ج18: رسالة الحق والنور - ما سبب قلة كتابة الحديث في زمن النبي بالرغم من سماحه بكتابة الحديث النبوي - هل القرآن كان كله مكتوبا ومجموعا عند أي أحد من الصحابة في زمن النبي صلى الله عليه وسلم - هل يريد بعض جماعة القرآنيين مشاركة الملحدين في إسقاط القرآن.

          بسم الله الرحمن الرحيم

رسالة

الحق والنور

في موجز علم تدوين الحديث الشريف

وتبرئة البخاري ممن شهد عليه بالزور

(الجزء الثامن عشر)

* فهرس:

:: الفصل السابع عشر :: مناقشة الشبهات التي في مسألة النهي عن كتابة الحديث النبوي ::

1- س60: ما سبب قلة كتابة الحديث في زمن النبي بالرغم من سماحه بكتابة الحديث النبوي ؟

2- س61: هل القرآن كان كله مكتوبا ومجموعا عند أي أحد من الصحابة في زمن النبي صلى الله عليه وسلم ؟ (هل يريد بعض جماعة القرآنيين مشاركة الملحدين في إسقاط القرآن).

***************************

:: الفصل السابع عشر ::

:: مناقشة الشبهات التي في مسألة النهي عن كتابة الحديث النبوي ::

***********************

 

..:: س60: ما سبب قلة كتابة الحديث في زمن النبي بالرغم من سماحه بكتابة الحديث النبوي ؟ ::..

 

- من العلماء من أجاب على هذا السؤال مثل الإمام محمد أبو شُهبة رحمه الله (المتوفى: 1403هـ) في كتابه (الوسيط في علوم الحديث ص51) حيث قال:

- وإنما لم تدون الأحاديث كلها "كالقرآن" في عهد النبي -صلى الله عليه وسلم- لأمور:

1- لفشو الأمية، وعدم توفر أدوات الكتابة فيهم ..

2- ولسعة حفظهم، وسيلان أذهانهم، واعتمادهم على الحفظ أكثر من اعتمادهم على الكتابة..

3- لورود النهي عن ذلك .. فقد روى مسلم في صحيحه بسنده عن أبي سعيد الخدري عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: (لا تكتبوا عني ومن كتب عني غير القرآن فليمحه) صحيح مسلم. أ.هـ.

 

#- قلت (خالد صاحب الرسالة) .. تعقيبا على كلام الإمام أبو شهبة رحمه الله:

1- السبب الأول (الأمية وقلة الأدوات الكتابية) .. بالرغم من صحة هذا الرأي .. ولكن يحتاج إلى بيان .. لأنه قد يتم الرد عليه فيقال: هذا ليس سببا مقنعا لأن الأمية كانت منتشرة مع قلة أدوات الكتابة ومع ذلك كان البعض يكتب آيات القرآن ..!!

 

2- السبب الثاني (الاعتماد على الحفظ) .. وبالرغم أيضا من صحته .. ولكن يحتاج إلى بيان .. لأنه قد يتم الرد عليه فيقال: أيضا هذا ليس سببا لأن اعتمادهم على الحفظ فقط لم يمنعهم من تدوين وكتابة آيات من القرآن.

 

3- السبب الثالث (النهي النبوي عن الكتابة) .. بالرغم من صحته .. إلا أنه يحتاج توضيح وتفصيل وبيان .. لأن هذا الرأي إنما يصح أن يقال حتى قبل فتح مكه .. ولكن لا يصح أن يتم ذكره على الإطلاق .. حتى لا يتم الفهم بأن النهي ظل مستمرا حتى ختام زمن النبي صلى الله عليه وسلم .. لأنه تم نسخه والتوقف عن العمل به .. مع فتح مكه حيث سمح النبي صلى الله عليه وسلم بكتابة حديثه .. كما شرحنا ذلك سابقا.

 

#- قلت (خالد صاحب الرسالة) ..

