ج15: رسالة الغيب والعرافين والمنجمين - هل كان يتم رمي الجن والشياطين بالشهب قبل بعثة النبي صلى الله عليه وسلم - ما الرأي الصائب في مسألة الرمي بالشهب قبل زمن النبي صلى الله عليه وسلم - كيف يمكن الجمع بين روايات الحديث المتناقضة لبعضها البعض في رمي الشهب أو عدم رميها قبل البعثة النبوية - ما هي خلاصة القول في سماع الجن والشياطين للغيبيات ورميهم بالشهب قبل البعثة النبوية

     بسم الله الرحمن الرحيم

رسالة

"الغيب والعرافة والكهانة"

والفرق بين الكرامة والإهانة

 (الجزء الخامس عشر)

* فهرس:

:: الفصل الخامس عشر:: عن رمي الجن والشيطان بالشهب قبل البعثة النبوية ::
1- س80: هل كان يتم رمي الجن والشياطين بالشهب قبل بعثة النبي صلى الله عليه وسلم ؟
2- س81: ما الرأي الصائب في مسألة الرمي بالشهب قبل زمن النبي صلى الله عليه وسلم ؟ وإشارة في قوله (يقذفون من كل جانب) .

3- س82: كيف يمكن الجمع بين روايات الحديث المتناقضة لبعضها البعض في رمي الشهب أو عدم رميها قبل البعثة النبوية ؟
4- س83: ما هي خلاصة القول في سماع الجن والشياطين للغيبيات ورميهم بالشهب قبل البعثة النبوية ؟

********************

:: الفصل الخامس عشر ::

:: عن رمي الجن والشيطان بالشهب قبل البعثة النبوية ::

*********************

(قبل البعثة النبوية – وفيما يتعلق برمي الشهب)

..:: س80: هل كان يتم رمي الجن والشياطين بالشهب قبل بعثة النبي صلى الله عليه وسلم ؟ ::..

 
- كان الإستماع من الجن والشياطين لخبر السماء قبل بعثة النبي صلى الله عليه وسلم كان جائزا لهم ويحدث فعلا .. من حيث معرفة أخبار بعض الناس أو أخبار حوادث في الحياة بصفة عامة .. ولكن مع المنع التام والكلي لسماع شيء من الوحي الإلهي الذي يكون للأنبياء والرسل ..
 
- ولكن هنا يظهر سؤال وهو .. هل هذا السماع للغيبيات قبل بعثة النبي .. هل كان له رمي بالشهب أم ليس له رمي بالشهب ؟!!
 
- وقد حدث اختلاف بين العلماء في هذه الجزئية قبل بعثة النبي .. فبعض العلماء قالوا لم يحدث رجم بالشهب .. والبعض قال بوجود رجم للشهب ولكن قلما ما كان يحدث ذلك .. وإليك بيان هذه الآراء وأدلتهم في ذلك ..
 
#- أولا: الرأي الأول .. أنه لم يكن هناك رمي بالشهب قبل بعثة النبي .. ودليل ذلك:
1- قوله تعالى: (وَأَنَّا لَمَسْنَا السَّمَاءَ فَوَجَدْنَاهَا مُلِئَتْ حَرَسًا شَدِيدًا وَشُهُبًا (8) وَأَنَّا كُنَّا نَقْعُدُ مِنْهَا مَقَاعِدَ لِلسَّمْعِ فَمَنْ يَسْتَمِعِ الْآنَ يَجِدْ لَهُ شِهَابًا رَصَدًا) الجن8-9.
                                              
- وفي ذلك دلالة واضحة أنه قبل بعثة النبي صلى الله عليه وسلم .. كان من الممكن لبعض الجن أن يستمعوا لبعض المعلومات الغيبية ودون أن يصيبهم عقاب في ذلك .. (وسيتم الرد على هذا الكلام في الرأي الثاني) ..
 
- فقولهم (يَجِدْ لَهُ شِهَابًا رَصَدًا): قد يحمل فيه دلالة على أنه لم يكون موجود مثل هذا العقاب قبل بعثة النبي وإنما ظهر وقت ظهور النبي وإعلان أنه رسول الله .. (وسيتم الرد على هذا الكلام في الرأي الثاني) ..
 
2- في رواية لابن عباس قال: (كانَ الجنُّ يصعدونَ إلى السَّماءِ يستمعونَ الوحيَ فإذا سمِعوا الكلمةَ زادوا فيها تسعًا فأمَّا الكلمةُ فتَكونُ حقًّا وأمَّا ما زادوهُ فيَكونُ باطلًا .. فلمَّا بعثَ رسولُ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليْهِ وسلَّمَ مُنِعوا مقاعدَهم فذَكروا ذلِكَ لإبليسَ ولم تَكنِ النُّجومُ يُرمَى بِها قبلَ ذلِكَ .. فقالَ لَهم إبليسُ ما هذا إلَّا من أمرٍ قد حدثَ في الأرضِ .. فبعثَ جنودَهُ .. فوجدوا رسولَ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليْهِ وسلَّمَ قائمًا يصلِّي بينَ جبلينِ .. أُراهُ قالَ بمَكَّةَ .. فلقوهُ فأخبروهُ هذا الحدثُ الَّذي حدثَ في الأرضِ) صحيح الترمذي.
 
