ج20: رسالة الحق والنور - لو كانت الأحاديث النبوية حجة شرعية ما كان حرقها أبو بكر وما منع عمر كتابتها وما محاها أبو موسى الأشعري - لو كان الحديث النبوي هو حجة شرعية ما كان قال النبي للصحابة (امْحِضُوا كِتَابَ اللهِ ، وَأَخْلِصُوهُ) .. ويزعمون أن أهل الحديث صححوه - ماذا تفعل حينما تقرأ أو تسمع أحد يحتج بأحاديث عن النبي أو الصحابة أوالتابعين ليظهر لك عدم مشروعية الحديث النبوي.

بسم الله الرحمن الرحيم

رسالة

الحق والنور

في موجز علم تدوين الحديث الشريف

وتبرئة البخاري ممن شهد عليه بالزور

(الجزء العشرون)

* فهرس:

:: الفصل التاسع عشر :: تابع/ مناقشة الشبهات التي في مسألة النهي عن كتابة الحديث النبوي ::

1- س64: لو كانت الأحاديث النبوية حجة شرعية ما كان حرقها أبو بكر وما منع عمر كتابتها وما محاها أبو موسى الأشعري ؟

2- س65: لو كان الحديث النبوي هو حجة شرعية ما كان قال النبي للصحابة (امْحِضُوا كِتَابَ اللهِ ، وَأَخْلِصُوهُ) .. ؟

3- س66: ماذا تفعل حينما تقرأ أو تسمع أحد يحتج بأحاديث عن النبي أو الصحابة أوالتابعين ليظهر لك عدم مشروعية الحديث النبوي ؟

 ***************************

:: الفصل التاسع عشر ::

:: تابع/ مناقشة الشبهات التي في مسألة النهي عن كتابة الحديث النبوي ::

***********************

..:: س64: لو كانت الأحاديث النبوية حجة شرعية ما كان حرقها أبو بكر وما منع عمر كتابتها وما محاها أبو موسى الأشعري ؟ ::..

 

- من الشبهات البليدة جدا .. التي يروج لها بعض جماعة القرآنيين أو التنويريين وأشباههم .. هي قولهم بأن الأحاديث النبوية لو كان حجية شرعية ما كان حرقهم أبو بكر وما كان منع كتابته عمر بن الخطاب وما محاها أبو موسى الأشعري .. وهؤلاء من أكابر الصحابة .. وهذا دليل قاطع على عدم حجية الحديث النبوي ..!!

1- ودليل ذلك .. ما جاء في الرواية عن أبو بكر .. عن ابن أبي مليكة قال: (أنَّ أبا بكرٍ جمعَ النَّاسَ بعد وفاةِ نبيِّهم فقالَ : إنَّكُم تحدِّثونَ عن رسولِ اللَّهِ أحاديثَ تختلِفونَ فيها والنَّاسُ بعدَكم أشدُّ اختِلافًا . فلا تحدِّثوا عن رسولِ اللَّهِ شيئًا ، فمن سألكم فقولوا : بينَنا وبينكُم كتابُ اللَّهِ فاستَحِلُّوا حلالَهُ ، وحرِّموا حرامَهُ) رواه الذهبي في تذكرة الحفاظ ..

- عائشة: (جمع أبي الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وكانت خمسمائة حديث فبات ليلته يتقلب كثيرا قالت فغمني فقلت أتتقلب لشكوى أو لشيء بلغك فلما أصبح قال أي بنية هلمي الأحاديث التي عندك فجئته بها فدعا بنا فحرقها فقلت لم أحرقتها قال خشيت أن أموت وهي عندي فيكون فيها أحاديث عن رجل قد ائتمنته ووثقت ولم يكن كما حدثني فأكون قد نقلت ذاك فهذا لا يصح) رواه الذهبي في طبقات الحفاظ عن الحاكم ..  

2- ودليل آخر .. ما جاء في الرواية عن عمر .. عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ قَالَ: (بَعَثَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ إِلَى ابْنِ مَسْعُودٍ وَأَبِي مَسْعُودٍ الْأَنْصَارِيِّ وَأَبِي الدَّرْدَاءِ، فَقَالَ: مَا هَذَا الْحَدِيثُ الَّذِي تُكْثِرُونَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -؟ فَحَبَسَهُمْ بِالْمَدِينَةِ حَتَّى اسْتُشْهِدَ) رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْأَوْسَطِ ..

- في رواية عن عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ: (أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ أَرَادَ أَنْ يَكْتُبَ السُّنَنَ فَاسْتَشَارَ فِيهَا أَصْحَابَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ .. فَأَشَارَ عَلَيْهِ عَامَّتُهُمْ بِذَلِكَ فَلَبِثَ عُمَرُ شَهْرًا .. يَسْتَخِيرُ اللَّهَ فِي ذَلِكَ .. شَاكًّا فِيهِ .. ثُمَّ أَصْبَحَ يَوْمًا وَقَدْ عَزَمَ اللَّهُ لَهُ فَقَالَ: «إِنِّي قَدْ كُنْتُ ذَكَرْتُ لَكُمْ مِنْ كِتَابِ السُّنَنِ مَا قَدْ عَلِمْتُمْ .. ثُمَّ تَذَكَّرْتُ فَإِذَا أُنَاسٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ قَبْلَكُمْ قَدْ كَتَبُوا مَعَ كِتَابِ اللَّهِ كُتُبًا فَأَكَبُّوا عَلَيْهَا وَتَرَكُوا كِتَابَ اللَّهِ .. وَإِنِّي وَاللَّهِ لَا أُلْبِسُ كِتَابَ اللَّهِ بِشَيْءٍ أَبَدًا» فَتَرَكَ كِتَابَ السُّنَنِ) رواه الخطيب البغدادي في تقييد العلم ..

- عن القاسم بن محمد: (أن عمر بن الخطاب بلغه أنه قد ظهر في أيدي الناس كتب، فاستنكرها وكرهها، وقال: "أيها الناس، إنه قد بلغني أنه قد ظهرت في أيديكم كتب، فأحبها إلي أعدلها وأقومها، فلا يبقين أحد عنده كتابا إلا أتاني به، فأرى فيه رأيي. قال: فظنوا أنه يريد أن ينظر فيها، ويقومها على أمر لا يكون فيه اختلاف، فأتوه بكتبهم، فأحرقها بالنار، ثم قال: مثناة كمثناة أهل الكتاب) رواه بن سعد في الطبقات ..

