الروحانيات فى الإسلام: ج10: رسالة النفحات في مفهوم الحديث النبوي عن نسيان حفظ القرآن والتغني بالآيات - هل تيسير القرآن للذكر يقصد به الحفظ فقط ؟ مناقشة قوله تعالى (وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ) - لماذا يتأول البعض كلام النبي على غير ظاهره .

بحث في المدونة من خلال جوجل

الثلاثاء، 23 يونيو 2020

Textual description of firstImageUrl

ج10: رسالة النفحات في مفهوم الحديث النبوي عن نسيان حفظ القرآن والتغني بالآيات - هل تيسير القرآن للذكر يقصد به الحفظ فقط ؟ مناقشة قوله تعالى (وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ) - لماذا يتأول البعض كلام النبي على غير ظاهره .


بسم الله الرحمن الرحيم
رسالة النفحات
في مفهوم الحديث النبوي
عن نسيان حفظ القرآن والتغني بالآيات
(مع التعريف بأهل القرآن وبعض من خسروا أجر عبادتهم عند الله)

(الجزء العاشر)

* فهرس:
:: الفصل العاشر :: عن تأويل بعض كلام الله وأحاديث النبي لمفهوم حفظ القرآن فقط ::
1- س50: هل تيسير القرآن للذكر يقصد به الحفظ فقط ؟  مناقشة قوله تعالى (وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ) .
2- س51: لماذا يتأول البعض كلام النبي على غير ظاهره ؟
****************************
..:: الفصل العاشر ::..
:: عن تأويل بعض كلام الله وأحاديث النبي لمفهوم حفظ القرآن فقط ؟::
***********************

 ..:: س50: هل تيسير القرآن للذكر يقصد به الحفظ فقط ؟ ::..
- مناقشة قوله تعالى (وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ) -

* قلت (خالد صاحب الرسالة):
- يقول تعالى: (وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ) القمر17.

- بالرغم من أن ظاهر الآية يدل على تنبيه السامع لكلام الله .. أن القرآن سهل في فهمه وإدراك معانيه وأيضا سهولة قرائته وحفظه .. وفيه تحريض على الإتعاظ والتدبر والتأمل والتنبيه على ما ذكره الله في كلامه .. !!

- إلا أننا نجد بعض الدعاة يأخذ رأي تفسيري في الآية السابقة (دون تحقيق لهذا الرأي) .. ويلزم به المؤمنين .. ويجعله الرأي الصحيح فقط دون غيره .. ويجعل مراد الله من الآية هو حفظ القرآن فقط ..!!

- وحتى تقتنع بكلامه .. فيقول لك بعلو صوته ليؤثر فيك نفسيا: أتعلم أكثر من الإمام القرطبي المفسر ؟!! هل تعلم ماذا قال ؟! لقد قال القرطبي في معنى الآية (وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ): أي سَهَّلْنَاهُ لِلْحِفْظِ وَأَعَنَّا عَلَيْهِ مَنْ أَرَادَ حِفْظَهُ، فَهَلْ مِنْ طَالِبٍ لِحِفْظِهِ فَيُعَانُ عَلَيْهِ .. القرطبي ج17 ص134.

- وكأن تيسير الذكر القرآني معناه الحفظ فقط دون غيره ..!! أو كأن الإستفهام (فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ) مع لفظ الإدَّكار معناه الحفظ ؟!! بل وكأن الآية لا علاقة لها بما سبقها من أحداث قرأنية الآية تشير إليها ..؟!!

- وعلى هذا المفهوم التفسيري السابق للآية بأنه لحفظ القرآن .. فيكون قوله تعالى (فَإِنَّمَا يَسَّرْنَاهُ بِلِسَانِكَ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ) .. يتم تأويل لفظي (التيسير والتذكر) بان المقصود بهما هو حفظ القرآن لا غير ..!! فهل هذا كلام يدخل العقل أو يصدقه مؤمن بصير ؟!!

* تعالوا نتتبع هذه الآية (وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ) في سورة القمر .. حتى نتبين هل فعلا المعنى المقصود هو حفظ القرآن فقط .. أو للآية مدلول ومفهوم آخر .. !!