- قوله (أُراه قال بمكة): أي قال الترمذي مخرج الحديث .. أن أحد الرواة يظنه قد قال لفظ (بمكة) بعد كلمة (جبلين) .. والله أعلم .
- قوله (فلقوه فأخبروه): أي فتلاقى جنود إبليس معه فأخبروه بما حدث ..
- قوله (ولم تَكنِ النُّجومُ يُرمَى بِها قبلَ ذلِكَ): فيه دلالة على أنه لم يكن يوجد عقاب يحدث لمسترق السمع من عالم الجن والشياطين .. (وسيتم الرد على هذا الكلام في الرأي الثاني) ..
 
#- وفي رواية لابن عباس بلفظ: (كَانَ الْجِنُّ يَسْمَعُونَ الْوَحْيَ فَيَسْتَمِعُونَ الْكَلِمَةَ فَيَزِيدُونَ فِيهَا عَشْرًا، فَيَكُونُ مَا سَمِعُوا حَقًّا، وَمَا زَادُوهُ بَاطِلًا، وَكَانَتِ النُّجُومُ لَا يُرْمَى بِهَا قَبْلَ ذَلِكَ، فَلَمَّا بُعِثَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ أَحَدُهُمْ لَا يَأْتِي مَقْعَدَهُ إِلا رُمِيَ بِشِهَابٍ يُحْرِقُ مَا أَصَابَ، فَشَكَوْا ذَلِكَ إِلَى إِبْلِيسَ، فَقَالَ: مَا هَذَا إِلا مِنْ أَمْرٍ قَدْ حَدَثَ فَبَثَّ جُنُودَهُ، فَإِذَا هُمْ بِالنَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يُصَلِّي بَيْنَ جَبَلَيْ نَخْلَةَ، فَأَتَوْهُ فَأَخْبَرُوهُ، فَقَالَ: هَذَا الْحَدَثُ الَّذِي حَدَثَ فِي الْأَرْضِ) رواه أحمد .. وقال الأرنؤوط: إسناده صحيح على شرط الشيخين .
 
- قوله (كَانَ الْجِنُّ يَسْمَعُونَ الْوَحْيَ): أي ما يوحي الله بها لملائكة من تنفيذ أوامره في الكون .. وليس المقصود به الوحي الإلهي المرسل للأنبياء والرسل .. فانتبه ..!!
- قوله (جبلي نخلة): "نخلة" هو مكان بمكة .
- قوله (وَكَانَتِ النُّجُومُ لَا يُرْمَى بِهَا قَبْلَ ذَلِكَ): فيه دلالة على أن الشهب لم تكن نوعا من العقاب قبل بعثة النبي صلى الله عليه وسلم ..!!
 
#- وفي رواية أخرى لابن عباس بلفظ: (كَانَتْ لِلشَّيَاطِينِ مَقَاعِدُ فِي السَّمَاءِ، فَكَانُوا يَسْتَمِعُونَ الْوَحْيَ، وَكَانَتِ النُّجُومُ لَا تَجْرِي، وَكَانَتِ الشَّيَاطِينُ لَا تُرْمَى، قَالَ: فَإِذَا سَمِعُوا الْوَحْيَ، نَزَلُوا إِلَى الْأَرْضِ، فَزَادُوا فِي الْكَلِمَةِ تِسْعًا، فَلَمَّا بُعِثَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، جَعَلَ الشَّيْطَانُ إِذَا قَعَدَ مَقْعَدَهُ، جَاءَهُ شِهَابٌ فَلَمْ يَخْطُهُ حَتَّى يُحْرِقَهُ .. قَالَ: فَشَكَوْا ذَلِكَ إِلَى إِبْلِيسَ، فَقَالَ: مَا هَذَا إِلا مِنْ حَدَثٍ حَدَثَ. قَالَ: فَبَثَّ جُنُودَهُ، قَالَ: " فَإِذَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَائِمٌ يُصَلِّي بَيْنَ جَبَلَيْ نَخْلَةَ "، قَالَ: فَرَجَعُوا إِلَى إِبْلِيسَ، فَأَخْبَرُوهُ، قَالَ: فَقَالَ: هُوَ الَّذِي حَدَثَ) رواه أحمد والطبري في تفسيره .. وقال الأرنؤوط في تخريج المسند: إسناده حسن.
 
- قوله (فلم تخطه): أي فلم تخطئه وتصيبه إصابه مباشرة فتقتله أو تصيبه حرقا ..

- قوله (وَكَانَتِ النُّجُومُ لَا تَجْرِي، وَكَانَتِ الشَّيَاطِينُ لَا تُرْمَى): فيه دلالة من ظاهر اللفظ أنه لم يكن يوجد عقاب بالشهب قبل بعثة النبي صلى الله عليه وسلم .. 

#- وفي رواية أخرى بلفظ: (فَلَمَّا بُعِثَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُنِعُوا مَقَاعِدَهُمْ، فَذَكَرُوا ذَلِكَ لِإِبْلِيسَ، وَلَمْ تَكُنِ النُّجُومُ يُرْمَى بِهَا قَبْلَ ذَلِكَ ...) رواه الطبري في تفسيره .. بإسناد حسن.

- قوله (وَلَمْ تَكُنِ النُّجُومُ يُرْمَى بِهَا قَبْلَ ذَلِكَ): فيه دلالة من ظاهر اللفظ أن الرمي بالشهب لم يكن له وجود قبل بعثة النبي صلى الله عليه وسلم ..

#- ثانيا: الرأي الثاني .. أن الرمي بالشهب كان موجود قبل بعثة النبي .. ودليل ذلك:

1- يقول تعالى: (وَلَقَدْ جَعَلْنَا فِي السَّمَاءِ بُرُوجًا وَزَيَّنَّاهَا لِلنَّاظِرِينَ (16) وَحَفِظْنَاهَا مِنْ كُلِّ شَيْطَانٍ رَجِيمٍ (17) إِلَّا مَنِ اسْتَرَقَ السَّمْعَ فَأَتْبَعَهُ شِهَابٌ مُبِينٌ) الحجر16-18..
 
