الروحانيات فى الإسلام: ج12: رسالة الحق والنور - ما هو مفهوم التابعين الذين أخذوا علم الحديث النبوي من الصحابة - وما هو المقصود من كبار التابعين وأواسط التابعين وصغار التابعين - هل تم كتابة الحديث النبوي في زمن التابعين بالتلقين من الصحابة - وما هي الأدلة على ذلك

بحث في المدونة من خلال جوجل

الخميس، 5 أغسطس 2021

Textual description of firstImageUrl

ج12: رسالة الحق والنور - ما هو مفهوم التابعين الذين أخذوا علم الحديث النبوي من الصحابة - وما هو المقصود من كبار التابعين وأواسط التابعين وصغار التابعين - هل تم كتابة الحديث النبوي في زمن التابعين بالتلقين من الصحابة - وما هي الأدلة على ذلك

       بسم الله الرحمن الرحيم

رسالة

الحق والنور

في موجز علم تدوين الحديث الشريف

وتبرئة البخاري ممن شهد عليه بالزور

(الجزء الثاني عشر)

* فهرس:
:: الفصل الحادي عشر :: تابع - مراحل تدوين الحديث الشريف والإعتناء به ::
- ثالثا: تابع/ المرحلة الثالثة .. (زمن التابعين) ..
1- س38: ما هو مفهوم التابعين الذين أخذوا علم الحديث النبوي من الصحابة ؟ وما هو المقصود من كبار التابعين وأواسط التابعين وصغار التابعين ؟
2- س39: هل تم كتابة الحديث النبوي في زمن التابعين بالتلقين من الصحابة - وما هي الأدلة على ذلك ؟
***************************
:: الفصل الحادي عشر ::
:: تابع/ مراحل تدوين الحديث النبوي والإعتناء به ::
:: تابع/ المرحلة الثالثة .. بعد وفاة النبي (زمن التابعين) ::
***********************
 
..:: س38: ما هو مفهوم التابعين الذين أخذوا علم الحديث النبوي من الصحابة ؟ وما هو المقصود من كبار التابعين وأواسط التابعين وصغار التابعين ؟ ::..
 
- قبل أن نتكلم عن أدلة كتابة الحديث الشريف في عصر التابعين .. فعليك أن تنتبه إلى بعض الأمور:
1- أن معنى كلمة التابعين هم الذين اتبعوا المنهج الذي كان عليه الصحابة مع النبي صلى الله عليه وسلم ..
- ومفهوم لفظ (التابعي) في اصطلاح علماء الدين: هو المسلم الذي مات على الإسلام ولم يرى النبي صلى الله عليه وسلم ولكنه رأى أصحابه واجتمع بهم وأخذ عنهم .. حيث تعلم منهم القرآن وما جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم ..
 
2- وعصر التابعين يبدأ من عام وفاة النبي صلى الله عليه وسلم .. أي من عام 11 هجرية ..
 
3- وكان لكل صحابي تابعين له بإحسان كطلبة علم .. وهؤلاء التابعين كانوا معروفون بالأخذ عن هذا الصحابي .. وكثير من هؤلاء التابعين دوّن السنة النبوية عن الصحابة وبإذن منهم ..
 
4- حينما تجد في الأدلة التي سأذكرها لك .. أن فلان التابعي قد كتب أحاديث من الصحابة وأخذ عنهم .. فاعلم أن أسماء هذه الصحابة مذكورة في كتب أهل العلم في كتب التراجم والطبقات بالتفصيل ..
 
- فكل صحابي وتابعي ومن تبعهم .. له ترجمه موجزة عنه أي التعريف بعلمه وحاله في كتب التراجم .. ومذكور عنهم تفصيليا الذين تلقى عنهم الأحاديث أو العلم الديني عموما .. فلكل صحابي تعريف وتفصيل كامل لمن لازمه من التابعين وأخذ عنه .. ولكل تابعي تعريف وتفصيل كامل لمن أخذ عنه من الصحابة وبمن نقل إليه العلم من تابعي التابعين .. وهكذا إلى أتباع تابعي التابعين وإلى أتباع أتباع تابعي التابعين .. خلال القرون الثلاثة الأولى بالذات على وجه التفصيل .. بل وما بعدها ..
 
5- وإذا كانت فترة التابعين بدأت من لحظة وفاة النبي عام 11 هجرية .. فتنتهي فترة التابعين في الوقت ما بين (110 هجرية إلى 120 هجرية) وهذا توقيت تقريبي .. وبعدها تبدأ مرحلة تابعي التابعين .. وهم الذين لم يروا أي صحابي ولكنهم أدركوا بعض صغار التابعين وهم المرحلة الأخيرة من زمن التابعين ..
 
6- التابعون ثلاث طبقات .. (نقلا مختصرا - عن محاضرات في علم الحديث للدكتور ماهر الفحل – المحاضرة السابعة عند كلامه على الحديث المرسل).
- كبار التابعين: هم الذين أدركوا كبار الصحابة كأبي بكر، وعمر، وعثمان، وابن مسعود، ومعاذ بن جبل، وأكثر روايتهم إذا سمّوا شيوخهم عن الصحابة، وهؤلاء مثل: قيس بن أبي حازم، وسعيد بن المسيب، ومسروق بن الأجدع، ويندرج في جملتهم من يُطلق عليه اسم المخضرمين، وهم التابعون الذين أدركوا الجاهلية والإسلام، لكنهم لم يثبت لهم شرف الصحبة، مثل: سويد بن غفلة، وعمر بن ميمون الأودي، وأبي رجاء العطاردي.
 
- أواسط التابعين: وهم الذين أدركوا علي بن أبي طالب، ومن بقي حياً إلى عهده، وبُعيده من الصحابة كحذيفة بن اليمان، وأبي موسى الأشعري، وأبي أيوب الأنصاري، وعمران بن حصين، وسعد بن أبي وقاص، وعائشة أُمّ المؤمنين، وأبي هريرة، والبراء بن عازب، وعبد الله بن عمر، وعبد الله بن عباس، ووقع سماعهم من بعضهم، ومن هؤلاء التابعين الأوساط الذين أدركوا بعض هؤلاء الصحابة: الحسن البصري، ومحمد بن سيرين،، وعطاء بن أبي رباح، وطاووس اليماني، وأبو سلمة بن عبد الرحمان، وعامر الشعبي، ومجاهد بن جبر.
 