* (من فضلك ركز) .. سنجد في سورة القمر التكرار يأتي هكذا:
1- بعد أن ذكرهم بقصة قوم نوح وما حدث لهم .. فقال تعقيبا على ذلك (وَلَقَدْ تَرَكْنَاهَا آيَةً فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ . فَكَيْفَ كَانَ عَذَابِي وَنُذُرِ . وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ) القمر15-17 .

2- وبعد أن ذكرهم بقصة قوم هود وما حدث لهم .. فقال تعقيبا على ذلك (وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ) القمر22 .

3- وبعد أن ذكرهم بقصة قوم صالح وما حدث لهم .. فقال تعقيبا على ذلك (وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ) القمر32 .

4- وبعد أن ذكرهم بقصة قوم لوط وما حدث لهم .. فقال تعقيبا على ذلك (وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ) القمر40 .

5- وبعد أن ذكرهم ببعض قصص من شابههم من أهل الكفر والعناد فقال : (وَلَقَدْ أَهْلَكْنَا أَشْيَاعَكُمْ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ) القمر51 .

- قال الإمام الطبري رحمه الله (المتوفى: 310هـ) :
- وقوله (وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ) يقول تعالى ذكره: ولقد سهَّلنا القرآن، بيَّناه وفصلناه للذكر، لمن أراد أن يتذكر ويعتبر ويتعظ، وهوّناه.
- وقوله (فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ) يقول: فهل من معتبر متعظ يتذكر فيعتبر بما فيه من العبر والذكر.
تفسير الطبري ج22 ص584 .. مختصرا .

* جاء في التفسير الوسيط (لمجمع البحوث بالأزهر) :
- (فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ) أي: فهل من معتبر بتلك الآية ؟
- والأَصل مدتكر: أبدلت التاء دالا وأَدغمت الدال في الدال، وقيل غير ذلك في أصلها. (ج9 ص1175) .

* ثم قال المجمع عند شرح الآيات (15-17 من سورة القمر):
- (فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ) أي: فهل من متعظ يتعظ ويعتبر بتلك الآية الجديرة بالإعتبار والإتعاظ (فَكَيْفَ كَانَ عَذَابِي وَنُذُرِ) .. استفهام تعظيم وتعجيب .. بمعنى كان عذابي الواقع بهم وإنذارى لهم على كيفية هائلة لا يحيط بها الوصف .. وذلك لتكذيبهم رسلى وإنكارهم آياتى.
- (وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ) جملة قسمية وردت في آخر هذه القصة والقصص الثلاث التي تليها (قصة عاد، وقصة ثمود، وقصة قوم لوط) تقريرًا لمضمون ما سبق من قوله - تعالى -: (وَلَقَدْ جَاءَهُمْ مِنَ الْأَنْبَاءِ مَا فِيهِ مُزْدَجَرٌ . حِكْمَةٌ بَالِغَةٌ فَمَا تُغْنِ النُّذُرُ) وتنبيهًا على أن كل قصة منها مستقلة بإيجاب الادكار كافية في الازدجار .. ومع ذلك لم تقع واحدة في حيز الاعتبار .
- أي: وتالله لقد سهلنا هذا القرآن على قومك حيث أنزلناه بلسانهم وجمعنا فيه أنواع المواعظ الشافية، والعبر الزاجرة، والوعد والوعيد للتذكر والاتعاظ. ومع كل هذه الدوافع الداعية إلى الإهتداء أعرضوا عنها وضلوا ضلًالا بعدًا .. ويشير إلى ذلك قوله - تعالى -: (فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ) أي: فلا يوجد في قريش من يتعظ ويتذكر ؟
- فالاستفهام هنا للإنكار والنفى على أبلغ وجه وآكده.
- وقيل في معنى هذه الآية: ولقد سهلنا القرآن للحفظ وأعنَّا عليه من أراد حفظه فهل من طالب لحفظه ليعان عليه؟
التفسير الوسيط لمجمع البحوث بالأزهر ج9 ص1177

* قلت (خالد صاحب الرسالة):
1- وهذا الرأي الذي ذكره الإمام الطبري و(مجمع البحوث) وغيرهم من أهل التفسير .. هو الذي عليه عموم أهل التفسير .. لأن اللفظ القرآني بهذا التفسير الذي ذكروه يتفق مع سياق سورة القمر كلها ويشرح حكمة التكرار للآية .. ونجد أيضا أن (مجمع البحوث) لم يمتنعوا أن يذكروا رأي القرطبي في ختام التفسير على أنه رأي مرجوح وليس رأي راجح .. ولا يمنع أن يكون القرآن ميسر للحفظ ولكن ليس هذا مراد الآية هنا فقط كما زعم من زعم ذلك ..!!

