الروحانيات فى الإسلام: ج7: رسالة لطائف وإشارات ذوقية في فهم الأمثلة القرآنية - ما هو المثل القرآني الثاني عن المنافقين - ما المراد من لفظ "أو" في قوله (أو كصيب) - لماذا لم يقل تعالى (كمثل صيب) - لماذا أسند الصيب إلى السماء بالرغم من أنه غالبا لا يأتي إلا من السماء - معنى الصيب والظلمات والرعد والبرق والصاعقة - ما هو معنى (فيه ظلمات) - هل في القرآن ظلمات ؟ وما الذي أوضحته كلمة (فيه) - لماذا لم يقل تعالى "أو كظلمات فيها صيب" - ما الذي أفاد تنكير الألفاظ (ظلمات ورعد وبرق) - ما المقصود من الرعد والبرق والصواعق في الآية - لماذا جاء الترتيب هكذا (ظلمات ورعد وبرق).

بحث في المدونة من خلال جوجل

الثلاثاء، 12 مايو 2020

Textual description of firstImageUrl

ج7: رسالة لطائف وإشارات ذوقية في فهم الأمثلة القرآنية - ما هو المثل القرآني الثاني عن المنافقين - ما المراد من لفظ "أو" في قوله (أو كصيب) - لماذا لم يقل تعالى (كمثل صيب) - لماذا أسند الصيب إلى السماء بالرغم من أنه غالبا لا يأتي إلا من السماء - معنى الصيب والظلمات والرعد والبرق والصاعقة - ما هو معنى (فيه ظلمات) - هل في القرآن ظلمات ؟ وما الذي أوضحته كلمة (فيه) - لماذا لم يقل تعالى "أو كظلمات فيها صيب" - ما الذي أفاد تنكير الألفاظ (ظلمات ورعد وبرق) - ما المقصود من الرعد والبرق والصواعق في الآية - لماذا جاء الترتيب هكذا (ظلمات ورعد وبرق).

بسم الله الرحمن الرحيم
رسالة
لطائف وإشارات ذوقية
في شرح وفهم الأمثلة القرآنية
(الجزء السابع)

* فهرس:

:: الفصل السادس :: المثل الثاني : (أو كصيب فيه ظلمات ..) ::

1- س43: ما هو المثل القرآني الثاني عن المنافقين ؟

2- س44: ما المراد من لفظ "أو" في قوله (أو كصيب) ؟

3- س45: لماذا لم يقل تعالى (كمثل صيب) ؟

4- س46: لماذا أسند الصيب إلى السماء بالرغم من أنه غالبا لا يأتي إلا من السماء ؟

5- س47: معنى الصيب والظلمات والرعد والبرق والصاعقة ؟

6- س48: ما هو معنى (فيه ظلمات) ؟

7- س49: هل في القرآن ظلمات ؟ وما الذي أوضحته كلمة (فيه) ؟

8- س50: لماذا لم يقل تعالى "أو كظلمات فيها صيب" ؟

9- س51: ما الذي أفاد تنكير الألفاظ (ظلمات ورعد وبرق) ؟

10- س52: ما المقصود من الرعد والبرق والصواعق في الآية ؟

11- س53: لماذا جاء الترتيب هكذا (ظلمات ورعد وبرق) ؟

***********************

..:: الفصل السابع ::..

:: المثل القرآني الثاني عن المنافقين ::

*************************

..:: س43: ما هو المثل القرآني الثاني عن المنافقين ؟ ::..

 

- المثل القرآني الثاني الذي سنتكلم عنه هو المثل الثاني للمنافقين .. حيث يقول تعالى: (مَثَلُهُمْ كَمَثَلِ الَّذِي اسْتَوْقَدَ نَارًا فَلَمَّا أَضَاءَتْ مَا حَوْلَهُ ذَهَبَ اللَّهُ بِنُورِهِمْ وَتَرَكَهُمْ فِي ظُلُمَاتٍ لَا يُبْصِرُونَ . صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ فَهُمْ لَا يَرْجِعُونَ . أَوْ كَصَيِّبٍ مِنَ السَّمَاءِ فِيهِ ظُلُمَاتٌ وَرَعْدٌ وَبَرْقٌ يَجْعَلُونَ أَصَابِعَهُمْ فِي آذَانِهِمْ مِنَ الصَّوَاعِقِ حَذَرَ الْمَوْتِ وَاللَّهُ مُحِيطٌ بِالْكَافِرِينَ . يَكَادُ الْبَرْقُ يَخْطَفُ أَبْصَارَهُمْ كُلَّمَا أَضَاءَ لَهُمْ مَشَوْا فِيهِ وَإِذَا أَظْلَمَ عَلَيْهِمْ قَامُوا وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَذَهَبَ بِسَمْعِهِمْ وَأَبْصَارِهِمْ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) البقرة17-20