- دعني أوضح لك أسباب عدم كتابة الحديث النبوي في زمن النبي صلى الله عليه وسلم ..

 

- أولا: أسباب نبوية ..

- وهذه الأسباب النبوية تتلخص في نهي النبي صلى الله عليه وسلم عن كتابة حديثه حتى زمن فتح مكه (8 هجرية) .. وفتح مكة كان بعد مضي حوالي عشرون سنة من الدعوة تقريبا .. وخلال هذه الفترة الزمنية كان أمر النهي ساريا .. وبالتالي لا يجرؤ أحد على كتابة الحديث النبوي .. ولعل الحكمة في ذلك حتى يتم الفهم أن للقرآن خصوصية تعبدية ولا يصح أن يختلط بغيره .. ولأن النبي صلى الله عليه وسلم كان حاضرا بينهم ومن السهل أن يسألوه في أي شيء فما الحاجة في كتابة الحديث ..

 

- ثانيا: أسباب اجتماعية وبيئية ..

1- من أسباب عدم كتابة الحديث النبوي بالرغم من السماح بكتابته في آخر ثلاث سنوات من حياة النبي صلى الله عليه وسلم حيث توفى سنة (11 هجرية) .. هو قلة الموارد الكتابية لعدم احتياجهم إليها سواء لغلبة الفقر على كثير من المؤمنين .. أو لاعتمادهم على موهبة الحفظ ..

- وكانت موهبة الحفظ عند العرب مشهورا جدا .. ولعل البعض منهم كان يقول في نفسه: طالما هو يحفظ فلماذا يكتب .. ويضيع ماله على أدوات الكتابة طالما لديه وسيلة أخرى لتخزين العلم وهي الحفظ ..؟!! ، أو يقول البعض: لو أردت أن أسأل النبي في شيء فسأذهب إليه وأسأله فلماذا أكتب حديثه وأين سأدون كل كلامه الذي يتكلم به ؟!!، وما شابه مثل هذه الخواطر التي تدور في أنفسنا عادة ..

 

2- انتشار الأمية مع انعدام الثقافة .. عوامل مشجعة لموت أي رغبة داخلية أو عزيمة في تحقيق شأن الكتابة .. خاصة وأن النفس ستقول وما ستفيدني الكتابة وكم من الوقت سأتعلم .. ولماذا سأتعلم لأنه بماذا ستفيدني القراءة والكتابة ؟!! 

 

- حيث لم يكن لديهم سوى التجارة وممارسة الشعر .. والشعر هو ملكة وموهبة فطرية، والتجارة هي ممارسة للعمل .. فلا حاجة لتدوين شيء لأنه لا يوجد شيء ..!!

 

- فلم يكن لديهم الرغبة في تعليم القراءة والكتابة .. وبالتالي لا رغبة في تدوين العلم .. لأنهم لم يتربوا على ذلك ..

 

- ولذلك لا نجد في العرب من كان له كتاب مؤلفا في زمن النبي صلى الله عليه وسلم ولا حتى قبل النبي صلى الله عليه وسلم .. وكانوا يعتمدون على ذاكرتهم القوية في الحفظ ..

 

- ولكن كان يوجد أيضا من لدية العزيمة والرغبة والمقدرة في زمن النبي صلى الله عليه وسلم في كتابة العلم وهو الحديث النبوي .. مثل عبد الله بن عمرو بن العاص .. وهو الذي سمح له النبي صلى الله عليه وسلم بأن يكتب حديثه ويقوم بتدوينه ..

 

- ثالثا: أسباب نفسية ..

- ليس كل إنسان لديه ميول نفسية في تحصيل العلم الديني والمداومة عليه وتدوينه .. أليس كذلك ؟

- فاختلاف الميول النفسية له عامل مؤثر في النفس حيث ليس كل إنسان يهوى الكتابة في الدين بل قد يكون لديه هواية في أمور أخرى .. ولكن بالنسبة للأغلبية فالدين هو وسيلة روحية وتعبدية ولا يهوى الكتابة في الدين ولا حتى الكلام فيه لأنه يرى أنها علاقة خاصة بينه وبين الله .. فهو ليس بشيخ ولا يريد أن يكون شيخ ..!!

