الروحانيات فى الإسلام: ج37: رسالة الحق والنور - كيف يكون في القبر عذاب والكفار يظنون أنهم مكثوا ساعة في القبر أو يوم أو بعض يوم - لماذا عند بعض العلماء هو أن المقصود في آيات (لبثوا) هي الإشارة لمدة بقائهم في الدنيا وليس القبر - أين الإجابة حينئذ على ما زعمه جماعة الأريكة من القرآنيين وأشباههم من شبهة سؤالهم.

بحث في المدونة من خلال جوجل

السبت، 16 أكتوبر 2021

Textual description of firstImageUrl

ج37: رسالة الحق والنور - كيف يكون في القبر عذاب والكفار يظنون أنهم مكثوا ساعة في القبر أو يوم أو بعض يوم - لماذا عند بعض العلماء هو أن المقصود في آيات (لبثوا) هي الإشارة لمدة بقائهم في الدنيا وليس القبر - أين الإجابة حينئذ على ما زعمه جماعة الأريكة من القرآنيين وأشباههم من شبهة سؤالهم.

            بسم الله الرحمن الرحيم

رسالة

الحق والنور

في موجز علم تدوين الحديث الشريف

وتبرئة البخاري ممن شهد عليه بالزور

(الجزء السابع والثلاثون)

* فهرس: 

:: الفصل السادس والثلاثون :: تابع/ تناقضات بين الأحاديث والآيات القرآنية والعقيدة ::

1- س104: كيف يكون في القبر عذاب وهم يظنون أنهم مكثوا ساعة في القبر أو يوم على ظنهم ؟!!

#- أولا: انتبه أخي الحبيب لأنني سأوافقهم في استدلالهم من حيث أن الآيات تتعلق بمكوثهم في القبر .. ولكن لا أوافقهم بأنها أدلة لإنكار عذاب القبر .. !!

#- ثانيا: لماذا عند بعض العلماء هو أن المقصود في الآيات التي تحمل كلمة (لبثوا) هي الإشارة لمدة حياتهم في الدنيا وليس القبر ؟

#- ثالثا: أين الإجابة حينئذ على ما زعمه جماعة الأريكة من القرآنيين وأشباههم من شبهة سؤالهم ؟!!

 *************************

:: الفصل السادس والثلاثون ::

:: تابع/ تناقضات بين الأحاديث والآيات القرآنية والعقيدة ::

************************

 

..:: س104: كيف يكون في القبر عذاب والكفار يظنون أنهم مكثوا ساعة في القبر أو يوم أو بعض يوم ؟!! ::..

 

- من الأدلة التشكيكية التي ينشرها البعض على الإنترنت من جماعة الأريكة المسماة بالقرآنيين وأشباههم .. فيقولون: كيف يكون في القبر عذاب والكفار حينما ينهضون من قبورهم يظنون أنهم ما لبثوا غير يوم أو بعض يوم أو ساعة .. ؟!! كيف يعقل ذلك ؟!!

 

- ودليلنا في ذلك:

1- قول الله: (قالَ كَمْ لَبِثْتُمْ فِي الْأَرْضِ عَدَدَ سِنِينَ . قالُوا لَبِثْنا يَوْماً أَوْ بَعْضَ) المؤمنون112-113.

2- وما جاء في قوله: (يُقْسِمُ الْمُجْرِمُونَ مَا لَبِثُوا غَيْرَ سَاعَةٍ كَذَلِكَ كَانُوا يُؤْفَكُونَ) الروم55.

3- وما جاء في قوله: (يَتَخافَتُونَ بَيْنَهُمْ إِنْ لَبِثْتُمْ إِلاَّ عَشْراً) طه103.

 

- وما سبق من الآيات .. فيه دلالة على أن عدم معرفتهم بالوقت تحديدا .. هو في ذاته بيان صريح أنها ليست حالة دنيوية .. وإنما حالة لهم في قبرهم .. وإلا فكيف تخبطوا في معرفة إقامتهم .. حتى أن بعضهم يقسم أن مدة الإقامة ساعة ..!!

- وهذا كله يدل على فقد الإحساس بأي شيء والشعور به .. !! فأين عذاب القبر ونعيمه الذي تزعمونه ؟!!

 

#- قلت (خالد صاحب الرسالة):

- أولا: انتبه أخي الحبيب .. إلى أن المفسرين قد اختلفوا في تفسير الآيات السابقة وسأذكر لك من الآيات ما أميل إليه من التفسير أنها تتعلق بالقبر وليس بالدنيا .. ثم نناقش شبهة جماعة الأريكة من القرآنيين وأشباههم .. وإليك بيان ما سبق:


1- قول الله: (قالَ كَمْ لَبِثْتُمْ فِي الْأَرْضِ عَدَدَ سِنِينَ . قالُوا لَبِثْنا يَوْماً أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ فَسْئَلِ الْعادِّينَ) المؤمنون112-113.

 

- قلت (خالد صاحب الرسالة) .. مكان اللبث المسئول عن زمنه .. فيه اختلاف .. هل هو في الدنيا أو في الموت أو في كلاهما أي ظاهر وباطن الأرض أي حياة وموتا .. 

- وغالب تفسير العلماء على أن المقصود هو لُبثهم في الدنيا والغرض من سؤال الله لهم هو تبكيتا وتحسيرا لحالهم وتوبيخا لما استمتعوا به في مدة قصيرة مقارنة لما عاينوه وسيحدث لهم في طول مدة بقائهم في الآخرة .. ولذلك قالوا (لَبِثْنا يَوْماً أَوْ بَعْضَ) .. أي مقارنة بما عاينوه وسيلاقوه من خلودهم في العذاب ..
 
- ولكن جهلهم بالوقت .. إذا كان من معانيه استقصارهم حياتهم الدنيا مقارنة بما سيلاقوه في الآخرة .. إلا أنه يحتمل أيضا معنى أنهم كانوا في مكان لا قياس للوقت فيه وهذا لا يكون إلا في غيبة عن إدراك الزمن .. ولذلك نكون بين أحد أمرين:


أ- إما أن نقول أن الآية تتعلق بمكوثهم في القبر ولذلك جهلوا الزمن .. كما في آية الروم (وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ يُقْسِمُ الْمُجْرِمُونَ مَا لَبِثُوا غَيْرَ سَاعَةٍ) الروم55.


ب- وإما أن نقول ان الآية أنها تتعلق بمكوثهم في الأرض حياة وموتا ولذلك جهلوا الزمن باعتبار مجموع زمن الدنيا ومكوثهم في القبر .
 
- وإذا كان غالب العلماء على تفسير اللُّبث بأنه في زمن الدنيا مقارنة بما عاينوه وسيلاقوه في الآخرة .. فحينئذ لا مجال للاستدلال بهذه الآية في القبر من من أساسه ولا علاقة به .. والله أعلم .
 
