الروحانيات فى الإسلام: ج2: رسالة الحق والنور - ما هي شروط صحة السند والمتن عند علماء الحديث - لماذا اهتم علماء الحديث بالسند أكثر من المتن - وما هو علم الجرح والتعديل - هل علماء الحديث لم يتحققوا من صحة الأحاديث وقبلوا كل المتون التي أسانيدها صحيحة - هل هناك كتب تخصصت بنقد المتون .

بحث في المدونة من خلال جوجل

السبت، 3 يوليو 2021

Textual description of firstImageUrl

ج2: رسالة الحق والنور - ما هي شروط صحة السند والمتن عند علماء الحديث - لماذا اهتم علماء الحديث بالسند أكثر من المتن - وما هو علم الجرح والتعديل - هل علماء الحديث لم يتحققوا من صحة الأحاديث وقبلوا كل المتون التي أسانيدها صحيحة - هل هناك كتب تخصصت بنقد المتون .

 بسم الله الرحمن الرحيم

رسالة

الحق والنور

في موجز علم تدوين الحديث الشريف

وتبرئة البخاري ممن شهد عليه بالزور

ومناقشات حول أحاديث الآحاد ومفهوم الظن الراجح

(الجزء الثاني)

* فهرس:
:: الفصل الثاني :: عن مفاهيم عليك معرفتها عن سند ومتن الحديث::
1- س2: ما هي شروط صحة السند والمتن عند علماء الحديث ؟
2- س3: لماذا اهتم علماء الحديث بالسند أكثر من المتن ؟ وما هو علم الجرح والتعديل ؟
3- س4: هل علماء الحديث لم يتحققوا من صحة الأحاديث وقبلوا كل المتون التي أسانيدها صحيحة ؟
4- س5: هل هناك كتب تخصصت بنقد المتون ؟
***************************
:: الفصل الثاني ::
:: عن مفاهيم عليك معرفتها عن سند ومتن الحديث::
*********************************
..:: س2: ما هي شروط صحة السند والمتن عند علماء الحديث ؟ ::..
 

* علم مصطلح الحديث .. هو العلم الجامع للقواعد التي يعرف بها أحوال السند والمتن للأحاديث من حيث القبول والرد .

 - ما هو تعريف الحديث والسند والمتن ؟

- الحديث: هو ما اضيف إلى النبي صلى الله عليه وسلم من قول أو فعل أو صفة .. ولكل حديث له سند ومتن .. يعرف منهما صحة هذا الحديث ..

- السند: هو سلسلة الرواة الموصلة إلى المتن ..

- والمتن: هو نص الحديث ..


- أولا: شروط صحة السند:
1- اتصال السند: ومعناه أن كل راوٍ من رواته قد أخذه مباشرة عمن فوقه، من أول السند إلى منتهاه.
 
2- عدالة الرواة: أي أن كل راوٍ من رواته اتصف بكونه مسلما، بالغا، عاقلا، غير فاسق ولا كاذب ولا متهم في دينه.
 
3- ضبط الرواة: أي أن كل راوٍ من رواته كان تام الضبط .. إما ضبط صدر وهو الحفظ المتقن ، وإما ضبط كتاب وهو التدوين المتقن للحديث.
 
 - ثانيا: شروط صحة المتن:
- اشترط العلماء ضوابط كثيرة في نقد المتن .. ولكن كلها تجتمع في كلمة واحدة وهي أن يكون معلول بأي علة تقدح في صحته .. سواء كانت هذه العلة لمخالفة الحديث لنص قرآني .. أو مخالف لقانون كوني .. أو مخالف لحديث آخر أعلى منه سندا .. أو لوجود اضطراب في متنه لا يستقيم أوله مع آخره .. أو لأن المتن غير معقول لكونه مستحيلا .. أو لكونه مظلما لا يمكن تصديقه .. أو لكونه منكرا .. أو لكونه شاذا .. أو غير ذلك ..     
 
- وأكثر ما تجده في نقد المتن يكون من حيث كونه منكرا أو شاذا ..
- الحديث الشاذ والمنكر .. هو مخالفة الراوي الثقة لمن هو أوثق منه ..
 