- صغار التابعين: وهم من أدرك وسمع ممن تأخر موته من الصحابة، الواحد والاثنين، والعدد يسير .. كمن سمع من أنس بن مالك، وسهل بن سعد، وأبي أمامة الباهلي. ومن هؤلاء من التابعين الصغار: ابن شهاب الزهري، وقتادة بن دعامة السدوسي، ويحيى بن سعيد الأنصاري، وحُميد الطويل) .. أ.هـ
 
* قلت (خالد صاحب الرسالة):
- توضيح لمفهوم الكبار والصغار للصحابة والتابعين حتى لا يلتبس عيك الأمر .. فأول عهد النبوة كان فيه كبار الصحابة الذين لازموه فترة طويلة وكان لهم أبناء أو كانوا لهم صحبة للنبي وهم في فترة البلوغ أو الشباب .. هؤلاء الأبناء الصغار لو صحبوا النبي وجالسوه وسمعوا منه يسمون صغار الصحابة .. ولما بدأ عصر التابعين كان أوائل التابعين هم الكبار الذين أخذوا العلم من صغار الصحابة .. حتى تقدم الزمن وظهر صغار التابعين الذين أخذوا العلم تلقينا من مجالسة كبار التابعين .. وهكذا في كل زمن له كبار وله صغار ..
 
7- قدم الدكتور مصطفى الأعظمي في كتابه القيم (دراسات في الحديث النبوي وتاريخ تدوينه) .. إحصاء من كتب ودون الحديث والسنة من طبقات التابعين كالآتي:
- فمِن تابعي القرن الأول هناك 53 تابعيا دوّن السنة أو دوّنت عنه ..
- ومن تابعي القرن الثاني هناك 99 تابعيا كَتب أو كُتبت عنه السنة والحديث ..
 
* فإذا علمت هذه المقدمة البسيطة أخي الحبيب .. فإليك بعض الأدلة على كتابة الحديث النبوي في زمن التابعين في وجود الصحابة رضوان الله عليهم جميعا .
 
****************************
 
..:: س39: هل تم كتابة الحديث النبوي في زمن التابعين بالتلقين من الصحابة - وما هي الأدلة على ذلك ؟ ::..

 
- قبل ما نتكلم عن أدلة كتابة الحديث في زمن التابعين .. لا تنسى أن الصحابة في زمن التابعين كانوا هم شيوخ التابعين .. وكان من الصحابة من يكتب الحديث كعبد الله بن عباس وأنس بن مالك وأبو هريرة ..
 
- وقد حاولت تحقيق كل رواية قمت بإثباتها هنا كما هو الحال دائما .. ولكن تحقيق مرويات التابعين تخريجها نادرا ما أجده .. فما وجدته لها من تخريج فقد أثبته .. وما لم أجد فقد اجتهدت فيه من خلال معرفة سنده وقلت بعد روايته (قلت خالد صاحب الرسالة) .. وما كان من الروايات ما لا سند له أو لم أصل لسنده .. فقد تركته ولا حاجة لنا فيه .. فلا أكتب إلا ما يطمئن له قلبي وثبتت صحته ..!!
   
- ثالثا: المرحلة الثالثة .. زمن التابعين وكتابة الحديث الشريف ..
- إليك أدلة كتابة الحديث النبوي في زمن التابعين:
1- عَامِرُ الشَّعْبِيُّ، والمشهور بـ الإمام الشعبي (21هـ - 100هـ) تابعي وفقيه ومحدث من السلف، ولد في خلافة عمر بن الخطاب..، وقد روى الحديث عن جمعا من الصحابة .. وروي عنه الحديث جمعا من التابعين ..
- جاء في الأثر عن أبي كِبران المرادي - كوفي ثقة - قال: (سمعت الشَّعْبِيُّ يقول: إذا سمعتم مني شيئا فاكتبوه ولو في حائط) رواه الخطيب في تقييد العلم .. وقال محققه الشيخ سعد عبد الغفار: إسناده صحيح.. وأبو كِبران المرادي اسمه (الحسن بن عقبه).
 
- وعن أبي كِبران المرادي قال: (قال لي الشَّعْبِيُّ: لا تدعن شيئا من العلم إلا كتبته فهو خير لك من موضعه من الصحيفة، وإنك تحتاج إليه يوما ما) رواه الخطيب في تقييد العلم .. وقال محققه الشيخ سعد عبد الغفار: إسناده صحيح.
 
- وكان مما يقوله الإمام الشعبي هو رواية الحديث .. وغيره من علم الفقه والتفسير .
 
2- صحائف وكتب كُرَيْبُ بنُ أَبِي مُسْلِمٍ أَبُو رِشْدِيْنَ الهَاشِمِيُّ (المتوفى:78هـ) وهو تابعي ثقة .. وكان مولى عبد الله بن عباس .. وبكل تأكيد كتبها عن بن عباس قبل سنة 68 هجرية وهو زمن وفاة بن عباس ..!!
 
- قد جاء في الأثر عن زُهَيْرُ بنُ مُعَاِويَةَ: عَنْ مُوْسَى بنِ عُقْبَةَ، قَالَ: (وَضَعَ عِنْدَنَا كُرَيْبٌ حِمْلَ بَعِيْرٍ - أَوْ عِدْلَ بَعِيْرٍ - مِنْ كُتُبِ ابْنِ عَبَّاسٍ، فَكَانَ عَلِيُّ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ عَبَّاسٍ إِذَا أَرَادَ الكِتَابَ، كَتَبَ إِلَيْهِ: ابْعَثْ إِلَيَّ بِصَحِيْفَةِ كَذَا وَكَذَا.. فَيَنْسَخُهَا، وَيَبْعَثُ إِلَيْهِ إِحِدَاهُمَا) رواه بن سعد في الطبقات .. وعنه الذهبي في سير أعلام النبلاء.. والحديث بسند صحيح .
 
- وصحف ابن عباس ظلت معروفة متداولة مدة طويلة من الزمن .. فقد ورثها ابنه عليٌّ .. وكان منها نسخة عند مولاه كُريب بن رشدين .. وأخذ منها العلماء في التفسير والحديث بما تم التعارف عليه أنه من مسموعات ومرويات بن عباس رضي الله عنه.. 
 