 

- ولنتخذ من أنفسنا مثالا .. فنحن نعيش في زمن الإنترنت .. ومع ذلك كم مسلم بيحاول أن يجتهد في تدوين العلم الديني وكتابته ونشره والدعوة إليه بصورة صحيحة بدون فتنة ؟!! قليلا جدا ..

 

- فإذا كان في زمن المليار مسلم متعلم .. قلما ما تجد أحد يكتب في الدين .. فما بالك في زمن كان فيه مائة أو مائتي مسلم أو أقل أو أكثر .. فمن سيكون لديه الميول النفسية أو العزيمة للكتابة فضلا عن أن كثيرا منهم كان أصلا معتمدا على الحفظ فلماذا يكتب ؟!!

 

- ولا يخفى الحالة الإقتصادية لكثير من المؤمنين حيث كان حالهم عدم القدرة على تحصيل أدوات الكتابة ..

 

- رابعا: أسباب إرشادية لا تحتاج إلى تدوين ..

- من المهم أن نعرف أنه ليس كل كلام في الدين يمكن كتابته وتدوينه من الشيخ .. مثل القصص أو التزكية والكلام عن السلوك القلبي .. فالكلام عن الرضا والمحبة واليقين وما شابه ذلك .. هو يحتاج إلى سماع ومعه تسكن النفوس وتطمئن وتكون في حالة روحية طيبة .. وله استقبال خاص في القلوب .. ويكون الكلام فيها بما ليس فيه أمر ولا نهي ..

 

- مهم جدا فانتبه: ولذلك كان الصحابة الذين كتبوا من الحديث .. كانوا يكتبون ما فيه حكم شرعي .. وهذا ما يظهر من كتابة أبي بكر وعمر بن الخطاب وعلي بن أبي طالب رضي الله عنهم .. حتى لا ينسوا هذه الأحكام لأنها لم تكن في القرآن .. ولذلك أثبتوها عندهم كتابتا .. وهذا يثبت بكل يقين حجية الحديث النبوي في الأحكام الشرعية .. وهذه جزئية مهمة جدا عليك أن تنتبه إليها ..

- هذا والله أعلم .

 

*************************

 

..:: س61: هل القرآن كان كله مكتوبا ومجموعا عند أي أحد من الصحابة في زمن النبي صلى الله عليه وسلم ؟ ::..

(هل يريد بعض جماعة القرآنيين مشاركة الملحدين في إسقاط القرآن)

 

#- قلت (خالد صاحب الرسالة) ..

- من المهم أن تعرف أخي الحبيب .. أن القرآن لم يكن مجموعا كتابة عند أي أحد من الصحابة في زمن النبي صلى الله عليه وسلم .. بل كانوا يعتمدون على خاصية الحفظ الذهني التي كانت لديهم ..

 

- أكيد كانت هناك أسباب لاعتماد الصحابة على الخاصية الذهنية .. مع قلة جمعها عند شخص واحد مكتوبة ..؟!! علما بأن كتابة القرآن كان مسموحا بها في أي وقت .. لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (ومن كتب عني غير القرآن فليمحه) صحيح مسلم..

 

- يبقى القرآن كان مسموحا بكتابته بمنتهى الحرية .. فلماذا كتابة القرآن عند الصحابة كانت قليلة أو نادرة أو غير موجودة .. ؟!!

 

- كوننا نصف أن كتابة الآيات كانت قليلة أو نادرة أو معدومة .. فهذا باختلاف أحوال الصحابة .. لأن منهم من كان قليل الكتابة ومنهم من هو نادر الكتابة ومنهم من لا يعرف أن يكتب ..!! وعموما إليك بعض الأسباب التي أدت إلى قلة أو ندرة أو انعدام كتابة الآيات ..