2- وأتعجب متسائلا .. لماذا بعض الدعاة يخصص المعنى القرآني العام بلا دليل على هذا التخصيص ؟!! ويريد أن يوجه الناس إلى هذا المعنى المخصوص .. وكأن هذا هو الرأي فقط ولا يوجد غيره ..!! فيجعل من تيسير القرآن وتذكره هو خاص بحفظه فقط .. ويتجاهل عموم اللفظ القرآني في التيسير والتذكر ؟!!
- فلا التيسير معناه الحفظ ولا التذكر معناه الحفظ .. وإنما الحفظ يأتي من جملة معاني تفهم من خلال مصطلح تيسير القرآن أي من خلال قوله تعالى (يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ) ..!!

3- وإذا كان استفهام الإدَّكار (فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ) .. يحرض النفس على التدبر والإتعاظ والتفكر فيما سبق من كلام الآيات والقصص المذكورة .. فبكل تأكيد لا يقصد من وراء ذلك هو إرشاد الكفار لحفظ القرآن ؟!!
- فلماذا يصر هؤلاء الدعاة على توجيه اللفظ لغير مراد الله أو تخصيص ما هو عام بدون دليل ؟!!

4- وليس لأن القرطبي رحمه الله قال بذلك .. فيتم نقل كلامه دون أن تدبر وتفكر في هذا التفسير وعلاقته بالآيات السابقة واللاحقة له .. !! علما بأن القرطبي ذكر آراء أخرى في تفسيره ولم يجعل رأيه هو الصحيح .. إلا ان الداعية لم يشير إليها ..!!  فضلا عن عدم إشارة الداعية للرأي الآخر لعموم المفسرين وهو الرأي الراجح عقلا ومطمئنا للقلب لاتفاقه مع سياق النص القرآني ..!!

5- لذلك الرأي القائل بأن تيسير القرآن بالذكر هو الحفظ فقط .. هو رأي تفسيري ناقص المعنى وغير مكتمل لأنه خصص ما هو عام بلا دليل .. والذي يرشدك إلى عدم توفيق أصحاب هذا الرأي بخلاف ما سبق هو أنه :
أ- لو كان التيسير خاص بالحفظ فقط .. فلماذا لم يقل تعالى (يسرنا القرآن للحفظ) ؟!! وبالتالي لماذا تخصيص ما هو عام ؟

ب- لو كان التيسير خاص بالحفظ فقط ..  لكان الذي لا يستطيع أن يحفظ القرآن خارج عن هذه الآية .. وغير مخاطب بها !! ولكان المخاطب بها الذين لديهم ملكة الحفظ فقط دون غيرهم .. وهذا ليس مراد الله بكل تأكيد .. !!

 ج- لو كان الإدِّكار يشير للحفظ فقط .. لكان مقصود القرآن في قوله (لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ) هو حفظه فقط دون فهمه وتدبيره ومعرفته .. وهذا كلام لم يقل به أحد ..!!

د- لو كان الإدِّكار يشير للحفظ فقط .. لكان لا فائدة الإستفهام في قوله تعالى (فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ) .. حيث أن الإستفهام دال على الإعتبار والتنبيه لمراد الله .. والإدكار يشمل مَوَاعِظِ الْقُرْآنِ وقصصه وآدابه وَفَهْمِ مَعَانِيهِ والاهتداء بِهِ مع سهوله حفظه لمن أراد ذلك .. فلماذا تخصيص الإدِّكار على أنه هو الحفظ فقط .. وهذا لم يقل به أحد من المفسرين ولا يمكن أن يقول به أحد من العقلاء ..؟!!

- وخلاصة القول:
- أن الصواب هو أن يتم توجيه اللفظ القرآني على عموم التيسير والذكر .. وليس لتخصيص نوع معين في التيسير والذكر .. ثم محاولة تسييس العوام على هذا الرأي وكأنه مراد الله .. فهذه ليست أمانة علمية .. بل خيانة علمية في تعليم كلام الله ..!!

