أذن العراف ليخبر بها من يطلب العرافة .. ليبهره بما قاله ..
 
- والحقيقة أن كل ما سبق لا يصح أن تقول عنه غيبا وتسكت .. لا .. لأن قولك غيب فهذا يجعل العقل يربط بين معرفة العراف والغيب الإلهي .. بل يجب أن تضع الأمور في معانيها الصحيحة ليستقيم الفهم في العقل ..
 
- فما سبق في القصة لا يصح أن تقول عنه غيبا إلا لو قلت "غيب نسبي" .. أو تقول هي معلومة أنت لا تعرفها .. ولكنها خرجت في حيز التنفيذ وأظهرتها النفس فعلا في الواقع .. ولكن أنت لا تعرف .. وإنما غيرك يعرف .. وهذا تسميه غيب نسبي .. أي يعرفه غيرك وأنت لا تعرفه ..
 
- مثال ذلك: كالأصدقاء الذين يجهزون حفلة عيد ميلاد لصديق لهم وهو لا يعرف كنوع من المفاجأة له .. فلو عرف هذا الصديق بهذه المفاجأة له قبلها بأسبوع .. فهذا ليس بغيب .. لأن هذا شيء واقع في حيز التنفيذ فعلا لأن النفوس أظهرته فعلا ونطقت به .. وإن كان لازال لم يحدث في الواقع ..

*************************

 ..:: س125: هل ما يخبر بها الكهان من غيبيات حاليا إنما هو عما هو معلوم ولكن يجهله بعض الناس ؟ ::..

 
- قال البعض من الباحثين .. لم يتبقى من الكهانة إلا ما هو معلوم للبعض ويجهله الآخرون وأن ما يوجد اليوم من كلام الجن .. إنما هو ليس بكهانة .. وإنما هو خبر عما يرونه في الأرض مما لا نراه نحن كسرقة سارق أو خبيئة كنز مدفون أو ما شابه ذلك ..
 
#- قلت (خالد صاحب الرسالة):
- هذا الكلام المذكور غير صحيح على إطلاقه .. ليه ؟
1- لأن صاحب القول قد افترض أن الكهانة فقط هي التسمع على أخبار السماء بما قد يحدث .. ولكن الكهانة لها علاقة أيضا بمعرفة ما قد حدث وقد خفي سببه .. ويتم معرفته من خلال الجن والشياطين تلقينا لهذا الكاهن في أذنه .. ولذلك كثير من العلماء ساوى بين الكهانة والعرافة .. والبعض جعل الكهانة جزء أو نوع من العرافة ..
 
2- كيف يقول لم يتبقى من الكهانة إلا كذا وكذا .. في حين أنه قد انقطعت الكهانة حسب ما قال ؟!! كيف نجمع بين هذا التضارب القولي ؟!!
 
3- وما هي دلالة هذا الكلام الذي يقول بأن الكهانة انقطعت ..؟! في حين هي لازالت موجودة مرئية ومسموعة ومكتوبة على النت وغير النت .. بل ويوجد جماعة لهم تنبؤات وقد حدثت بعد موتهم بسنوات طويلة .. مثل نوستراداموس الفرنسي وغيره ..
 
- فلو انقطعت الكهانة كما يزعم البعض .. فكيف عرف البعض أحداث وأخبار تتحقق .. ولا أتكلم عما لا يتحقق وإنما أتكلم عما يتحقق .. كيف تحقق ؟!!
- الإجابة ببساطة .. لأن الكهانة لازالت موجودة ومستمرة إلى يوم القيامة .. لأنها جزء من فتنة بعض أهل الأرض .. 
 
4- وأخشى أن يكون الذي يقول في زماننا هذا بانتهاء الكهانة بعد زمن النبي .. فهو إما ناقل لكلام علماء سابقين ولم يفكر فيما ينقله .. !! أو هو شخص لا علاقة له بواقع زماننا وكأنه يعيش في كهف مظلم يحيط به الجهل من كل مكان ..!!
 

***********************

 

..:: س126: ما هي بعض الأكاذيب التي يتم تداولها على النت بخصوص الكهنة والعرافين ؟ ::..

 
- من الأكاذيب التي ينشرها من لا يتقي الله في المؤمنين .. هو إظهار أهل العرافة والتنجيم والكهانة وكأنهم يعرفون الغيب .. !!
 