- قوله (إِلَّا مَنِ اسْتَرَقَ السَّمْعَ فَأَتْبَعَهُ شِهَابٌ مُبِينٌ): فيه دلالة على أنه عند استراق السمع كان يتم قذفه بالشهب ..!!
 
2- وكذلك الذين قالوا بأن الشهب كانت موجودة قبل بعثة النبي .. استندوا في ذلك لقوله: (لَمَسْنَا السَّمَاءَ فَوَجَدْنَاهَا مُلِئَتْ حَرَسًا شَدِيدًا وَشُهُبًا) الجن8 .. فمعنى أن الحراسة زادت فهذا معناه أنه كانت توجد حراسة ولكن ليست كما حدث وقت بعثة النبي صلى الله عليه وسلم .. وبالتالي لا يمتنع زيادة الشهب بكثرة أيضا .. حيث أن لفظ (مُلئت) فيه دلالة على الإستكثار من عنصري الحراسة والشهب ..

- بل أن كلمة (رصدا) ترشدنا إلى أن الشهب كأنها تم برمجتها وتكليفها بمراقبة جوانب السماء حتى إذا استشعرت بأي حركة من الشياطين فإنها تنطلق ذاتيا تجاهه .. لتكون مجهزة بالإحساس بأي حركة في السماء فتنطلق ذاتيا تجاه الهدف لتصيبه .
 
- ودعني أعطيك مثلا في ذلك من واقعنا .. إذا كان في مكان ما مثل منشأة مهمة مبنى سفارة دولة .. وكان يوجد حراسة على الباب الأمامي وكاميرات مراقبة على الباب الأمامي ويوجد أسلحة أتوماتيكية التي تتعرف على الحركات من بعيد وتصيب الهدف على السور الأمامي على البوابة .. فعند ظهور تهديد بسرقة أسرار هذه المنشأة فهم يقومون بوضع حراسات مشددة على كل الجهات أو الجوانب المحيطة بالسفارة ووضع الكاميرات والأسلحة الأتوماتيكية كذلك في كل الجهات احترازا مما قد يحدث .. حتى يتم تأمين المكان بشكل كامل ..
 
3- وكذلك استند من قالوا بأنه كان يوجد شهب قبل البعثة النبوية .. برواية الحديث عن عبد الله بن عباس قال: (أَخْبَرَنِي رَجُلٌ مِن أَصْحَابِ النبيِّ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ مِنَ الأنْصَارِ، أنَّهُمْ بيْنَما هُمْ جُلُوسٌ لَيْلَةً مع رَسولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ رُمِيَ بنَجْمٍ فَاسْتَنَارَ، فَقالَ لهمْ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ: مَاذَا كُنْتُمْ تَقُولونَ في الجَاهِلِيَّةِ، إذَا رُمِيَ بمِثْلِ هذا؟ قالوا: اللَّهُ وَرَسولُهُ أَعْلَمُ، كُنَّا نَقُولُ وُلِدَ اللَّيْلَةَ رَجُلٌ عَظِيمٌ، وَمَاتَ رَجُلٌ عَظِيمٌ، فَقالَ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ: فإنَّهَا لا يُرْمَى بهَا لِمَوْتِ أَحَدٍ وَلَا لِحَيَاتِهِ، وَلَكِنْ رَبُّنَا تَبَارَكَ وَتَعَالَى اسْمُهُ، إذَا قَضَى أَمْرًا سَبَّحَ حَمَلَةُ العَرْشِ، ثُمَّ سَبَّحَ أَهْلُ السَّمَاءِ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ، حتَّى يَبْلُغَ التَّسْبِيحُ أَهْلَ هذِه السَّمَاءِ الدُّنْيَا، ثُمَّ قالَ: الَّذِينَ يَلُونَ حَمَلَةَ العَرْشِ لِحَمَلَةِ العَرْشِ: مَاذَا قالَ رَبُّكُمْ؟ فيُخْبِرُونَهُمْ مَاذَا قالَ: قالَ فَيَسْتَخْبِرُ بَعْضُ أَهْلِ السَّمَوَاتِ بَعْضًا، حتَّى يَبْلُغَ الخَبَرُ هذِه السَّمَاءَ الدُّنْيَا، فَتَخْطَفُ الجِنُّ السَّمْعَ فَيَقْذِفُونَ إلى أَوْلِيَائِهِمْ، وَيُرْمَوْنَ به، فَما جَاؤُوا به علَى وَجْهِهِ فَهو حَقٌّ، وَلَكِنَّهُمْ يَقْرِفُونَ فيه وَيَزِيدُونَ) صحيح مسلم.
 
#- وقوله (مَاذَا كُنْتُمْ تَقُولونَ في الجَاهِلِيَّةِ إذَا رُمِيَ بمِثْلِ هذا؟): فيه دلالة على أن القذف كان يحدث قبل زمن النبي صلى الله عليه وسلم .
- قوله (يرمون به): أي يرمون بنجم ويقصد به الشهب .. لتشابههم في الإضاءة ..

- انتبه: إلى أن والذي قال كلمة (نجم) هو توصيف الصحابي لما حدث أثناء مجالستهم للنبي ليلا فحدث ما حدث .. وليس النبي صلى الله عليه وسلم هو من قال أن هناك نجم تم رميه .. فانتبه ..!!
- وقوله (يرمون به) فيه دلالة أيضا على أنه كان يتم رميهم بالشهب قبل البعثة النبوية .. لأن الكلام في الحديث عما كان يحدث في الجاهلية قبل البعثة النبوية ..
- قوله (يقرفون فيه) أي يخلطونه بالكذب ..
 
