الروحانيات فى الإسلام: ج7: رسالة الحق والنور - هل الظن يفيد الشك فقط أم يفيد اليقين أيضا - ما الدليل من القرآن على أن معنى الظن يحمل معنى اليقين والشك والتوهم - لماذا يأتي القرآن بلفظ الظن بدلا من اليقين - هل يتعارض العقل مع النقل أي مع النص الشرعي.

بحث في المدونة من خلال جوجل

الجمعة، 16 يوليو 2021

Textual description of firstImageUrl

ج7: رسالة الحق والنور - هل الظن يفيد الشك فقط أم يفيد اليقين أيضا - ما الدليل من القرآن على أن معنى الظن يحمل معنى اليقين والشك والتوهم - لماذا يأتي القرآن بلفظ الظن بدلا من اليقين - هل يتعارض العقل مع النقل أي مع النص الشرعي.

    بسم الله الرحمن الرحيم

رسالة

الحق والنور

في موجز علم تدوين الحديث الشريف

وتبرئة البخاري ممن شهد عليه بالزور

(الجزء السابع)

* فهرس:
:: الفصل السادس :: مناقشة بسيطة حول مفهوم الظن في القرآن::
1- س22: هل الظن يفيد الشك فقط أم يفيد اليقين أيضا ؟
2- س23: ما الدليل من القرآن على أن معنى الظن يحمل معنى اليقين والشك والتوهم ؟
3- س24: لماذا يأتي القرآن بلفظ الظن بدلا من اليقين ؟
4- س25: هل يتعارض العقل مع النقل أي مع النص الشرعي ؟
**************************
:: الفصل السادس ::
::  مناقشة بسيطة حول مفهوم الظن في القرآن ::
***********************

..:: س22: هل الظن يفيد الشك فقط أم يفيد اليقين أيضا ؟ ::..


- استغل بعض جماعة القرآنيين كلمة الظن الراجح التي وصف بها بعض أهل الحديث أحاديث الآحاد الصحيحة .. وبدأوا يتشككون من وراء هذا المصطلح (الظن الراجح) .. ويقولون أن الظن يفيد الشك .. فيكف نقبل حكم ديني يحتمل الشك ..؟!!

 
- قلت (خالد صاحب الرسالة):
- الكلام السابق هو كلام خطأ .. لأن الظن من حيث الدليل .. لا يفيد الشك فقط .. وإنما قد يفيد اليقين أيضا .. وقد يفيد التوهم .. لكن ما هو مفهوم الظن ومفهوم الشك ومفهوم اليقين ؟
 
1- الظن: هو علم يحصل من ظهور أمارة أو علامة أو دليل  يدل عليه .. وهذا العلم قد يبلغ مبلع الظن الراجح وهو بمنزلة اليقين ..، أو يقف عن الشك ..، أو يتهاوى إلى التوهم بما لا دليل عليه أصلا وهو الظن الفاسد أو الطرف المرجوح الذي هو الغلط ..
- فمتى قوي هذا الدليل أدى إلى العلم المؤكد .. وإذا لم يتبين قوة أو ضعف الدليل يسمى شكا .. ولكن لو ضعف هذا الدليل جدا أو بلغ حد الاستحالة العقلية فقد بلغ حد التوهم ..
 
2- اليقين: هو العلم بالشيء عن نظر واستدلال .. أو تحقيق العلم بدليل ينفي شك سابق .. والشك لا يكون إلا عن مسألة فيها تأمل وتفكر وتحتاج إلى دليل ليحسم المسألة .. فإن ظهر الدليل واطمئنت له النفس فينتقل من الشك إلى ما يسمى "غالب الظن أو الظن الراجح" .. وهو يسمى يقينا لمشابهته للعلم الجازم حيث قد غلب اليقين فيه على الشك .. وأصبح بمنزلة اليقين.
 
3- الشك: هو التردد بين نقيضين بلا ترجيح لعدم وجود دليل يحسم المسألة .. أو يقال أن الشك وقوف العقل عن اتخاذ حكم في مسألة لعدم وجود دليل يجعلك تميل إلى ميلا راجحا إلى اعتماد هذا الدليل .. فإذا ظهر دليل وترجح الأمر لديك وبقي شيئا في النفس من الإحتمال الآخر فهو ظن .. وإن ترجح الأمر لديك بدليل حيث لم يبقى في النفس تعلق بالإحتمال الآخر فهو "غالب الظن أو الظن الراجح" وهو بمنزلة اليقين .. لأن الدليل الصحيح هو الذي يبعدك عن الشك ويرفعك لليقين.
 