 

- وقد شرحنا سابقا معنى المثل الأول فارجع إليه .. وهنا أذكر لكم المعنى الإجمالي للمثل الثاني (أو كصيب .....) .

 

* المعنى العام من تفسير المنتخب (هيئة علماء الأزهر):

- أو حالهم فى حيرتهم وشدة الأمر عليهم وعدم إدراكهم لما ينفعهم ويضرهم، كحال قوم نزل عليهم مطر من السماء ورعد وصواعق، يضعون أطراف أصابعهم فى آذانهم كى لا يسمعوا أصوات الصواعق خائفين من الموت، زاعمين أن وضع الأصابع يمنعهم منه.

- وهؤلاء إذا نزل القرآن - وفيه بيان لظلمات الكفر والوعيد عليه، وبيان الإيمان ونوره المتألق، وبيان النذر وألوان العذاب - أعرضوا عنه وحاولوا الخلاص منه زاعمين أن إعراضهم عنه سيعفيهم من العقاب ولكن الله عليم بالكافرين مسيطر عليهم من كل جهة بعلمه وقدرته.

 

- إن هذا البرق الشديد يكاد يخطف منهم أبصارهم لشدته، وهو يضئ لهم الطريق حيناً فيسيرون خطوات مستعينين بضوئه، فإذا انقطع البرق واشتد الظلام يقفون متحيرين ضالين، وهؤلاء المنافقون تلوح لهم الدلائل والآيات فتبهرهم أضواؤها فيهمون أن يهتدوا، ولكنهم بعد قليل يعودون إلى الكفر والنفاق.

- إن الله واسع القدرة إذا أراد شيئاً فعله، لا يعجزه شئ فى الأرض ولا فى السماء.

تفسير المنتخب ص6

 

*********************************

 

..:: س44: ما المراد من لفظ "أو" في قوله (أو كصيب) ؟ ::..

 

* قلت (خالد صاحب الرسالة):

اختلف العلماء على ثلاثة آراء في توضيح المراد من لفظ (أو) ..

1- (أو) للتسوية في الإختيار بين أحد المثلين أو كلاهما   .. أي سواء أخترت هذا او ذاك أو كلاهما فأنت محق ومصيب في تشبيهك .. وهذا رأي جمهور المفسرين ..

 

2- وهناك رأي مميز وجدته يقول أن (أو) للتفصيل .. أي لتوضيح حقيقة المنافقين بمزيد توضيح ولذلك كان المثال الثاني أقوى في التعبير .. وهو رأي الإمام بن حيان الأندلسي .. وهو رأي محترم جدا .

 

3- وهناك رأي بعيد جدا عند العلماء .. وهو رأي للإمام الطبري رحمه الله .. وهو أن (أو) بمعنى الواو .. ولكني لم أذكر هذا الرأي لأنه فيه تكلف ولا داعي لتأويله ليكون بمعنى (و) .. ولو كان الله أراد أن يقول (و) لكان ذكره بدلا من (أو) ..!! وقد رد على هذا الرأي الإمام بن حيان ومن بعده الإمام الألوسي رحمهما الله .

- وكان الطبري رحمه الله قد اختار هذا الرأي كرد على من قال أن (أو) تأتي للشك فكيف ينسب لله ذلك ؟ وهذا هو ما دفع الإمام لهذا التأويل .. ولكن الجواب أبسط من ذلك .. وقد ذكره علماء آخرون ..

 

- وإليك تفصيل ما قال علماؤنا .. غفر الله لهم ..