 

- من هذه الأسباب :

1- ندرة أدوات الكتابة ..

- لم يكن القرآن مجموعا في كتاب عند أحد من الصحابة .. وإنما كان كل صحابي يكتب ما تيسر له من الآيات على ما يجده سواء رقعة من جلد غنم أو على ورق شجر أو على لوح حجر .. وكان لا يوجد أدوات كتابية لتدوين القرآن متاحة كالتي في زماننا ..

- وهذا يظهر واضحا من جمع القرآن بعد النبي صلى الله عليه وسلم .. حيث يقول زيد بن ثابت المكلف بجمع القرآن: (فَتَتَبَّعْتُ الْقُرْآنَ أَجْمَعُهُ مِنَ الرِّقَاعِ وَالأَكْتَافِ وَالْعُسُبِ وَصُدُورِ الرِّجَالِ) صحيح البخاري.

- وفي رواية بلفظ: (فَتَتَبَّعْتُ الْقُرْآنَ أَجْمَعُهُ مِنَ الْعُسُبِ وَاللِّخَافِ وَصُدُورِ الرِّجَالِ) صحيح البخاري.

- قوله (اللخاف): هو حجر أبيض عريض ورقيق من الفخار كان يكتب عليه ..

- قوله (من الرقاع): من ورق أو جدل ماعز أو ما شابه ..

- قوله (الأكتاف): وهو عظم كتف الحيوان حيث يكون عريض ويكتبون عليه ..

- قوله (العُسُبِ): وهو جريد النخل يكشطون خوصه ويكتبون في طرفه العريض ..

- قوله (صدور الرجال): وهم الذين جمعوا القرآن وحفظوه في صدورهم كاملًا في حياته صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ .. كأُبيّ بن كعب .. ومعاذ بن جبل.

 

2- انتشار الأمية وقلة من يكتبون ...

- وبالإضافة إلى قلة الإمكانيات الكتابية في تدوين القرآن وكتابته .. كان يوجد حالة من الأمية والفقر على كثير من المؤمنين .. فكان من يستطيع أن يكتب فكان يكتب على ما يتوافر لديه .. ولكن الأصل لم يكن الكتابة وإنما كان الحفظ .. وإلا فكيف كان النبي صلى الله عليه وسلم يعلم القرآن ويقوم بتلقينه إلى الصحابة وهو لا يعرف الكتابة والقراءة ؟!!

 

3- الموهبة الذهنية هي الأساس في حفظ المصحف ..

- الأصل في حفظ المصحف إنما بالملكة الذهنية التي كانت عند العرب .. ولم يكن حفظ المصحف بالكتابة وإنما كان الحفظ بالذهن .. وإلا فكيف كان النبي صلى الله عليه وسلم يُعلم القرآن ويقوم بتلقينه إلى الصحابة وهو لا يعرف الكتابة والقراءة ؟!!

 