2- قوله تعالى: (وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ يُقْسِمُ الْمُجْرِمُونَ مَا لَبِثُوا غَيْرَ سَاعَةٍ كَذَلِكَ كَانُوا يُؤْفَكُونَ . وَقَالَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ وَالْإِيمَانَ لَقَدْ لَبِثْتُمْ فِي كِتَابِ اللَّهِ إِلَى يَوْمِ الْبَعْثِ فَهَذَا يَوْمُ الْبَعْثِ وَلَكِنَّكُمْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ . فَيَوْمَئِذٍ لَا يَنْفَعُ الَّذِينَ ظَلَمُوا مَعْذِرَتُهُمْ وَلَا هُمْ يُسْتَعْتَبُونَ) الروم55.
 
- قوله (في كتاب الله): أي في علم الله وقضاءه .


- قلت (خالد صاحب الرسالة) .. وهذه الآيات فيها دلالة ظاهرة على أنهم كانوا في قبورهم لأنهم أقسموا على لٌبثهم ساعة لما ظهر على حالهم أنهم بكامل هيئتهم التي ماتوا عليها .. فكأنهم في ذهول من هذا البعث وأنه لم يكن فترة طويلة ماتوا فيها .. ولو كان المقصود مدة حياتهم الدنيا فهم يعلمون أنهم عاشوا أكثر من ذلك فلماذا أقسموا بأنها ساعة ..؟!! فضلا عن أن قول المؤمنين في الآية التالية يظهر أن المقصد هو مكوثهم في القبر ..
 
- أما عن كلام بعض العلماء من أن المقصد في قوله (مَا لَبِثُوا غَيْرَ سَاعَةٍ) هو:
- أن ما سينزل بهم من عذاب مقارنة مع ما عاشوه في دنياهم إنما يظهر أن حياتهم ما كانت إلا مجرد ساعة عاشوها مقارنة بما يجدوه من العذاب .. أو لعل الله ينسيهم مدة مكوثهم في الدنيا فلا يدرون بالوقت ..!!
- أما عن قسمهم بالله .. فمقصودهم به هو عدم قيام الحجة عليهم، وأنهم لم ينظروا حتى يعذر إليهم.
 
- قلت (خالد صاحب الرسالة): اعتقد أن هذا التفسير السابق كلام غير دقيق ولا يحتمله ظاهر الآية وهو تأويل فيه تكلف بعيد جدا ولا انسجام له مع الآيات التالية لهذه الآية .. بل أن قول المؤمنين في الآية التالية يوضح أن الكلام بعد انقضاء الأجل .. فكيف يكون التفسير على أن الكلام في مكوثهم في الدنيا ؟!!.
 
- أما عن جزئية أنساهم أعمارهم .. فأقول (صاحب الرسالة): إذا كان أنساهم أعمارهم .. وأبقى لهم إدراكهم بدليل معرفتهم التي أبقاها لهم وعلموا اليوم ونصف اليوم والعشرة أيام .. فهل أنساهم إدراكهم لرؤية أجسامهم فلا يدركون ما هي أعمارهم حينئذ ..؟!! بكل تأكيد .. لا .. فيصبح جزئية النسيان هذه غير منطقية وغير مقبولة عقلا ..!!
 
- أما عن جزئية أن سبب القسم بالله بأنه تبريرا بأن حياتهم كانت قصيرة .. وأنهم لو كانوا عاشوا مزيدا من الوقت لكانوا آمنوا .. فهو قول بعيد جدا وغير ظاهر من نص الآية .. وقوله (كَذَلِكَ كَانُوا يُؤْفَكُونَ) دلالة على أن كلامهم عن البعث .. فقوله (كانوا يأفكون) فيه إشارة لحال سابق منهم وأكيد هو حال الدنيا .. وكيف يكونوا كاذبون في قولهم والله يقول: (كَأَنَّهُمْ يَوْمَ يَرَوْنَ مَا يُوعَدُونَ لَمْ يلبثوا إِلاَّ سَاعَةً مِّن نَّهَارٍ) الأحقاف35..!!
- بل والآية التي تليها من قول المؤمنين تشهد على ان المقصود هو مكوثهم في القبر ..!!
   
3- قوله تعالى: (يَوْمَ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ وَنَحْشُرُ الْمُجْرِمِينَ يَوْمَئِذٍ زُرْقاً . يَتَخافَتُونَ بَيْنَهُمْ إِنْ لَبِثْتُمْ إِلاَّ عَشْراً . نَحْنُ أَعْلَمُ بِما يَقُولُونَ إِذْ يَقُولُ أَمْثَلُهُمْ طَرِيقَةً إِنْ لَبِثْتُمْ إِلاَّ يَوْماً) طه102-104.
 
- قلت (خالد صاحب الرسالة) .. وأعتقد أن العقل يفهم من الآيات السابقة أنها تتعلق بمدة اللُّبث أو الإقامة بالقبر وليس بالدنيا .. لأن الآية تتكلم عن لحظة الحشر حيث يجتمع البعض بالبعض ويحدث كلام بينهم .. ولأنهم يعلمون أنهم لبثوا في الدنيا أكثر من ذلك .. فلو الآيات كانت تتعلق بمكوثهم في الدنيا لكانوا صرحوا بذلك لأنهم يعرفون أنه كانت لهم أعمارا بل وأجسادهم وبنيانهم يدل على طول أعمارهم لأن الله يخلقهم على هيئتهم التي كانوا عليها ..!!  


- أما عن كلام بعض العلماء من أن المقصد في قوله (إِنْ لَبِثْتُمْ إِلاَّ يوما) هو أنه:

- دلالة على قصر مدة الدنيا في أنفسهم يوم القيامة لأن الدنيا كلها تصبح وكأنها كانت يوم واحد عاشوه .. وكل ذلك يصور إحساسهم بقصَر الدنيا يوم تقوم الساعة.

 
- قلت (خالد صاحب الرسالة) .. أعتقد هذا التفسير لا يصح هكذا لأن سياق الآيات يدل على بداية الحشر حيث لحظة الخروج من القبور .. فهذا مشهد ابتدائي يظهره القرآن لنا خطوة بخطوة .. ثم يبدأ بعض هؤلاء الكفار برؤية بعضهم بعضا ..
- ثم يبدأون المخافتة بينهم أي (يتخافتون بينهم) .. وهذا دليل على أنهم يتسائلون بينهم كم مر على موتهم لأنهم بعثوا على كامل هيئتهم التي كانوا ماتوا عليها .. وقيل أن الخلق جميعا يبعث في عمر الثلاثينيات .. والله أعلم .
 