4- التوهم: وهو الظن الفاسد الذي لا دليل عليه يطمئن له العقل الرشيد والقلب السليم .. ويسمى بالغلط أو بالظن المرجوح الذي لا يمكن قبوله ..
 
************************
..:: س23: ما الدليل من القرآن على أن معنى الظن يحمل معنى اليقين والشك والتوهم ؟ ::..
 
- وكل ما سبق قد جاء ذكره في القرآن .. ما الدليل على ذلك ؟
1- الظن الذي يفيد اليقين أو الظن الراجح بمنزلة اليقين:
- يقول تعالى للمؤمنين: (وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ إِلَّا عَلَى الْخَاشِعِينَ (45) الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُمْ مُلَاقُو رَبِّهِمْ وَأَنَّهُمْ إِلَيْهِ رَاجِعُونَ) البقرة45-46.
 
- يقول تعالى عن لحظة الموت: (كَلَّا إِذَا بَلَغَتِ التَّرَاقِيَ . وَقِيلَ مَنْ رَاقٍ . وَظَنَّ أَنَّهُ الْفِرَاقُ . وَالْتَفَّتِ السَّاقُ بِالسَّاقِ . إِلَى رَبِّكَ يَوْمَئِذٍ الْمَسَاقُ) القيامة26-30.
 
- يقول تعالى عن المؤمنين الذين تخلفوا عن الخروج مع النبي صلى الله عليه وسلم في غزوة تبوك: (وَعَلَى الثَّلَاثَةِ الَّذِينَ خُلِّفُوا حَتَّى إِذَا ضَاقَتْ عَلَيْهِمُ الْأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ وَضَاقَتْ عَلَيْهِمْ أَنْفُسُهُمْ وَظَنُّوا أَنْ لَا مَلْجَأَ مِنَ اللَّهِ إِلَّا إِلَيْهِ ثُمَّ تَابَ عَلَيْهِمْ لِيَتُوبُوا إِنَّ اللَّهَ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ) التوبة118.
 
- يقول تعالى عن حال بعض من ينجيهم الله من الغرق في البحر: (حَتَّى إِذَا كُنْتُمْ فِي الْفُلْكِ وَجَرَيْنَ بِهِمْ بِرِيحٍ طَيِّبَةٍ وَفَرِحُوا بِهَا جَاءَتْهَا رِيحٌ عَاصِفٌ وَجَاءَهُمُ الْمَوْجُ مِنْ كُلِّ مَكَانٍ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ أُحِيطَ بِهِمْ دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ لَئِنْ أَنْجَيْتَنَا مِنْ هَذِهِ لَنَكُونَنَّ مِنَ الشَّاكِرِينَ (22) فَلَمَّا أَنْجَاهُمْ إِذَا هُمْ يَبْغُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ) يونس22-23.
 
- ويقول تعالى بعد حكم سيدنا داوود في مسألة: (وَظَنَّ دَاوُودُ أَنَّمَا فَتَنَّاهُ فَاسْتَغْفَرَ رَبَّهُ وَخَرَّ رَاكِعًا وَأَنَابَ) ص24.
 
- ويقول تعالى عن المجرمين الذين كفروا حينما يرون النار: (وَرَأَى الْمُجْرِمُونَ النَّارَ فَظَنُّوا أَنَّهُمْ مُوَاقِعُوهَا وَلَمْ يَجِدُوا عَنْهَا مَصْرِفًا) الكهف53.
 
* وغير ذلك من الآيات التي تزيد عن عشرة آيات جاء فيها الظن بمنزلة اليقين .. أو البعض وصفه بالظن الراجح أو الظن الغالب الذي انتفت معه شبهة الشك ومال الأمر للتحقيق فعلا .. 
 