- ولكن انتبه: فهناك فرق بين زيادة الثقة وشذوذ الثقة ونكارة الحديث:
- مثال للتوضيح:
- لو اتفق عدة ثقات على توصيف معين فقالوا: ("أن فلان كان ينتعل حذاء بلاستيك") .. وهذا هو الأصل الصحيح للرواية:
 
أ- ثم جاء ثقة آخر أقل ضبطا منهم .. فقال: ("أن فلان كان ينتعل حذاء بلاستيك طويل الرقبة ") .. فهذا توصيف زائد على الحذاء وهو توصيف مقبول وليس فيه مخالفة .. ويسمى زيادة الثقة .. وهي زيادة مقبولة.
 
ب- ولكن لو جاء ثقة أقل ضبطا مخالفا لجماعة الثقات الأعلى منه .. وقال: ("أن فلان كان ينتعل حذاء جلد") فهذه تسمى زيادة شاذه لأن الأصل هو أنه كان ينتعل بالفعل حذاء ولكن بلاستيك .. ولا يقبل هذا التوصيف لمخالفته من هو أوثق منه في الضبط ..!!
 
ج- أما لو جاء ثقة أقل ضبطا وقال قولا مخالفا: ("أن فلان كان لا ينتعل شيئا في قدمه) .. فهذا يسمى حديث منكر المتن لأن الأصل هو أنه كان ينعل بالفعل حذاء .. ويتم رد هذا الحديث لمخالفته من هو أوثق منه في الضبط ..!!
 
- فالحديث الصَّحيح هو: الحديث المتصل سنده بنقل العَدْل الضابط من أوله إلى آخره .. ولا يكون به علة قادحة في متنه .
 
******************************
..:: س3: لماذا اهتم علماء الحديث بالسند أكثر من المتن ؟ وما هو علم الجرح والتعديل ؟ ::..
 
- قلت لك .. أن الذي يغلب على ظني ويبدو لي أن سبب اهتمامهم بالسند .. لأن المتن قد يغلب عليه التحيز في النقد بسبب انتماءه الفقهي أو المذهبي أو السياسي .. فاهتموا بتوثيق السند أولا احترازا من الأهواء .. ثم نقدوا المتون .. والله أعلم ..
 
- ولذلك ظهر علم الجرح والتعديل (وهو خاص بأحوال الرواة) ..
- وهو العلم الذي يبحث في عدالة الرواة وضبطهم وما يجعلهم مقبولين الرواية .. أو الطعن فيهم وجرحهم بما لا يقبل روايتهم ..
 
- فالتعديل .. ويقصد به اثبات العدالة والضبط لبعض الرواة .. ويدل عليه بلفظ ثقة أو حجة أو صدوق أو لا بأس به أو صالح الحديث .
 
- والجرح .. ويقصد به اثبات العلة المانعة لبعض الرواة .. ويدل عليه بلفظ أن فلان ضعيف أو لين الحديث أو لا يحتج به أو فيه مقال أو فلان لا يكتب أو حديثه له مناكير .. حتى يرتقي إلى كونه قد يكون كذاب ويضع الحديث أو سارق للحديث أو متروك .. أو غير ذلك من الألفاظ الدالة على التجريح فيه فلا تقبل رواية هذا الشخص .. 
 
**************************
 
..:: س4: هل علماء الحديث لم يتحققوا من صحة الأحاديث وقبلوا كل المتون التي أسانيدها صحيحة ؟ ::..
  
- من الأمور المهمة التي أحبك أن تعرفها أخي الحبيب .. أن علماء الحديث كما كانوا يتحققون من الأسانيد .. فكانوا يتحققون من المتون .. حتى لا يخدعك مخادع ويقول لك أن أهل الحديث لا ينظرون إلا إلى الأسانيد فقط .. لا .. فهذا كذب فاضح منهم وخيانة في الأمانة العلمية لتضليل عوام المؤمنين ..
 
- بل أن أحد ضوابط علم الحديث هي أنه "من الممكن أن يصح الأسناد ولا يصح المتن" ..
 
- وإليك كلام من بعض علمائنا حتى تتبين الحقيقة .. وتدرك أن علماء الشريعة ومنهم أهل الحديث كانوا يتحققون من الأسانيد ومتونها .. ولا يقبلون شيء بدون تحقيق .. وليس كما يزعم من ارتضى بالكذب منهجا له على علماء المسلمين .
 