أولا : الرأي الأول الذي عليه جمهور المفسرين :

* قال الإمام الزجاج رحمه الله  (المتوفى: 311هـ):

- فأما ذكر (أوْ) في قوله: (مَثَلَهُمْ كَمَثَلِ الَّذِي). إِلى (أوْ كصيب) فأو دَخلت ههنا لغير شك، وهذه يسميها الحذاق باللغة " وَاوَ اَلِإباحة "

- فتقول جالس القراءَ أوِ الفُقَهَاءَ، أوْ أصْحَابَ الحديث أوْ أصْحَابَ

النحو، فالمعنى أن التمثيل مباح لكم في المنافقين إنْ مثلْتُمُوهم بالذي استوقد ناراَ فذاك مثلهم ، وإِن مثلتموهم بأصحاب الصيب فهذا مثلهم، أِو مثلتموهم بهما جميعاً فهما مثلاهم –

- كما أنك إذا قلت جالس الحسن أو ابن سيرين فكلاهما أهل أن يجالس - إن جالست الحسن فأنت مطيع وإِن جمعتهما فأنت

مطيع.

معاني القرآن للزجاج ج1 ص96-97

 

* قال الإمام إسماعيل حقي النازلي رحمه الله :

- (أو) للتخيير والتساوي  .. أى كيفية قصة المنافقين شبيهة بكيفية هاتين القصتين والقصتان سواء في استقلال كل واحدة منهما بوجه التمثيل ، فبأيتهما مثلتها فانت مصيب وان مثلتها بهما جميعا فكذلك.

روح البيان ج1 ص69

 

* قال الإمام أبو زهرة رحمه الله (المتوفى: 1394هـ):

- (أو) هنا عاطفة على قوله تعالى: (مَثَلُهمْ كَمَثَل الَّذِي اسْتَوْقَدَ نَارًا. . .) أي أن مثلهم كمستوقد النار، أو مثلهم كصيب من السماء فيه ظلمات ورعد وبرق .

- ويقول الزمخشري: إن (أو) أصلها للشك، ثم صارت بالمجاز دالة على التسوية، كقوله تعالى: (وَلا تطِعْ مِنْهمْ آثِمًا أَوْ كَفُورًا)، أي أن الإثم والكفر سواء في أن طاعة أهلهما حرام تجر إلى الوبال وسوء العقبى والمآل ..

- والتسوية هنا بين المثل في أن كليهما فيه عبرة واعتبار، وتصوير لحال المنافقين.

زهرة التفاسير ج1 ص146

 

* قال الشيخ طنطاوي رحمه الله :

(أو) للتسوية بين الشيئين وهي مفيدة أن التمثيل بأيهما أو بمجموعهما يؤدى إلى المقصود .

- و (الصيب) - كسيد- المطر، من الصوب وهو النزول. يقال: صاب صوبا، إذا نزل أو انحدر، سمى به المطر لنزوله ..

- وفي الجملة الكريمة إيجاز بحذف ما دل عليه المقام دلالة واضحة .. والتقدير: أو كمثل ذوى صيب. والمعنى أن قصة هؤلاء المنافقين مشبهة بقصة الذي استوقد نارا، أو بقصة ذوى صيب.

التفسير الوسيط ج1 ص66 .. مختصرا .

 

* ثانيا : الرأي الثاني في المراد من (أو):

- وهو الرأي الذي قاله الإمام بن حيان الأندلسي رحمه الله (المتوفى: 745هـ):

- (أَوْ) هُنَا لِلتَّفْصِيلِ، وَكَانَ مَنْ نَظَرَ فِي حَالِهِمْ مِنْهُمْ مَنْ يُشَبِّهُهُ بِحَالِ الْمُسْتَوْقِدِ .. وَمِنْهُمْ مَنْ يُشَبِّهُهُ بِحَالِ ذَوِي صَيِّبٍ ..