- ومثل هذه الرواية التي رواها الإمام مسلم .. قد ذكرها بن اسحاق في سيرته كاملة .. إلا أن رواية بن اسحاق جاء في آخرها زيادة وهي: (فَانْقَطَعَتْ الْكِهَانَةُ الْيَوْمَ فَلَا كِهَانَةَ) رواه بن اسحاق في سيرته بسنده وهو صحيح.. إلا أن بن اسحاق لم يصرح بالسماع من الإمام الزهري .. فأخشى أن يكون هذا الجزء من الرواية فيه ضعف – والله أعلم .. خاصة وأن الرواية التي تم التصريح فيها بالسماع عند البيهقي لم يأتي فيها هذا الجزء الأخير أيضا وعند بن حبان كذلك لا يوجد هذا الجزء الأخير .. ولعل هذا الجزء تم إضافته من بعض الرواة كتوضيح لما فهمه من الرواية وتم إلحاقه في الرواية بالخطأ .. والله أعلم .. !!
 
#- وخلاصة القول لأصحاب هذا الرأي .. الذي يقول بأن الشهب كان يتم الرمي بها قبل بعثة النبي صلى الله عليه وسلم:
1- قالوا بأن الروايات التي تدل على نفي وجود رجم للشياطين بالشهب .. إنما تدل على الكثرة وليس نفي بالكلية .. أي لم يكن يرمى بها بكثرة .. أي أن النفي يتعلق بكثرة الرمي وليس المقصد أن الرمي لم يكن موجودا من أساسه .. بل كان موجودا ولكن قلما يحدث لهم ذلك .. !!
 
2- وسبب قول كثير من العلماء بهذا الرأي .. حتى يجمعوا بين الروايات ولا يظهر تعارض بينها .. حيث أن الرواية الأولى لابن عباس تقول بأنه لم يكن هناك رمي بالشهب قبل بعثة النبي .. ولكن الرواية الثانية تقول بأنه كان هناك رمي بالشهب قبل بعثة النبي .. !!
 

********************************

(قبل البعثة النبوية – وفيما يتعلق برمي الشهب)

..:: س81: ما الرأي الصائب في مسألة الرمي بالشهب قبل زمن النبي صلى الله عليه وسلم ؟ ::..

وإشارة في قوله (يقذفون من كل جانب) .

#- قلت (خالد صاحب الرسالة):
- لعل قول العلماء بوجود شهب سابقة وإن كان قلما يحدث ذلك .. أي نفي كثرة الفعل وليس نفي الفعل كليا .. فهذا الرأي وجدت فيه شيء من الصواب بعد أن كنت لا أميل إليه .. وإليك أسبابي في تصويب صحة هذا القول ..
 
#- أولا: من خلال الآية التي استدلوا بها .. حيث وجدت الآتي بعد أن تأملتها ..
1- قولهم (مُلئت): فكانت زيادة الحراسة قد ماثلها زيادة في الشهب أيضا .. بدليل قوله (مُلئت) أي مٌلئت حرسا ومُلئت شهبا ..
 
2- قولهم (حرسا شديدا): هو وصف زائد عما كان من قبل البعثة .. فإذا كان يوجد حراسة من قبل إلا أنها الآن حراسة مشددة وقد تضاعف عددها بما لم يعد لهم فيه مقاعد للسمع كما كان من قبل ..
 
3- وقولهم (حرسا - شهبا): التنكير والتنوين في الكلمة يفيد الكثرة وتعظيم الشأن من هذه الحراسة والشهب .. وكأنه قد تم عمل تطوير لأسلوب هذه الحراسة والشهب .. حيث لم تعد حراسة عادية ولم تعد الشهب مجرد شهب عادية كالتي كانت موجودة قبل بعثة النبي صلى الله عليه وسلم .. وإنما شهب مخصصه ومرصودة بالمراقبة لمن يسعى إلى خطف معلومات غيبية من السماء .
 
4- ولذلك فإن استغراب الجن لما شاهدوه في السماء بسبب منعهم المفاجئ .. إنما استغراب يتعلق بما زاد من حراسة لمنع السمع مطلقا بل وزيادة في قدرة وقوة الشهب أيضا عما كان عليه الأمر من قبل البعثة النبوية .. وذلك لمن يحاول يستمع ويخطف أي معلومة .. وليس الإستغراب منهم بوجود ما لم يكن موجودا أصلا .. لا .. بل كان موجود ولكن ليس بهذه الصورة المرعبة ..!!
 
5- ويكون قوله (يجد له شهابا رصدا): لا يتم فهمه على أنه لم يوجد مسبقا (كما عند أصحاب الرأي الأول) .. وإنما يتم فهمه على أنه محمول على كل مقاعد السمع من كل جانب في السماء كما في قوله (لَا يَسَّمَّعُونَ إِلَى الْمَلَإِ الْأَعْلَى وَيُقْذَفُونَ مِنْ كُلِّ جَانِبٍ) الصافات8 .. ولذلك قبل بعثة النبي صلى الله عليه وسلم كان لا يجدون أحيانا في أحد الجوانب التي يستمعون منها رميا بالشهب .. ولكن بعد بعثة النبي فلم يعد مسموح لهم بالجلوس في أي جانب .. والله أعلم .
 