- فاللفظ القرآني العام يتم حمله على عمومه ولا يتم تخصيصه إلا بدليل يدل على ذلك ..!!

* كما قال الشيخ طنطاوي رحمه الله (المتوفى: 1431هـ):
- والله لقد سهلنا القرآن لِلذِّكْرِ أى: للتذكر والحفظ، بأن أنزلناه فصيحا في ألفاظه، بليغا في تراكيبه، واضحا في معانيه، سهل الحفظ لمن أراد أن يحفظه.. فهل من معتبر ومتعظ، بقصصه، ووعده، ووعيده، وأمره، ونهيه ؟.
- والمقصود بالآية الكريمة التحضيض على حفظ القرآن الكريم والاعتبار بمواعظه، والعمل بما فيه من تشريعات حكيمة، وآداب قويمة، وهدايات سامية ..
التفسير الوسيط ج14 ص106 . مختصرا .

- ويقول الطاهر بن عاشور رحمه الله (المتوفى: 1393هـ):
- وَالْيُسْرُ: السُّهُولَةُ، وَعَدَمُ الْكُلْفَةِ فِي تَحْصِيلِ الْمَطْلُوبِ مِنْ شَيْءٍ. وَإِذْ كَانَ الْقُرْآنُ كَلَامًا فَمَعْنَى تَيْسِيرِهِ يَرْجِعُ إِلَى تَيْسِيرِ مَا يُرَادُ مِنَ الْكَلَامِ وَهُوَ فَهْمُ السَّامِعِ الْمَعَانِيَ الَّتِي عَنَاهَا الْمُتَكَلّم بِهِ بِدُونِ كُلْفَةٍ عَلَى السَّامِعِ وَلَا إِغْلَاقٍ كَمَا يَقُولُونَ: يَدْخُلُ لِلْأُذُنِ بِلَا إِذْنٍ.
- وَهَذَا الْيُسْرُ يَحْصُلُ مِنْ جَانِبِ الْأَلْفَاظِ وَجَانِبِ الْمَعَانِي.
- فَأَمَّا مِنْ جَانب الْأَلْفَاظ فَلذَلِك بِكَوُنِهَا فِي أَعْلَى دَرَجَاتِ فَصَاحَةِ الْكَلِمَاتِ وَفَصَاحَةِ التَّرَاكِيبِ، أَيْ فَصَاحَةِ الْكَلَامِ، وَانْتِظَامِ مَجْمُوعِهَا، بِحَيْثُ يَخِفُّ حِفْظُهَا عَلَى الْأَلْسِنَةِ.
- وَأَمَّا مِنْ جَانِبِ الْمَعَانِي، فَبِوُضُوحِ انْتِزَاعِهَا مِنَ التَّرَاكِيبِ وَوَفْرَةِ مَا تَحْتَوِي عَلَيْهِ التَّرَاكِيبُ مِنْهَا مِنْ مَغَازِي الْغَرَضِ الْمَسُوقَةِ هِيَ لَهُ. وَبِتَوَلُّدِ مَعَانٍ مِنْ مَعَانٍ أُخَرَ كُلَّمَا كَرَّرَ الْمُتَدَبِّرُ تَدَبُّرَهُ فِي فَهْمِهَا.
 التحرير والتنوير ج27 ص188..

- وقال الشيخ أبو بكر الجزائري رحمه الله (المتوفى:1439):
- لَقَدْ جَعَلْنا القُرآنَ سَهْلَ المَعْنى، يَسِيرَ اللَّفْظِ ، لِيَقْرأَهُ النَّاسُ وَيَتَدَبَّرُوا مَعَانِيَهُ، وَيَتَّعِظُوا بِما جَاءَ فِيهِ .. وَلكِنْ هَلْ مَنْ مُتَّعظٍ بِهِ، مُزْدَجرٍ بِهِ عَنْ مَعَاصِيهِ ..
أيسر التفاسير ص4742

* قلت (خالد صاحب الرسالة):
* وخلاصة ما سبق :
 1- من الخطأ توجيه النص القرآني لما نريد أن نخدم به مرادنا في البحث في رأي نريد إثباته (تعصبا لرأي) ونكتفي بأن فلان قال بذلك .. لمجرد أنه يتفق مع هوى البعض .. ونتجاهل الرأي الموافق لكلام الله والمستقيم المعنى في عقل المستمع للقرآن .. لأن هذا لا يليق بكلام الله ..