2- الظن الذي يفيد الشك:
- يقول تعالى عن ظن إبليس في بني آدم أنه يستطيع غوايتهم وإضلالهم: (وَلَقَدْ صَدَّقَ عَلَيْهِمْ إِبْلِيسُ ظَنَّهُ فَاتَّبَعُوهُ إِلَّا فَرِيقًا مِنَ الْمُؤْمِنِينَ) سبأ20.
 
- يقول تعالى عن الذين اختلفوا في في حقيقة قتل عيسى عليه السلام: (وَإِنَّ الَّذِينَ اخْتَلَفُوا فِيهِ لَفِي شَكٍّ مِنْهُ مَا لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِلَّا اتِّبَاعَ الظَّنِّ وَمَا قَتَلُوهُ يَقِينًا) النساء157.
 
3- الظن الذي يفيد التوهم:
- يقول تعالى عن أبي جهل ومن شابهه من الكفار عن ظنه بأنه لن يبعث: (إِنَّهُ ظَنَّ أَنْ لَنْ يَحُورَ . بَلَى إِنَّ رَبَّهُ كَانَ بِهِ بَصِيرًا) الإنشقاق14-15.
 
- ويقول تعالى عن يهود بنو النضير حينما ذهب المسلمون ليطردوهم من المدينة بعد خيانتهم للمسلمين: (وَظَنُّوا أَنَّهُمْ مَانِعَتُهُمْ حُصُونُهُمْ مِنَ اللَّهِ فَأَتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ حَيْثُ لَمْ يَحْتَسِبُوا وَقَذَفَ فِي قُلُوبِهِمُ الرُّعْبَ) الحشر2.
 
- ويقول تعالى عمن يتم موعظته بيوم القيامة فينكر: (وَإِذا قِيلَ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَالسَّاعَةُ لا رَيْبَ فِيها قُلْتُمْ ما نَدْرِي مَا السَّاعَةُ إِنْ نَظُنُّ إِلاَّ ظَنًّا وَما نَحْنُ بِمُسْتَيْقِنِينَ) الجاثية32.
 
4- الظن الذي يفيد التهمة (ظن السوء):
أ- ظن السوء بالله:
- كما في قوله تعالى: (وَيُعَذِّبَ الْمُنَافِقِينَ وَالْمُنَافِقَاتِ وَالْمُشْرِكِينَ وَالْمُشْرِكَاتِ الظَّانِّينَ بِاللَّهِ ظَنَّ السَّوْءِ) الفتح6.
 
- وكما في قوله تعالى: (وَطَائِفَةٌ قَدْ أَهَمَّتْهُمْ أَنْفُسُهُمْ يَظُنُّونَ بِاللَّهِ غَيْرَ الْحَقِّ ظَنَّ الْجَاهِلِيَّةِ) آل عمران154.
 
ب- وظن السوء بالناس:
- كما يقوله تعالى عن ظن المنافقين بالمؤمنين: (وَظَنَنْتُمْ ظَنَّ السَّوْءِ) الفتح12.
 
- وكما يقول تعالى عن اتهام سيدنا هود من قومه: (قَالَ الْمَلَأُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَوْمِهِ إِنَّا لَنَرَاكَ فِي سَفَاهَةٍ وَإِنَّا لَنَظُنُّكَ مِنَ الْكَاذِبِينَ) الأعراف66.
 
* خلاصة القول:
- الظن ليس معناه انتفاء اليقين كما يزعم من يريد أن يروج لهذا الأمر .. لا .. الظن في بعض استخداماته يصبح بمنزلة اليقين .. ولكن بشرط وجود الدليل الصحيح عليه ..
- كما أن كل أمور الحياة لا يقين فيها إلا بدليل .. سواء كان دليل مادي أو دليل معنوى كما في شهادة الشهود ..
 
***************************
..:: س24: لماذا يأتي القرآن بلفظ الظن بدلا من اليقين ؟ ::..
 
- من إجابة السؤال السابق قد يخطر ببالك سؤال منطقي .. وهو طالما الظن في بعض آيات القرآن يتم تفسيره بمعنى اليقين .. فلماذا لم يأت القرآن بلفظ اليقين ؟!!
 