3- صحيفة سعيد بن جبير تابعي ثقة .. وهو أحد كبار التابعين في القرن الأول الذين تلقوا من الصحابة .. المولود سنة 46هـ .. وكان كتب صحيفته عن بن عباس رضي الله عنه وعبد الله بن عمر وغيرهما ولكن يظهر أن غالبها عن بن عباس .. وأكيد كتبها قبل سنة 68 هجرية وهي سنة وفاة عبد الله بن عباس ..
- عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ قَالَ: (كُنْتُ أَسْمَعُ مِنْ ابْنِ عُمَرَ، وَابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، الْحَدِيثَ بِاللَّيْلِ، فَأَكْتُبُهُ ...) رواه الدارمي .. وقال محققه الشيخ حسين الداراني: إسناده حسن..، وكذلك قال الشيخ سعد عبد الغفار في تحقيق تقييد العلم للخطيب.
- وفي رواية بلفظ: (كنت أسير بين بن عمر وبن عباس فكنت أسمع الحديث منهما فأكتبه ...) رواه الخطيب في تقييد العلم .. وقال محققه الشيخ سعد عبد الغفار: إسناده صحيح.
 
- وعن سَعِيدَ بْنَ جُبَيْرٍ يَقُولُ: (كُنْتُ أَسِيرُ مَعَ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، فِي طَرِيقِ مَكَّةَ لَيْلًا، وَكَانَ يُحَدِّثُنِي بِالْحَدِيثِ فَأَكْتُبُهُ ....) رواه الدارمي .. وقال محققه الشيخ حسين الداراني: إسناده صحيح.
 
- عَنْ بن نمير عن عُثْمَانَ بْنِ حَكِيمٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ: (أَنَّهُ كَانَ يَكُونُ مَعَ ابْنِ عَبَّاسٍ فَيَسْمَعُ مِنْهُ الْحَدِيثَ فَيَكْتُبُهُ ....) رواه بن عبد البر القرطبي في جامع بيان العلم وفضله .. (قلت خالد صاحب الرسالة): سند صحيح كله ثقات .. و محمد بن عبد الله بن نمير الهمداني هو ثقة من أتباع التابعين .. وعثمان بن حكيم ثقة تابعي ..
 
4- وعن إبراهيم النخعي تابعي ثقة (47هـ - 96هـ) قال: (لَا بَأْسَ بِكِتَابِ الْأَطْرَافِ) رواه بن عبد البر في جامع العلم .. وقال محققه أبو الأشبال الزهيري: إسناده صحيح.
- وقوله (الأطراف): هي بدايات مرويات الأحاديث وليس الحديث بكامله ..
 
5- وعن الضحاك بن مزاحم تابعي ثقة (المتوفى105هـ) قال: (إذَا سَمِعْتَ شَيْئًا، فَاكْتُبْهُ وَلَوْ فِي حَائِطٍ) رواه بن عبد البر في جامع العلم .. وقال محققه أبو الأشبال الزهيري: إسناده صحيح.
 
- وعَنْ حُسَيْنِ بْنِ عَقِيلٍ قَالَ: (أَمْلَى عَلَيَّ الضَّحَّاكُ مَنَاسِكَ الْحَجِّ) رواه بن عبد البر في جامع العلم .. وقال محققه أبو الأشبال الزهيري: إسناده صحيح.
 
6- كتابات عنترة بن عبد الرحمن الشيباني تابعي ثقة (توفى 90هـ) .. عَنْ هَارُونَ بْنِ عَنْتَرَةَ، عَنْ أَبِيهِ قال: (حَدَّثَنِي ابْنُ عَبَّاسٍ بِحَدِيثٍ فَقُلْتُ: أَكْتُبُهُ عَنْكَ؟ قَالَ: فَرَخَّصَ لِي ...) رواه الدارمي .. وقال محققه الشيخ حسين الداراني: إسناده صحيح .
 
- وفي رواية بلفظ: (أَنَّهُ أَرْخَصَ لَهُ أَنْ يَكْتُبَ) رواه بن عبد البر في جامع العلم .. بسند حسن .. وهارون هو حسن الحديث، وأبيه عنترة بن عبد الرحمن الشيباني وهو تابعي ثقة ..
- قوله (أرخص له): أي أجاز لي أن يكتب العلم الذي يتلقاه من بن عباس بما فيه الأحاديث التي يسمعها منه .
 
- وبالتأكيد ما كتبه عنترة بن عبد الرحمن الشيباني كان قبل 68 هجرية أي قبل وفاة عبد الله بن عباس.. وفيه دلالة على أن بعض الصحابة كانوا يجيزون كتابة الحديث النبوي ..  
 
7- صحف نافع مولى عبد الله بن عمر وهو تابعي ثقة (توفى:117هـ) .. وأكثر صحيفته هي رواية من عبد الله بن عمر وعن بعض الصحابة .. عن الْوَلِيدُ بْنُ سُلَيْمَانَ بْنِ أَبِي السَّائِبِ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ مُوسَى، أَنَّهُ: (رَأَى نَافِعًا مَوْلَى ابْنِ عُمَرَ، يُمْلِي عِلْمَهُ، وَيُكْتَبُ بَيْنَ يَدَيْهِ) رواه الدارمي في سننه .. وقال محقق سنن الدارمي الشيخ حسين أسد الداراني: إسناده صحيح.
 
- وسليمان بن موسى من أواسط التابعين (توفى 119هـ) .. ونافع مولى بن عمر من كبار التابعين (توفى117هـ) .. ويقول سليمان أنه شاهد أن بعينه نافع مولى عبد الله بن عمر وهو يملي العلم على مريديه ويكتبونه أمامه .. وهذا يشمل بكل تأكيد الحديث النبوي.
 
- وهذه الصحف أكيد تم كتابتها قبل وفاة عبد الله بن عمر المتوفى سنة 73 هجرية.
 
8- كتاب همام بن منبه التابعي (19هـ - 101هـ) .. وقد تم كتابتها في عهد الصحابة بالتلقين من أبي هريرة رضي الله عنه .. وتضم صحيفة همام هذه (138) حديثًا .. وقد جمعها سماعا من شيخه أبي هريرة المتوفي سنة 59 هـ .. وقد وصلتنا كاملة وهي مطبوعة حاليا ويتم تداولها .. وقد سبق الكلام عنها في زمن الصحابة ..
 