#- إشارة لفتت انتباهي بخصوص (جوانب السماء):
- ولعل المقصود بالجانب في السماء .. هو أن لكل جانب في السماء مصدر وحي خاص به يتم التلقين فيه للملائكة .. ففي جانب ما في السماء يتم تلقين ما يتعلق بالرزق .. وفي جانب آخر يتم تلقين ما يتعلق بالموت .. وفي جانب آخر يتم تلقين ما يتعلق بتدبير الأمور الفلكية كالمطر وغيره ..
 
- والذي أقصد قوله مما سبق .. أن كل جانب في السماء له إمداد يتعلق بمفاتيح الغيب الخمسة التي سبق الكلام عنها .. وكأن في السماء خمسة جوانب .. وكل جانب له إمداد خاص به .. ولم يكن دائما يتم منع الجن من الاستماع طالما لم يأذن الله بحدوث ذلك .. ومن كان يتجرأ ويتعمد القعود في مكان غير مسموح له بالقعود فيه فيتم طرد بالشهب لإبعاده .. وهذا طرد للإبعاد .. وكان يحدث وإنما قليل .. والأكثر هو كان يوجد أماكن للجن والشياطين للاستماع منها لغيبيات السماء .. بدليل أن للجن كان مقاعد للسمع وكلمة (مقاعد) تدل على التمكن والاستقرار من المكان .. والله أعلم .
 
- ملحوظة مهمة: قوله (مقاعد للسمع) ليس معناه أنهم كانوا يسمعوا شيئا دائما .. وإنما قد يسمعوا وقد لا يسمعوا .. فهذا حسب تقدير الله لما يريدهم أن سمعوه .. فانتبه ..!!

#- ثانيا: أما عن استدلال أصحاب هذا الرأي القائل بأن الشهب كان يتم الرمي بها قبل البعثة .. بقول تعالى: (وَلَقَدْ جَعَلْنَا فِي السَّمَاءِ بُرُوجًا وَزَيَّنَّاهَا لِلنَّاظِرِينَ (16) وَحَفِظْنَاهَا مِنْ كُلِّ شَيْطَانٍ رَجِيمٍ (17) إِلَّا مَنِ اسْتَرَقَ السَّمْعَ فَأَتْبَعَهُ شِهَابٌ مُبِينٌ) الحجر16-18 ..
 
- فقد يعترض أحد فيقول أن هذا الاستدلال السابق بآيات سورة الحجر .. قد يتم الرد عليه بأنه يقال إنما حدث ذلك عند بعثة النبي صلى الله عليه وسلم وليس قبل ذلك .. بدليل أنهم كانت لهم مقاعد للسمع يسمعون منها الأخبار بدليل قوله تعالى: (وَأَنَّا كُنَّا نَقْعُدُ مِنْهَا مَقَاعِدَ لِلسَّمْعِ فَمَنْ يَسْتَمِعِ الْآنَ يَجِدْ لَهُ شِهَابًا رَصَدًا) الجن9.. وقوله (الآن) فيه دلالة على أنه قبل ذلك لم يكن هذا الرصد من الشهب متواجد كما هو حدث في زمن النبي صلى الله عليه وسلم ..
 
- وهذا الاعتراض ليس في محله .. لأنه حتى ولو كانت الآيات تتكلم عن زمن بعثة النبي .. فهذا لا ينفي وجود رمي بالشهب قبل ذلك .. لأن قوله تعالى في سورة الجن (مُلئت حرسا شديدا وشهبا) فيه دلالة واضحة على ان الحراسة والشهب كانت موجودة ولكنها زادت بعد بعثة النبي ..
 
- أما عن اعتراضهم بقوله (فَمَنْ يَسْتَمِعِ الْآنَ) .. فهذا لا دليل على نفي وجود الرمي بالشهب قبل بعثة النبي صلى الله عليه وسلم .. وإنما كان يوجد وليس بالقدر الذي تم منع منه الشياطين مطلقا من مقاعد السمع بعد بعثة النبي صلى الله عليه وسلم .. كما يقال أنه يوجد الآن نظام حماية لكافة حدود أو جوانب السماء بخلاف ما سبق كان يوجد حماية جانب دون آخر .. 
- والله أعلم .

 
#- ثالثا: أما عن الحديث التي جاء فيها أن الشياطين كانت ترمى بالشهب قبل البعثة النبوية .. وهو ما جاء في رواية الإمام مسلم .. والتي جاء فيها (مَاذَا كُنْتُمْ تَقُولونَ في الجَاهِلِيَّةِ إذَا رُمِيَ بمِثْلِ هذا؟) .. فهذه حجة قوية لمن يثبت وجود الشهب قبل البعثة النبوية بإلقائها على الشياطين ..
 
- ولكن نجد أصحاب الرأي القائل بأنه لم يكن يتم الرمي بالشهب قبل البعثة النبوية .. لا يستطيعوا التوفيق الجمع بين روايات الحديث .. ولا يستطيعوا التوفيق بين الروايات القائلة بأنه لم يكن هناك رمي بالشهب وبين الآيات التي في سورة الحجر والصافات ..!!
- هذا والله أعلم ..

 
# وخلاصة القول فيما سبق:
1- الرأي الصائب إن شاء الله هو أن الشهب كانت يتم رميها قبل البعثة النبوية .. ولكن ليست بهذه الصورة المرعبة التي أفزعت الجن حينما تم بعثة النبي صلى الله عليه وسلم ..
 
2- ولعل كانت الشهب تحمي جانب معين من السماء يمتنع الجن فيه من سماع الغيبيات .. ولكن لما تم بعث النبي صلى الله عليه وسلم تم حماية جميع جوانب السماء من سماع الغيب .. وتم شرح المقصود من الجوانب في إشارة ظهرت لي فارجع إليها.
 