- قلت (خالد صاحب الرسالة):
- لأن الآيات التي ظهر فيها لفظ الظن بمعني اليقين (حسب فهمي لهذه الآيات) .. فهي تنقسم إلى نوعين .. يتعلق بالعقيدة أو بمواقف الحياة ..
- الأول: يتعلق بالعقيدة .. وكل عقيدة تحتمل إما أن تكون حق أو باطل .. وبالتالي لفظ اليقين في القرآن فيما يتعلق بالعقيدة لا يأتي هنا كلفظ مطلق .. وإنما يأتي بمعنى اليقين الخاص المتعلق بعقيدة .. لأنه يكون بمقارنة بعقيدة آخرين ..
- وكأن القرآن يبلغنا أن مسألة اليقين في العقيدة حدث فيها اختلاف .. فأصبح لدينا طائفة لديها ظن راجح وهو حق .. وطائفة لديها ظن مرجوح وهو باطل .. فمن الناس من غلب على ظنهم الباطل في الإيمان فأنكروا القرآن والنبي الأمي فضلوا أو ألحدوا وهؤلاء هم أصحاب الظن الفاسد أو الباطل .. ومن الناس من غلب على ظنهم الحق في الإيمان بالقرآن والنبي الأمي وهؤلاء هم أصحاب الظن الراجح بالحق ..
- فكان إتيان لفظ القرآن .. بالظن في أحوال المؤمنين كقوله تعالى (الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُمْ مُلَاقُو رَبِّهِمْ وَأَنَّهُمْ إِلَيْهِ رَاجِعُونَ) البقرة46. ليس لأن المؤمنين لديهم نوع من الشك في أنهم قد يرجعون إلى الله .. لا .. وإنما الله أثبت لهم الكرامة في الميل إلى الظن بأن ما القرآن وما أتي به الني صلى الله عليه وسلم هو الحق .. عكس من أنكر القرآن والنبي صلى الله عليه وسلم وأنكر البعث وظن الباطل حيث وصفه القرآن فقال: (إِنَّهُ ظَنَّ أَنْ لَنْ يَحُورَ) الإنشقاق14 .. أي غلب على ظنه بما هو باطل بأنه لن يعود ويرجع إلى الله ولن يبعثه أحد.
 
- الثاني: يتعلق بمواقف الحياة .. وقد يأتي لفظ الظن في موقف ما يحكي نفسية الإنسان أو ما يغلب على ظنه في هذا الموقف أو في تلك الحالة التي هو عليها ..
- ومثال ذلك .. في حال المرض قد يغلب على ظنه الموت في تلك الحالة .. (وَقِيلَ مَنْ رَاقٍ . وَظَنَّ أَنَّهُ الْفِرَاقُ) القيامة27-28.
- ومثال آخر .. في حال رؤية المجرمين النار (وَرَأَى الْمُجْرِمُونَ النَّارَ فَظَنُّوا أَنَّهُمْ مُوَاقِعُوهَا) الكهف53.. ويكون لديه ظن راجح بأنه داخل فيها وأتي بلفظ الظن لأنه لم يدخلها فعلا .
 
- ولذلك لا يأتي القرآن بلفظ اليقين بالرغم من أن الموت مثلا هو يقين .. ودخول النار للمجرمين هو يقين .. ولكن القرآن لا يتكلم عن الموت الفعلي أو دخول النار الفعلي .. وإنما يحكي عن ظن الإنسان في تلك اللحظات كيف يكون حاله وما هو الراجح في نفسه .. لأن الموت أو دخول النار لم يكن قد حدث فعلا .. وإنما قد يتحقق خلال دقائق أو ساعات أو حسب الوقت الذي يقدره الله .
 
- فهذا سبب قول القرآن في بعض آيات القرآن بلفظ الظن بدلا من اليقين .. لأن القرآن إما يصف ظن راجح في نفسية الإنسان في تلك اللحظة .. أو يحاكي في مسألة العقيدة حيث يكون فيها حق وفيها باطل .. فيظهر ظن المؤمن بأنه الحق .. ويظهر ظن الكافر المنكر بأنه الباطل ..
 
* وخلاصة القول:
- هذا اجتهادي في حكمة اتيان لفظ القرآن بلفظ الظن بدلا من اليقين في الآيات التي يظهر فيها لفظ الظن بمعنى اليقين عن المفسرين .. والله أعلم بالصواب ..
 
**************************
 
..:: س25: هل يتعارض العقل مع النقل أي مع النص الشرعي ؟ ::..
 