9- كتاب بشير بن نهيك التابعي (المتوفى:91هـ) .. وكتبها إملاءً عن أبو هريرة قبل 59 هجرية وهي سنة وفاة أبو هريرة رضي الله عنه .. عن معاذ عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُدَيْرٍ (تابعي) ، عَنْ أَبِي مِجْلَزٍ (هو لاحق بن حدير البصري "تابعي") ، عَنْ بَشِيرِ بْنِ نَهِيكٍ (تابعي) قَالَ: (كُنْتُ أَكْتُبُ مَا أَسْمَعُ مِنْ أَبِي هُرَيْرَةَ فَلَمَّا أَرَدْتُ أَنْ أُفَارِقَهُ أَتَيْتُهُ بِكِتَابِي فَقُلْتُ: هَذَا سَمِعْتُهُ مِنْكَ؟ قَالَ: نَعَمْ) رواه الدارمي وبن عبد البر القرطبي في جامع بيان العلم وفضله .. بسند صحيح كله ثقات.. وقال محقق سنن الدارمي الشيخ حسين الداراني: إسناده صحيح..
 
- وفي رواية عَنْ بَشِيرِ بْنِ نَهِيكٍ (تابعي) قَالَ: (كتبت عن أبي هريرة كتابا، فلما أردت أن أفارقه قلت: يا أبا هريرة إني كتبت عنك كتابا .. فأرويه عنك ؟ قال: نعم اروه عني) رواه الخطيب في تقييد العلم .. وقال محققه الشيخ سعد عبد الغفار: إسناده صحيح.
 
- وقد سبق الكلام عن هذه الصحيفة في زمن الصحابة ..
 
10- صحيفة العلاء ابن عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَعْقُوبَ (المتوفى:132هـ) (تابعي صدوق حسن الحديث) كتب فيها عن كثير من الصحابة .. فعن محمد بن عمر الواقدي قال: أَخْبَرَنِي مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ فقَالَ: (كَانَتْ عند العلاء ابن عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَعْقُوبَ صَحِيفَةٌ يُحَدِّثُ بِمَا فِيهَا، قَالَ: فَكَانَ إِذَا أَتَاهُ الرَّجُلُ يَكْتُبُ بَعْضًا وَيَدَعُ بَعْضًا. قَالَ الْعَلَاءُ: "إِمَّا أَنْ تَأْخُذُوهَا جَمِيعًا وَإِمَّا أَنْ تَدَعُوهَا جَمِيعًا) رواه بن سعد في الطبقات .. (قلت خالد صاحب الرسالة): سند حسن .. والواقدي وإن كان ضعيف الحديث ولكن ليس فيما هو يخبر عنه بنفسه ..
 
11- صحيفة أبو سلمة بن عبد الرحمن بن عوف (22 هـ - 94هـ) وهو تابعي ثقة .. وأحد فقهاء المدينة السبعة وهو بن الصحابي عبد الرحمن بن عوف  .. وأحد رواة الحديث .. وقد كتب حديثا كما في حديث طلاق فاطمة بنت قيس .. فقد كتب قصتها وقال: (قَالَ: كَتَبْتُ ذَاكَ مِنْ فِيهَا (أي فمها) كِتَابًا) رواه أحمد .. وقال الأرنؤوط: حديث صحيح ..
 
- وفي رواية أخرى جاء في آخرها: (أَمْلَتْ عَلَيَّ حَدِيثَهَا هَذَا وَكَتَبْتُهُ بِيَدِي) رواه أحمد .. وقال الأرنؤوط: حديث صحيح، وهذا إسناد حسن من أجل ابن إسحاق - وهو محمد - وقد صرَّح بالتحديث، فانتفت شبهةُ تدليسه.
 
12- صحف رَجَاءِ بْنِ حَيْوَةَ وهو تابعي ثقة (توفى112هـ).. فقيه وخطاط اشتهر بأنه أحد المهندسين الاثنين الذين أشرفا على تفاصيل الزخارف والنقوش الإسلامية داخل قبة الصخرة في القدس. ولد رجاء في بيسان في فلسطين وعاش فيها .. وكان وزيرا ومستشارا للخليفة عبد الملك بن مروان .. ثم كان من مستشاري سليمان بن عبد الملك وممن أشار عليه بتولية عمر بن عبد العزيز .. ثم كان ملازما للخليفة عمر بن عبد العزيز ..
 
- عَنْ رَجَاءِ بْنِ حَيْوَةَ قَالَ: (كَتَبَ هِشَامُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ إِلَى عَامِلِهِ، أَنْ يَسْأَلَنِي عَنْ حَدِيثٍ؟ قَالَ: رَجَاءٌ، فَكُنْتُ قَدْ نَسِيتُهُ، لَوْلَا أَنَّهُ كَانَ عِنْدِي مَكْتُوبًا) رواه الدارامي .. وقال محققه الشيخ حسين الداراني: إسناده صحيح.
 
- وهذا يدل على أن رجاء بن حيوة وهو من أئمة التابعين كان يكتب الحديث عنده .. بدليل أنه ذهب إلى مكتوبات عنده ليراجع فيها وجود هذا الحديث مكتوبا عنده أم لا .. !!
 
- وكان رحمه الله من رواة الحديث النبوي .. حيث قد روى عن بعض الصحابة .. وروى عنه كثير من التابعين من تلامذته مثل مكحول الهذلي، وابن شهاب الزهري .. وغيرهم كثيرين .
 
13- صحف عطاء بن رباح (27هـ - توفى114هـ) من كبار التابعين .. عن هِشَامُ بْنُ الْغَازِ، قَالَ: (كَانَ يُسْأَلُ عَطَاءُ بْنُ أَبِي رَبَاحٍ، وَيُكْتَبُ مَا يُجِيبَ فِيهِ، بَيْنَ يَدَيْهِ) رواه الدارمي .. وقال محققه الشيخ حسن الداراني: إسناده صحيح.
 
- وهشام بن الغار من صغار التابعين (توفى 156هـ) .. وعطاء بن أبي رباح من كبار التابعين (توفى114هـ) .. ويقول هشام أنه كان يتم كتابة العلم وتدوينه في صحف عطاء بن رباح أو عمن يجلسون حوله .. وهذا يشمل بكل تأكيد الحديث النبوي.
 
- وقد روي عن كثير بعض الصحابة .. وروى عنه كثير من التابعين وحدث عنه مثل مجاهد بن جبر، وأبو إسحاق السبيعي، وعمرو بن دينار، وقتادة، وعمرو بن شعيب، والأعمش، وأيوب السختياني، ويحيى بن أبي كثير، وكثير غيرهم.
 