- وَلَا ضَرُورَةَ تَدْعُو إِلَى كَوْنِ "أَوْ" لِلتَّخْيِيرِ وَأَنَّ الْمَعْنَى أَيُّهُمَا شِئْتَ مَثِّلْهُمْ بِهِ، وَإِنْ كَانَ الزَّجَّاجُ وَغَيْرُهُ ذَهَبَ إِلَيْهِ .. وَلَا إِلَى أَنَّ "أَوْ" لِلْإِبَاحَةِ .. وَلَا إِلَى أَنَّهَا بِمَعْنَى الْوَاوِ .. كَمَا ذَهَبَ إِلَيْهِ الْكُوفِيُّونَ هُنَا .. وَلَا إِلَى كَوْنِ "أَوْ" لِلشَّكِّ بِالنِّسْبَةِ للمتخاطبين .. إِذْ يَسْتَحِيلُ وُقُوعُهُ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى .. وَلَا إِلَى كَوْنِهَا بِمَعْنَى بَلْ . وَلَا إِلَى كَوْنِهَا لِلْإِبْهَامِ ..

- لِأَنَّ التَّخْيِيرَ وَالْإِبَاحَةَ إِنَّمَا يَكُونَانِ فِي الْأَمْرِ أَوْ مَا فِي مَعْنَاهُ . وَهَذِهِ جُمْلَةٌ خَبَرِيَّةٌ صِرْفٌ. وَلِأَنَّ أَوْ بِمَعْنَى الْوَاوِ، أَوْ بِمَعْنَى بَلْ، لَمْ يَثْبُتْ عِنْدَ الْبَصْرِيِّينَ وَمَا اسْتَدَلَّ بِهِ مُثْبِتُ ذَلِكَ مُؤَوَّلٌ .. وَلِأَنَّ الشَّكَّ بِالنِّسْبَةِ إِلَى الْمُخَاطَبِينَ .. أَوِ الْإِبْهَامَ بِالنِّسْبَةِ إِلَيْهِمْ لَا مَعْنًى لَهُ هُنَا .. وَإِنَّمَا الْمَعْنَى الظَّاهِرُ فِيهَا كَوْنُهَا لِلتَّفْصِيلِ.

 

- وَهَذَا التَّمْثِيلُ الثَّانِي أَتَى كَاشِفًا لِحَالِهِمْ بَعْدَ كَشْفِ الْأَوَّلِ.

- وَإِنَّمَا قَصَدَ بِذَلِكَ التَّفْصِيلَ وَالْإِسْهَابَ بِحَالِ الْمُنَافِقِ، وَشَبَّهَهَ فِي التَّمْثِيلِ الْأَوَّلِ بِمُسْتَوْقِدِ النَّارِ، وَإِظْهَارُهُ الْإِيمَانُ بِالْإِضَاءَةِ، وَانْقِطَاعُ جَدْوَاهُ بِذَهَابِ النُّورِ. وَشَبَّهَ فِي الثَّانِي دِينَ الْإِسْلَامِ بِالصَّيِّبِ وَمَا فِيهِ مِنَ الْوَعْدِ وَالْوَعِيدِ بِالرَّعْدِ وَالْبَرْقِ، وَمَا يُصِيبُهُمْ مِنَ الْإِفْزَاعِ وَالْفِتَنِ مِنْ جِهَةِ الْمُسْلِمِينَ بِالصَّوَاعِقِ .

البحر المحيط ج1 ص138

 

- وقد رد عليه الإمام الألوسي رحمه الله (المتوفى: 1270هـ).. فقال:

- اختار أبو حيان أنها للتفصيل .. وكأن من نظر إلى حالهم منهم من يشبهه بحال المستوقد، ومنهم من يشبهه بحال ذوي صيب..

- مدعيا أن الإباحة- وكذا التخيير- لا يكونان إلا في الأمر أو ما في معناه انتهى.

- ولا يخفى على من نظر في معناه وحقق ما معناه أن ما نحن فيه داخل في الشق الثاني على أن دعوى الاختصاص مما لم يجمع عليه الخواص .. فقد ذكر ابن مالك أن أكثر ورود أو للإباحة في التشبيه نحو (فَهِيَ كَالْحِجارَةِ أَوْ أَشَدُّ قَسْوَةً) البقرة74 .. والتقدير نحو فَكانَ قابَ (قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنى) النجم9.