- وعن يحيى بن جعدة: (أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ، أَرَادَ أَنْ يَكْتُبَ السُّنَّةَ، ثُمَّ بَدَا لَهُ أَنْ لاَ يَكْتُبَهَا .. ثُمَّ كَتَبَ فِي الأَمْصَارِ: مَنْ كَانَ عِنْدَهُ مِنْهَا شَيْءٌ فَلْيَمْحُهُ) رواه الخطيب البغدادي في تقييد العلم ..

3- وَعَنْ أَبِي بُرْدَةَ بْنِ أَبِي مُوسَى قَالَ:(كَتَبْتُ عَنْ أَبِي كِتَابًا، فَقَالَ: لَوْلَا أَنَّ فِيهِ كِتَابَ اللَّهِ لَأَحْرَقْتُهُ، ثُمَّ دَعَا بِمِرْكَنٍ أَوْ بِإِجَّانَةٍ، فَغَسَلَهَا ثُمَّ قَالَ: عِ عَنِّي مَا سَمِعْتَ مِنِّي، وَلَا تَكْتُبْ عَنِّي ; فَإِنِّي لَمْ أَكْتُبْ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كِتَابًا، كِدْتَ أَنْ تُهْلِكَ أَبَاكَ) رواه الطبراني في الكبير .. وقال الهيثمي: ورجاله رجال الصحيح .

 

- ثم يقولون بعد ما سبق من سرد الأدلة .. أن هذه أدلة تبين أن الحديث النبوي ليس بحجة وإلا فلماذا المنع والحرق والمحو ؟!!

 

#- قلت (خالد صاحب الرسالة):

- أولا: لماذا الاستدلال بما هم له منكرون وجاحدون ؟!! فكيف يستدل بما هو لا حجة له فيه أصلا ؟!! أهذه منهجية عقلاء أم هو منهجية جدال وشبهات لإرجاف المؤمنين ؟!!

- فإذا ارتضيتم بروايات الحديث .. فناقشوا بما هو صحيح منها .. ولكن أن تأتوا بما هو ضعيف وتستدلوا به كما في روايات أبي بكر وعمر التي ذكرتموها .. فهذا فيه إشارة إلى تعمد منكم في تضليل المؤمنين لإرجافهم .. وإلا فلماذا لم تستدلوا بالصحيح والذي يدل على خلاف الروايات الضعيفة .. ؟!!

 

- ثانيا: قلنا أن هناك فرق بين مسألة كتابة الحديث النبوي .. ومسألة هل الحديث النبوي حجة شرعية أم لا ؟!! فهاتين مسألتين مختلفتان .. فلماذا الخلط بينهما وجعلهما مسألة واحدة ؟!! فهذا خلط وتلبيس في منهجية العلم وبالتالي دليل على نفسية من يفعل ذلك بأن جعل من الباطل وسيلته لأن يسقط به ركن من أركان الشريعة .. وإلا فكيف نفهم هذا الباطل الذي ينتهجه من أسلوب الخلط والتلبيس في العلم الذي يفعله ..؟!!

 

- الأحاديث النبوية الحجة فيها هو ما بلغنا عن النبي صلى الله عليه وسلم .. لأن الحجة لا تثبت بالكتابة وإنما بما نطق به النبي صلى الله عليه وسلم .. كما أن الحجة في القرآن كانت بما نطق به النبي وتلقاه الصحابة عنه .. ولذلك أمرهم النبي صلى الله عليه وسلم بالتحديث بكلامه وليس بكتابة كلامه .. وعلى هذا عمل الصحابة واحتجوا بكلامه وعملوا بحديث النبي صلى الله عليه وسلم والتزموا بأحكامه صلى الله عليه وسلم .. ..!! أما مسألة كتابة الحديث فهذه مسألة أخرى لا علاقة لها بكون الحديث النبوي حجة شرعية أم لا ..!!

- فالذي يتبع أسلوب التلبيس أو التخليط في المسائل .. فإنما فيه دلالة وإشارة إلى فساد نوايا من يتبعون هذا الأسلوب  ..!!

 

- ثالثا: لو كان امتناع الصحابة عن جمع الحديث النبوي في كتاب هو دليلا على أن الحديث النبوي ليس بحجة .. فبنفس هذا المنطق الخاطيء يكون امتناع ابو بكر وزيد بن ثابت في أول الأمر عند جمع القرآن هو دليل على أن عدم جمع القرآن ليس بحجة ؟!! وهذا ما لا يمكن لعاقل أن يقول به ؟!!

- قلت (خالد صاحب الرسالة): ومن رأيي أن سبب المنع من جمع الحديث النبوي في كتاب .. في زمن الخلفاء من الصحابة وبعض التابعين .. إنما ذلك لأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يأمر بجمعه .. ولم يريدوا أن يفعلوا فعلا لم يفعله النبي صلى الله عليه وسلم حيث لم يأمر بجمعه في حياته ..!!

- ولمزيد من المعرفة .. ارجع (لإجابة السؤال رقم 51) تحت عنوان (ما هي الحكمة من النهي عن كتابة الحديث النبوي ؟).

 

- رابعا: ولو كان الحديث النبوي ليس بحجة شرعية ومنهيا عن كتابته على الإطلاق .. لكان الصحابة أولى بهذا النهي في أنفسهم ولأخبروا أنه ليس بحجة شرعية .. ولكن الصحابة ومنهم الخلفاء قد كتبوا الحديث وعملوا به كحجة شرعية مفروضه وواجبة وركن من أركان التشريع .. ولو كان الحديث النبوي ليس بحجة شرعية  لكان الصحابة قالوا بذلك جهرا وعلى الملأ لجميع المسلمين في كافة بلاد المسلمين .. ولكن هذا لم يبلغنا عن أي صحابي .. أيكون الجميع تغافل عن إدراك هذا الأمر ؟!! بكل تأكيد هذا شيء لا يمكن أن يصدقه عاقل أن يكون الصحابة جميعهم نسوا أن يبلغوا أمة النبي صلى الله عليه وسلم بأن الحديث النبوي ليس بتشريع ؟!! بل ولا يمكن أن يكون النبي صلى الله عليه وسلم قد نسى أن يبلغنا بشيء كهذا وإلا كان في ذلك اتهام له صلى الله عليه وسلم بأنه كان مقصرا في تبليغ ذلك ..!! وحاشاه صلى الله عليه وسلم .. فقد بلغنا وشهدنا .. حيث قال صلى الله عليه وسلم: (وإِنَّ ما حرَّمَ رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ كما حرمَ اللهَ) صحيح الترمذي.