14- أول محاولة حكومية في جمع الحديث .. في حكم عبد العزيز بن مروان بن الحكم (27 هـ - 86 هـ) وكان أمير مصر حينئذ .. وهو والد الخليفة المشهور عمر بن عبد العزيز .. وعبد العزيز بن مروان حاول جمع ما يستطيع من الحديث النبوي وذلك من خلال من كان يثق بروايتهم لحديث النبوي فيما أخذوه من الصحابة .. ولذلك أرسل إلى كثير بن مرة (توفي في فترة الثمانينيات من الهجرة) وهو تابعي ثقة ليطلب منه أن يرسل إليه من بلغه من أحاديث النبي صلى الله عليه وسلم .. وكان عبد العزيز بن مروان من ثقات رواية الحديث فيما يرويه عن أبي هريرة .. حيث كانت مجموعة عنده أحاديث أبا هريرة ..
 
- عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ عَنِ اللَّيْثِ بْنِ سعد قال: حدثني يزيد بن أبي حبيب: (أَنَّ عَبْدَ الْعَزِيزِ بْنَ مَرْوَانَ كَتَبَ إِلَى كَثِيرِ بْنِ مُرَّةَ الْحَضْرَمِيِّ. وَكَانَ قَدْ أَدْرَكَ بِحِمْصَ سَبْعِينَ بَدْرِيًّا مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ لَيْثٌ: وَكَانَ يُسَمِّي الْجُنْدَ الْمُقَدَّمَ. قَالَ: فَكَتَبَ إِلَيْهِ أَنْ يَكْتُبَ إِلَيْهِ بِمَا سَمِعَ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنْ أَحَادِيثِهِمْ إلا حديث أبي هريرة فإنه عندنا) رواه بن سعد في الطبقات .. (قلت خالد صاحب الرسالة): السند حسن .. فعبد الله بن صالح كاتب الليث بن سعد هو مقبول الحديث، والليث ويزيد من الثقات ..
 
- ولعل ما سعى إليه عبد العزيز بن مروان .. هو كان المحرك الأساسي والسبب الرئيسي الذي جعل ابنه عمر بن عبد العزيز حينما تولى الخلافة أن يقوم بجمع الحديث النبوي من كل مصادره المتاحة في ذلك الوقت من جميع التابعين المعاصرين في ذلك الوقت والذين بلغهم من حديث النبي صلى الله عليه وسلم أو كتبوه من كبار التابعين الذين جمعوا الحديث من الصحابة .
 
- ولعل ما يلفت النظر في الرواية السابقة أن التابعين كانوا يكتبون الأحاديث على طريقة أسانيد الصحابة .. أي يكتبون أحاديث كل صحابي منفردة .. فيقسموها كمروايات لكل صحابي على حده .. فمثلا مرويات أبا هريرة لوحدها ومرويات بن عباس لوحدها .. وهكذا .. ممن كانوا يكتبون عنهم ..
 
- وكان سبب اختيار عبد العزيز بن مروان للتابعي "كثير بن مرة" لأنه أدرك سبعين بدريا (شاركوا في غزوة بدر) في الشام ونقل وكتب عنهم ما استطاع .. وكان عبد العزيز على معرفة بكثير بن مرة لأن عبد العزيز كان والي الشام حينئذ .. قبل أن يذهب إلى مصر ليكون أميرها .. والله أعلم .
 
15- أبو بكر بن محمد بن عمرو بن حزم الأنصاري الخزرجي (36 هـ - 120 هـ) من أئمة التابعين الثقات .. وقد اجتمع بجمع من الصحابة وروى وكتب عنهم .. ولذلك قال له عمر بن عبد العزيز حينما أصبح خليفة .. أن يرسل له ما ثبت عنده من الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم سواء كان كتبه أو ثبت عند غيره من أهل المدينة الموجودين حينئذ من التابعين من أبناء الصحابة وغيرهم ممن لازموا الصحابة وأخذوا عنهم ..
- عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ قَالَ: (كَتَبَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ رَحِمَهُ اللَّهُ إِلَى أَبِي بَكْرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ : أَنْ اكْتُبْ إِلَيَّ بِمَا ثَبَتَ عِنْدَكَ مِنَ الْحَدِيثِ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَبِحَدِيثِ "عَمرة بن عبد الرحمن" ، فَإِنِّي قَدْ خَشِيتُ دُرُوسَ الْعِلْمِ وَذَهَابَهُ) رواه الدارمي .. وقال محققه الشيخ حسين الداراني: إسناده صحيح.
 
- وقيل أن هذه الكتب التي جمعها أبي بكر بن حزم .. لم تصل إلى الخليفة عمر بن عبد العزيز .. وقد أصابها الضياع .. وقد اعتمد عمر بن عبد العزيز على ما قام الإمام الزهري بكتابته وتدوينه ..
 
16- عمرة بنت عبد الرحمن الأنصارية (29 هـ - 106هـ) تابعية مدنية .. وواحدة من رواة الحديث النبوي .. من ثقات التابعين .. نشأت عمرة وأخواتها في حجر أم المؤمنين عائشة بنت أبي بكر، وسمعت منها الحديث النبوي، وتفقّهت على يديها، حتى أصبحت ممن يُطلبون لأخذ حديث عائشة، حتى أن الخليفة الأموي عمر بن عبد العزيز حينما قرر أن يجمع الحديث ويُدوّنه أمر قاضي المدينة وقتها ابن أختها أبي بكر بن حزم قائلاً: (انظر ما كان من حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم، أو سُنَّة مَاضِيَةٍ، أو حديث عمرة (أي عمرة بنت عبد الرحمن الأنصارية) ، فاكتبه ... فإني خشيت دُرُوسَ العلم، وذهاب أهله) رواه بن سعد في الطبقات .. ورواه الدارمي .. وقال محققه الشيخ حسين الداراني: إسناده صحيح.
- وفي رواية بلفظ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ: (أَنَّ عُمَرَ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ، كَتَبَ إِلَى أَبِي بَكْرِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ: «انْظُرْ مَا كَانَ مِنْ حَدِيثِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم، أَوْ سُنَّةٍ، أَوْ حَدِيثِ عُمْرَةٍ .. فَاكْتُبْهُ فَإِنِّي قَدْ خَشِيتُ دُرُوسَ الْعِلْمِ وَذَهَابَ الْعُلَمَاءِ) رواه الخطيب البغداء في تقييد العلم .. وقال محققه أبو الأشبال الزهيري: إسناده صحيح.
- قوله (دروس العلم): أي ضياع العلم .
- قوله (عُمْرَةٍ): هي (عمرة بنت عبد الرحمن الأنصارية) .. قد روت الحديث عن السيدة عائشة لكثرة مصاحبتها لها .. وروى عنها الحديث كثير من أئمة التابعين مثل سليمان بن يسار ، عروة بن الزبير، وعمرو بن دينار، وبن شهاب الزهري .. وغيرهم كثيرين .
 