- ولا علاقة للآية بكم مكثوا في الدنيا ولا يقيسوها بزمن الآخرة .. فهذا تأويل بعيد جدااا .. حيث أن انشغالهم بالمصيبة التي هم فيها لا يجعلهم يفكرون بأيام الدنيا ولا يجعل في عقلهم قياس بهذا المنطق ..!!
- فالقرآن يتكلم هنا عن مشهد ابتدائي من لحظة البعث .. كأنهم قالوا لبعضهم قد بُعثتم وما لبثتم في القبر إلا مدة يسيرة خلاف ما كنتم تظنون أننا سنكون رميم ولا بعث لنا .. والله أعلم .
 
- أما عن تحسرهم في الآخرة فهذا له مشاهد أخرى حيث يقول تعالى: (وَأَسَرُّوا النَّدَامَةَ لَمَّا رَأَوُا الْعَذَابَ وَجَعَلْنَا الْأَغْلَالَ فِي أَعْنَاقِ الَّذِينَ كَفَرُوا هَلْ يُجْزَوْنَ إِلَّا مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ) سبأ33 ..، ويقول تعالى:(يَوْمَ يَنْظُرُ الْمَرْءُ مَا قَدَّمَتْ يَدَاهُ وَيَقُولُ الْكَافِرُ يَالَيْتَنِي كُنْتُ تُرَابًا) النبأ40..، ويقول تعالى: (وَقَالَ الَّذِينَ اتَّبَعُوا لَوْ أَنَّ لَنَا كَرَّةً فَنَتَبَرَّأَ مِنْهُمْ كَمَا تَبَرَّءُوا مِنَّا كَذَلِكَ يُرِيهِمُ اللَّهُ أَعْمَالَهُمْ حَسَرَاتٍ عَلَيْهِمْ وَمَا هُمْ بِخَارِجِينَ مِنَ النَّارِ) البقرة167..، ويقول تعالى: (وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلَى يَدَيْهِ يَقُولُ يَالَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلًا) الفرقان47.
 
- وحقيقة الدنيا ما هي إلا ساعة .. كما يقول تعالى: (كَأَنَّهُمْ يَوْمَ يَرَوْنَ مَا يُوعَدُونَ لَمْ يلبثوا إِلاَّ سَاعَةً مِّن نَّهَارٍ) الأحقاف35.
 
######################
 
#- ثانيا: إذا علمت ما سبق أخي الحبيب .. فأحبك أن تعلم الآتي:


- أولا: الآيات المستدل بها من جماعة القرآنيين .. اختلف علماء التفسير فيها .. بسبب اختلافهم في المكان المقصود بفترة لُبوثهم أو إقامتهم .. على رأيين:
1- الرأي الأول .. في مفهوم (لبثنا يوما أو بعض يوم) ما يشبهها في الآيات: هو مدة مكوثهم أو إقامتهم في الدنيا وليس في القبر ..
 
2- والرأي الثاني .. في مفهوم (لبثنا يوما أو بعض يوم) وما يشبهها في الآيات: هو مدة لُبثهم أو إقامتهم في القبر .. أي لم تكن مدة إقامتهم في القبر إلا يوما أو بعض يوم .. أو ساعة أو عشرة أيام حسب آراء وتصورات الكفار فيما ظنوه من مقياس مدة المكوث.
 
- لكن لماذا عند بعض العلماء هو أن المقصود في هذه الآيات السابقة لكلمة (لبثوا) هي أنها تشير لمدة ما كانوا عليه في حياتهم في الدنيا وليس في القبر ؟
 
- إنما ذلك لثلاث أسباب أجدها من خلال تتبعي وفهمي لكلامهم:
2- السبب الأول: تعارض مع العقيدة (القرآن والحديث).
- حتى لا يحدث له تعارض في عقيدة عذاب القبر.
 
3- السبب الثاني: تعارض مع القرآن خاصة.
- حيث أن القول بحدوث مكوث في القبر ساعة أو أكثر .. فيه دلالة على فقد الإحساس .. وحينئذ يظهر له تعارض حينئذ مع بعض آيات من القرآن كآية عذاب آل فرعون في قبورهم .. وآية نعيم الشهداء في قبورهم .. كما سبق وأوضحنا ذلك في السؤال السابق رقم (103) فارجع إليه ..!!

3- السبب الثالث: لهم أدلة من القرآن تشير إلى أن اللُّبث قد يكون المقصد به في عموم الآيات هو اللُّبث في الدنيا وليس في القبر .. ودليل ذلك ..
أ- يقول تعالى: (وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ كَأَنْ لَمْ يَلْبَثُوا إِلاَّ ساعَةً مِنَ النَّهارِ يَتَعارَفُونَ بَيْنَهُمْ قَدْ خَسِرَ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِلِقاءِ اللَّهِ وَما كانُوا مُهْتَدِينَ) يونس45.
 
ب- يقول تعالى: (فَاصْبِرْ كَمَا صَبَرَ أُولُو الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ وَلَا تَسْتَعْجِلْ لَهُمْ كَأَنَّهُمْ يَوْمَ يَرَوْنَ مَا يُوعَدُونَ لَمْ يَلْبَثُوا إِلَّا سَاعَةً مِنْ نَهَارٍ بَلَاغٌ فَهَلْ يُهْلَكُ إِلَّا الْقَوْمُ الْفَاسِقُونَ) الأحقاف35.


- والمقصد في الآيتين السابقتين الذي فهمه بعض العلماء .. أن مقدار مكوثهم في الدنيا ما هو إلا مجرد ساعة بالنسبة لما عاينوه من العذاب الشديد وما يترتب عليه من طول المدة وخلودهم في العذاب .
 
#- قلت (خالد صاحب الرسالة):
- ولكن هذا الرأي الذي يميل لتفسير الآيات بأنه تتكلم عن مدة إقامتهم في الدنيا وليس في القبر .. وإن كان رأي له وجاهته وأوافق عليه في جزئية أن التشبيه يتعلق بحالهم الدنيوي كأنه ساعة إخبارا من الله .. إلا أني لا أميل إليه أقر به على عموم سائر الآيات كالآيات محل الشبهة .. ليه ؟
 
1- لأن الآية الأولى التي استدلوا بها .. وهي قوله (وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ كَأَنْ لَمْ يَلْبَثُوا إِلاَّ ساعَةً مِنَ النَّهارِ يَتَعارَفُونَ بَيْنَهُمْ) وإن كانت تحتمل تشبيه حياتهم كأنها ساعة من ساعات الدنيا كانوا يتعارفون فيها ببعض البعض، وتم وصف حياتهم بأنها ساعة فذلك بالنسبة لطول زمن الآخرة .. إلا أن الآية قد يفهم منها أيضا أنه يوم حشرهم حالهم كأنهم لم يقيموا في قبورهم إلا قدر ساعة من النهار ويتعارفون أثناء حشرهم باتهام بعضهم البعض (التابع يتهم المتبوع) بالإغواء والتضليل نظرا لما أدركوه من لحظة بعثهم ..
 
- وإن كان لفظة (يتعارفون) يغلب فيه الوصف لتعارف أهل الدنيا .. وينسجم مع سياق الآية .. ولذلك أظن أن الرأي الأول أرجح فيها .. والله أعلم .  
 