 

- وعَن الْعِرْبَاض بن سَارِيَة قال: (أَنه حضر رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يخْطب النَّاس، وَهُوَ يَقُول: أيحسبُ أحدُكمْ متكئًا على أريكتِهِ أنَّ اللهَ تعالى لمْ يحرمْ شيئًا إلَّا ما في هذا القرآنِ ؟ ! ألَا وإنِّي واللهِ قدْ أَمَرتُ ووعظتُ ونهيتُ عنْ أشياءَ إنَّها كمثلِ القرآنِ أو أكثرُ) رواه أبي داود .. وصححه السيوطي في الجامع الصغير ، وحسنه بن حجر في المشكاة .. وحسنه الألباني في الصحيحة .. وقال الأرنؤوط في تخريج أبي داود: صحيح لغيره وهذا إسناد حسن.

 

- فمن ينكر كلام النبي صلى الله عليه وسلم ويجحده بالرغم من كونه قد وصلنا صحيحا وليس له معارض من القرآن .. فهذا النكران والجحود أحسبه في نحره في الدنيا ويوم الدين .. ويكفي أنه سعى بالفتنة في الأرض لإرجاف المؤمنين.

 

- خامسا: أما عن الأحاديث التي استدللتم بها سواء عن أبي بكر أو عمر .. فكلها روايات ضعيفة ولم تصح إلا رواية واحدة عن عمر ولم يتم ذكرها فيما أنتم استدللتم به .. وسبق وأوضحنا ذلك تفصيليا في إجابة السؤال رقم57 .. تحت عنوان: (ما هي الروايات الضعيفة التي يتم تداولها في مسألة النهي عن كتابة الحديث النبوي ؟) .. 

 

- سادسا: استدلالكم بهذا الروايات التي تنقلوها عن الصحابة .. هي روايات في حد ذاتها هي حجة عليكم وليس حجة لكم .. لأن هذه الروايات دلت على أن النهي عن كتابة الحديث النبوي قد تم نسخه بكل تأكيد .. أي أن هذه الروايات دليل قاطع على أن النبي صلى الله عليه وسلم قد سمح في آخر ما استقر عليه أمره بكتابة الحديث النبوي .. وهذا شيء يدركه أيضا من لديه أدنى درجات الفهم والإدراك العقلي .. !!

- بدليل أن عمر حاول كتابة الحديث النبوي واستحسنه الصحابة الحاضرين معه واستخار الله في ذلك .. ولو لم يكن كتابته جائزة ومشروعة ما كان سعى في ذلك ولا استحسنه الصحابة الحاضرين معه ولا يمكن أن يستخير ربنا في معصية رسول الله .. وهذا لا يخفي على من له ولو قليل من العقل ..!! فأي استدلال هذا الذي تستدلون به ؟!! أفلا تعقلون ..؟!!

 

- سابعا: الذي يؤكد لنا تعمد الخيانة العلمية منكم .. هو الانتصار لأنفسكم بهذه الأحاديث والروايات الغير صحيحة في غالبها .. مع إخفاءكم وعدم استدلالكم بالروايات الصحيحة الدالة على كتابة الحديث النبوي من أبي بكر الصديق وعمر بن الخطاب وعلي بن أبي طالب وغيرهم من الصحابة .. والتي فيها أثبات حجية الحديث النبوي في مراسلاتهم واقرارهم بشرعية كلام النبي صلى الله عليه وسلم .. لأن ما أثبتوه إنما كان ما أقره النبي صلى الله عليه وسلم من تشريع مفصل على تشريع عام في القرآن .. مثل تفاصيل الزكاة .. فهي كتشريع عام في القرآن ولكن تفاصيل الزكاة وتوضيحها وتبيينها هي التي بلغتنا عن النبي صلى الله عليه وسلم ..!!

 

- وللمزيد من التفصيل في معرفة الروايات التي تثبت كتابة الصحابة للحديث النبوي في زمن النبي وبعد زمن النبي واتخاذه حجة شرعية وركن من أركان التشريع الديني .. فيمكنك الذهاب إلى (إجابة السؤال رقم 31) تحت عنوان (هل تم كتابة الحديث النبوي في زمن النبي صلى الله عليه وسلم – وما دليل ذلك) .. وارجع إلى (إجابة السؤال رقم 34) .. تحت عنوان (هل تم كتابة الحديث النبوي في زمن الصحابة – وما الدليل على ذلك؟) ..

- وسأذكر البعض من الروايات الصحيحة في ختام إجابة هذه الشبهة ..

 

- ثامنا: أما عن حديث حرق الخمسمائة حديث الذين أحرقهم أبا بكر الصديق .. فهذا كانت له إجابة خاصة وتفصيلية منها أنه حديث باطل ولا يصح .. وعلى افتراض صحته فقد أظهرت مدى فساد عقلية من استدل به .. وعموما الإجابة التفصيلية ستجدها في (إجابة السؤال رقم 58) .. تحت عنوان (هل حديث حرق الخمسمائة حديث الذين أحرقهم أبا بكر فيه دليل على عدم حجية الحديث النبوي وعدم اعتراف بالحديث النبوي من أساسه ؟).

 

- تاسعا: أما عن سبب منع عمر بن الخطاب لكتابة الحديث فهو لأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يفعله أي لم يكتب الحديث .. كما كان هذا سبب امتناع أبو بكر قبل أن يسمح بجمع القرآن لأن النبي لم يجمعه ..