2- التعصب للرأي يجعلك أعمى عن رؤية الحقيقة كاملة .. ودائما سيكون هناك أسئلة حائرة في ذهن المتلقي ولا يجد لها إجابات .. فتكون أنت بذلك أدخلته في متاهات فكرية .. مما يسبب له وساوس تؤذيه في نفسه .. كالتفسير الذي خصص الآية بالحفظ فقط .. فيسبب لمؤمن الذي لا يستطيع الحفظ أذى نفسي بأنه محروم من تيسير القرآن له .. وبالتالي فقد تم حرمانه من كرامة الله لأنه لا يستطيع الحفظ ..!!
- فهل هذا كلام عقلاء يقولون به ؟!!

3- وقد يكون مراد الداعية هو أن يحبب الناس في حفظ القرآن .. وهذا لا نشك فيه .. ولكن هذا لا يبيح له أن يأتي برأي مرجوح ويحجب الرأي الراجح .. أو يخصص من القرآن ما هو عام .. ليحبب الناس في حفظ القرآن .. لأن هذا يسمى تلاعب في التفسير القرآني .. وتوجيه بمحض الهوى حتى ولو كانت إرادته هي الخير .. لأنه يفترض فيه أنك طالب علم وباحث فيه .. فوجب عليك التحقيق مما ينقله .. وأن ينقل بأمانة علمية .. !!

4- بل ويكفي الداعية ليحبب الناس في حفظ القرآن .. أن يقول: أن حفظ القرآن هو فعل النبي صلى الله عليه وسلم ..!!
- أليس هذا بكافي لتحبيب المؤمن في حفظ القرآن ..!!

**************************


..:: س51: لماذا يتأول البعض كلام النبي على غير ظاهره ؟ ::..

* قلت (خالد صاحب الرسالة):
- إذا كان هناك من قام بتأويل كلام الله العام وقام بتخصيصه دون دليل ..!! .. فقد وجدت بعض الدعاة يتأول كلام النبي على غير ظاهر لفظ النبي .. ويقوم أيضا بتخصيص ما هو عام بلا دليل .. مع أن اللفظ يكون أوسع في الدلالة مما ذهب إليه صاحب هذا الرأي .. !!

- وجدت بعض الدعاة .. يذكرون أحاديث النبي عن قراءة القرآن .. على أن المقصود بالقاريء هو الحافظ ..!!
- فلماذا يتم التأويل على أنه للحفظ فقط مع أن علماء شرح الأحاديث يضعون لفظ القراءة على عمومه سواء كانت القراءة من الحفظ أو من المصحف ..!!

- وإليك أمثلة مما خصصوه من كلام النبي بالحفظ فقط :
1- قال النبي صلى الله عليه وسلم: (اقرءوا القرآن؛ فإنه يأتي يوم القيامة شفيعًا لأصحابه) صحيح مسلم .

- فهل معنى (اقرأوا) للمتلقي السامع كلام النبي يفهمها بمعنى احفظوا ..؟!! بكل تأكيد .. لا .. !!

- وطالما معنى القرآءة في عقول هؤلاء هو الحفظ فقط .. فلماذا لم يقل النبي بصراحة ووضوح (احفظوا) كما قال في حديث آخر (مَثَلُ الذي يَقْرَأُ القُرْآنَ، وهو حافِظٌ له مع السَّفَرَةِ الكِرامِ البَرَرَةِ) صحيح البخاري ..

- ولماذا يتم تخصيص لفظ القرآءة بالحفظ فقط (بلا دليل) .. دون القرآءة عموما سواء حفظا أو من المصحف ؟!!

- ثم لماذا لا يتم نشر ما قاله العلماء في شرحهم للحديث ليتبين للمؤمن كيف فهم العلماء كلام النبي صلى الله عليه وسلم ؟!!