- قبل أن نختم هذا الجزء من الرسالة .. وبما أن بعض جماعة القرآنيين يتهم أهل الحديث بأنهم يقدمون الحديث ويعترفون به حتى لو فيه مخالفة للعقل .. ولا أدري من أين جاؤوا بهذا الفكر عن أهل الحديث .. إذا كان من شروط علم الحديث هو البحث في حال المتن أو البحث في حال المروي الذي يرووه جماعة الرواة ..!!
 
- فيقول الإمام بن حجر العسقلاني رحمه الله (المتوفى: 852هـ) في نزهة النظر ص 110:
- ومِنها (أي من القرآئن التي تدل على وضع الحديث وكذبه) ما يُؤخَذُ مِن حالِ المروي (أي متن الحديث) ، كأنْ يكون مناقضاً لنصِّ القرآن، أَو السُّنَّةِ المُتواتِرَةِ، أَو الإِجماعِ القطعيِّ، أَو صريحِ العَقْلِ، حيثُ لا يَقْبلُ شيءٌ مِن ذلك التأويلَ. (ما بين الأقواس توضيح من كاتب الرسالة)
 
- فإذا عرفت ما سبق .. نرجع لمناقشة سؤالنا وهو:
- هل يتعارض العقل مع النقل أي النصوص الشرعية ؟
- أولا: يقول تعالى (وَهُوَ الَّذِي يُحْيِي وَيُمِيتُ وَلَهُ اخْتِلَافُ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ أَفَلَا تَعْقِلُونَ) المؤمنون80.
- فإذا كان العقل له القدرة على أساس استيعاب العقيدة .. فهو من المكانة والتقدير الواجب العمل به .. وإلا ما كان الله يحث الناس على استخدام عقلهم في إدراك أن للكون إله يحيي ويميت ..!!
 
- ثانيا: يقول تعالى: (أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا) النساء82.
- والتدبر في القرآن يحتاج إلى عقل رشيد وعلم صحيح .. وإلا فكيف سيتدبر القرآن ؟!! بل وكيف سيجد غير المؤمن اختلاف في القرآن إلا لو كان سيستخدم عقله للمقارنة والتحقيق بين القرآن وغيره ؟!!
- إذن فالعقل أساس في التفكير والتدبر والتحقيق لفهم ما يطلبه الله منا ..
 
 
* مما سبق يتبين لك .. أنه من المستحيل أن يتعارض العقل مع النص القرآني أو الحديث النبوي الصحيح .. وإلا لو حدث تعارض في حديث مع القرآن فهو باطل ومردود ..!! وقد ذكرنا لذلك مثالا كما في مسألة خلق السماوات الأرض في ستة أيام في حين أن في الحديث عند صحيح مسلم يقول في سبعة أيام ..!! فكيف يعقل ذلك ..؟!! وقد شرحنا ذلك من قبل ورددت على من حاول التوفيق بين الحديث والآية ..!!
 
- ولكن كما قلنا سابقا .. قد يتم رد الحديث الصحيح بعد أن يتفق على رده جماعة من العلماء بأنه مخالف فعلا للقرآن فعلا أو لا يستقيم مع العقل .. وليس مجرد شخص جاهل بالقرآن والحديث .. ويقول بأن الحديث غير مقبول لأنه يراه أنه مخالف للقرآن ..!! أهذا كلام يُعقل يا ناس ؟!!
 
* فمن أين أتت مسألة خلاف استخدام العقل مع النقل أي النص الشرعي ؟!
- أصل الخلاف ظهر بسبب استعمال العقل في فهم العقيدة وتأويل الصفات الإلهية .. مثل اليد والرجل والنزول والصعود والمعية وغير ذلك مما ذكره الله عن نفسه .. فهناك من قام بتأويل مثلا اليد بمعنى القدرة ..، وهناك من قال بل نقول أن لله يد ولا نفسر كيفية هذه اليد ؟!!
 
- وهذا هو كان أصل مسألة الخلاف في استخدام العقل مع النقل أي النصوص الشرعية التي تحمل صفات إلهية .. أم بقاء النقل كما هو عليه دون تأويل فيما يتعلق بالصفات الإلهية ..!!
 