17- كُتب بن شهاب الزهري .. وهو ابن شهاب الزهري القرشي أبو بكر المدني (المتوفى في رمضان 123 أو 124هـ) من صغار التابعين الثقات وقد سكن الشام ..، ولد سنة خمسين أو إحدى وخمسين أو اثنان وخمسين وقيل سنة ثمان وخمسين بعد الهجرة..، وتوفى عن عمر 72 سنة ..
 
- أسند الزهري أكثر من ألف حديث عن الثقات .. ومجموع أحاديث الزهري كلها 2200 حديث.
 
- أخذ الحديث عن بعض الصحابة كأنس بن مالك وعبد الله بن عمر .. وأخذ عن كثير من التابعين الكبار الذين أخذوا عن الصحابة .. وكان يمتاز بالكتابة الدائمة .. ويبلغ عدد شيوخه من الصحابة وكبار التابعين أكثر من مائة وخمسون .. وله من التلاميذ أكثر من مائة وخمسون طالب علم ..
 
- وعن صَالِحُ بْنُ كَيْسَانَ (تابعي) قَالَ: (اجْتَمَعْتُ أَنَا وَالزُّهْرِيُّ وَنَحْنُ نَطْلُبُ الْعِلْمَ، فَقُلْنَا: نَكْتُبُ السُّنَنَ فَكَتَبْنَا مَا جَاءَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ثُمَّ قَالَ: نَكْتُبُ مَا جَاءَ عَنْ أَصْحَابِهِ فَإِنَّهُ سُنَّةٌ، وَقُلْتَ أَنَا: لَيْسَ بِسُنَّةٍ فَلَا نَكْتُبُهُ، وَكَتَبَ وَلَمْ أَكْتُبْ فَأَنْجَحَ وَضَيَّعْتُ) رواه بن عبد البر في جامع العلم .. وقال محققه الشيخ أبو الأشبال الزهيري: إسناده صحيح.
 
- وفي رواية عن صَالِحِ بْنِ كَيْسَانَ قَالَ: (كُنْتُ أَنَا وَابْنُ شِهَابٍ، وَنَحْنُ نَطْلُبُ الْعِلْمَ، فَاجْتَمَعْنَا عَلَى أَنْ نَكْتُبَ السُّنَنَ فَكَتَبْنَا كُلَّ شَيْءٍ سَمِعْنَا عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ثُمَّ قَالَ: اكْتُبْ بِنَا مَا جَاءَ عَنْ أَصْحَابِهِ، فَقُلْتُ: لَا، لَيْسَ بِسُنَّةٍ، وَقَالَ هُوَ: بَلْ هُوَ سُنَّةٌ، وَكَتَبَ وَلَمْ أَكْتُبْ، فَأَنْجَحَ وَضَيَّعْتُ) رواه بن عبد البر في جامع العلم .. وقال محققه الشيخ أبو الأشبال الزهيري: إسناده صحيح.
 
- وهذا يدل على أن الإمام الزهري كان يكتب ليس فقط حديث النبي صلى الله عليه وسلم .. بل وكان يكتب ما بلغه عن الصحابة رضي الله عنهم أيضا .
 
18- جمع وكتابة الحديث النبوي بأمر الخليفة على مختلف أبواب التشريع (الفقه) .. في زمن خلافة عمر بن عبد العزيز (61هـ - 101هـ) تابعي ثقة .. وقد تولى الخلافة سنة 99هـ والذي استمرت خلافته سنتين وخمسة أشهر .. وكان من مشايخ عمر بن عبد العزيز - ثمانية من الصحابة - قد أدركهم وأخذ عنهم .. وخمس وعشرون شيخا من كبار التابعين تلقى عنهم .. وكان لايزال قلة من الصحابة حيا حتى ولاية عمر بن عبد العزيز ..
 
- وحينما تولى الخلافة .. أمر علماء المسلمين بالإجتهاد في جمع الأحاديث النبوية التي كتبها كبار التابعين عن الصحابة أو ما بلغت للتابعين الحاضرين حينئذ ..
- عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ، قَالَ: (كَتَبَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، إِلَى أَهْلِ الْمَدِينَةِ أَنْ انْظُرُوا حَدِيثَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَاكْتُبُوهُ فَإِنِّي قَدْ خِفْتُ دُرُوسَ الْعِلْمِ وَذَهَابَ أَهْلِهِ) رواه الدارمي .. وقال محققه الشيخ حسين الداراني: إسناده صحيح.
 
- ومن أوائل من جمع الأحاديث كان التابعي الإمام أبي بكر بن حزم بالمدينة .. وكذلك كان التابعي بن شهاب الزهري بالشام ..
 
- فقد وجه الخليفة كتابا لقاضي المدينة حينئذ أبي بكر بن حزم وقال له: (انظر ما كان من حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم، أو سُنَّة مَاضِيَةٍ، أو حديث عمرة (أي عمرة بنت عبد الرحمن الأنصارية) ، فاكتبه ... فإني خشيت دُرُوسَ العلم، وذهاب أهله) رواه بن سعد في الطبقات .. ورواه الدارمي .. وقال محققه الشيخ حسين الداراني: إسناده صحيح.
 
- كما وجه أمرا بهذا الشأن إلى الإمام ابن شهاب الزهري .. حيث جاء في رواية عن مَعْن بن عيسى قال: حدثنا سَعِيدُ بْنُ زِيَادٍ مَوْلَى الزُّهْرِيّين مُعَلِّمُ كُتَّابِ دَارِ أَنَسٍ، قَالَ: سَمِعْتُ ابْنَ شِهَاب يُحَدِّثُ سَعْد بْنَ إِبْرَاهِيمَ يَقُولُ: (أَمَرَنَا عُمَرُ بْنُ عَبْد الْعَزِيْز بِجَمْعِ السُّنَنِ فَكَتَبْنَاهُ دَفْتَرًا دَفْتَرًا فَبَعَثَ إِلَى كُلِّ أَرْضٍ لَهُ عَلَيْهَا سُلْطَانٌ دَفْتَرًا) التاريخ الكبير لابن أبي خيثمه .. (قلت خالد صاحب الرسالة): إسناده صحيح أو حسن .. لأن سعيد بن زياد وثقه الذهبي .. وقال بن حجر: مقبول الحديث ..
 