- وكأن هناك من يريد احتكار فضل الله لنفسه دون غيره من المؤمنين ..!! وهذا يذكرنا بالجماعة التي ذكرها النبي صلى الله عليه وسلم حين قال: (وليأتينَّ على النَّاسِ زمانٌ يتعلَّمونَ القرآنَ ويقرئونَهُ ثمَّ يقولونَ : قد قرأنا ، وعلِمنا فمَن هذا الَّذي هوَ خيرٌ منَّا) رواه الطبراني وحسنه الألباني .. !!

2- الحديث الثاني الذين يؤلون لفظ القرآن بأنه للحفظ فقط :
- قال النبي صلى الله عليه وسلم: (ما اجتمع قوم في بيت من بيوت الله يتلون كتاب الله ويتدارسونه فيما بينهم، إلا نزلت عليهم السكينة وغشيتهم الرحمة، وحفتهم الملائكة وذكرهم الله فيمن عنده) صحيح مسلم.

- فقام بعض الدعاة بتأويل جملة (يتلون كتاب الله ويتدارسونه فيما بينهم) بأنها حفظ القرآن ..!!

- في حين أن معناها عند غالب شراح الحديث هو ما ذكره الإمام المباركفوري رحمه الله (المتوفى: 1414هـ) حيث قال: شامل لجميع ما يتعلق بالقرآن من التعلم والتعليم والتفسير والاستكشاف عن دقائق معانيه .. راجع كتاب مرعاة المفاتيح ج1 ص308. وراجع ما قاله الإمام نور الدين الهروي رحمه الله (المتوفى: 1014هـ) في كتابه مرقاة المفاتيح ج1 ص287 - حيث قام بشرح بديع لجملة (يتلونه ويتدارسونه) ..!! وغير ذلك من الشروحات ..

3- الحديث الثاني الذين يؤلون لفظ القرآن بأنه للحفظ فقط :
- قال النبي صلى الله عليه وسلم: (يُقالُ لصاحِبِ القرآنِ اقرأ وارتَقِ ورتِّل كما كنتَ ترتِّلُ في الدُّنيا فإنَّ منزلَكَ عندَ آخرِ آيةٍ تقرؤُها) صحيح أبي داوود وصحيح بن حبان .

* قال الإمام شهاب الدين التُّورِبِشْتِي (المتوفى: 661 هـ):
- قوله: ((لصاحب القراَن)) : الصحبة للشيء الملازمة له إنساناً كان أو حيواناً، مكاناً كان أو زماناً، ويكون بالبدن، وهو الأصل والاكثر، ويكون بالعناية والهمة، وصاحب القراَن هو الملازم له بالهمة والعناية، ويكون ذلك تارة بالحفظ والتلاوة، وتارة بالتدبر له والعمل به.
- وإن ذهبنا إلي الأول: فالمراد من الدرجات بعضها دون بعض .. والمنزلة التي في الحديث هي ما يناله العبد من الكرامة علي حسب منزلته في الحفظ والتلاوة لا غير .
- وذلك لما عرفنا من أصل الدين: أن العامل بكتاب الله المتدبر له أفضل من الحافظ والتالي له إذا لم ينل شأنه في العمل والتدبر، وقد كان في الصحابة من هو أحفظ لكتاب الله من أبي بكر الصديق رضي الله عنه، وأكثر تلاوة منه، وكان هو أفضلهم علي الأطلاق لسبقه عليهم في العلم بالله، وبكتابه، وتدبره له، وعمله به.
- وإن ذهبنا إلي الثانى: وهو أحق الوجهين وأتمهما- فالمراد من الدرجات التي يستحقها بالاَيات سائرها، وحينئذ تقدر التلاوة في القيامة علي مقدار العمل، فلا يسطيع أحد أن يتلو به إلا وقد قام بما يجب عليه فيها، واستكمال ذلك إنما يكون للنبى صلى الله عليه وسلم، ثم للأمة بعده علي مراتبهم ومنازلهم في الدين، كل منهم يقرأ علي مقدار ملازمته إياه تدبراً وعملاً .. وقد ورد في الحديث (إن درجات الجنة على عدد آيات القرآن) وفي هذا دليل على صحة ما ذهبنا إليه.
الميسر في شرح مصابيح السنة ج2 ص499