- وعموما كل الصراع الذي نشأ في العقيدة لم يكن يحتاج كل ما كتب فيه من اتهامات من البعض للبعض في دينه .. وكل فريق يظن أنه الأفضل والأكمل ..!!
 
- سبحان من يعلم حقائق كلامه ومعرفة ذاته ..!!
 
- فلماذا هذا يتهم ذاك .. وذاك يتهم هذا ؟!! وفي حقيقة الأمر المسألة ليس فيها خلاف فعلي لو تعمقنا وقرآنا كلام المدرستين .. ويمكن التوفيق بشيء من الضوابط ..
 
- ثم أتي جماعة جهلاء يزعمون أنفسهم تنويريين أو ينسبون أنهم لجماعة القرآنيين .. وفعلوا أمرين:
- الأول: نقلوا هذه المسألة التي أصلها في العقيدة وجعلوها في الحديث النبوي ..!!  
- وأخذوا يستخدمون الأحاديث الضعيفة أو الموضوعة ويروجون لها ليتهموا الحديث الشريف بأنه باطل ومخالف للعقل ويستدلون في ذلك بأمثلة مثل قصة هاروت وماروت وقصة أيوب عليه السلام في تسليط الشيطان عليه وقصة الغرانيق وغير ذلك من قصص في روايات اتهمها علماء الحديث بالوضع أو بالضعف .. والتي هي أحاديث أو روايات في كل الأحوال هي مردودة ولا تصح ..!!  
 
- الثاني: هو أنهم يقولون أنه علينا من باب تنزيه الرسول صلى الله عليه وسلم .. وجب علينا عدم مسايرة من يحاولون إيجاد مخارج لبعض الأحاديث التي تخالف العقل قاصدين تقديمها وترجيحها عليه .. ظنا منهم أنهم يدافعون عن الإسلام ورسوله وهم لا يشعرون أنهم يسيئون إليه ..!!
 
- فهؤلاء نقول لهم:
1- أما استخدامكم للاحاديث الضعيفة والموضوعة لاثبات وجهة نظركم فهذا دليل البليد .. الذي كشف عن حقيقة نواياه وهي الافساد في الدين ونشر الفتنة فيه بين المؤمنين .. وإلا ما كان استدل بما هو يعلم أنه باطل ولا يصح الاستدلال به ..!! ولا ينطوي على عقل مؤمن أن يصدقكم فيه إلا من تشابه قلبه مع قلوبكم ..!!

2- أما عن تطوعكم في محو الحديث الذي يخالف العقل .. فنسألكم: من الذي أجاز أحاديث فيها مخالفة العقل أي أحايث مستحيلة عقلا ؟!! وكيف يتعارض نص مع العقل إذا كان النص صحيح ؟
 
3- ثم ما هو مفهوم المستحيل في عقلك أنت ؟ فلعل المستحيل في عقلك أنت هو أمر جائز في عقل آخرين .. ومثال ذلك وجود الجن والملائكة فهي أمور مستحيلة في عقل الملحد لأنه لا يراها .. ولكن في عقل المؤمن هي أمور جائزة وقطعية ويقينية ..!!
 
4- ونسألك أيها العاقل .. على أي عقل أنت تتكلم حتى تحكم على الحديث بأنه مخالف للعقل ؟!! ألم تختلف العقول في الفهم ؟ فما قد يكون بالنسبة إليك أنت مخالف للعقل .. فهو موافق لعقل آخرين ولا يرونه مخالف للعقل ولا للشرع .. حيث قد يرزق الله البعض بصيرة في الفهم ويحرمك أنت منها .. فلماذا تحكم حينئذ ببلادة عقلك أنت على النص النبوي بأنه مخالف للعقل ؟!! فهل هذا كلام يُعقل أو يقبله أحد ..؟!!
 
* وخلاصة القول :
- في مسألة استخدام العقل مع النصوص الشرعية عموما .. فالذي أقول به (خالد صاحب الرسالة).. أن استعمال العقل في الدين:

1- إنما يكون فيما هو مطلوب كاستنباط الأحكام وتأمل الأدلة الشرعية .. لأنها أمور سببية يستطيع العقل أن يتدبرها ويحللها ليصل إلى نتيجة أو حكم فيها ..
 