- انتبه لهذه الجزئية: وهي أن أحد أسباب جمع المصحف في كتاب واحد في عهد أبي بكر الصديق .. هو أنه تم قتل كثير من حفاظ القرآن في أحد المعارك الإسلامية .. مما جعل الإتجاه إلى جمع القرآن مكتوبا خوفا من كثرة من يموتون من حفظة القرآن .. وهذا يبين لك أن كتابة القرآن لم تكن هي الأساس وإنما هو الحفظ بالذهن هو الأساس .. فانتبه لهذه الجزئية جيدا .. ولذلك أشار عمر بن الخطاب على أبي بكر بعد مقتل كثير من المسلمين في موقعة اليمامة .. بأن يقوم بجمع القرآن مكتوبا خوفا على القرآن من موت الحافظين للقرآن .. فقد جاء في الحديث : زَيْدَ بْنَ ثَابِتٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: (أَرْسَلَ إِلَيَّ أَبُو بَكْرٍ مَقْتَلَ أَهْلِ الْيَمَامَةِ وَعِنْدَهُ عُمَرُ فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: إِنَّ عُمَرَ أَتَانِي فَقَالَ: إِنَّ الْقَتْلَ قَدِ اسْتَحَرَّ يَوْمَ الْيَمَامَةِ بِالنَّاسِ، وَإِنِّي أَخْشَى أَنْ يَسْتَحِرَّ الْقَتْلُ بِالْقُرَّاءِ فِي الْمَوَاطِنِ فَيَذْهَبَ كَثِيرٌ مِنَ الْقُرْآنِ إِلاَّ أَنْ تَجْمَعُوهُ، وَإِنِّي لأَرَى أَنْ تَجْمَعَ الْقُرْآنَ، قَالَ أَبُو بَكْرٍ: قُلْتُ لِعُمَرَ: كَيْفَ أَفْعَلُ شَيْئًا لَمْ يَفْعَلْهُ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَالَ عُمَرُ: هُوَ وَاللَّهِ خَيْرٌ فَلَمْ يَزَلْ عُمَرُ يُرَاجِعُنِي فِيهِ حَتَّى شَرَحَ اللَّهُ لِذَلِكَ صَدْرِي وَرَأَيْتُ الَّذِي رَأَى عُمَرُ) صحيح البخاري.

 

- قوله (يوم اليمامة): في موقعة اليمامة .. يوم مقاتلة مسيلمة الكذاب الذي ادعى النبوة وارتداد كثير من العرب ..

- قوله (إِنَّ القَتْلَ قَدْ اسْتَحَرَّ): أي اشتد وكثر .

- قوله (بِالْقُرَّاءِ فِي الْمَوَاطِنِ): أي أي يزيد القتل بمن يحفظون القرآن من خلال مشاركتهم في المعارك مع الكفار .

 

* مما سبق يتبين لك أخي الحبيب .. أن جمع القرآن مجموعا في كتاب لم يكن من سنة النبي صلى الله عليه وسلم .. ولكن حفظ القرآن كان أساسه هو الحفظ بالذهن .. وليس الكتابة .. وإلا ما كان خاف عمر على ضياع القرآن بموت الصحابة الحافظين له ..!!

 

- وإنما كانت الكتابة عمل إضافي أو جانبي لمن كان لديه مقدرة واستطاعة على كتابة بعض آيات عنده .. ولكن لم يتم جمع القرآن كتابة عند أي أحد من الصحابة في عهد النبي صلى الله عليه وسلم ..

 

#- قلت (خالد صاحب الرسالة) ..

- ما سبق كان تمهيدا .. حتى تفهم أصل موضوع كتابة القرآن وحفظه ويستنير عقلك .. لأني سأخبرك الآن ببعض الأسئلة التي يجب على أي إنسان عاقل ويفهم أن يسألها بعد ما تبين له ما سبق .. ولابد أن يشك في بعض جماعة القرآنيين الجاحدون للحديث النبوي الصحيح .. وكأنهم يريدون جحود القرآن نفسه .. ليه بقولك كده ؟!!

 

- لأن كل عاقل من خلال ما سبق يبدأ يستنتج مسائل عقلية بديهية مترتبة على بعضها .. فيقول:

1- هل حفظ الصحابة للقرآن دون كتابته .. فيه دليل شبهة عليهم على أن من حفظ منهم لا يقبل منه حفظه لأنه لم يكن يكتب ؟!!

- بكل تأكيد .. لا .. وطالما لا .. يبقى هذا يثبت أن الحفظ الذهني كان وسيلة وأداة في إثبات كتابة القرآن .. كما سبق بيان ذلك ..

 

2- فإذا كان القرآن أساسه الحفظ الذهني .. فلماذا ننكر على الحديث أن يكون أساسه هو الحفظ الذهني .. ؟!!

 

3- فالذي حفظ القرآن هو الذي حفظ الحديث ؟! فلماذا أخذت الحفظ في القرآن من الصحابي ولم تأخذ حفظ الحديث من الصحابي ؟!!