- وأعطيك أمثلة على بيان كذب هؤلاء الذين ينشرون كلام المنجمين وتوقعاتهم دون أن يظهروا للناس كذبهم وأغلاطهم ..!!
 
- فمثلا العراف والمنجم والطبيب المشهور نوستراداموس الفرنسي .. من تنبؤاته المغلوطة .. التي كان يتم نشرها على سنة 2018 .. بأن الدولار سيضعف وينخفض لأسباب اقتصاديه ولكن هذا لم يحدث بل تقدم وارتفع كثيرا .. وذكر أنه في نفس العام سيكتشف البشر مدن غارقة في المحيطات .. ولم يحدث ذلك ..!!
 
- أما عن الجدة فانغا البلغارية .. فتجد الكثيرين على اليوتيوب ينشرون تنبؤاتها في حالة من الإندهاش والإستغراب .. وكأن كل ما تقوله هو حق ..!!
- ولا يظهرون أخطائها وأغلاطها .. مثل تنبؤها بأن أروبا ستختفي في عام 2016 .. وهذا لم يحدث .. وتنبأت في عام 2018 بمرض في مخ رئيس أمريكا وسيموت بسبب وهذا لم يحدث .. وتنبأت في نفس العام باغتيال رئيس روسيا وموته .. وهذا لم يحدث أيضا ..
 
#- فالذي أتعجب منه .. لماذا من ينشر تنبؤات هؤلاء العرافين .. لا ينشرون أغلاطهم إلا لو كانوا مؤمنون بهم وجحدوا تعاليم الله في وجوب إنكار هؤلاء وعدم تعظيم شأنهم ؟!!
 
- أم أن الأموال التي تأتيهم من اليوتيوب .. جعلتهم ينشرون أي شيء يحقق لهم مكاسب حتى ولو كان على حساب دينهم وفتنة الناس ..!!
 
- ولو كانوا ينشرون الصواب والخطأ لكان من الممكن أن يقال أنهم يذكرون الحقيقة كاملة .. ولكن اختصارهم على ذكر التنبؤات فقط .. دليل على إيمانهم بها ووجود رغبة في الترويج للكهانة والعرافة ونشرها بين الناس .. وإلا فلماذا لم يذكروا المغالطات التي نتجت من تنبؤات هؤلاء ؟!!
 
- فكيف هؤلاء الناس يأكلون هذه الأموال التي تأتيهم حينئذ من هذا اليوتيوب من خلال نشر هذه التنبؤات وهي معلومات مضللة وغير حقيقية في أكثرها ..!! بل وماذا سيقولون أمام الله حينما يسألهم لماذا كنت تروجون للعرافة والكهنة بنشر أقوالهم ؟!!
 
- فليتقي الله هؤلاء المروجون لنشر هذه التنبؤات .. لأن من ينشر فتنة .. فليعلم يقينا بأنها تمكنت منه أولا قبل أن ينشرها .. وبقدر نشرها بقدر ما يكون حجابها في قلبه ولها عائد من شرها فيمن يرعاهم في بيته .. فلا تظن أن تفتن الخلق ويتركك الخالق .. ولا تنسى قوله تعالى: (وَلْيَخْشَ الَّذِينَ لَوْ تَرَكُوا مِنْ خَلْفِهِمْ ذُرِّيَّةً ضِعَافًا خَافُوا عَلَيْهِمْ فَلْيَتَّقُوا اللَّهَ وَلْيَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا) النساء 9 ..
 
- فانتبه من فتنة أنت تنشرها .. تكن لك لعنة من حيث لا تحتسب .. وتظن أنك طيب الحال لم تؤذي أحدا .. وأنت من عصيان الله تكتسب ..!!

  *****************

..:: س127: هل هناك أدلة تشير إلى استمرار الكهانة حتى بعد زمن النبي صلى الله عليه وسلم ؟ ::..

- بعض من العلماء يقول بأن الكهانة لم يعد لها وجود .. منذ بعثة النبي صلى الله عليه وسلم وإلى يوم القيامة .. وقد أثبت عدم صحة هذا الرأي في فصول سابقة (راجع الفصل التاسع عشر ما بعده) .. إلا أنه لا مانع من زيادة بيان لمزيد من الأدلة التي تشير إلى استمرار زمن الكهانة حتى بعد زمن النبي صلى الله عليه وسلم ..