* قال الإمام بن الصلاح رحمه الله (المتوفى:643هـ):
- قَوْلُهُمْ: هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحُ الْإِسْنَادِ، أَوْ حَسَنُ الْإِسْنَادِ " دُونَ قَوْلِهِمْ: " هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحٌ أَوْ حَدِيثٌ حَسَنٌ " لِأَنَّهُ قَدْ يُقَالُ: " هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحُ الْإِسْنَادِ "، وَلَا يَصِحُّ، لِكَوْنِهِ شَاذًّا أَوْ مُعَلَّلًا.(مقدمة بن الصلاح ص37)
- ولذلك قال في مكان آخر من كتابة :  قَدْ تَقَعُ الْعِلَّةُ فِي إِسْنَادِ الْحَدِيثِ، وَهُوَ الْأَكْثَرُ، وَقَدْ تَقَعُ فِي مَتْنِهِ.(مقدمة بن الصلاح ص91).
 
- قال الإمام شرف الدين النووي رحمه الله  (المتوفى: 676هـ):
- وقولهم: حديث حسن الإسناد أو صحيحه، دون قولهم حديث صحيح أو حسن، لأنه قد يصح أو يحسن الإسناد دون المتن لشذوذ أو عله فإن اقتصر على ذلك حافظ معتمد فالظاهر صحة المتن وحسنه. (التقريب والتيسير ص29).
 
* قال الإمام بن كثير رحمه الله (المتوفى: 774هـ):
- والحكم بالصحة أو الحسن على الإسناد لا يلزم منه الحكم بذلك على المتن، إذ قد يكون شاذاً أو معللاً.(اختصار علوم الحديث ص42).
 
- قال الإمام بن القيم رحمه الله (المتوفى: 751هـ):
- صِحَة الْإِسْنَاد شَرط من شُرُوط صِحَة الحَدِيث وَلَيْسَت مُوجبَة لصِحَّته فَإِن الحَدِيث إِنَّمَا يَصح بِمَجْمُوع أُمُور مِنْهَا صِحَة سَنَده وَانْتِفَاء علته وَعدم شذوذه ونكارته وَأَن لَا يكون رواية قد خَالف الثِّقَات أَو شَذَّ عَنْهُم. (الفروسية ص245-246).
 
* في فتاوى الإمام بن تيميه رحمه الله (المتوفى: 728هـ) في سؤال جاءه:
- سؤال: إذَا صَحَّ الْحَدِيثُ هَلْ يَكُونُ صِدْقًا ؟
- فَجَوَابُهُ: أَنَّ الصَّحِيحَ أَنْوَاعٌ وَكَوْنُهُ صِدْقًا يَعْنِي بِهِ شَيْئَانِ.
- فَمِنْ الصَّحِيحِ مَا تَوَاتَرَ لَفْظُهُ كَقَوْلِهِ: (مَنْ كَذَبَ عَلَيَّ مُتَعَمِّدًا فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مَنْ النَّارِ) .
- وَمِنْهُ مَا تَوَاتَرَ مَعْنَاهُ: كَأَحَادِيثِ الشَّفَاعَةِ وَأَحَادِيثِ الرُّؤْيَةِ. وَأَحَادِيثِ الْحَوْضِ وَأَحَادِيثِ نَبْعِ الْمَاءِ مِنْ بَيْنِ أَصَابِعِهِ وَغَيْرِ ذَلِكَ. فَهَذَا يُفِيدُ الْعِلْمَ وَيَجْزِمُ بِأَنَّهُ صِدْقٌ؛ لِأَنَّهُ مُتَوَاتِرٌ إمَّا لَفْظًا وَإِمَّا مَعْنًى.

- وَمِنْ الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ مَا تَلَقَّاهُ الْمُسْلِمُونَ بِالْقَبُولِ فَعَمِلُوا بِهِ كَمَا عَمِلُوا بِحَدِيثِ الْغُرَّةِ فِي الْجَنِينِ .. وَكَمَا عَمِلُوا بِأَحَادِيثِ الشُّفْعَةِ .. وَأَحَادِيثِ سُجُودِ السَّهْوِ وَنَحْوِ ذَلِكَ. فَهَذَا يُفِيدُ الْعِلْمَ وَيَجْزِمُ بِأَنَّهُ صِدْقٌ .. لِأَنَّ الْأُمَّةَ تَلَقَّتْهُ بِالْقَبُولِ تَصْدِيقًا وَعَمَلًا بِمُوجِبِهِ وَالْأُمَّةُ لَا تَجْتَمِعُ عَلَى ضَلَالَةٍ .. فَلَوْ كَانَ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ كَذِبًا لَكَانَتْ الْأُمَّةُ قَدْ اتَّفَقَتْ عَلَى تَصْدِيقِ الْكَذِبِ وَالْعَمَلِ بِهِ وَهَذَا لَا يَجُوزُ عَلَيْهَا.