روح المعاني ج1 ص173

 

- الرأي الثالث .. وهو رأي الإمام الطبري رحمه الله (المتوفى: 310هـ) :

-فإن قال لنا قائل: أخبرنا عن هذين المثَلين: أهما مثَلان للمنافقين، أو أحدُهما؟ فإن يكونا مثلَيْن للمنافقين، فكيف قيل (أو كصيِّب( .. و"أو" تأتي بمعنى الشك في الكلام، ولم يقل"وكصيب" بالواو التي تُلحِق المثَلَ الثاني بالمثَل الأول؟ أو يكون مَثل القوم أحدهما، فما وجه ذكر الآخر بِـ "أو"؟ وقد علمت أنّ "أو" إذا كانت في الكلام فإنما تدخل فيه على وجه الشّكّ من المخبِر فيما أخبر عنه، كقول القائل:"لقيني أخوك أو أبوك" وإنما لقيه أحدُهما، ولكنه جهل عَيْنَ الذي لقيه منهما، مع علمه أن أحدهما قد لقيه. وغير جائز فيه الله جل ثناؤه أن يُضاف إليه الشك في شيء، أو عُزُوب عِلم شيء عنه، فيما أخبَرَ أو تَرك الخبر عنه ؟

 

- قيل له: إنّ الأمرَ في ذلك بخلاف الذي ذهبت إليه. و"أو" - وإن كانت في بعض الكلام تأتي بمعنى الشكّ - فإنها قد تأتي دالة على مثل ما تدلُّ عليه الواو، إما بسابق من الكلام قبلها، وإما بما يأتي بعدها، كقول تَوْبة بن الحُمَيِّر:

وَقَدْ زَعَمَتْ لَيْلَى بِأَنِّي فَاجِرٌ ... لِنَفْسِي تُقَاهَا أَوْ عَلَيْهَا فُجُورُهَا

- ومعلوم أنّ ذلك من توبة على غير وجه الشكّ فيما قال، ولكن لمّا كانت (أو) في هذا الموضع دالةً على مثل الذي كانت تدل عليه"الواو" لو كانت مكانها، وضَعها موضعَها .

تفسير الطبري ج1 ص337

 

- وقد رد الإمام بن حيان الأندلسي في البحر المحيط على رأي الإمام الطبري وغيره من الآراء .. واجاد في إثبات رأيه .. وهو رأي عن نفسي أراه فيه صواب وكذلك رأي الجمهور .. والله أعلم .

 

**************************

 

..:: س45: لماذا لم يقل تعالى (كمثل صيب) ؟ ::..

 

* قال الإمام الطبري رحمه الله (المتوفى: 310هـ) :

- وجه حذف"المثل" من قوله (أو كصيب) .. لما كان قوله: (كمثل الذي استوقد نارًا) دالا على أن معناه: كمثل صيب ..

- حَذفَ"المثَل"، واكتفى - بدلالة ما مضى من الكلام في قوله:(كمثل الذي استوقد نارًا) على أن معناه: أو كمثل صيِّب - من إعادة ذكر المثلَ، طَلبَ الإيجاز والإختصار.

جامع البيان في تأويل القرآن ج1 ص338

 

********************

 ..:: س46: لماذا أسند الصيب إلى السماء بالرغم من أنه غالبا لا يأتي إلا من السماء ؟ ::..

 * قال الإمام محمد رشيد رضا رحمه الله (المتوفى: 1354هـ) :

- وَوَصَفَهُ بِأَنَّهُ مِنَ السَّمَاءِ مَعَ الْعِلْمِ بِأَنَّ الصَّيِّبَ لَا يَكُونُ إِلَّا مِنَ السَّمَاءِ .. لِلْإِشْعَارِ بِأَنَّهُ أَمْرٌ لَا يَمْلِكُونَ دَفْعَهُ وَلَيْسَ مِلَاكُهُ فِي أَيْدِيهِمْ .. وَمِنَ الْمَعْهُودِ عِنْدَ بُلَغَاءِ الْعَرَبِ التَّعْبِيرُ عَمَّا يُلِمُّ بِالنَّاسِ مِمَّا لَا دَافِعَ لَهُ بِأَنَّهُ نَزَلَ مِنَ السَّمَاءِ.

تفسير المنار ج1 ص146

* قال الشيخ ابو زهرة رحمه الله  (المتوفى: 1394هـ) :

- لماذا أسند إلى السماء، والمطر ينزل منها دائما؛ ونقول إن ذكر السماء يدل على أمرين ..