3- أصحاب الرأي القائل بأنه لم يكن هناك رمي بالشهب قبل البعثة .. لا يستطيعوا التوفيق بين الرواية التي قالت بعدم رمي الشهب قبل البعثة .. وبين رواية الإمام مسلم التي تقول بعكس ذلك ..
 

****************************

 

(قبل البعثة النبوية – وفيما يتعلق برمي الشهب)

..:: س82: كيف يمكن الجمع بين روايات الحديث المتناقضة لبعضها البعض في رمي الشهب أو عدم رميها قبل البعثة النبوية ؟ ::..

 
- قد يظهر للبعض أن هناك تعارض بين روايات الحديث خاصة التي تم روايتها عن بن عباس رضي الله عنه ..
 
- فحديث يقول: لم يكن يتم رمي الشياطين بالنجوم من قبل البعثة النبوية .. وهو ما رواه الترمذي وأحمد والطبري وغيرهم ..

- والحديث الآخر يقول: كان يتم رمي الشياطين بالشهب قبل البعثة النبوية .. وهو ما رواه مسلم وبن حبان وبن اسحاق في سيرته .

- وكلا الحديثين صحيح السند .. فكيف نجمع حينئذ بين هذا التعارض والتناقض بين الروايات بالرغم من صحة السند ؟!!
 
#- قلت (خالد صاحب الرسالة):
- أولا: نتعرف على الروايات ..
1- الرواية الأولى .. والتي جاء فيها أنه كان يوجد رمي بالشهب على الشياطين قبل البعثة النبوية .. فعن عبد الله بن عباس قال: (أَخْبَرَنِي رَجُلٌ مِن أَصْحَابِ النبيِّ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ مِنَ الأنْصَارِ، أنَّهُمْ بيْنَما هُمْ جُلُوسٌ لَيْلَةً مع رَسولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ رُمِيَ بنَجْمٍ فَاسْتَنَارَ، فَقالَ لهمْ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ: مَاذَا كُنْتُمْ تَقُولونَ في الجَاهِلِيَّةِ، إذَا رُمِيَ بمِثْلِ هذا؟ قالوا: اللَّهُ وَرَسولُهُ أَعْلَمُ، كُنَّا نَقُولُ وُلِدَ اللَّيْلَةَ رَجُلٌ عَظِيمٌ، وَمَاتَ رَجُلٌ عَظِيمٌ، فَقالَ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ: فإنَّهَا لا يُرْمَى بهَا لِمَوْتِ أَحَدٍ وَلَا لِحَيَاتِهِ، وَلَكِنْ رَبُّنَا تَبَارَكَ وَتَعَالَى اسْمُهُ، إذَا قَضَى أَمْرًا سَبَّحَ حَمَلَةُ العَرْشِ، ثُمَّ سَبَّحَ أَهْلُ السَّمَاءِ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ، حتَّى يَبْلُغَ التَّسْبِيحُ أَهْلَ هذِه السَّمَاءِ الدُّنْيَا، ثُمَّ قالَ: الَّذِينَ يَلُونَ حَمَلَةَ العَرْشِ لِحَمَلَةِ العَرْشِ: مَاذَا قالَ رَبُّكُمْ؟ فيُخْبِرُونَهُمْ مَاذَا قالَ: قالَ فَيَسْتَخْبِرُ بَعْضُ أَهْلِ السَّمَوَاتِ بَعْضًا، حتَّى يَبْلُغَ الخَبَرُ هذِه السَّمَاءَ الدُّنْيَا، فَتَخْطَفُ الجِنُّ السَّمْعَ فَيَقْذِفُونَ إلى أَوْلِيَائِهِمْ، وَيُرْمَوْنَ به، فَما جَاؤُوا به علَى وَجْهِهِ فَهو حَقٌّ، وَلَكِنَّهُمْ يَقْرِفُونَ فيه وَيَزِيدُونَ) صحيح مسلم.
 
2- الرواية الثانية .. والتي تقول أنه لم يكن يوجد رمي بالشهب قبل البعثة النبوية .. فعن بن عباس قال: (كانَ الجنُّ يصعدونَ إلى السَّماءِ يستمعونَ الوحيَ فإذا سمِعوا الكلمةَ زادوا فيها تسعًا فأمَّا الكلمةُ فتَكونُ حقًّا وأمَّا ما زادوهُ فيَكونُ باطلًا .. فلمَّا بعثَ رسولُ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليْهِ وسلَّمَ مُنِعوا مقاعدَهم فذَكروا ذلِكَ لإبليسَ ولم تَكنِ النُّجومُ يُرمَى بِها قبلَ ذلِكَ .. فقالَ لَهم إبليسُ ما هذا إلَّا من أمرٍ قد حدثَ في الأرضِ .. فبعثَ جنودَهُ .. فوجدوا رسولَ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليْهِ وسلَّمَ قائمًا يصلِّي بينَ جبلينِ .. أُراهُ قالَ بمَكَّةَ .. فلقوهُ فأخبروهُ هذا الحدثُ الَّذي حدثَ في الأرضِ) صحيح الترمذي.
 
#- ثانيا: كيف نحل هذا التعارض ؟
1- الحديث الأول .. يظل كما هو على حاله لأنه الأصل المعتمد في أنه كان يوجد رمي بالشهب قبل البعثة النبوية .. لأن هذا من كلام النبي صلى الله عليه وسلم الذي تكلم به .
 