* قلت (خالد صاحب الرسالة):
- ومقصد الإمام التوربشتي بقوله "حسب منزلته في الحفظ والتلاوة لا غير": أي أن هذه منزلة ودرجة خاصة بمن يحفظ (على افتراض أن مقصد الحديث هو الحفظ فقط) .. ولكن ليست هذه الدرجات هي منازل ارتقاءات أهل الجنة .. وإنما هي منازل على قدر هذا العمل فقط (.. وليس على مجموع الأعمال ..) .. ولذلك قال الإمام التوربشتي بعد ذلك على الوجه الثاني وهو الخاص بالتلاوة مع العمل به تحقيقا .. فهنا تكون منازل أهل الإيمان فعلا ..!!
- وهذا الرأي هو يحمل كمال الصواب .. وإلا تساوى الحافظ الجاهل مع الحافظ العالم ..!!  والله أعلم .

- أما عن مقصد قول التوربيشتي "وذلك لما عرفنا من أصل الدين": أي وذلك الذي قلته من حيث أنه متعلق بدرجات خاصة بالحفظ لا غير .. هو لأن الأصل في الدين هو العمل وليس مجرد الحفظ .. ثم ضرب لذلك مثال بأبي بكر الصديق .. 

* قال الإمام بدر الدين العيني رحمه الله (المتوفى: 855هـ):
- قوله: (وارتق) أمر من ارتقى يَرتقي .. ومعناه: اصعَدْ إلى منزلك درجةً درجةً .. فإن منزلَه بحسَب قراءته من الآيات ، وهو معنى قوله: (فإن منزلك عند آخر آية تقرؤها) .. وجاء في الأثر أن عدد أي القرآن على قدر عدد درج الجنة، فمًن استوفى قراءة جميع القراَن استولى على أقصى درج الجنة ، ومن قرأ جزءا منها كان رقِيَّه في الدَّرَج على قدر ذلك، فيكون منتهى الثواب على قدر منتهى القراءة .
- ويُستفاد منه: استحباب الترتيل في القراءة.
شرح سنن أبي داوود للعيني ج5 ص381

* قال الإمام عبد الحق الدِّهلوي الحنفي رحمه الله (المتوفى :1052 ه) :
- قوله: (وارتق) أي: في الدرج على قدر ما يقرأ من آي القرآن، فمن استوفى جميع آي القرآن استولى على أقصى درج الجنة المعد لها واللائقة بحالها، فالأمر شامل لجميع أصحاب القرآن من الأنبياء والمرسلين والأولياء وسائر الصالحين على قدر درجاتهم في الحفظ والتلاوة والعمل.
لمعات التنقيح في شرح مشكاة المصابيح ج4 ص554

* قال الإمام نور الدين الهروي القاري (المتوفى: 1014هـ):
- قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: (يُقَالُ) ، أَيْ عِنْدَ دُخُولِ الْجَنَّةِ وَتَوَجُّهِ الْعَامِلِينَ إِلَى مَرَاتِبِهِمْ عَلَى حَسَبِ مَكَاسِبِهِمْ (لِصَاحِبِ الْقُرْآنِ) ، أَيْ مَنْ يُلَازِمُهُ بِالتِّلَاوَةِ وَالْعَمَلِ لَا مَنْ يَقْرَؤُهُ وَهُوَ يَلْعَنُهُ (اقْرَأْ وَارَتْقِ) ، أَيْ إِلَى دَرَجَاتِ الْجَنَّةِ أَوْ مَرَاتِبِ الْقُرْبِ (وَرَتِّلْ) ، أَيْ لَا تَسْتَعْجِلْ فِي قِرَاءَتِكَ فِي الْجَنَّةِ الَّتِي هِيَ لِمُجَرَّدِ التَّلَذُّذِ وَالشُّهُودِ الْأَكْبَرِ كَعِبَادَةِ الْمَلَائِكَةِ (كَمَا كُنْتَ تُرَتِّلُ) ، أَيْ قِرَاءَتُكَ، وَفِيهِ إِشَارَةٌ إِلَى أَنَّ الْجَزَاءَ عَلَى وَفْقِ الْأَعْمَالِ كَمِّيَّةً وَكَيْفِيَّةً (فِي الدُّنْيَا) مِنْ تَجْوِيدِ الْحُرُوفِ وَمَعْرِفَةِ الْوُقُوفِ النَّاشِئِ عَنْ عُلُومِ الْقُرْآنِ وَمَعَارِفِ الْفُرْقَانِ (فَإِنَّ مَنْزِلَكَ عِنْدَ آخِرِ آيَةٍ تَقْرَؤُهَا) وَقَدْ وَرَدَ فِي الْحَدِيثِ أَنَّ دَرَجَاتِ الْجَنَّةِ عَلَى عَدَدِ آيَاتِ الْقُرْآنِ.
مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح ج4 ص1469