2- أما الآية الثانية التي استدلوا بها .. وهي قوله (كَأَنَّهُمْ يَوْمَ يَرَوْنَ مَا يُوعَدُونَ لَمْ يَلْبَثُوا إِلَّا سَاعَةً مِنْ نَهَارٍ) .. إظهار لحال الكفار بعد ما عاينوا ما رأوه مما بلغهم من كلام النبي صلى الله عليه وسلم ولم يكونوا في مشهد الحشر بل انتقلوا لموقف الحساب وأدركوا ما يوعدون .. ولذلك حالهم حينئذ في الآخرة مقارنة لما عاينوه فعليا في الآخرة وكأنهم عاشوا فقط ساعة واحدة وليتها كانت في طاعة ..!!
 
3- فالإستدلال بهاتين الآيتين على افتراض أن كلاهما يتكلم عن ظن الكفار بأن حياتهم في الدنيا كأنها ساعة من نهار بالنسبة للآخرة .. إنما هو خبر عن الله لما سيظنه الكفار حينما يرون ما يوعدون .. وهذا طبيعي جدا .. واستدلال صحيح في إظهار قصر حياة الدنيا بالنسبة لحياة الآخرة .. ولكن هاتين الآيتين لم تظهر قول الكفار لحظة خروجهم من الحشر .. وإنما هو إظهار من الله لحالهم ..
 
- بخلاف الثلاث آيات الأخرى في قوله (قالُوا لَبِثْنا يَوْماً أَوْ بَعْضَ) المؤمنون113..، وقوله (يُقْسِمُ الْمُجْرِمُونَ مَا لَبِثُوا غَيْرَ سَاعَةٍ كَذَلِكَ كَانُوا يُؤْفَكُونَ) الروم55..، وقوله (يَتَخافَتُونَ بَيْنَهُمْ إِنْ لَبِثْتُمْ إِلاَّ عَشْراً) طه103.... فهذه الآيات قد أوضحت أن هذا كلام الكفار فعلا الذي ينطقون به حين البعث والخروج وبداية الحشر إلى الله .. وليست إخبارا عن الله بوصف حال لهم ..  ويغلب على العقل والقلب أن المقصد في هذه الآيات هو فترة مقامهم في القبر لم يمر عليها إلا ساعة .. وهذا تشنيع على الكفار لظنهم المسبق بأنه كيف يحيي الله العظام وهي رميم .. ولذلك خلقهم على هيئتهم التي كانوا عليها وكأنهم لم يحدث لهم شيء .. وفي ذلك إثبات بيان القدرة الإلهية على المحو والإيجاد .. وأيضا إظهار بطلان ظنهم الذي ظنوه بأنه لا يوجد بعث ..!! والله أعلم .
 
- ولذلك هذه الآيات السابقة الثلاثة أميل فيها للرأي بأنها تتعلق وقت البعث من القبور ولا أجعل تفسيرهم هو تحسرهم على الدنيا .. وإلا فلماذا قالوا بجهلهم عن المدة التي لبثوها حيث أنهم كانوا يعرفون مدة مكوثهم في حياتهم الدنيا مثلا ستون عاما أو خمسون أو مائة .. حسب أعمارهم .. لكن الذي يجهلونه هو مدة إقامتهم في قبورهم .. ولذلك أجابوا بما يظنون حيث لا معرفة لهم فيها إلا مجرد الظن ..!! والله أعلم .
 
#- قلت (خالد صاحب الرسالة):
- ما سبق من أسباب .. هو ما فهمته واستنتجته من سبب ميل العلماء للرأي القائل بأن اللُّبث في الآيات .. إنما هو خاص بالدنيا وليس بالقبر .. على سبيل التوبيخ والحسرة لهم على ما فاتهم من الإيمان في مدة قليلة كانوا سيكتسبون من ورائها خلودا دائما .. وأن ما عاشوه ما كان يستحق العداء لله ورسوله .. مقابل ما عاينوه من أهوال ستنزل بهم بسبب إدراكهم أنهم كانوا مخطئين في محاربتهم لله ورسوله بسبب ما حدث لهم من البعث ..
 
4- وهناك سبب رابع: (وهذا ظن خاص بي صاحب الرسالة) ..
- وهو أنه يغلب على الظن .. إذا كان فائدة الكلام على مدة إقامتهم في الدنيا هو تحسيرا لهم على ما فاتهم من الإيمان في مدة قليلة كانوا سيكتسبون من ورائها خلودا دائما .. فما فائدة توجيه الكلام إليهم حينئذ عن مدة إقامتهم في القبر وهي فترة لم يكن لهم إرادة فيها ولا تفيد في شيء ؟!!
 
- ولكن هذا الظن الذي ظننته (صاحب الرسالة) .. وجدته لا يصح .. لأنه يُرد عليه بأن المقصد من توجيه الكلام إليهم في مدة مكوثهم في القبر .. هو أنهم لما كانوا منكرين للبعث ومنكرين أن يجمع الله أجسادهم ويحييهم بعد أن ماتوا وأصبحوا ترابا .. فكان البعث لهم وسؤالهم إنما هو إثباتا لهم بأن ما زعموه من إنكار البعث والإحياء إنما هو زعم باطل .. ويثبت ذلك حالة الإستغراب التي هم فيها مع صحة أجسادهم ورؤيتهم لبعض البعض وكلامهم فيما بينهم .. وكأنهم شكوا أنهم لم يموتوا أصلا بل كانوا نياما .. !! ولذلك كان استيضاح الأمر منهم لبيان إظهار القدرة الإلهية على البعث والإحياء من العدم ... وأن الله على كل شيء قدير .. كما في قصة الذي أماته الله مائة عام ثم أحياه حيث يقول تعالى: (أَوْ كَالَّذِي مَرَّ عَلَى قَرْيَةٍ وَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَى عُرُوشِهَا قَالَ أَنَّى يُحْيِي هَذِهِ اللَّهُ بَعْدَ مَوْتِهَا فَأَمَاتَهُ اللَّهُ مِائَةَ عَامٍ ثُمَّ بَعَثَهُ قَالَ كَمْ لَبِثْتَ قَالَ لَبِثْتُ يَوْمًا أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ قَالَ بَلْ لَبِثْتَ مِائَةَ عَامٍ فَانْظُرْ إِلَى طَعَامِكَ وَشَرَابِكَ لَمْ يَتَسَنَّهْ وَانْظُرْ إِلَى حِمَارِكَ وَلِنَجْعَلَكَ آيَةً لِلنَّاسِ وَانْظُرْ إِلَى الْعِظَامِ كَيْفَ نُنْشِزُهَا ثُمَّ نَكْسُوهَا لَحْمًا فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ قَالَ أَعْلَمُ أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) البقرة259.   
 