#- فمن هذه الأدلة:

1- قول النبي صلى الله عليه وسلم: (ليس منا من تطيَّرَ أو تُطيِّر له أو تَكَهَّن أو تُكهِّن له أو سَحَر أو سُحِر له ومَن عقد عقدةً أو قال عقدَ عقدةً ومَن أتَى كاهنًا فصدَّقه بما قال فقد كفر بما أُنزِلَ على محمدٍ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم) رواه البزار .. وقال الهيثمي:  رجاله رجال الصحيح خلا إسحاق بن الربيع وهو ثقة .. وقال الألباني في صحيح الترغيب بأنه صحيح لغيره .

- وهذا الحديث يدل على إمكانية حدوث الكهانة .. وإلا فكيف ينهى النبي عن شيء ليس له وجود ولا يمكن حدوثه أو الوصول إليه من أساسه طالما قد امتنع نهائيا ؟!!

- ولكن يفهم من معنى كلام النبي هو إمكانية حدوثه فعلا .. مثل التطير والسحر .. ولكن كل شيء بقدر ما يسمح به الله .. !!
 
2- قول النبي صلى الله عليه وسلم: (قال رسولُ الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : مَنْ أَتى عَرَّافاً أَوْ كاهِناً فَصدَّقَهُ بِما يقولُ؛ فقد كَفَر بِما أُنْزِلَ على مُحمَّدٍ) رواه الحاكم .. وقال: هذا حديث صحيح على شرطهما جميعا من حديث بن سيرين ولم يخرجاه ..

- فلو كان لا وجود للكهانة .. ولا قدرة للشياطين على استراق السمع وخطفه .. فكيف نهي النبي صلى الله عليه وسلم عن اتيان العراف والكهان .. لأنه حينئذ أصبح لا وجود لهم ولا مهنة لهم .. وبالتالي لا تلقين لهم من الشياطين ؟!!

- ولكن الواقع يقول بخلاف ذلك ..!!
 
- وخلاصة القول .. أنه كيف يكون هناك حكم شرعي مستمر على شيء لا وجود له .. لو كانت الكهانة انتهت ؟!!
- ولكن وجود الكاهن واستمراره أثبت وجود الحكم الشرعي واستمراره أيضا ..  

3- انتهاء زمن الكهانة كما يقول البعض .. يناقض الواقع الذي نعيشه في زماننا بل وفي كل زمن سابق .. حيث دائما كان يوجد كاهن يتنبأ بالمستقبل .. فكيف يفسر أصحاب هذا الرأي القائل بانتهاء الكهانة مع وجود التكهنات التي لا حصر لها في زماننا ويوميا ..!!

4- انتهاء زمن الكهانة كما يقول البعض .. يجعلنا نلغي حكم الحديث النبوي الذي جاء فيه: (مَنْ أَتى عَرَّافاً أَوْ كاهِناً فَصدَّقَهُ بِما يقولُ؛ فقد كَفَر بِما أُنْزِلَ على مُحمَّدٍ) ..!!

- ولكن هذا لا يعقل أن يتم نفي صفة الكفر عن طالب التنبؤ بالغيب 

إن كان مصدقا للعراف .. لأن بعض بعض العلماء يقول أن الكهانة انتهت ولا وجود لها .. ونلغي حكم شرعي ونمحو حديث نبوي لأنه هذا كان رأي بعض العلماء ..!!

- هذا رأيي والله أعلم .

***********************

يتبع إن شاء الله تعالى

*****************

والله أعلم

اللهم صل على سيدنا محمد وعلى آله وسلم

هذه الرسالة مصدرها - مدونة الروحانيات فى الاسلام -  ولا يحق لأحد نقل أي موضوع من مواضيع أو كتب أو رسائل المدونة .. إلا بإذن كتابي من صاحب المدونة - ا/ خالد أبوعوف .. ومن ينقل موضوع من المدونة أو جزء منه (من باب مشاركة الخير مع الآخرين) فعليه بالإشارة إلى مصدر الموضوع وكاتبه الحقيقي .. ولا يحق لأحد بالنسخ أو الطباعة إلا بإذن كتابي من الأستاذ / خالد أبوعوف .. صاحب الموضوعات والرسائل العلمية .