**************************
***********************
يتبع إن شاء الله تعالى
*****************
والله أعلم
اللهم صل على سيدنا محمد وعلى آله وسلم
هذه الرسالة مصدرها - مدونة الروحانيات فى الاسلام -  ولا يحق لأحد نقل أي موضوع من مواضيع أو كتب أو رسائل المدونة .. إلا بإذن كتابي من صاحب المدونة - ا/ خالد أبوعوف .. ومن ينقل موضوع من المدونة أو جزء منه (من باب مشاركة الخير مع الآخرين) فعليه بالإشارة إلى مصدر الموضوع وكاتبه الحقيقي .. ولا يحق لأحد بالنسخ أو الطباعة إلا بإذن كتابي من الأستاذ / خالد أبوعوف .. صاحب الموضوعات والرسائل العلمية .

هناك 10 تعليقات:

  1. جزاك الله عنا خيرات وبركات عدد مافي القرآن من حروف وكلمات وحفظك وافاض عليك بما فيهن من اسرار وانوار .. آمين يارب العالمين

    اللهم صل على سيدنا محمد
    النبي الأمي وعلى آله وسلم

    ردحذف
  2. نفعنا الله بعلمكم وبارك في جميع أعمالكم أستاذي الأكرم خالد، وفي من تحبون، اللهم آمين آمين آمين يا رب العالمين.

    ردحذف
  3. جزاك الله خيرا ونفع بك استاذنا الكريم من فضلك ترد علي تساؤلي في الهانج اوت

    ردحذف
  4. يارب صل على محمد يارب وأرزقنا الشهادة
    يارب صل على محمد يارب أمدنا بالسعادة
    يارب صل على محمد يارب بلغنا نزوره
    يارب صل على محمد يارب تغشانا بنوره

    ردحذف
  5. أزال المؤلف هذا التعليق.

    ردحذف
  6. طيب

    1- هل يمكن أن تجتمع الإصابة ب( سحر + مس + عين + حسد ) على شخص واحد بنفس الوقت ؟
    2- متى يتحول العارض الناري إلى عاشق ؟
    3- ماهو سبب العشق ؟

    ردحذف
    الردود
    1. 1- هل السحر يبقى تأثيره على المسحور بعد موت الساحر؟
      2- هل السحر يبقى تأثيره على المسحور بعد موت الشخص الذي ذهب للساحر بقصد أذية الشخص المسحور؟
      3- إذا كنت بالمقبرة ووجدت سحر. كيف افكه بطريقة صحيحة؟ لأنه مش موجود بمدونة الروحانيات في الإسلام دين وعلم له قواعد وأصول وليس سبحة وبخور. طريقة فك الأسحار المادية زي الاقفال والمسامير والصور التي عليها دبابيس.
      هناك فقط تعليق عن وضع الملح على السحر. ..
      لكن
      الأستاذ خالد أبو عوف لم يعلمنا طريقة فك الأسحار التي نلقاها بالمقبرة أو محطوطة بأي مكان. ...
      ...
      لو كان هناك فيديو لفك السحر صوت وصورة للأستاذ خالد
      أو درس كتابي
      أو درس صوتي
      ....

      قولوا:
      ياالله ارحمنا انت مولانا ياالله اقبلنا مالناغيرك

      حذف
  7. مساء النور استاذنا الله يفتح عليك يارب .حبيت اسأل لماذا لم تعد خدمة الرد على الرسائل متاحة

    ردحذف
  8. جزاك الله خيرا كثيرا استاذنا الفاضل الكريم .

    ردحذف
  9. استاذي الاستاذ خالد جزاك الله خيرا ..ربنا يتقبل دعواتي لك

    ردحذف

ادارة الموقع - ا/ خالد ابوعوف