2- أما في الأمور الغيبية مثل الجنة والنار والجن والملائكة والقدر وما يتعلق بالذات الإلهية .. فالحكم فيها للنص وليس للعقل .. وإلا سيكون استعمال العقل فيها نوع من اللامعقول لأنه لا سبيل للعقل في إدراك ما لا يراه ومحجوب عنه ..!!
 
3- أما عن الصفات الإلهية فالتوقف فيها أفضل من الخوض في تأويلها .. لأننا نتكلم عن الذات الإلهية .. والتي لا يعرفها أحد ولم يراها أحد .. فلما أخوض فيما ليس لي فيه إدراك ولا علم به ..!!
- وإذا كان من غير المعقول أن تتساوى العقول في الإدراك .. فكيف لو خاض الناس في توصيف وتكييف الصفات الإلهية ؟!! ثم منذ متى يستطيع العقل الحكم على غيب لا يدركه ؟!!
 
* خلاصة القول فيما تجده يتكلم معك عن العقل:
1- لا تعتقد في العقل العصمة من الخطأ .. ولا تعتقد أن كل قاعدة عقلية هي سليمة حتما .. فكم من قواعد عقلية وضعها الناس وظنوا أنها عقليه وفي الحقيقة هي غير عقلية وإنما قواعد هوائية تتفق مع أهواء من وضعوها .. وأبسط مثال على ذلك .. القوانين الوضعية .. ستجد الأهواء غالبه فيها .. وكلها قوانين عقلية ..
- بل ومثال آخر على تضليل العقل هو ما تجده في العقائد الأخرى .. كل عقيدة تضع فلسفتها العقلية الخاصة في عقيدتها .. فأي عقل في هذه العقائد هو الحق .. طالما الجميع يحتكم للعقل ؟!!
 
2- فيا أخي الذي تعتقد في العقل .. فرق بين أن تحترم عقلك .. وبين أن تعتقد أن ما تضعه من قواعد عقليه هي الصواب فقط دون غيرك ..!! فهذا منتهى الحمق حينئذ ..!! وإلا فكيف ضل غيرك بعقله .. مثلما ضل الملحد بعقله ؟!! وكيف ضل الملحد ؟!!
 
* وبهذا يكون ختام الجزء الأول من الرسالة عن مقدمة لعلم الحديث النبوي .. والحمد لله رب العالمين .. وهذا أوان الشروع في الجزء الثاني من الرسالة وهو موجز عن تدوين علم الحديث الشريف .. وبالله التوفيق ..

 

يتبع إن شاء الله تعالى
*****************
والله أعلم

اللهم صل على سيدنا محمد وعلى آله وسلم

هذه الرسائل العلمية مصدرها - مدونة الروحانيات فى الاسلام -  ومؤلفها / الأستاذ خالد أبوعوف - ولا يحق لأحد نقل أي موضوع من مواضيع أو كتب أو رسائل المدونة .. إلا بإذن كتابي من صاحب المدونة - ا/ خالد أبوعوف .. ومن ينقل موضوع من المدونة أو جزء منه (من باب مشاركة الخير مع الآخرين) فعليه بالاشارة الى مصدر الموضوع وكاتبه الحقيقي .. ولا يحق لأحد بالنسخ أو الطباعة إلا بإذن كتابي من الأستاذ / خالد أبوعوف .. صاحب الموضوعات .. 

هناك 9 تعليقات:

  1. سألت نفسي سؤال بعد الصلاة عن الحكمة من تكرار العبادات بنفس الكيفية وجال في خاطري:


    تفكرت في الأعمال التي نكررها ولا يمكن أن نتوقف عنها...فوجدت أننا نكرر ما يعيننا على الحياة مثل:
    •الرضيع يكرر الرضاعه...
    •اي انسان يكرر أكل الطعام وشرب الماء ونوم الليل وعمله المعتاد ... لأنها اعمال سبب في اكتمال الحياة
    •وان توقف عن شيء منه قد يختل تركيزه وتختل حياته ...
    • فالغذاء والماء سبب حياة جسد الإنسان...