- وَمِنْ الصَّحِيحِ مَا تَلَقَّاهُ بِالْقَبُولِ وَالتَّصْدِيقِ أَهْلُ الْعِلْمِ بِالْحَدِيثِ كَجُمْهُورِ أَحَادِيثِ الْبُخَارِيِّ وَمُسْلِمٍ؛ فَإِنَّ جَمِيعَ أَهْلِ الْعِلْمِ بِالْحَدِيثِ يَجْزِمُونَ بِصِحَّةِ جُمْهُورِ أَحَادِيثِ الْكِتَابَيْنِ وَسَائِرِ النَّاسِ تَبَعٌ لَهُمْ فِي مَعْرِفَةِ الْحَدِيثِ فَإِجْمَاعُ أَهْلِ الْعِلْمِ بِالْحَدِيثِ عَلَى أَنَّ هَذَا الْخَبَرَ صِدْقٌ كَإِجْمَاعِ الْفُقَهَاءِ عَلَى أَنَّ هَذَا الْفِعْلَ حَلَالٌ أَوْ حَرَامٌ أَوْ وَاجِبٌ وَإِذَا أَجْمَعَ أَهْلُ الْعِلْمِ عَلَى شَيْءٍ فَسَائِرُ الْأُمَّةِ تَبَعٌ لَهُمْ .. فَإِجْمَاعُهُمْ مَعْصُومٌ لَا يَجُوزُ أَنْ يُجْمِعُوا عَلَى خَطَأٍ.

- وَمِمَّا قَدْ يُسَمَّى صَحِيحًا مَا يُصَحِّحُهُ بَعْضُ عُلَمَاءِ الْحَدِيثِ وَآخَرُونَ يُخَالِفُونَهُمْ فِي تَصْحِيحِهِ فَيَقُولُونَ: هُوَ ضَعِيفٌ لَيْسَ بِصَحِيحِ مِثْلَ أَلْفَاظٍ رَوَاهَا مُسْلِمٌ فِي صَحِيحِهِ وَنَازَعَهُ فِي صِحَّتِهَا غَيْرُهُ مَنْ أَهْلِ الْعِلْمِ إمَّا مِثْلَهُ أَوْ دُونَهُ أَوْ فَوْقَهُ فَهَذَا لَا يُجْزَمُ بِصِدْقِهِ إلَّا بِدَلِيلِ ..

- مِثْلَ: حَدِيثِ ابْنِ وَعْلَةَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ (أَيُّمَا إهَابٍ دُبِغَ فَقَدْ طَهُرَ) فَإِنَّ هَذَا انْفَرَدَ بِهِ مُسْلِمٌ عَنْ الْبُخَارِيِّ وَقَدْ ضَعَّفَهُ الْإِمَامُ أَحْمَد وَغَيْرُهُ وَقَدْ رَوَاهُ مُسْلِمٌ .

- وَمِثْلَ مَا رَوَى مُسْلِمٌ أَنَّ (النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَّى الْكُسُوفَ ثَلَاثَ ركوعات وَأَرْبَعَ ركوعات) انْفَرَدَ بِذَلِكَ عَنْ الْبُخَارِيِّ فَإِنَّ هَذَا ضَعَّفَهُ حُذَّاقُ أَهْلِ الْعِلْمِ وَقَالُوا: إنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يُصَلِّ الْكُسُوفَ إلَّا مَرَّةً وَاحِدَةً يَوْمَ مَاتَ ابْنُهُ إبْرَاهِيمُ وَفِي نَفْسِ هَذِهِ الْأَحَادِيثِ الَّتِي فِيهَا الصَّلَاةُ بِثَلَاثِ ركوعات وَأَرْبَعِ ركوعات أَنَّهُ إنَّمَا صَلَّى ذَلِكَ يَوْمَ مَاتَ إبْرَاهِيمُ وَمَعْلُومٌ أَنَّ إبْرَاهِيمَ لَمْ يَمُتْ مَرَّتَيْنِ وَلَا كَانَ لَهُ إبْرَاهِيمَانِ وَقَدْ تَوَاتَرَ عَنْهُ أَنَّهُ صَلَّى الْكُسُوفَ يَوْمَئِذٍ رُكُوعَيْنِ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ كَمَا رَوَى ذَلِكَ عَنْهُ عَائِشَةُ وَابْنُ عَبَّاسٍ وَابْنُ عَمْرٍو وَغَيْرُهُمْ؛ فَلِهَذَا لَمْ يَرْوِ الْبُخَارِيُّ إلَّا هَذِهِ الْأَحَادِيثَ .. وَهَذَا حَذْفٌ مِنْ مُسْلِمٍ .. وَلِهَذَا ضَعَّفَ الشَّافِعِيُّ وَغَيْرُهُ أَحَادِيثَ الثَّلَاثَةِ وَالْأَرْبَعَةِ وَلَمْ يَسْتَحِبُّوا ذَلِكَ .. وَهَذَا أَصَحُّ الرِّوَايَتَيْنِ عَنْ أَحْمَد وَرُوِيَ عَنْهُ أَنَّهُ كَانَ يَجُوزُ ذَلِكَ قَبْلَ أَنْ يَتَبَيَّنَ لَهُ ضَعْفُ هَذِهِ الْأَحَادِيثِ.