- ملحوظة هامة: جاء في كتاب جامع العلم وفضله للإمام بن عبد البر .. رواية هذا الحديث عن (سَعِيدُ بْنُ زِيَادٍ مَوْلَى الزُّبيريين) وهو تصحيف وخطأ في كتابة السند .. والصح هو ما أثبته بن أبي خيثمه في التاريخ .. والله أعلم .
 
- وكان بن شهاب يثبت العلم بالكتابة دائما .. ولكن جمع بن شهاب كان تدوينا وليس مجرد كتابة .. لأن الكتابة كانت سابقة من زمن النبي صلى الله عليه وسلم .. ولكن ما فعله الإمام الزهري هو تدوين هذه الكتابات مرتبة على أبواب الفقة فجعل احاديث الصلاة لوحدها والزكاة لوحدها وهكذا .. جمعا على أبواب الفقه .. ولذلك يعتبره العلماء أول من جمع الأحاديث تدوينا وليس كتابة .. وليس مجرد روايات لبعض الأحاديث عن أحد الصحابة وتشمل كل المواضيع دون ترتيب .. كما كان البعض يجمعها عن بعض الصحابة فقط ..
 
- وعموما في خلافة عمر بن عبد العزيز وهو من أئمة التابعين الثقات .. وكان ذلك أول تدوين رسمي بأمر من خليفة المسلمين يتم جمع للحديث الشريف وكان ذلك على ختام المائة الهجرية الأولى .. وكثر بعد ذلك تدوين الحديث الشريف ككتابة ..
 
* وبهذا يكون ختام الأدلة على كتابة الحديث الشريف في زمن التابعين .. ولكن يتبقى بعض المسائل المهمة المتعلقة بالإمام الزهري عليك أن تعرفها وتنتبه لها جيدا .. سنناقشها في الأسئلة القادمة إن شاء الله تعالى ..
 

******************************

 

..:: س40: لماذا تم تزكية الإمام الزهري لتدوين الحديث النبوي ؟ ::..


يتبع إن شاء الله تعالى
*****************
والله أعلم

اللهم صل على سيدنا محمد وعلى آله وسلم

هذه الرسائل العلمية مصدرها - مدونة الروحانيات فى الاسلام -  ومؤلفها / الأستاذ خالد أبوعوف - ولا يحق لأحد نقل أي موضوع من مواضيع أو كتب أو رسائل المدونة .. إلا بإذن كتابي من صاحب المدونة - ا/ خالد أبوعوف .. ومن ينقل موضوع من المدونة أو جزء منه (من باب مشاركة الخير مع الآخرينفعليه بالاشارة الى مصدر الموضوع وكاتبه الحقيقي .. ولا يحق لأحد بالنسخ أو الطباعة إلا بإذن كتابي من الأستاذ / خالد أبوعوف .. صاحب الموضوعات ..   

هناك 9 تعليقات:

  1. ماشاء الله لاقوة إلا بالله

    ردحذف
  2. رضي الله عن الصحابة والتابعين بإحسان الى يوم الدين .. وسبحان من اودع فيهم ملكة الحفظ وقبل ذلك سبحان الذي وهبهم الحب والتفاني لنبيهم صلى الله عليه وسلم ؛ الذي دفعهم للتبليغ عنه كل حرف وحركة .. اللهم جازهم بالاحسان احسانا وعظم اجرهم وارفع قدرهم بما انت اهله .. اللهم آمين

    بارك الله فيك استاذنا الفاضل
    جزء جميل جداا 💐💐
    متعك الله بالصحة والعافية 🤲
    وجعل رسالتك مرجعا يهتدى به
    آمين يارب العالمين

    ردحذف
  3. وصية ثمينة من عالم رباني:
    قيل لشيخ من كبار العلماء :
    ياشيخ ، فلان إنتكس فقال :
    لعل انتكاسته من أمرين :
    إما أنه لم يسأل الله الثبات ، أو أنه لم يشكر الله على الإستقامة،
    فحين اختارك الله لطريق هدايته،
    ليس لأنك مميز أو لطاعةٍ منك ،
    بل هي رحمة منه شملتك ،
    قد ينزعها منك في أي لحظة ،
    لذلك لا تغتر بعملك ولا بعبادتك
    ولا تنظر باستصغار لمن ضلّ عن سبيله
    فلولا رحمة الله بك لكنت مكانه .
    أعيدوا قراءة هذه الآية بتأنٍّ
    ﴿ ولوﻵ أن ثبتناك لقد كدت تركن إليهم شيئا قليلا ﴾
    إياك أن تظن أن الثبات على الإستقامة أحد إنجازاتك الشخصية .. تأمل قوله تعالى لسيد البشر..
    ولولا أن ثبتناك"
    فكيف بك !!؟.
    نحنُ مخطئون عندما نتجاهل أذكارنا،
    نعتقد أنها شيء غير مهم وننسى
    بأن الله يحفظنا بها، وربما تقلب الأقدار..
    يقول ابن القيم :
    حاجة العبد للمعوذات أشدُ من حاجته للطعام والشراب واللباس..!
    داوموا على اذكاركم لتُدركوا معنى:
    احفظ الله يحفظك..
    تحصنوا كل صباح ومساء ؛ فالدنيا مخيفة .. وفي جوفها مفاجأت .. والله هو الحافظ لعباده ..
    طوقوا أنفسكم بالحافظ الله

    ردحذف
    الردود
    1. فذكر..

      وَلَوْلَا أَن ثَبَّتْنَاكَ لَقَدْ كِدتَّ تَرْكَنُ إِلَيْهِمْ شَيْئًا قَلِيلًا (74)
      فحين اختارك الله لطريق هدايته ليس لأنك مميز أو لطاعة منك، بل هي رحمة منه شملتك... قد ينزعها منك في أي لحظة لذلك لا تغتر بعملك ولا بعبادتك...