#- وخلاصة ما سبق ..
1- هو أنني اتفق مع رأي بعض العلماء في بعض الآيات التي في ظاهرها تشير إلى التشبيه بحال الكفار في الدنيا والتي هي عن قول الله .. ولكن اختلف معهم في أن تكون كل آيات اللُّبث تتعلق بحال الدنيا.. بل منها ما يتعلق بمكثهم في القبر مثل قوله (قالُوا لَبِثْنا يَوْماً أَوْ بَعْضَ) المؤمنون113..، وقوله (يُقْسِمُ الْمُجْرِمُونَ مَا لَبِثُوا غَيْرَ سَاعَةٍ كَذَلِكَ كَانُوا يُؤْفَكُونَ) الروم55..، وقوله (يَتَخافَتُونَ بَيْنَهُمْ إِنْ لَبِثْتُمْ إِلاَّ عَشْراً) طه103..
 
2- أتفق مع رأي بعض العلماء في الآيات التي يتكلم فيها الكفار على لسانهم بفترة مكوثهم .. بأنها فترة القبر .. ولكن لا اتفق معهم في أن الآيات التي تكلم فيها الله عن تشبيه حال الكفار مقارنة بالآخرة على أنها ساعة عاشوها .. بأنها ساعة في القبر .. لأن هناك آيتين تتكلما عن تشبيه عن الحسرة التي في نفوسهم فيما يواجهونه مقارنة بما عاشوه في الدنيا وكأنه ساعة زمن .. وهما قوله تعالى (وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ كَأَنْ لَمْ يَلْبَثُوا إِلاَّ ساعَةً مِنَ النَّهارِ يَتَعارَفُونَ بَيْنَهُمْ) يونس45..، وقوله (كَأَنَّهُمْ يَوْمَ يَرَوْنَ مَا يُوعَدُونَ لَمْ يَلْبَثُوا إِلَّا سَاعَةً مِنْ نَهَارٍ) الأحقاف35.
 
#- أي أن ليس كل الآيات تتكلم عن لبثهم في الدنيا .. وليس كل الآيات تتكلم عن لبثهم في القبر .
 
3- اعلم أخي الحبيب .. أنه لو كنت أميل إلى الرأي القائل بان الآيات التي جاءت فيها كلمة (لبثوا) مع لحظة البعث .. أنها تتعلق بحسرتهم على حالهم في الحياة ولا علاقة لها بالقبر .. لكانت شبهة القرآنيين قد تهدمت على هذا الرأي لأنه لا دليل لهم حينئذ .. ولكن لما وجدت أن هناك رأي آخر في كلام العلماء هو الأصوب من وجهة نظري في بعض الآيات وهي التي استدل بها القرآنيين .. فقد أثبت هذا الرأي وأخذت به وأوضحت أسبابي في ذلك .. وإن كان لا دليل في هذه الآيات في نفي عذاب القبر كما سيظهر لك ذلك بعد قليل ..
 
4- قبل أن أختم جزئية الإختلاف في مفهوم الإقامة أو اللُّبث في الآيات السابقة هل هي في الدنيا أو القبر .. فأحب أن أوضح لك أخي الحبيب أن هناك رواية وجدت البعض يستدل بها كالإمام بن كثير في تفسيره لبيان أن فترة اللبوث أو المكوث إنما هي في الدنيا وليس في القبر .. وهي رواية ضعيفة ذكرها الإمام بن أبي حاتم في تفسيره حيث جاء في الرواية عن كلام للنبي أنه قال: (إِنَّ اللَّهَ لَمَّا أَدْخَلَ أَهْلَ الْجَنَّةِ الْجَنَّةَ، وَأَهْلَ النَّارِ النَّارَ، وَقَالَ: «يَا أَهْلَ الْجَنَّةِ، كَمْ لَبِثْتُمْ فِي الْأَرْضِ عَدَدَ سِنِينَ» ؟، {قَالُوا: لَبِثْنَا يَوْمًا أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ} [الكهف: 19] ، قَالَ: «لَنِعْمَ مَا اتَّجَرْتُمْ فِي يَوْمٍ أَوْ بَعْضِ يَوْمٍ، رَحْمَتِي وَرِضْوَانِي وَجَنَّتِي، امْكُثُوا فِيهَا خَالِدِينَ» ، ثُمَّ يَقُولُ: «يَا أَهْلَ النَّارِ كَمْ لَبِثْتُمْ فِي الْأَرْضِ عَدَدَ سِنِينَ؟» قَالُوا: لَبِثْنَا يَوْمًا أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ، فَيَقُولُ: «بِئْسَ مَا اتَّجَرْتُمْ فِي يَوْمٍ أَوْ بَعْضِ يَوْمٍ، نَارِي وَسُخْطِي، امْكُثُوا فِيهَا خَالِدِينَ مُخَلَّدِينَ») رواه بن أبي حاتم في تفسيره .. والحديث ضعيف لم يصح لأنه حديث مرسل وليس له ما يقويه من الصحيح ..!!
 
########################
 
#- ثالثا: أين الإجابة حينئذ على ما زعمه جماعة الأريكة من القرآنيين وأشباههم في شبهتهم ؟!!
 
- ما سبق كله يرجعنا لنقطة السؤال الأول الذي هو محل الشبهة .. وهو إذا كان الرأي الثلاث آيات التي استدل بها أصحاب الشبهة هو مكوثهم في القبر .. فكيف يظهر لنا عذاب القبر حينئذ ..؟!! .. حيث يتبين لنا من ظاهر الألفاظ أن زمن المدة القصيرة يجعلنا نفهم أنهم لم يشعروا أو يحسوا بشيء .. وبالتالي فلا يوجد عذاب ولا نعيم في القبر ..؟!!
 
#- قلت (خالد صاحب الرسالة):
 
- أولا: قولنا بأنه لا يوجد عذاب ولا نعيم في القبر ولا إحساس ولا إدراك بأي شيء .. فهذا معارض للقرآن أصلا .. فضلا عن أنه معارض للأحاديث أيضا .. ولكن طالما كلامنا مع جاحدي الأحاديث النبوية ومنكروها .. فسنستمر في التحقيق من خلال كلام الله ..
 
- ولذلك نقول لمن ينكر عذاب أو نعيم القبر .. فهو قد خالف كلام الله بدليل قوله تعالى:
1- في نعيم بعض المؤمنين .. حيث قال تعالى عن الشهداء: (وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ . فَرِحِينَ بِمَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَيَسْتَبْشِرُونَ بِالَّذِينَ لَمْ يَلْحَقُوا بِهِمْ مِنْ خَلْفِهِمْ أَلَّا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ . يَسْتَبْشِرُونَ بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ وَأَنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُؤْمِنِينَ) آل عمران169-171.
 