- وَمِثْلُهُ حَدِيثُ مُسْلِمٍ: (إنَّ اللَّهَ خَلَقَ التُّرْبَةَ يَوْمَ السَّبْتِ وَخَلَقَ الْجِبَالَ يَوْمَ الْأَحَدِ وَخَلَقَ الشَّجَرَ يَوْمَ الِاثْنَيْنِ وَخَلَقَ الْمَكْرُوهَ يَوْمَ الثُّلَاثَاءِ وَخَلَقَ النُّورَ يَوْمَ الْأَرْبِعَاءِ وَبَثَّ فِيهَا الدَّوَابَّ يَوْمَ الْخَمِيسِ وَخَلَقَ آدَمَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ) فَإِنَّ هَذَا طَعْنٌ فِيهِ مَنْ هُوَ أَعْلَمُ مِنْ مُسْلِمٍ مِثْلَ يَحْيَى بْنِ مَعِينٍ وَمِثْلَ الْبُخَارِيِّ وَغَيْرِهِمَا وَذَكَرَ الْبُخَارِيُّ أَنَّ هَذَا مِنْ كَلَامِ كَعْبِ الْأَحْبَارِ ..، وَطَائِفَةٌ اعْتَبَرَتْ صِحَّتَهُ مِثْلَ أَبِي بَكْرٍ ابْنِ الْأَنْبَارِيِّ وَأَبِي الْفَرَجِ ابْنِ الْجَوْزِيِّ وَغَيْرِهِمَا ..، وَالْبَيْهَقِي وَغَيْرُهُ وَافَقُوا الَّذِينَ ضَعَّفُوهُ وَهَذَا هُوَ الصَّوَابُ؛ لِأَنَّهُ قَدْ ثَبَتَ بِالتَّوَاتُرِ أَنَّ اللَّهَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وَثَبَتَ أَنَّ آخِرَ الْخَلْقِ كَانَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ فَيَلْزَمُ أَنْ يَكُونَ أَوَّلُ الْخَلْقِ يَوْمَ الْأَحَدِ وَهَكَذَا هُوَ عِنْدَ أَهْلِ الْكِتَابِ وَعَلَى ذَلِكَ تَدُلُّ أَسْمَاءُ الْأَيَّامِ وَهَذَا هُوَ الْمَنْقُولُ الثَّابِتُ فِي أَحَادِيثَ وَآثَارٍ أُخَرَ..، وَلَوْ كَانَ أَوَّلُ الْخَلْقِ يَوْمَ السَّبْتِ وَآخِرُهُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ لَكَانَ قَدْ خُلِقَ فِي الْأَيَّامِ السَّبْعَةِ وَهُوَ خِلَافُ مَا أَخْبَرَ بِهِ الْقُرْآنُ.