      حذف
  4. من خواطر الشيخ الشعراوى

    هرب بجلدك لو لقيت نفسك فى واحده من 4 مراحل
    فى آية في سورةالحديد بتلخص أربع مراحل بيضيع بعدها الإنسان
    "ولكنكم فتنتم أنفسكم وتربصتم وارتبتم وغرتكم الأمانى حتى جاء أمر الله"
    -المرحلة الأولى فتنتم_انفسكم" .. إن الإنسان يحط نفسه في الفتنه.. الفتنه ممكن تكون فلوس حرام.. علاقة حرام.. نظرة حرام.. ظلم الناس.. إلى آخره
    -المرحلة الثانية وتربصتم" .. يعني قمت بتأخير وتأجيل الخروج من الفتنه.. ممكن الإنسان يشعر بقوة رائحة السجائر لو حد بدأ يدخن جنبه في الأول .. بس لو معاك مدخن دائم في البيت هتتعود وتبقى الريحة طبيعية.. هي دي "فتربصتم" .. إن الإنسان يأخر الخروج من الفتنه ويطول في القعده فيها أوى .. لحد ما تبقى شىء طبيعى
    - المرحلة الثالثة.. وارتبتم" لما الفتنه تصبح شىء طبيعي .. بيتاخد من الإنسان تدريجياً إيمانه ويبدأ يتشكك في دينه (ارتبتم). إللي هو طالما كده كده ضايع يبقى مش هتفرق لما أسيب الإيمان كمان يضيع.
    -المرحلة الرابعه وغرتكم_الأمانى" الإنسان بيفقد حاجتين .. تعلقه بالجنه وما عند الله من الثواب وكمان الخوف من النار .. كل إللي فارق معاه الدنيا ومتعها والفتن بتاعتها (الأماني ) فقط وليس للآخرة نصيب في قلبه...
    ويفضل الإنسان تايه في المرحلة الرابعه لحد إمتى .. تكملة الاية "حتى جاء أمر الله" إللي هو الموت.. والاية إللى بعدها فيها وعيد شديد لما بعد ذلك.
    ليه ربنا بيخبرنا بالمراحل الاربعه دى؟
    عشان الانسان ينتبه..يحاول يتجنب انه يقول انا جامد ومش هقع فى الفتنه.. او انا عارف نفسى وقعت اه بس هاطلع منها فى المستقبل ان شاء الله..خلينى شوية كده بس...
    الاية اللي بعد اية الوعيد فيها نداء رائع من رب العالمين لأي انسان مننا في اي مرحلة من المراحل الاربعه عشان يرجع تاني ليجد رب رحيم ودود يفرح بتوبة عبده.. الايه بتقول.. ألم يأن للذين امنوا ان تخشع قلوبهم لذكر الله.. يعني هو مجاش بقا وقت التوبه

    ردحذف
    الردود
    1. أربع مراحل يضيع بعدها الإنسان..

      (...فَتَنتُمْ أَنفُسَكُمْ وَتَرَبَّصْتُمْ وَارْتَبْتُمْ وَغَرَّتْكُمُ الْأَمَانِيُّ...) ١٤ الحديد
      قال بعض السلف:

      ☆1☆ فَتَنتُمْ أَنفُسَكُمْ :
      أي فتنتم أنفسكم باللذات والمعاصي والشهوات

      ☆2☆ وتربصتم
      أي : أخرتم التوبة من وقت إلى وقت .
      وقال قتادة : ( وتربصتم ) بالحق وأهله

      ☆3☆ وارتبتم
      أي : بالبعث بعد الموت

      ☆4☆ وغرتكم الأماني
      أي : قلتم : سيغفر لنا . وقيل : غرتكم الدنيا


      حذف
  5. بارك الله فيكم و جزاكم الله خيرا
    *****
    اللهم صل على سيدنا محمد النبي الأمي و على آله و سلم

    ردحذف
  6. *🌟 إشراقة 🌟*

    💎 لكي تفهم الحياة تماماً عليك بزيارة ثلاثة مواقع :
    1️⃣المستشفى :
    👈ستعرف أن لا شيء أكثر جمالاً من الصحة .
    2️⃣السجن :
    👈سترى أن الحرية أثمن شيء في الوجود .
    3️⃣ المقبرة :
    👈 ستدرك أن حياتنا لا تساوي شيئاً ؛ فالأرض التي نمشي عليها اليوم ستكون سقفنا غداً .

    💎 فكن حامداً شاكراً لنعم الله ، وابنِ دار آخرتك قبل دنياك.

    *🌟 أسعد الله أوقاتكم بكل خير🌟*

    ردحذف
  7. ملخص لما يحدث حولنا من ذعر وتخويف فى كل العالم وجب علينا التنويه بالاتى :

    للدكتور محمد راتب النابلسي

    1- لا يحدث شيء في الكون بدون علم الله وإرادته سبحانه ..
    *فاطمئن*

    2- هذا الفيروس أحد مخلوقات الله ، لا يسير وفق هواه ..
    *فاهدأ*

    3- لا شك أن هناك حِكمة ، قد نعرفها وقد نجهلها ..
    *فافهم*

    4- سُنّة الإبتلاء ماضية ، وقد يكون فرديًا أو جماعيًا ..
    *فاعقِل*

    5- هذه الدنيا دار التواء ، لا دار استواء ، ومنزل ترحٍ ، لا منزل فرح ..
    *فتذكّر*

    6- حين تضِلُّ الأمم وتنحرف ، يُرسل الله لها جنوداً وآيات ، قد تبدو في الظاهر قاسية ، ولكنها في الباطن خيرٌ ورحمة ..
    *فاستبشر*

    7- قد يكون هذا البلاء محبةً من الله لنا وتنبيهاً ليدفعنا إلى بابه ، وقد تكون عقوبةً ..
    *فاستدرك*

    8- لا ننسى أوصاف الإنسان في القرآن ، أنه خُلق في أحسن تقويم، ومكرّم عند الله ، ولكنّه ضعيف جهول عجول ومجادل ..
    *فتأدّب*

    9- يقول الله تعالى : *"فَعَسَىٰ أَن تَكْرَهُوا شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا"*..
    *فافرح*

    10- يقول الله تعالى : *"وَلَا تَيْأَسُوا مِن رَّوْحِ الله ۖ إِنَّهُ لَا يَيْأَسُ مِن رَّوْحِ الله إِلَّا الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ"*..
    *فاصبر*

    خفّف عنك ذعرك واْتركها تأتي كما شاء الله
    لعلها المنجية ولا نعلم .
    منقول

    ردحذف

ادارة الموقع - ا/ خالد ابوعوف