- والمتأمل لهذه الكلمات (يرزقون – يستبشرون – لم يلحقوا بهم من خلفهم) .. كلها ألفاظ تدل على حياة القبر ونعيمه في حق هؤلاء بدون أدنى شك .. لأنها ألفاظ تدل على تجدد الحدوث والاستمرار فضلا عن استبشارهم بمن لم يلحقوا بهم .. وقد سبق وأوضحنا ذلك تفصيليا في السؤال رقم (103) .. فارجع إليه ..
 
2- في عذاب بعض الكافرين .. حيث قال تعالى عن آل فرعون: (وَحَاقَ بِآلِ فِرْعَوْنَ سُوءُ الْعَذَابِ . النَّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا غُدُوًّا وَعَشِيًّا وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذَابِ) فاطر45-46.
 
- والمتأمل لهذه الكلمات (يعرضون – يوم تقوم الساعة) .. فسيفم أن (يُعرضون) تفيد التجدد والاستمرار .. و (يوم تقوم الساعة) تفيد موعد آخر لدخولهم أشد العذاب .. وهذا يدل على أنهم كانوا في شدة عذاب في قبرهم .. وقد اوضحنا ذلك تفصيليا في السؤال رقم (103) .. فارجع إليه ..
 
#- يبقى المتأمل للآيات السابقة .. يجب أن يدرك يقينا بلا أدنى شك .. بأن هناك حياة برزخية في القبور فيها نعيم وفيها عذاب ..
 
- وبالتالي فإن هذه الآيات عقبة كبيرة لمن يزعمون أن الماكثون في قبورهم ما كانوا يشعرون بشيء ..!!
 
- ثانيا: أما عن الزعم بأنهم لم يشعروا بشيء ولم يحسوا بشيء .. فهذا كلام باطل وفاسد بنص القرآن الكريم .. لأن الله يقول: (وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَصَعِقَ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ إِلَّا مَنْ شَاءَ اللَّهُ ثُمَّ نُفِخَ فِيهِ أُخْرَى فَإِذَا هُمْ قِيَامٌ يَنْظُرُونَ) الزمر68..
 
- قوله (في الأرض): بكل تأكيد يشمل الظاهر والباطن للأرض .. أي ما فوقها وما تحتها .. وطالما يشمل ما تحتها فهذا دلالة على أنه كانت توجد حياة لأهل القبور .. وإلا فما فائدة الصعق لهم حينئذ ؟!!
 
- فثبت بذلك فساد ما ذهبوا إليه .. لإن ما ذهبوا إليه تفسده عليهم آية الزمر السابق ذكرها بذكر نفخة الصعق فيها .. ويصبح هناك تناقض فيما ذهبوا إليه .. لأنه يقال حينئذ لهم: كيف لبثوا دون إدراك وفي نفس الوقت حدث لهم صعق ؟!!
 
- ولو قالوا بل مدة البث المقصودة هي بعد الصعق .. قلنا لهم: متفقين ولا اختلاف وهذه مدة لا حياة فيها وهي ما بين النفختين .. فعلام الجدل حينئذ إذا كانت الحياة مثبته قبل نفخة الصعق وليس بعدها ؟!!
 
- ولو قالوا كما يقولون أن مدة اللبث المقصودة هي من قبل الصعق وبعد الصعق أي من لحظة موتهم إلى لحظة بعثهم .. قلنا لهم: هذا تناقض لقوله تعالى (فصعق من في السموات ومن في الأرض) لأن الصعق شمل كل ما هو ظاهر وباطن وهذا يدل على أنه كانت توجد حياة برزخية وشعروا بالصعق بكل تأكيد إلا من شاء الله .. ولا ينكر ما سبق إلا من طمس الله بصيرته وليس له أهليه عقل ليفكر بها .. لأن كلام الله واضح جدا .. إلا أنه يحتاج لعقل رشيد وقلب سليم ليدرك به ..!!  
 
- ثالثا: الآيات التي استدلوا بها .. كقوله تعالى (قالَ كَمْ لَبِثْتُمْ فِي الْأَرْضِ عَدَدَ سِنِينَ . قالُوا لَبِثْنا يَوْماً أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ فَسْئَلِ الْعادِّينَ) المؤمنون112-113..، وكقوله تعالى (يَوْمَ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ وَنَحْشُرُ الْمُجْرِمِينَ يَوْمَئِذٍ زُرْقاً . يَتَخافَتُونَ بَيْنَهُمْ إِنْ لَبِثْتُمْ إِلاَّ عَشْراً . نَحْنُ أَعْلَمُ بِما يَقُولُونَ إِذْ يَقُولُ أَمْثَلُهُمْ طَرِيقَةً إِنْ لَبِثْتُمْ إِلاَّ يَوْماً) طه102-104.
 
- لو تأملنا في هذه الآيات وما يناظرها في تحديد فترة المكوث .. سنجد أنها تتحدث عن مدة الفترة الزمنية ولا تتحدث عما حدث في هذه الفترة الزمنية .. فمن أين لكم أنهم لم يحدث لهم شيئا في هذه الفترة الزمنية التي قضوها في قبورهم ؟!!
 
- فالإستدلال باطل بكل تأكيد .. لأنه كيف تستدل على بما قالوه عن مدة مكوثهم .. وتجعل منه دليل على إنكار ما يكون حدث لهم وهم لم يتكلموا عنه أصلا ؟!!  
 
- رابعا: أما عن ظنكم أن قصر الفترة الزمنية فيه دلالة على عدم الإحساس بشيء .. فهذا محض تضليل عقلي وإنكار واقع .. لأن العقل والواقع ينكر ذلك .. ولنا مثال في ذلك وهو كحال النائم الذي يظن أنه نام كثيرا .. وفي الحقيقة هو نام قليلا .. وأحيانا يشعر النائم بأنه نام كثيرا ولكنه في الحقيقة نام قليلا .. وبالتالي تعدد الأحداث في عقل الحالم لا يعني الزمن الطويل كما لا يخفى على عاقل ..!!
 
- بل وكيف تتكلم في مسألة غيبية بما لا سبيل لك فيه لمعرفة قوانينه .. وتحكم فيه وكانك تعلم تفاصيله .. أهذا كلام عقلاء ؟!!
 
- خامسا: ما الذي يمنع أن يكون الله قد أنساهم ما رأوه بعد نفخة الصعق .. حيث أن حالهم بات كحال النائم في سُبات عميق حتى الحلم لا وجود له في عقله ..؟!! ولذلك يقولون حيث البعث بأن موتهم ما كان غير ساعة أو يوم أو ما شابه ذلك .. باعتبار ما شعروا به من لحظة الصعق .. وليس باعتبار لحظة موتهم وقبل الصعق .. حيث أنه في كل الأحوال لا زمن لهم في برزخهم ليدركوا به حقيقة ما يحدث ..!!
  