2- الحديث الثاني .. الذي جاء فيه أنه لم تكن ترمى الجن بالشهب قبل بعثة النبي صلى الله عليه وسلم .. فيتم حمله على أنه لم يكن يتم رميها بالشهب من كل جانب في السماء .. كما في قوله (لَا يَسَّمَّعُونَ إِلَى الْمَلَإِ الْأَعْلَى وَيُقْذَفُونَ مِنْ كُلِّ جَانِبٍ) الصافات8 ..
- وعلى هذا تكون رواية بن عباس .. التي قال فيها أنه لم تكن يرمى بالشهب من قبل .. أي من قبل البعثة النبوية .. يتم حملها وفهمها على الرمي من كل جانب وليس جانب دون آخر كما قال الإمام القرطبي في تفسيره وقبله الطحاوي في مشكل الآثار ..

- أي أنه كان للسماء جوانب أو مسارات لإرسال الأوامر الإلهية للملائكة المتخصصة بتنفيذ مهام معينة .. فهناك جانبا للرزق وجانبا للوحي وجانبا للمطر وجانبا لأخبار الناس .. وهكذا .. يريدون معرفة شيئا مما خرج من خزائن الغيب الخمسة .. ولكن بعد بعثة النبي فانغلقت جميع الجوانب إلا بقدر الخطفة التي يسمح بها الله .. والله أعلم .

  
#- وبناء على ما سبق .. فيكون معنى قوله: (لم يكن يرمي بالنجم من قبل) أي لم يكن يتم رميها بالشهب من قبل كما وصف القرآن في كتابه فقال: (لَا يَسَّمَّعُونَ إِلَى الْمَلَإِ الْأَعْلَى وَيُقْذَفُونَ مِنْ كُلِّ جَانِبٍ) الصافات8 ..
 
- وبمعنى أبسط تستطيع أن تقول: (ولم تَكنِ النُّجومُ يُرمَى بِها قبلَ ذلِكَ) أنه لم يكن يتم رمي الشهب قبل البعثة النبوية كما أصبح عليه الحال الآن بعد البعثة النبوية ..
 
#- ثالثا: قلت (خالد صاحب الرسالة):
- لي رأي خاص في هذه الجزئية من رواية بن عباس رضي الله عنه:
- وهذا الرأي هو أنه لا يوجد تعارض في الحقيقة .. لأن الروايتان جمعتا قولين:

1- القول الأول: وهو قول النبي صلى الله عليه وسلم حيث جاء في الرواية التي ذكرناها منذ قليل: (مَاذَا كُنْتُمْ تَقُولونَ في الجَاهِلِيَّةِ إذَا رُمِيَ بمِثْلِ هذا؟) – وجاء فيها: (فَتَخْطَفُ الجِنُّ السَّمْعَ فَيَقْذِفُونَ إلى أَوْلِيَائِهِمْ، وَيُرْمَوْنَ به، فَما جَاؤُوا به علَى وَجْهِهِ فَهو حَقٌّ، وَلَكِنَّهُمْ يَقْرِفُونَ فيه وَيَزِيدُونَ) صحيح مسلم.
 
- وهذه الرواية رواها بن عباس عن رجل من الأنصار حيث جاء في الرواية في بدايتها: (أَخْبَرَنِي رَجُلٌ مِن أَصْحَابِ النبيِّ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ مِنَ الأنْصَارِ) ..
 
2- القول الثاني: وهو قول الصحابي بن عباس .. وليس قول النبي صلى الله عليه وسلم .. حيث قال: (وَكَانَتِ النُّجُومُ لَا يُرْمَى بِهَا قَبْلَ ذَلِكَ) رواه الترمذي وأحمد .. كما سبق وذكرنا في الرواية منذ قليل ..
 
- وهذه الرواية من بدايتها هي من قول بن عباس نفسه وليس نقلا عن أحد كما في الرواية الأولى ..
 
3- انتبه أخي الحبيب للآتي .. بناء على ما سبق:
أ- هناك فرق بين قول الصحابي .. وبين قول النبي صلى الله عليه وسلم .. ولذلك يجب أن ينتبه المسلم لهذه الأمور حتى لا يظن أن الروايتين كلتاهما قول النبي صلى الله عليه وسلم .. لا .. فالروايات تجمع بين كلام الصحابي وكلام النبي صلى الله عليه وسلم .
 
ب- وأيضا ننتبه إلى أن الرواية التي في صحيح مسلم ليست عن قول بن عباس .. وإنما هو رواها عن أحد الصحابة الذي قال أنه حدث كذا وكذا .. ولكن الرواية التي في الترمذي وأحمد هي من رواية وقول بن عباس نفسه .. !!
 
ج- ولذلك الرواية التي عند الترمذي والتي تقول أنه لم يكن هناك رمي بالشهاب قبل البعثة .. هي اجتهاد ظني من بن عباس رضي الله عنه .. والله أعلم ..
 
د- فالتناقض ليس في قول النبي صلى الله عليه وسلم .. وليس في قول الصحابي بن عباس نفسه ..
- ولكن التناقض ظهر من اجتهاد بن عباس في ظنه أنه كانت لم يرمى بالشهب قبل البعثة .. وهذا الظن مخالف لما قاله النبي صلى الله عليه وسلم في صحيح مسلم .. فيكون قول الصحابي بن عباس لا يؤخذ به ..
 
هـ- بل ولعل بن عباس قد تراجع عن قوله بعدما سمعه من صحابي آخر من الأنصار واعتمد هذا الرأي بعد ذلك .. وهو ما جاء في صحيح مسلم ..
 