- مَعَ أَنَّ حُذَّاقَ أَهْلِ الْحَدِيثِ يُثْبِتُونَ عِلَّةَ هَذَا الْحَدِيثِ مِنْ غَيْرِ هَذِهِ الْجِهَةِ وَأَنَّ رِوَايَةَ فُلَانٍ غَلَطٌ فِيهِ لِأُمُورِ يَذْكُرُونَهَا وَهَذَا الَّذِي يُسَمَّى مَعْرِفَةَ عِلَلِ الْحَدِيثِ بِكَوْنِ الْحَدِيثِ إسْنَادُهُ فِي الظَّاهِرِ جَيِّدًا وَلَكِنْ عُرِفَ مَنْ طَرِيقٍ آخَرَ: أَنَّ رَاوِيَهُ غَلِطَ فَرَفَعَهُ وَهُوَ مَوْقُوفٌ أَوْ أَسْنَدَهُ وَهُوَ مُرْسَلٌ أَوْ دَخَلَ عَلَيْهِ حَدِيثٌ فِي حَدِيثٍ وَهَذَا فَنٌّ شَرِيفٌ وَكَانَ يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ الْأَنْصَارِيُّ ثُمَّ صَاحِبُهُ عَلِيُّ بْنِ الْمَدِينِيّ ثُمَّ الْبُخَارِيُّ مِنْ أَعْلَمِ النَّاسِ بِهِ وَكَذَلِكَ الْإِمَامُ أَحْمَد وَأَبُو حَاتِمٍ وَكَذَلِكَ النَّسَائِي وَالدَّارَقُطْنِي وَغَيْرُهُمْ. وَفِيهِ مُصَنَّفَاتٌ مَعْرُوفَةٌ.

- وَفِي الْبُخَارِيِّ نَفْسِهِ ثَلَاثَةُ أَحَادِيثَ نَازَعَهُ بَعْضُ النَّاسِ فِي صِحَّتِهَا مِثْلَ: حَدِيثِ أَبِي بَكْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ عَنْ الْحَسَنِ: (إنَّ ابْنِي هَذَا سَيِّدٌ وَسَيُصْلِحُ اللَّهُ بِهِ بَيْنَ فِئَتَيْنِ عَظِيمَتَيْنِ مِنْ الْمُسْلِمِينَ) فَقَدْ نَازَعَهُ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ أَبُو الْوَلِيدِ الباجي .. وَزَعَمُوا أَنَّ الْحَسَنَ لَمْ يَسْمَعْهُ مِنْ أَبِي بَكْرَةَ لَكِنْ الصَّوَابُ مَعَ الْبُخَارِيِّ وَأَنَّ الْحَسَنَ سَمِعَهُ مِنْ أَبِي بَكْرَةَ كَمَا قَدْ بُيِّنَ ذَاكَ فِي غَيْرِ هَذَا الْمَوْضِعِ وَقَدْ ثَبَتَ ذَلِكَ فِي غَيْرِ هَذَا الْمَوْضِعِ..
- وَالْبُخَارِيُّ أَحْذَقُ وَأَخْبَرُ بِهَذَا الْفَنِّ مِنْ مُسْلِمٍ؛ وَلِهَذَا لَا يَتَّفِقَانِ عَلَى حَدِيثٍ إلَّا يَكُونُ صَحِيحًا لَا رَيْبَ فِيهِ قَدْ اتَّفَقَ أَهْلُ الْعِلْمِ عَلَى صِحَّتِهِ. (الفتاوى ج18 ص16-20).
 
- قلت (خالد صاحب الرسالة) توضيح لبعض كلام الشيخ بن تيميه:
- قول الشيخ بن تيميه رحمه الله في بداية كلامه (الغرة في الجنين) .. - معنى الغرة: هي الأمَة أو العبد الصغير المميز السليم من العيوب التي تنقصه عند البيع، وهي ما يجب على الجاني دفعه للورثة في حال تسببه في إسقاط الجنين . وإذا لم توجد الغرة فإن دية الجنين يكون مقدارها عشر دية المرأة ..
 
* وخلاصة ما سبق بيانه لك .. أخي الحبيب ..
- هو أن تعلم أن من ضمن قواعد علم الحديث أن صحة السند لا تلزم صحة المتن .. وأن ما يقال لك من بعض المنتسبين لجماعة القرآنيين .. على علماء الحديث من حيث أنهم اهتموا بالسند فقط دون المتن فهو تضليل متقن حتى يجعلوك تنفر من تلقي الحديث النبوي والعمل به .. وتتهم علماء الحديث بالتقصير أو الكذب في تدوين الحديث النبوي .. ولعل ما ذكرته لك يكفيك حتى تعلم أن ما ينشروه على الإنترنت إنما هو كذب صريح مخلوط بخيانة في الأمانة العلمية ..!
- فكيف تصدق مثل هؤلاء .. إلا لو تشابه قلبك مع قلوبهم .. ؟!!
 
- وربنا يهدينا جميعا إلى ما يحب ويرضى ..
 
**************************
 
..:: س5: هل هناك كتب تخصصت بنقد المتون ؟ ::..
 