- سادسا: في سورة يس يقول تعالى: (وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَإِذَا هُمْ مِنَ الْأَجْدَاثِ إِلَى رَبِّهِمْ يَنْسِلُونَ . قَالُوا يَا وَيْلَنَا مَنْ بَعَثَنَا مِنْ مَرْقَدِنَا هَذَا مَا وَعَدَ الرَّحْمَنُ وَصَدَقَ الْمُرْسَلُونَ . إِنْ كَانَتْ إِلَّا صَيْحَةً وَاحِدَةً فَإِذَا هُمْ جَمِيعٌ لَدَيْنَا مُحْضَرُونَ . فَالْيَوْمَ لَا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئًا وَلَا تُجْزَوْنَ إِلَّا مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ) يس51-54 ..
 
- ولو تأملنا قول الكفار حين النفخ في الصور للبعث قد قالوا: (يَا وَيْلَنَا مَنْ بَعَثَنَا مِنْ مَرْقَدِنَا) .. فكلمة (ويلنا) فيها دلالة على تحقيقهم من حدوث الهلاك لهم بالرغم من أنه مجرد بعث ولم يكن تمت محاسبتهم ولا عذابهم .. !! فلماذا قالوا بالويل حينئذ ولم يحدث ما يكرهون إلا مجرد قيامهم من القبور .. ؟!!
 
- فلا يكون هذا الويل إلا لاحتمالات ثلاثة:
- الأول: أنهم أدركوا ما قاله لهم الرسول في حياتهم بحدوث البعث ثم الحساب والعذاب لمن لم يؤمن .. فكان البعث دليل على صدق المرسلين .. وبالتالي إذا كانوا صدقوا في البعث فقد صدقوا في الحساب والعذاب .
 
- الثاني: أو أنهم كانوا عاينوا شيئا في قبورهم وهو أن حالهم أنهم في العذاب محضرون حينما يبعثون .. ولذلك لما نهضوا من مرقدهم تذكروا هذه المشاهدات التي حدثت لهم قبل نفخة الصعق .. وأصبح ما رأوه هو حقيقة واقعة أمامهم .. فدعوا بالويل والهلاك على أنفسهم حينئذ لمطابقهم ما رأوه وعاينوه مع ما تحققوه وهو البعث ثم الحساب ثم العذاب ..
 
- الثالث: هو اجتماع ما قاله الرسول لهم في أذهانهم لحظة البعث .. واجتماع ما عاينوه في قبورهم قبل الصعق .. فأدركوا الهلاك لا محالة فقالوا (ياويلنا) ... وهذا الإحتمال هو ما أميل إليه والله أعلم .
 
- وبهذا يكون ختام الجواب على هذه الشبهة .. والحمد لله رب العالمين .. وأسأله العفو والغفران والرضوان .

 ***************************

يتبع إن شاء الله تعالى

*****************

والله أعلم

اللهم صل على سيدنا محمد وعلى آله وسلم

هذه الرسائل العلمية مصدرها مدونة الروحانيات فى الاسلام - ومؤلفها / الأستاذ خالد أبوعوف - ولا يحق لأحد نقل أي موضوع من مواضيع أو كتب أو رسائل المدونة .. إلا بإذن كتابي من صاحب المدونة - ا/ خالد أبوعوف .. ومن ينقل موضوع من المدونة أو جزء منه (من باب مشاركة الخير مع الآخرين) فعليه بالاشارة الى مصدر الموضوع وكاتبه الحقيقي .. ولا يحق لأحد بالنسخ أو الطباعة إلا بإذن كتابي من الأستاذ / خالد أبوعوف .. صاحب الموضوعات  .. 

هناك 8 تعليقات:

  1. ماشاء الله لاقوة إلا بالله
    مدد ياالله مدد

    ردحذف
  2. يعني الواحد مش عارف يقول ايه طب منعيش الدنيا الأول ولما نموت نشوف هيبقى الأمر أيه في القبر يخربيت أم الفراغ اي حاجه المهم الناس تنشغل وتشتت وتتهز في أمور دنها وخلاص طيب مثلا قلت ان مفيش عذاب ولا نعيم في القبر هيفرق معاك ايه متلتزم بأوامر الله ورسوله ايه لزمه الكلام ده كله اي حاجه تلهو الناس فيها وخلاص طيب يا سيدي لكل اللي بينكر كلام الله ورسوله ربنا يحقق فيك عدله في القبر ويوم العرض عليه وحسبنا الله ونعم والوكيل مشين بمدأ خالف تعرف أي حقيقه قول عكسها أكيد الكل هياخد باله من الحشره اللي ديما ماشه بالعكس قلوب قاسيه وجاحده لكلام الله ورسوله....... نسأل الله الكريم من فضله أن يرزقك أستاذي نعيم القبر ونعيم الأخره ويرزقنا جميعا أهل المدونه المخلصين نعيم القبر والأخره ويحشرنا مع النبي سيد ولد أدم سيدنا محمد صل الله عليه وعلى آله وسلم ومع أهله الأبرار ومع الصالحين والمحبين لله رب العالمين ورسوله الكريم...... اللهم آمين يارب العالمين
    .............................................
    اللهم صل على سيدنا محمدٍ النبي الأمي وعلى آله وسلم

    ردحذف
  3. أهنأ أستاذي الغالي وكل أهل المدونه الكرام بالمولد النبوي الشريف سيكون غدا إن شاء الله ١٢ ربيع الأول ١٤٤٣هجري يوم سعيد علينا جميعا وعلى الأمه الإسلاميه كان رسول الله صل الله عليه وعلى آله وسلم يصوم يوم الإثنين لأنه ولد فيه أكثرو من الصلاه على النبي العدنان حبيبي يا سيدي يا رسول الله.....
    اللهم صل على سيدنا محمد وعلى آله وسلم
    اللهم صل على سيدنا محمدٍ النبي الأمي وعلى آله وسلم
    اللهم صل على سيدنا محمد أبد الأبد مادام المدد وعلى آله وسلم

    - وُلِدَ النبيُّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ يومَ الاثنينِ واستُنْبِئَ يومَ الاثنينِ وتوفيَ يومَ الاثنينِ وخرج مهاجرًا من مكةَ إلى المدينةِ يومَ الاثنينِ وقَدِمَ المدينةَ يومَ الاثنينِ ورُفِعَ الحجرُ الأسودُ يومَ الاثنينِ
    الراوي : عبدالله بن عباس | المحدث : أحمد شاكر | المصدر : مسند أحمد

    الصفحة أو الرقم: 4/172 | خلاصة حكم المحدث : إسناده صحيح

    ردحذف
  4. نص كلمة الرئيس عبد الفتاح السيسي السيسي خلال الاحتفال بذكرى المولد النبوي ...