- وبما أن العلماء من الصحابة ومن تابعوهم موجودين .. فمن يسأل في مسألة ما .. سيجد السائل لها من يجيبه عليها سواء من القرآن أو من حديث النبي صلى الله عليه وسلم الذي كان يتم التحديث به تلقينا كما أمرهم النبي صلى الله عليه وسلم بالتحديث بكلامه ..

- فمن يريد الفقه والفهم في الدين ومعرفة كلام النبي صلى الله عليه وسلم .. فليذهب ليأخذه من مكانه العلمي في مجالس أهل العلم .. وليس من على الإنترنت كما هو الآن ..!! ولا حول ولا قوة إلا بالله ..!!

 

- عاشرا: أما عن حديث أبي موسى الأشعري وهو صحيح .. والذي جاء فيه عَنْ أَبِي بُرْدَةَ بْنِ أَبِي مُوسَى قَالَ:(كَتَبْتُ عَنْ أَبِي كِتَابًا، فَقَالَ: لَوْلَا أَنَّ فِيهِ كِتَابَ اللَّهِ لَأَحْرَقْتُهُ، ثُمَّ دَعَا بِمِرْكَنٍ أَوْ بِإِجَّانَةٍ، فَغَسَلَهَا ثُمَّ قَالَ: عِ عَنِّي مَا سَمِعْتَ مِنِّي، وَلَا تَكْتُبْ عَنِّي ; فَإِنِّي لَمْ أَكْتُبْ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كِتَابًا، كِدْتَ أَنْ تُهْلِكَ أَبَاكَ) رواه الطبراني في الكبير .. وقال الهيثمي: ورجاله رجال الصحيح .

 

1- فعل أبا موسى ليس نهيا نبويا .. وإنما رغبة واجتهاد منه هو في فعل ذلك ..

 

2- ومن ناحية أخرى هذا الحديث حجة عليكم وليست حجة لكم .. ليه ؟

أ- لأنه لو كان النهي ممنوعا عن كتابة الحديث لكان وجب على أبي موسى أن يخبر ابنه فيقول له: كيف كنت تفعل ذلك وقد نهانا النبي على كتابة حديثه ؟!

ب- ولكن لما لم يُظهر أبا موسى لولده وجود نهي نبوي في المسألة .. وهذا يجعلنا نفهم لمن له شيئا من العقل .. أن كتابة الحديث كانت مباحة في آخر زمن النبي صلى الله عليه وسلم ولا نهي فيها ..!!

 

3- كما أن حديث أبا موسى يثبت حجية الحديث النبوي وأنها ركن من التشريع .. كما جاء في الرواية في نصيحة أبا موسى لابنه (يَا بُنَيَّ احْفَظْ كَمَا حَفِظْتُ) .. وهي الرواية التي لم تستدل بها جماعة القرآنيين كعادتهم .. وهي رواية وَعَنْ أَبِي بُرْدَةَ بْنِ أَبِي مُوسَى قَالَ: (كَتَبْتُ حَدِيثَ أَبِي مُوسَى أَنَا وَمَوْلَى لَنَا .. قَالَ: فَظَنَّ أَنِّي أَكْتُبُ حَدِيثَهُ فَقَالَ: يَا بُنَيَّ أَتَكْتُبُ حَدِيثِي؟ قُلْتُ: نَعَمْ .. قَالَ: جِئْنِي بِهِ .. قَالَ: فَأَتَيْتُهُ بِهِ .. فَنَظَرَ فِيهِ فَمَحَاهُ .. وَقَالَ: يَا بُنَيَّ احْفَظْ كَمَا حَفِظْتُ) رواه الخطيب البغدادي في تقييد العلم .. وقال محققه الشيخ سعد عبد الغفار: إسناده حسن.

- (أبي بردة): هو بن أبي موسى الأشعري.

- قوله (مولى لنا): أي خادم يخدمنا ..

- قوله (كِدْتَ أَنْ تُهْلِكَ أَبَاكَ): لأنه خاف أن يكون بدعة هو فعلها .. ولذلك قال لابنه (يَا بُنَيَّ احْفَظْ كَمَا حَفِظْتُ) ..

 

- الحادي عشر: أذكر لك أخي الحبيب بعض الأحاديث التي تدل على كتابة الخلفاء للحديث النبي واحتجاجهم به كحجة شرعية يطبقونها .. وهي الأحاديث التي يتعمد هؤلاء القرآنيين أو التنويرين إخفائها عن المؤمنين حتى لا ينفضح أمرهم ..

 

1- أبو بكر يكتب الحديث النبوي .. فعن أنس بن مالك قال: (أنَّ أبَا بَكْرٍ رَضيَ اللهُ عنه كَتَبَ له هذا الكِتَابَ لَمَّا وجَّهَهُ إلى البَحْرَيْنِ: بسْمِ اللهِ الرَّحمَنِ الرَّحِيمِ، هذِه فَرِيضَةُ الصَّدَقَةِ الَّتي فَرَضَ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ علَى المُسْلِمِينَ، والَّتي أمَرَ اللهُ بهَا رَسولَهُ، فمَن سُئِلَها مِنَ المُسْلِمِينَ علَى وجْهِها فَلْيُعْطِهَا، ومَن سُئِلَ فَوْقَهَا فلا يُعْطِ ....... إلى آخر الحديث) صحيح البخاري.

 

- وفي رواية بلفظ: (إنَّ أبا بكرٍ الصِّدِّيقَ رضيَ اللهُ عنه لَمَّا استُخلِفَ وجَّهَ أنسَ بنَ مالكٍ إلى البَحرَينِ، فكَتَبَ له: بسمِ اللهِ الرَّحمنِ الرَّحيمِ .......) رواه البيهقي في السنن الكبرى .. وقال الدارقطني: اسناده صحيح وكله ثقات .

 

- والشاهد من الحديث .. أن أبا بكر قد كتب من الحديث النبوي لأنس بن مالك .. وكان في هذا الحديث إرشادات نبوية وأحكام .. وفي هذا دلالة على أن الحديث النبوي كان يتم كتابته وتداوله في زمن خلافة أبو بكر الصديق .. وفيه دلالة على أنه حجة شرعية واجب اتباعها.