و- ويمكن حمل قول بن عباس على محمل أنه لم يكن يتم رمي الشهب قبل البعثة النبوية كما أصبح عليه الحال الآن بعد البعثة النبوية ..
- والله أعلم .   
 
# رابعا: انتبه من شبهات القرآنيين المنكرين للأحاديث النبوية ..
- حيث أثار بعض جماعة القرآنيين شبهة حول هذه الاحاديث السابق ذكرها .. وقالوا كيف نصدق أن هذه أحاديث نبوية او نعترف بها وهي فيها مثل هذا التناقض والتعارض الذي لا يقبله عقل ؟!!
 

#- قلت (خالد صاحب الرسالة):

1- أما عن التعارض فقد ذكرت لك أخي الحبيب ... أنه لا تعارض .. فظهر بذلك أنه ليس لديهم إدراك عقلي سليم .. وبالتالي كيف تفهم عقولهم ما لا يستطيعون إدراكه وفهمه ..؟!!  

 

2- أما عن قولهم (أحاديث نبوية) .. فهذا كذب .. لأنها روايات في السيرة النبوية قد تحمل كلام للنبي صلى الله عليه وسلم .. ولا يقال عنها أحاديث نبوية .. لا .. وإنما روايات حديثية .. أو روايات في السيرة النبوية ..
 
3- وحينما يقولون (أحاديث نبوية) فمرادهم أن تفهم أن هذه احاديث قالها النبي صلى الله عليه وسلم .. وبالتالي فيوجد كلام للنبي صلى الله عليه وسلم منقول فيه الكلام وعكسه .. حتى يقال يوجد تضارب في الأحاديث النبوية ..!!
 
- وإنما الحقيقة هي أن التعارض حديث بين ظن صحابي وبين كلام النبي صلى الله عليه وسلم .. بل وهذا الظن يمكن حمله على أن الرمي كان ليس كما هو عليه الحال الآن بعد البعثة النبوية ..
 
- فلعبة التأثير على المسلمين بقولهم (أحاديث نبوية) حتى يظن المسلم أن التضارب بين أقوال النبي صلى الله عليه وسلم .. لا .. هذا كذب منهم .. فانتبه يا مسلم إلى كيفية التلاعب في شبهاتهم ليجعلوك تشك وتنكر وتجحد الأحاديث النبوية الصحيحة كما أنكروها وجحدوها .. فلا تكن مثلهم .. واثبت على ما ثبتت عليه الأمة .. ولا تجحد الأحاديث الصحيحة بسبب شبهات مخلوطة بالكذب ..
 
- والله أعلم .
  

*************************

(قبل البعثة النبوية – وفيما يتعلق برمي الشهب)

..:: س83: ما هي خلاصة القول في سماع الجن والشياطين للغيبيات ورميهم بالشهب قبل البعثة النبوية ؟ ::..

 
#- قلت (خالد صاحب الرسالة):
- خلاصة القول أخي الحبيب .. فيما يتعلق بمسألة سماع الجن لغيبيات السماء ورميهم بالشهب قبل البعثة النبوية:
 
1- بالنسبة لسماعهم للغيبيات قبل البعثة النبوية ..
- فكانت لهم مقاعد للسمع يسمعون منها الغيبيات قدر ما يسمح الله بذلك أن يسمعوه ليلقوه إلى كهنتهم وذلك لفتنة لبعض الناس ..
- ولكن انتبه أخي الحبيب .. حيث أن الجن والشياطين لم يكونوا يسمعون أي شيء من وحي الله لأنبياءه ورسله في أي زمن من الأزمنة .. لأنهم عن سماع الوحي الإلهي هم معزولون تماما .. وإنما الذي كانوا ممكن أن يسمعونه هو بعض أشياء عن أحادث خاصة بأهل الأرض كحدوث حرب في مكان ما أو موت أحد في مكان ما .. أو حدوث كارثة طبيعية في مكان ما .. أو ما شابه ذلك من أحداث عامة في حياة الناس ..  
 
2- بالنسبة لرميهم بالشهب ..
- فقد كان يتم رميهم بالشهب في جانب دون جانب .. وكلما حاول أحد أن يتسمع في الجانب الممنوع منه أن يتسمع فيه فيتم إلقاء الشهب عليه .. وبعد ظهور النبي صلى الله عليه وسلم فد تم منع كل جوانب السماء من الجلوس فيها .. وأصبح كل جانب مؤمنا بحراسة الملائكة والشهب أضعاف مما كان عليه الأمر قبل البعثة النبوية .. إلا من خطف الخطفة فله شهاب ثاقب يصيبه .. وقد سبق وشرحنا ذلك بأمثلة .. فارجع إليها ..
 
- والله أعلم .

#- وبهذا يكون ختام الكلام .. لسماع الجن والشياطين لغيبيات السماء ورميهم بالشهب .. في زمن قبل البعثة النبوية ..

 ***********************

يتبع إن شاء الله تعالى

*****************

والله أعلم

اللهم صل على سيدنا محمد وعلى آله وسلم

هذه الرسالة مصدرها - مدونة الروحانيات فى الاسلام -  ولا يحق لأحد نقل أي موضوع من مواضيع أو كتب أو رسائل المدونة .. إلا بإذن كتابي من صاحب المدونة - ا/ خالد أبوعوف .. ومن ينقل موضوع من المدونة أو جزء منه (من باب مشاركة الخير مع الآخرين) فعليه بالإشارة إلى مصدر الموضوع وكاتبه الحقيقي .. ولا يحق لأحد بالنسخ أو الطباعة إلا بإذن كتابي من الأستاذ / خالد أبوعوف .. صاحب الموضوعات والرسائل العلمية .