    وألقي الرئيس كلمة جاء نصها كالتالي:

    نحتفل اليوم معًا بذكرى مولد أشرف خلق الله وسيد المرسلين الرحمة التي أرسلها رب العزة للعالمين الشاهد والمبشر والنذير والداعي إلى الله والسراج المنير إنه الحبيب المصطفى والرسول المجتبى سيدنا محمد "صلى الله عليه وسلم" الذي بعثه الله "جل وعلا"، ليغير وجه الدنيا بأسرها وليخرج الأمة من الظلمات إلى النور وينشر أسمى قيم الإنسانية في شتى بقاع الأرض وليدعو إلى العدل والخير والمحبة والسلام.

    وبمناسبة هذه الذكرى العطرة، أتوجه بالتهنئة لشعب مصر الكريم، ولكل الشعوب العربية والإسلامية داعيًا الله "سبحانه وتعالى"، أن يعيد هذه الذكرى العطرة علينا وعلى العالم أجمع بالخير واليمن والبركات.

    إن رسالة الإسلام التي تلقاها نبينا الكريم "صلى الله عليه وسلم" قد رفعت من قيمة العلم والمعرفة حيث كانت أول الآيات التي نزل بها الوحي الشريف هي (اقرأ) وذلك إعلاءً لشأن العلم والعلماء وتقديرًا لأهمية التدبر، وصولًا إلى الوعي والفهم الصحيح، لكل أمور الحياة حيث دعانا الله "سبحانه وتعالى"، إلى إعمال نعمة العقل الغالية والفريدة، في البحث والتأمل في ملكوت السماوات والأرض.

    ومن هذا المنطلق، دائمًا ما نشدد على أهمية قضية الوعي الرشيد، وفهم صحيح الدين التي ستظل من أولويات المرحلة الراهنة ولعلكم تتفقون معي، أن بناء وعي أي أمة، بناءً صحيحًا هو أحد أهم عوامل استقرارها وتقدمها، في مواجهة من يحرفون الكلام عن مواضعه، ويخرجونه من سياقه، وينشرون الأفكار الجامحة الهدامة التي تقوض قدرة البشر في التفكير الصحيح والإبداع لتنحرف بهم بعيدًا عن تأدية الأوامر الربانية، من تعمير وإصلاح الكون، لما فيه الخير للبشرية جمعاء وكمنهج للإنسانية، في ترقية النفس البشرية، وضبط حركتها في الحياة.


    لذلك لزامًا علينا، الاستمرار في تلك المهمة والمسئولية التاريخية ومضاعفة الجهود، التي تقوم بها المؤسسات الدينية وعلماؤها الأجلاء، لنشر قيم التسامح والعيش المشترك، والإيمان بالتنوع الفكري والعقائدي، وقبول الآخر، وتصحيح المفاهيم الخاطئة وتصويبها، ونشر تعاليم الدين السمحة للحفاظ على ثوابت وقيم الإسلام النبيلة وأشير هنا إلى أن الكلمة أمانة عظم الإسلام من شأنها ونبهنا إلى أهمية رعاية هذه الأمانة وتأديتها على الوجه الأمثل.

    ومن هذا المنطلق؛ أؤكد أن مصر ماضية في مهمتها لبناء الوعي، وتصحيح الخطاب الديني، وهي مسئولية تضامنية وتشاركية تحتاج إلى تضافر جميع الجهود لنبني معًا مسارًا فكريًا مستنيرًا ورشيدًا يؤسس شخصية سوية، وقادرة على مواجهة التحديات، وبناء دولة المستقبل.

    إن من مبادئ رسالة الإسلام، التي نشرها قدوتنا ورسولنا الحبيب "صلى الله عليه وسلم" هي تحقيق التعايش والسلام الاجتماعي بين البشر وحق الناس جميعًا في الحياة الكريمة وإننا إذ نتخذ من تلك المبادئ الغالية نبراسًا ومنهج عمل فإنني أقول لكل المصريين، إننا ماضون معًا بإرادة صلبة وعزم لا يلين، لبناء وطننا الغالي مصر ليصبح حاضره ومستقبله، على قدر عظمة تاريخه وحضارته، ولتوفير تلك الحياة الكريمة لكل فئات الشعب المصري إعمالًا بقول الحق "تبارك وتعالى": (ومن أحياها فكأنما أحيا الناس جميعًا) فما أحوجنا اليوم، إلى ترجمة معاني تلك الآية السامية، إلى سلوك عملي، وواقع ملموس في حياتنا ودنيانا.

    ردحذف
  5. اللهم فهمنا وحققنا بحقيقة قولك المبين "ويعلمكم الله"

    ردحذف
  6. أفرح بميلاد الحبيب الأعظم.
    وأطرب بذكر المصطفى وترنم.
    وإذا سئلت عن الدليل فقل لهم:
    مافي الترنم بالنبي من مأثم.
    حبي له أملي وباب سعادتي.
    فليس السرور بذكره بمحرم.
    فأفرح وصل عليه وأجعل حبه.
    نبراس قلبك في الزمان المظلم.
    أتظن من فرحوا به يشقوا به!!
    حاشا لربك ذي العطاء الأكرم.

    ردحذف
  7. نجم المدونة مجد يهنئ نفسه ويهنىء صاحب المدونة الأستاذ خالد عبد الفتاح أبوعوف وكافة الأعضاء الكرام. والمسلمين أجمعين من الإنس والجن.
    بمناسبة ذكرى عظيمة وهي ذكرى المولد النبوي الشريف على صاحبها أفضل الصلاة والسلام.
    تمنياتي لكم بدوام الخير والمدد من الله العظيم.

    ردحذف
  8. تبارك الرحمن عجبني جدا سرد حضرتك الحقائق والمعاني ولايات والتدقيق واتفق مع حضرتك إجمالا
    واستوقفتني لفظة "يتعارفون" وهذه اللفظة لوحدها تظهر لنا طول مدة مكوثهم في القبر لدرجة أنهم من طول المدة لم يعرفوا بعضهم فورا.. فلم يقل.. يتحدثون او يتكلمون او يعاتبون او يهمهمون او يزجرون او يندمون او.... بل قال يتعارفون... زي ما اي حد شاف شخص مرة زمان فنسي مين هو او نسي اسمه لكن فاكر شئ أ بعض ملامحه... هكذا في لفظة يتعارفون. ولم يتم هذا النسيان للاصدقاء وقرنائهم الا بطول الزمن

    كذلك كيف يزعمون بقصر مدة المكوث في القبر وان من اول سيدنا آدم للان لم تقام الساعة وهي آلاف وملايين السنين... فكيف بهذه المدة ان تكون قصيرة...!!؟؟

    عمل موفق يا استاذنا جزاك الله خير الجزاء وأعانك وامدك بنوره
    وان كنت يعني تهت كدا في النص وقعدت اقرأ الكلام كام مرة عشان أفهمه 😂... لكن إجمالا امتياز مع مرتبه الشرف نرجوا من الله ونبيه منحك هذه الرتبه...

    والله أعلى واعلم
    اللهم صل على سيدنا محمد وعلى آله وسلم

    ردحذف

ادارة الموقع - ا/ خالد ابوعوف