 

2- عمر بن الخطاب يكتب الحديث .. عَنْ أَبِي عُثْمَانَ، قَالَ: (كُنَّا مَعَ عُتْبَةَ بْنِ فَرْقَدٍ .. فَكَتَبَ إِلَيْهِ عُمَرُ بِأَشْيَاءَ يُحَدِّثُهُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ .. فَكَانَ فِيمَا كَتَبَ إِلَيْهِ: أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: " لَا يَلْبَسُ الْحَرِيرَ فِي الدُّنْيَا إِلَّا مَنْ لَيْسَ لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْهُ شَيْءٌ، إِلَّا هَكَذَا " وَقَالَ بِإِصْبَعَيْهِ: السَّبَّابَةِ وَالْوُسْطَ) رواه أحمد وقال الأرنؤوط: إسناده صحيح على شرط الشيخين.

 

- قوله (لَا يَلْبَسُ الْحَرِيرَ فِي الدُّنْيَا): هو خاص بالرجال حيث ممنوع عليهم لبس الحرير الكامل .. إنما هذا خاص بالنساء فقط .. ولكن يستثنى للرجال ما فيه قدر ضئيل كما يوضحه هذا الحديث وهو بمقدار أصبعين ..

- قوله (إلا هكذا - قال بأصبعيه): أي لا يسمح بوجود الحرير إلا بقدر أصبعي السبابة والوسطى .. أي لا مانع من وجود مثل خط من الحرير فيه ألوان أو تطريز ويكون بعرض أصبعين في طول الثوب أو اللحاف أو غيره .. ولكن لا يكون كله من الحرير .. وهذا خاص بالرجال .. ولكن النساء يجوز لهن لبس الحرير وهذا ما عليه جمهور العلماء.

- قوله (قال بأصبعيه): أي أشار بضم أصبعيه السبابة والوسطى رافعا بهما ..

 

* والشاهد من الحديث .. هو أن عمر بن الخطاب كان كتب حديث النبي صلى الله عليه وسلم وأرسله إلى عتبة بن فرقد في أذربيجان .. وكان بإمكانه أن يبلغ الرسالة مشافهة مع من يثق به .. ولكنه كتبها .. وفي ذلك دلالة على أن الصحابة كانوا يكتبون الحديث النبوي في مراسلاتهم ويحجتون به كحكم شرعي واجب العمل به وفرض من الله .. وإلا فما فائدة أن يكتب عمر بن الخطاب حديث النبي صلى الله عليه وسلم ؟!!.

 

- وعن إِبْرَاهِيمَ بنُ يزيد بن شريك التَّيْمِيِّ عَنْ أَبِيهِ (يزيد – وهو تابعي) قَالَ: (خَطَبَنَا عَلِيٌّ، فَقَالَ: مَنْ زَعَمَ أَنَّ عِنْدَنَا شَيْئًا نَقْرَؤُهُ إِلا كِتَابَ اللهِ وَهَذِهِ الصَّحِيفَةَ - صَحِيفَةٌ فِيهَا أَسْنَانُ الْإِبِلِ وَأَشْيَاءُ مِنَ الْجِرَاحَاتِ - فَقَدْ كَذَبَ) رواه أحمد .. وقال الأرنؤوط: إسناده صحيح على شرط الشيخين.

- قوله (أسنان الأبل): أي الزكاة الواجبة في أعمار الأبل .

 

- وفي رواية بلفظ عَنْ إِبْرَاهِيمَ التَّيْمِيِّ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قال: (مَا كَتَبْنَا عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَّا الْقُرْآنَ وَمَا فِي هَذِهِ الصَّحِيفَةِ) صحيح أبي داود.

 

3- علي بن أبي طالب يكتب الحديث .. فقد جاء في الحديث عَنْ أَبِي جُحَيْفَةَ قَالَ: (قُلْتُ لِعَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ: هَلْ عِنْدَكُمْ كِتَابٌ؟ قَالَ: " لاَ، إِلَّا كِتَابُ اللَّهِ، أَوْ فَهْمٌ أُعْطِيَهُ رَجُلٌ مُسْلِمٌ، أَوْ مَا فِي هَذِهِ الصَّحِيفَةِ. قَالَ: قُلْتُ: فَمَا فِي هَذِهِ الصَّحِيفَةِ؟ قَالَ: العَقْلُ، وَفَكَاكُ الأَسِيرِ، وَلاَ يُقْتَلُ مُسْلِمٌ بِكَافِرٍ) صحيح البخاري.

 

- وفي رواية عَنْ أَبِي جُحَيْفَةَ بلفظ: (هَلْ عِنْدَكُمْ شَيْءٌ مِنَ الوَحْيِ إِلَّا مَا فِي كِتَابِ اللَّهِ؟ قَالَ: «لاَ وَالَّذِي فَلَقَ الحَبَّةَ، وَبَرَأَ النَّسَمَةَ، مَا أَعْلَمُهُ إِلَّا فَهْمًا يُعْطِيهِ اللَّهُ رَجُلًا فِي القُرْآنِ، وَمَا فِي هَذِهِ الصَّحِيفَةِ»، قُلْتُ: وَمَا فِي الصَّحِيفَةِ؟ قَالَ: العَقْلُ، وَفَكَاكُ الأَسِيرِ، وَأَنْ لاَ يُقْتَلَ مُسْلِمٌ بِكَافِرٍ) صحيح البخاري.

 

- وفي رواية عَنْ أَبِي جُحَيْفَةَ بلفظ: (قَالَ: سَأَلْتُ عَلِيًّا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، هَلْ عِنْدَكُمْ شَيْءٌ مِمَّا لَيْسَ فِي القُرْآنِ؟ وَقَالَ مَرَّةً: مَا لَيْسَ عِنْدَ النَّاسِ؟ فَقَالَ: وَالَّذِي فَلَقَ الحَبَّةَ وَبَرَأَ النَّسَمَةَ ...... إلى آخر الحديث) صحيح البخاري.