    ~~~~~~~~~~~~~~

    ▪أما #الصلاة_والعبادات_فهي_غذاء_للروح...!!
    الإنسان لا يعيش إلا بجسد وروح ...فلو غذيت الجسد واهملت الروح امتلأت بالاحزان والهموم وشقيت في دنياك تبحث عن سعادة بتلبية ما يسعد الجسد ( طعام وشراب ونوم وفسح ...الخ) فلا تجد سعادة ولا تهنأ براحة ....!!
    ▪بينما لو غذيت الروح بتكرار تواصلك مع من نفخ فيك من روحه " ونفخت فيه من روحي " فكأنك تُلقي بكل ما اهمك في دنياك على باب خالقك ..
    •تهرول وتهم لتلقاه ٥ مرات .. تود لو لم ينتهي اللقاء ... تلقي من عاتقك كل ما في الدنيا .. فقط لتتواصل مع الله خالق روحك ..♡

    ~~~~~~~~~~~~~~~
    ▪غذاء الروح ليس فقط في الصلاة...لكن في ذكر الله ..في الصيام...في الصدقات .في قول طيب وابتسامه طيبه لأخيك المسلم .. في تفقد مرضى او فقراء في بر والدين وصلة رحم ..في أعمال بر كثيرة ...أهمها والمتكرر منها يوميا : 💓" الصلاة " 💓

    •فالله أكبر عن كل مايشغلك عن غذاء روحك لتلقى بارئك بقلبك في الدنيا قبل أن تلقاه يوم القيامة .

    •اللهم ارزقنا حبك ورضاك وقربك وكل ما يرضيك عنا ..اللهم آمين يارب العالمين.


    #غذي_روحك_واقترب ..!!

    ==============
    اللهم صل على سيدنا محمد النبي الأمي وعلى آله وسلم.

    ردحذف
  2. بالتوفيق والمدد والرشاد من رب العباد
    الله معك
    الله معك
    الله معك

    ردحذف
  3. بارك ربي لكم سيدي خالد في عمرك بالعمل الصالح المتقبل
    وكفاك وأهل بيتك وأهل المدونه والمسلمين والمسلمات شر خلقه إنس وجآن
    وصل الله على سيدنا محمد النبى الأمي وعلى أزواجه أمهات المؤمنين وعلى ذريته وأهل بيته الأطهار آمين

    ردحذف
  4. تجربة لأني أحاول التعليق ولا أستطيع

    ردحذف
    الردود
    1. اهلا بك معنا اخي الفاضل
      نفعك الله بالمدونة ونفعنا بك
      واطمن تعليقاتك ظهرت ؛ انما تاخد وقت لحتى الاستاذ خالد يراجعها ويوافق عليها ..
      طابت اوقاتك .. وكل عام وانت بخير 💐

      حذف


  5. ( تهنئة خاصة )
    أن سبقتوني بالتهنئة فهذا لفضلكم
    وأن سبقتكم فهذا لعلو قدركم
    كل عام وأنتم الي الله أقرب
    "تهنئة خاصة"
    يسعدني أن أبعث تهنئه بمناسبة حلول عيد
    الأضحى المبارك إعادة الله علينا وعليكم وعلى الأمه الأسلاميه بالخير واليمن والبركات داعيآ المولى العلي القدير أن يجعل أيامكم كلها افراح وأن يعيده عليكم أعواما عديدة وأزمنة مديدة..
    🌿 ڪل عام وانتم بخير🌿

    ردحذف
  6. الله اكبر الله اكبر الله اكبر
    لا اله الا الله والله أكبر
    الله اكبر ولله الحمد
    الله اكبر كبيرا
    اللهم صل على سيدنا محمد النبي الأمي وعلي اله وسلم
    نفعنا الله بعلمك سيدي خالد
    جميل جدا أيضا مفهوم الظن .. طرحته بأسلوب رائع
    فعلا من ليس له استاذ .. فشيخه الشيطان
    اللهم صل على سيدنا محمد النبي الأمي وعلي اله وسلم

    ردحذف
  7. سبحان من يعرف حقائق كلامه ومعرفة ذاته ..

    اللهم علمنا ما ينفعنا وانفعنا بما علمتنا انك انت العليم الحكيم
    زادك الله من فضله استاذنا الفاضل
    ووفقك فيما هو آت .. آمين يااارب

    ردحذف

ادارة الموقع - ا/ خالد ابوعوف