- قلت لك أخي الحبيب .. أن من المغالطات المكذوبة على علماء الحديث والتي يروجو لها بعض من ينتسب إلى جماعة القرآنيين .. أن علماء الحديث تجاهلوا نقد المتون .. ويكفي أن أرشدك لبعض الكتب التي أهتمت بنقد المتون .. وللمزيد فعليك الرجوع إلى كتب أهل الاختصاص في علم الحديث الشريف.
 
1- كتاب التمييز  .. للإمام مسلم بن الحجاج رحمه الله (المتوفى: 261هـ) .. واعتمد فيه نقد المتون بقوة ..
 
2- الموضوعات .. لابن فرج الجوزي رحمه الله (المتوفى: 597هـ) .. حيث كان نقده على السند والمتن معا .
 
3- شرح مشكل الآثار .. للإمام أبو جعفر الطحاوي بالطحاوي رحمه الله (المتوفى: 321هـ) .. حيث كان يجمع بين الاحاديث التي ظاهرها تعارض .. ويرد أيضا المتون التي لا يمكن قبولها ..!!
 
4- المنار المُنيف في الصحيح والضعيف .. لابن القيم رحمه الله (المتوفى:751 هـ) .. وهو نقد لعموم من الأحاديث وبعض الأسانيد.
 
5- الإجابة لإيراد ما استدركته عائشة على الصحابة .. للإمام بدر الدين الزركشي رحمه الله (المتوفى:794هـ) ..
 
********************************
..:: س6: ما هو مقياس القبول والرفض لمتن الحديث الشريف عند عند مطابقته بنصوص القرآن ؟ ::..
 

- على افتراض ثبتت صحة سند الحديث وأن الرواة أهل ثقة في النقل .. ولكن لابد من صحة المتن أيضا وهو نص الحديث نفسه ..  والعلماء في الموافقة على هذا المتن لهم اعتبارات في قبوله أو رده .. نوجزها باختصار في ثلاث نقاط .. مع شيء من التوضيح ..

يتبع إن شاء الله تعالى
*****************
والله أعلم

اللهم صل على سيدنا محمد وعلى آله وسلم

هذه الرسائل العلمية مصدرها - مدونة الروحانيات فى الاسلام -  ومؤلفها / الأستاذ خالد أبوعوف - ولا يحق لأحد نقل أي موضوع من مواضيع أو كتب أو رسائل المدونة .. إلا بإذن كتابي من صاحب المدونة - ا/ خالد أبوعوف .. ومن ينقل موضوع من المدونة أو جزء منه (من باب مشاركة الخير مع الآخرين) فعليه بالاشارة الى مصدر الموضوع وكاتبه الحقيقي .. ولا يحق لأحد بالنسخ أو الطباعة إلا بإذن كتابي من الأستاذ / خالد أبوعوف .. صاحب الموضوعات ..

هناك 6 تعليقات:

  1. سيدي خالد إن صح المتن والسند وخالق القرأن فهذا لا يعني ان الحديث به عله أو غير مقبول لأن السنه مبينه ومفسره للقرأن وليس العكس وعليه فإن القرأن يقرء في ضوء السنه وليس العكس وعليه لو صح حديث متناً وسنداً وخالف القرأن فإن الجمع بينهم كان أولى والله أعلم ونرجوا منكم التوضيح بارك الله لنا في علمكم وصل الله على سيدنا محمد النبى الأمي وعلى أزواجه أمهات المؤمنين وعلى ذريته وأهل بيته الأطهار آمين

    ردحذف
    الردود
    1. اخي الحبيب .. محمد بلال ..
      - طالما السند والمتن صحيح .. فما المشكلة .. لأن معنى أن المتن صحيح فلا معارض له مع القرآن من أساسه .. وإلا فكيف يكون المتن صحيح ..؟!! فقد يكون حكم زائد ولكن ليس معارض ..!!

      - وبسبب كلمة مخالف هذه (حدث خلاف بين منكري الحديث وبين أهل الحديث) .. لأنهم لم يحددوا المعنى المقصود بالمخالفة ؟!! لأن لفظ المخالفة يعني معارضة حكم ويعني زيادة حكم ؟!! (لذلك ستجدني في كتابتي أقول (معارض أي مضاد للحكم) بدلا من كلمة مخالفة ..