 

- وفي رواية عن قيس بن عبادة (صحابي) والأشتر واسمه مالك بن الحارث (تابعي) .. أنهما ذهبا للإمام علي بن أبي طالب وسألاه: (هل عَهِدَ إليكَ رسولُ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ عَهْدًا لم يَعهدهُ إلى النَّاسِ عامَّةً ؟ قالَ: لا إلَّا ما كانَ في كِتابي هذا .. فأخرجَ كتابًا من قِرابِ سيفِهِ (أي جراب سيفه) ) صحيح أبي داود.

 

* من شرح الحديث:

- قوله (هَلْ عِنْدَكُمْ كِتَابٌ): أي هل يوجد عندك يا أهل البيت كتابا اختصكم به النبي عن سائر المسلمين ؟!!

- قوله (الصحيفة): وهو كمثل صفحة مكتوب فيها بعض من أحاديث النبي صلى الله عليه وسلم تتعلق بالصدقات والديات .

- قوله (فَهْمٌ أُعْطِيَهُ رَجُلٌ مُسْلِمٌ): وهو البصيرة والاستنباط والفقه في كتاب الله .  

- قوله (برأ النسمة): أي خلق النفس.

- قوله (العقل): أي الديات .. وقد سميت الإبل عقلا لأنهم كانوا يعقلونها بالعِقال أي الحبال .. أي يربطونها بفناء دار المقتول بالحبال حين يقدمونها في الديات.

 - قوله (الفكاك): حكم فك وتخليص الأسير من يد العدو والترغيب في ذلك .

 

- وليس هناك أوضح من هذا الحديث في بيان أن كتابة الحديث النبوي تمت في زمن النبي صلى الله عليه وسلم .. وتمت كتابته أمام النبي صلى الله عليه وسلم .. بل وبإملاء من النبي صلى الله عليه وسلم.. ودليل ذلك هذه الرواية: (هل عَهِدَ إليكَ رسولُ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ عَهْدًا لم يَعهدهُ إلى النَّاسِ عامَّةً ؟ قالَ: لا إلَّا ما كانَ في كِتابي هذا) .. وهذا يظهر أن النبي صلى الله عليه وسلم قد سمح لعلي بن أبي طالب بكتابة الحديث واحتفظ به عنده ..

- ولو كان النبي نهى عن كتابة الحديث نهيا حكمه دائم .. فلماذا علي بن أبي طالب كان محتفظا به ؟ ولماذا لم يمحوه ؟!! بل وكيف كتبه طالما كان منهيا عن كتابة الحديث ؟!!

 

* وخلاصة ما سبق:

- يتبين لك مدى الإنحراف العلمي الخطير والتضليل المتعمد .. الذي يتبعه بعض جماعة القرآنيين في محاولة منهم لإسقاط الركن الثاني من أركان الدين في التشريع ..

- ألا يسمى هذا التضليل المتعمد في العلم .. هو خيانة في الأمانة العلمية ..!!

- فانتبه يا مؤمن مما ينشره ويروج له هؤلاء القرآنيون أو الجاحدون للحديث النبوي ..!!

 

 ***************************

 

..:: س65: لو كان الحديث النبوي هو حجة شرعية ما كان قال النبي للصحابة (امْحِضُوا كِتَابَ اللهِ ، وَأَخْلِصُوهُ) ؟ ::..

 

- من الأدلة التي يهوى بعض جماعة القرآنيين الإستدلال بها لإسقاط مشروعية وحجية الحديث النبوي .. حديث يرونه من مسند الإمام أحمد .. جاء في روايته أن النبي قال: (امْحِضُوا كِتَابَ اللهِ وَأَخْلِصُوهُ) رواه أحمد ..

- ثم يقولون: والحديث قد صححه محققي مسند الإمام أحمد فقالوا: حديث صحيح ..!! وبالتالي فلا حجة لكم في الطعن فيه .. !!

- وبهذا الدليل يثبت لهم بصورة قطعية أن السنة النبوية ليست تشريع وإلا ما كان قال النبي هذا الكلام عن محو حديثه ..!!

#- قلت (خالد صاحب الرسالة):

- أولا: لماذا الاستدلال بما أنتم له منكرون وجاحدون ؟!! فكيف تستدل بما هو لا حجة لك فيه أصلا ؟!! أهذه منهجية عقلاء أم هو منهجية جدال وشبهات لإرجاف المؤمنين ؟!!

 

- وطالما الحديث النبوي حجة لكم تعتمدونها .. فلماذا لم تعتمدوا قوله صلى الله عليه وسلم حينما قال: (ألا هل عسى رجلٌ يبلُغُه الحديثُ عني وهو مُتَّكِئٌ على أريكَتِهِ ، فيقولُ: بينَنَا وبينَكم كتابُ اللهِ ، فما وجدْنا فيه حلالًا استحلَلْنَاه ، وما وجدْنا فيه حرامًا حرَّمناه .. وإِنَّ ما حرَّمَ رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ كما حرمَ اللهَ) صحيح الترمذي.

 

- أم أن هذا الحديث .. لا يتفق مع هواكم في جحود السنة النبوية وهدمها ..؟!!

 

- أو بطريقة أخرى هذا الحديث يزعجكم لأنه يكشف ويظهر مكنون ما تحملونه في صدوركم تجاه النبي صلى الله عليه وسلم .. وهو الجحود في اتباعه والسعي بكل قوة في محو سنته صلى الله عليه وسلم ..!!

 

- ثانيا: قلنا ونكرر أن هناك فرق بين مسألة كتابة الحديث النبوي .. ومسألة هل الحديث النبوي حجة شرعية أم لا ؟!! فهذا خلط بين مسألتين مختلفتين .. وهذا الخلط والتلبيس منكم منهجية العلم دليلا على سكون أسلوب الباطل في نفوسكم .. ودليل على تعمد نفسي منكم في اتباع أسلوب أهل الباطل في جحود الحديث النبوي والسعي في هدمه كركن من أركان التشريع .. فكيف لعاقل أن يتبع من اتخذ من الخيانة العلمية أسلوب ومنهجا له ؟!! إلا لو تشابه عقله وقلبه معكم  فهذا لا عجب فيه حينئذ ..!!