 

4- وبناءا على ما سبق .. فلا يوجد إنسان عاقل إلا ويفهم مما سبق .. أن من يريد جحود الحديث النبوي إنما هي كوسيلة أولى للوصول إلى مستوى آخر من الجحود .. وهو جحود القرآن وجعله ليس كلام الله .. لأن الذي ينكر هذا (الحديث) فهو ينكر ذلك (القرآن) .. لأن من حفظ هذا (القرآن) هو من حفظ ذلك (الحديث) ..!!

 

* انتبه أخي الحبيب مما ذكرته لك .. وأبصره جيدا .. وستبصر أن المسألة ليست جحود الحديث النبوي فحسب .. بل قد يكون ورائها ما هو أبعد من ذلك .. وهو الإنتقال لمستوى آخر من الجحود في الدين .. كما هو حال الملحدين في أسلوبهم لهدم الدين .. يبدأون بأسلوب التشكيك حتى يسهل عليهم بعد ذلك الانقضاض عليك بهدم الدين من نفسيتك ..

 

- فلماذا ظهرت طائفة بيننا منذ أكثر من مائة عام في مشاركة منها لجماعة من المستشرقين الطاعنين في الدين الإسلامي .. ونقلوا أفكارهم واستحسنوها ونشروها .. وما ذلك إلا لفتنتهم بهذه الأفكار الباطلة ..!!

 

- ولكن في زماننا عصر الإنترنت .. حدث تطور لهذه الطائفة التي كانت سابقا تسمى بالقرآنيين ولازالت وكان منشأها تركيا على ما أتذكر .. إلا أنها اتخذت أشكالا أخرى في عصرنا بمزيد من الأقنعة فكان منها (القرآنيين – التنويرين - الإصلاح) .. والملاحظ أنهم اتفقت نفوسهم وتشابهت قلوبهم أن يتخذوا من الدين وسيلة ليظهروا من خلاله وهم ليسوا من أهله ..!! ويسعون لجذب النفوس إليهم من خلال ما ينشرونه من فتن في الدين وشبهات ويستخِفُّون بعقول من يستمعون أو يقرأون لهم .. ولهم أساليب في ذلك منها التزوير والكذب  في الأدلة العلمية ومنها التلاعب بالمنهجية العقلية .. وكأنهم يريدون الفتنة بأي طريقة لزلزلة النفوس المؤمنة ..!!

 

- فلعل الله قد جعل من هذه الجماعات سببا لظهور النفوس التي بها خبالا (شر وفساد ولها هوى في نشر الفتنة) .. حتى يعرفهم المسلمين فيحذروهم .. لأن هذه النفوس وظيفتها إثارة الفتنة بالتشكيك لإرجاف النفوس وزلزلتها في إيمانها ..  

 

- وفي كل الأحوال .. الأنفاس قليلة .. ويوم القيامة قريب .. والله من ورائهم محيط ..!!

************************

..:: س61: لماذا لم يتم كتابة الحديث النبوي في زمن النبي صلى الله عليه وسلم ؟ ::..

يتبع إن شاء الله تعالى

*****************

والله أعلم

اللهم صل على سيدنا محمد وعلى آله وسلم

هذه الرسائل العلمية مصدرها - مدونة الروحانيات فى الاسلام -  ومؤلفها / الأستاذ خالد أبوعوف - ولا يحق لأحد نقل أي موضوع من مواضيع أو كتب أو رسائل المدونة .. إلا بإذن كتابي من صاحب المدونة - ا/ خالد أبوعوف .. ومن ينقل موضوع من المدونة أو جزء منه (من باب مشاركة الخير مع الآخرين) فعليه بالاشارة الى مصدر الموضوع وكاتبه الحقيقي .. ولا يحق لأحد بالنسخ أو الطباعة إلا بإذن كتابي من الأستاذ / خالد أبوعوف .. صاحب الموضوعات  ..