      - وعموما لا تتعجل .. فلعل الجزء القادم يكشف لك عن مزيد ما تتكلم عنه .. (ولذلك وضعت الرسمة التوضيحية في آخر هذا الجزء لتنتبه إلى أن هناك تكمله قوية ستاتيك)

      - وسعيد لمتابعتك وسؤالك .. ومهم جدا أن تقرأ بعناية خاصة الأجزاء الأولى لهذه الرسالة .. لأن هذه الرسالة ستنقلك لبعد آخر في فهم من ينتسبون لجماعة القرآنيين ..وكيف يستخدمون أسلوب التشكيك للتأثير على المؤمنين ليضلوهم عن الحديث النبوي ..
      **************************
      اللهم صل على سيدنا محمد النبي الأمي وعلى آله وسلم

      حذف
  2. ماشاء الله .. جمييييل
    تناول مبسط ولطيف لفهم علم الحديث
    ووقفات قيمة تستحق المتابعة لمن اراد حقا ان يكون من أهل (( فاتبعوني )) .. وإلا كيف يكون حسن الاتباع ام كيف تكون المحبة مالم تكن إنكارا على كل من يجتريء على كلام المحبوب وذودا عن رسالته ..!!
    لقد أحببت نبيك (( النور )) واخلصت المحبة حتى فتح الله على يديك رسالة الحق والنور .. زادك الله نورا من علمه .. واوصلك بالنور نبيه .. وبشرك بالقبول من عنده .. حتى تتم الرسالة مرضيا عنك محبوبا في سمائه وارضه .. امين يارب العالمين

    ردحذف
  3. الإمام البخاري وأهل بغداد

    لما دخل الإمام البخاري رحمه الله إلى بغداد أراد أهل بغداد أن يمتحنوه، هل هو من الحفظ والضبط والإتقان وسعة الاطلاع كما يقال عنه؟ فعمدوا إلى مائة حديث، وقسموها على عشرة أشخاص، لكل واحد عشرة أحاديث، وقلبوا أسانيد العشرة الأولى مع متونها فوضعوا إسناد الحديث الأول لمتن الثاني، وإسناد الثاني لمتن الأول، إلى تمام العشرة، ثم قلبوا العشرة الثانية، وهكذا إلى تمام المائة، فلما استقر بهم المجلس، وحضر وجهاء بغداد وأعيانها وعلماؤها، انتدب الأول للبخاري وقال: "يا أبا عبد الله، ما تقول في حديث كذا وكذا"، فألقى إليه السند تامًا والمتن غير متنه، قال البخاري -رحمه الله-:
    "لا أعرفه"، ثم الحديث الثاني: حدثنا فلان عن فلان قال: كذا وكذا، قال البخاري: "لا أعرفه"، وهكذا إلى تمام المائة، وهو يقول: "لا أعرفه"، فلما رأى ذلك عوام الناس ظنوا أنه لا علم له بالحديث، أما النبلاء منهم فعلموا أن الرجل قد فهم، فالتفت البخاري إلى الرجل الأول وقال: "أنت قلت: كذا
    وكذا"، فساق الحديث الأول بخطئه، ثم صحّحه وقال:"ولكن الصواب كذا وكذا، وقلت في الحديث الثاني: كذا ولكن الصواب كذا"، وهكذا حتى أتى على المائة، فصوّبها كلها، فعجبوا من كونه رد المائة على صوابها، لكن أعجب من ذلك كونه حفظ كل المائة بخطئها!.

    تاريخ بغداد، الخطيب البغدادي.

    ردحذف
  4. جزاك الله عنا كل خير ياسيدي ربنا يجعلك نور لأمه النبي صل الله عليه وعلى آله وسلم ويجعلك ناصر للحق ديما ويزيدك من علمه..... اللهم آمين يارب العالمين
    *****************************
    اللهم صل على سيدنا محمد النبي الأمي وعلى آله وسلم

    ردحذف
  5. كتب سيدي خالد: إجماع علماء الأمة معصوم لا يجوز أن يجمعوا على خطأ
    ☆☆☆☆☆

    أعتقد أنه لا توجد عصمة لأئمة الأمة... وليست الغالبية دائما على حق...فالله يرزق العلم لمن يشاء... ويبعث على رأس كل مئة سنة من يجدد للأمة دينها... وكيف يكون التجديد لو لم تكتشف أخطاء في السابق أو قصور من العلماء...فما بين أيدينا هي أفهام العلماء... وفوق كل ذي عليم...وقد يؤتى المهدي من الفهم والعلم ما يسبق به الأولين والآخرين
    والله أعلم بما يخفيه لنا الزمن...
    ☆☆☆☆☆

    وصل اللهم وسلم على سيدنا محمد واله

    ردحذف

ادارة الموقع - ا/ خالد ابوعوف