 

- ثالثا: الأحاديث النبوية الحجة فيها هو ما بلغنا عن النبي صلى الله عليه وسلم .. لأن الحجة لا تثبت بالكتابة وإنما بما نطق به النبي صلى الله عليه وسلم .. ولذلك قال صلى الله عليه وسلم (حَدِّثُوا عَنِّي وَلَا حَرَجَ) صحيح مسلم .. وعلى هذا عمل الصحابة واحتجوا بكلامه وعملوا بحديث النبي صلى الله عليه وسلم والتزموا بأحكامه صلى الله عليه وسلم .. ..!! أما مسألة كتابة الحديث فهذه مسألة أخرى لا علاقة لها بكون الحديث النبوي حجة شرعية أم لا ..!! ومن يتبع أسلوب تلبيس وتخليط المسائل ببعضها .. فهذا يفسد من شرف الإنسان حال كونه يتبع أسلوب أهل الباطل والكذب في تدوين العلم ..!!

 

- رابعا: أما عن الحديث الذي جعلوه حجة لهم .. ولا أدري كيف يكون حجة لهم وهم له منكرون ؟!!

- ولكن إذا ناقشنا هذه الحجة .. فدعني أخبرك أخي الحبيب بأنهم اتبعوا في هذا الحديث أسلوب التضليل مرتين:

- المرة الأولى: حينما زعموا أن في الحديث دلالة أن السنة النبوية غير مشروعة أي ليست بحجة شرعية.

- المرة الثانية: حينما تعمدوا اجتزاء كلام محققي مسند الإمام أحمد .. وقالوا أنهم صححو الحديث .. وسكتوا على جملة (حديث صحيح) فقط .. ولم يظهروا فساد السند الذي ذكره محققي الحديث .. !!

 

* وإليك تفصيل أسلوب التضليل الذي سلكوه ..

1- الحديث الذي استدلوا به على افتراض صحته وهو غير صحيح السند وإنما قد يكون صحيحا لغيره كما ستعرف ..!! إلا أن هذا المستدل بهذا الحديث لم يذكره كاملا .. لأنه لو ذكره كاملا لانكشف حاله .. ليه ؟

 

- تأمل معي أصل الحديث الذي حذفوا نصفه .. فعن أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: (كُنَّا قُعُودًا نَكْتُبُ مَا نَسْمَعُ مِنَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَخَرَجَ عَلَيْنَا، فَقَالَ: " مَا هَذَا تَكْتُبُونَ؟ " فَقُلْنَا: مَا نَسْمَعُ مِنْكَ، فَقَالَ: " أَكِتَابٌ مَعَ كِتَابِ اللهِ؟ " فَقُلْنَا: مَا نَسْمَعُ، فَقَالَ: " أَكِتَابٌ غَيْرُ كِتَابَ اللهِ امْحِضُوا كِتَابَ اللهِ ، وَأَخْلِصُوهُ " قَالَ: فَجَمَعْنَا مَا كَتَبْنَا فِي صَعِيدٍ وَاحِدٍ، ثُمَّ أَحْرَقْنَاهُ بِالنَّارِ، قُلْنَا: أَيْ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَتَحَدَّثُ عَنْكَ؟ قَالَ: " نَعَمْ تَحَدَّثُوا عَنِّي وَلَا حَرَجَ، وَمَنْ كَذَبَ عَلَيَّ مُتَعَمِّدًا فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنَ النَّارِ " قَالَ: فَقُلْنَا: يَا رَسُولَ اللهِ أَنَتَحَدَّثُ عَنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ؟ قَالَ: " نَعَمْ، تَحَدَّثُوا عَنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَلَا حَرَجَ، فَإِنَّكُمْ لَا تَحَدَّثُونَ عَنْهُمْ بِشَيْءٍ إِلَّا وَقَدْ كَانَ فِيهِمْ أَعْجَبَ مِنْهُ) رواه أحمد ..

- قوله (امحضوه): أي امحو كل ما يكتب من كلامي حول كلام الله .. واجعلوا المكتوب فقط هو كلام الله .

- قوله (ولا حرج): أي لا إثم عليكم في ذلك ..

 

- وهذا الحديث لو كان أكمله هذا المستدل به دون حذف منه .. لكان أثبت حجية الحديث وشرعيته لأن النبي قال (نَعَمْ تَحَدَّثُوا عَنِّي وَلَا حَرَجَ) .. فلو لم يكن كلامه حجة شرعية ما كان أجاز لهم نقل حديثه والتحدث به .. بل ولكان أخبرهم أن يكتفوا بالقرآن فقط ..!! وبذلك ثبتت حجية وشرعية الحديث النبوي .. بل وثبت أن هذا الحديث هو حجة عليهم وليس حجة لهم ..!!

 

2- أما عن إرشاد النبي لمحو أي كتابات حول القرآن .. فذلك حتى لا يختلط بغيره .. فيظن أحد ان كلام النبي جزء من كلام الله .. والذي يتبين من رواية الحديث أن الذي كان يكتب فهو كان يكتب حول آيات من القرآن .. وكأنه ينقل تفسير للنبي صلى الله عليه وسلم .. ودليل ذلك قوله (أَكِتَابٌ مَعَ كِتَابِ اللهِ) وقوله (أَكِتَابٌ غَيْرُ كِتَابَ اللهِ امْحِضُوا كِتَابَ اللهِ ، وَأَخْلِصُوهُ) .. فهذا دليل على أنهم كانوا يكتبون الآيات ومعها التفسير النبوي أو الفقه النبوي من حولها .. ولذلك نهاهم النبي عن ذلك .

 

3- أما عن أسلوب التزييف والتحريف في نقلهم لكلام أهل العلم .. حيث قالوا: أن محققي مسند أحمد قالوا أنه صحيح .. !! ولم ينقلوا باقي كلام محققي المسند ..!! فهذا شيء خبيث جدا .. حيث أن محققي الحديث يقولون أن اسناد الحديث ضعيف .. ولكنهم جماعة القرآنيين حذفوا جملة (إسناد الحديث ضعيف) ..!!

 

- وإليك نص كلام محققي الحديث باختصار:

- حديث صحيح .. هذا إسناد ضعيف لضعف عبد الرحمن بن زيد ..!!

- ثم قالوا بعد ذلك: وعبد الرحمن بن زيد، فقد أجمع أهل العلم بالنقل على تضعيف أخباره، وليس هو بحجة فيما ينفرد به..!!

 

- فحذفوا جملة (وهذا اسناد ضعيف لضعف عبد الرحمن بن زيد) وحذفوا جملة (وعبد الرحمن بن زيد، فقد أجمع أهل العلم بالنقل على تضعيف أخباره، وليس هو بحجة فيما ينفرد به) .. !!

 

- ويتبين لك أخي الحبيب .. أن الحديث أصلا ضعيف ولا يرتقي ليكون حجة في الإستدلال .. ولكن بعض هذه الجماعة من الواضح أنه يستبيح أسلوب التضليل  .. فقام بنقل أول كلمتين من كلامهم وحذف باقي تحقيق الحديث وكأنه لا يراه ..!!

 

- أما عن مفهوم قول محققي الحديث: بأنه صحيح .. أي صحيح لغيره أو لشواهده .. أي أن لهذا المتن أي نص الحديث .. له أجزاء منه في الأحاديث الصحيحة مثل قوله (نَعَمْ تَحَدَّثُوا عَنِّي وَلَا حَرَجَ، وَمَنْ كَذَبَ عَلَيَّ مُتَعَمِّدًا فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنَ النَّارِ) ..، وقوله (تَحَدَّثُوا عَنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَلَا حَرَجَ) .. فهذه اجزاء موجودة في الأحاديث الصحيحة .. ولكن ليس معنى أن بعض اجزاء الحديث موجودة في الصحيح .. فهذا معناه أن يتم الاحتجاج به وذلك لأن سنده غير صحيح ..!!

 

- وخلاصة القول: أن هذا الحديث ليس صحيح لذاته كما أراد بعض الغير أمناء في نقل العلم أن يوهموا به المؤمنين .. لا .. هذا حديث ضعيف السند كما أوضح محققي المسند .. وكيف يكون صحيح لذاته وفيه راوي لا يحتج به أصلا ..!! وإنما يقال هو صحيح لغيره أو لشواهده ..

 

- ولذلك محققو مسند الإمام أحمد .. أكدوا يقينا أن الحديث إسناده ضعيف وأوضحوا علته .. ولكنهم أرادوا أن يثبتوا أن أجزاء من هذا الحديث نفسه لها ما يدل عليها في أسانيد صحيحه .. وهذا كلام يفهمه من هم على علم بما يقوله أهل الحديث في التحقيق .. فما ذنبهم حينئذ إن كان الذي يقرأ لهم جاهل أو غبي أو مضلل أو خاين في نقل العلم عنهم ..!!

 

#- وحتى لو كان الحديث صحيح لغيره أو لشواهده وليس صحيحا لذاته .. وهذه الجماعة تعترف بالحديث الصحيح لغيره .. فقد أظهرت لك أخي الحبيب أن الحديث هو حجة عليهم وليس حجة لهم .. والله ولي التوفيق ..

 

***********************

 

..:: س66: ماذا تفعل حينما تقرأ أو تسمع أحد يحتج بأحاديث عن النبي أو الصحابة أوالتابعين ليظهر لك عدم مشروعية الحديث النبوي ؟ ::..

 

# قلت (خالد صاحب الرسالة):

 - من الأمور المهمة التي يجب أن تنتبه لها أخي الحبيب حينما تقرأ أو تسمع أحاديث عن النبي أو الصحابة أو التابعين .. تتكلم عن مسألة النهي عن كتابة الحديث .. ويحاول البعض بذلك أن يثبت لك أن الحديث بذلك ليس بحجة شرعية .. فانتبه للآتي واستخدم عقلك متفكرا:

1- كيف يحتجون بما هو له منكرون ؟!! فهذا شيء مثير للشك في النفس .. وفيه شبهة عليهم بأنهم يستخفون بعقول من يستمعون أو يقرأون لهم .. فكيف تتبع من يستخف بعقلك ويستغفلك بل ويناقض نفسه ويستدل بما هو أصلا له منكر .. ؟!! فانتبه ..!!

 

2- وانتبه إلى أن هناك فرق بين كتابة الحديث .. وبين كون الحديث حجة شرعية .. لأن الكتابة ليست دليل إثبات للشرعية ..!!

 

3- وانتقل إلى الأجزاء في هذه الرسالة التي فيها الأحاديث والروايات الصحيحة والضعيفة في زمن النبي صلى الله عليه وسلم وزمن الصحابة وزمن التابعين وزمن تابعي التابعين .. وستجد الإجابة الواضحة لكل ما تبحث عنه بإذن الله تعالى .

 

4- فإذا لم تجد هذه الروايات في هذه الرسالة .. فاجتهد في معرفة أي رواية أو حديث تسمعه .. ولا تأخذ من الروايات إلا ما هو محقق حتى يطمئن قلبك .. أما الروايات التي لا تحقيق لها .. فتوقف عن الأخذ بها حتى تتبين حقيقتها ..!!

 

* وبهذا يكون ختام الكلام على الأدلة الشرعية التي يحتجون بها من الاحاديث في الدلالة على عدم مشروعية الحديث النبوي .. وبعدها ننتقل لمناقشات عقلية افترضوها لإسقاط مشروعية الحديث النبوي.

 

****************************

يتبع إن شاء الله تعالى

*****************

والله أعلم

اللهم صل على سيدنا محمد وعلى آله وسلم

هذه الرسائل العلمية مصدرها - مدونة الروحانيات فى الاسلام -  ومؤلفها / الأستاذ خالد أبوعوف - ولا يحق لأحد نقل أي موضوع من مواضيع أو كتب أو رسائل المدونة .. إلا بإذن كتابي من صاحب المدونة - ا/ خالد أبوعوف .. ومن ينقل موضوع من المدونة أو جزء منه (من باب مشاركة الخير مع الآخرين) فعليه بالاشارة الى مصدر الموضوع وكاتبه الحقيقي .. ولا يحق لأحد بالنسخ أو الطباعة إلا بإذن كتابي من الأستاذ / خالد أبوعوف .. صاحب الموضوعات  ..