- أحدهما: أنه نازل من السماء، وليس من العيون والينابيع، فإن ماءها لَا ينزل، ولكن يخرج سلسبيلا .

- وثانيهما: للإشارة إلى أنه يجيء من علٍ، فينصب انصبابا.

زهرة التفاسير ج1 ص147

 

* قلت (خالد صاحب الرسالة):

- ولعل الله أسند الصيب إلى السماء للدلالة على طهورية هذا الماء الذي لم يخالطة شيء من الأرض وفيه حياة للأرض .. كذلك القرآن هو سماوي المنشأ وفيه حياة لأهل الأرض .. لأن الله وصفه أنه روح .. لأن الله يحي به القلوب المستجيبة له .

 

***********************

 

..:: س47: معنى الصيب والظلمات والرعد والبرق والصاعقة ؟ ::..

 

* قال الشيخ طنطاوي رحمه الله (المتوفى:1431 هـ) :

- الصيب: - المطر، من الصوب وهو النزول. يقال: صاب صوبا، إذا نزل أو انحدر، سمى به المطر لنزوله.

- والسماء: كل ما علاك من سقف ونحوه، والمراد بها السحاب.

- والرعد: الصوت الذي يسمع بسبب اصطدام سحابتين محملتين بشحنتين - كهربيتين إحداهما موجبة والأخرى سالبة.

- والبرق: هو الضوء الذي يحدث بسبب الاصطدام ذاته.

التفسير الوسيط ج1 ص66.. مختصرا .

 

* قال الدكتور وهبه الزحيلي :

- الصيب: المطر الكثير.

- الرعد: صوت احتكاك الهواء الذي يسمع في السحاب عند تجمعه.

- والبرق: هو الضوء الذي يلمع في السحاب غالبا بسبب احتكاك الهواء واتحاد كهربية السحاب الموجبة بالسالبة.

- والصاعقة: نار عظيمة تنزل أحيانا أثناء المطر والبرق بسبب تفريغ كهربية السحاب بجاذب يجذبها إلى الأرض.

- والخطف: الأخذ بسرعة.

- قامُوا: وقفوا وثبتوا في أماكنهم متحيرين منتظرين تغير الحال، للوصول إلى النجاة.

- والظلمات: هي ظلمة الليل وظلمة السحب وظلمة الصيّب نفسه.

التفسير المنير ج1 ص90

****************************

 

..:: س48: ما هو معنى (فيه ظلمات) ؟ ::..

 

* قلت (خالد صاحب الرسالة):

- أي في هذا المطر ظلمة تكاثف قطراته وظلمة الليل وظلمة غيم السحاب ..

- وبتطبيق المثال .. فالمقصود بالصيب هو القرآن ويكون المعنى فيه آيات تسبب ظلمات في بعض قلوب مستقبليها وتزيدهم رجسا على رجسهم كما قال تعالى: (وَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ فَزَادَتْهُمْ رِجْسًا إِلَى رِجْسِهِمْ وَمَاتُوا وَهُمْ كَافِرُونَ) التوبة25.

 

- ومن الآيات التي فيها ظلمات لهم .. تلك الآيات التي فيها فضيحة لهم كقوله تعالى: (وَلَوْ نَشَاءُ لَأَرَيْنَاكَهُمْ فَلَعَرَفْتَهُمْ بِسِيمَاهُمْ وَلَتَعْرِفَنَّهُمْ فِي لَحْنِ الْقَوْلِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ أَعْمَالَكُمْ) محمد29

  

* قال الطاهر بن عاشور رحمه الله (المتوفى:1393هـ):

- وَالظُّلُمَاتُ مُسْتَعَارٌ لِمَا يَعْتَرِي الْكَافِرِينَ مِنَ الْوَحْشَةِ عِنْدَ سَمَاعِهِ.

التحرير والتنوير ج1 ص317

  

* قال الشيخ عبد الكريم الخطيب رحمه الله (المتوفى: 1390هـ):

- وفى الغيث الذي ينزل من السماء ظلمات من السحب المتراكمة، ورعد وبرق.. ثم هو مع هذا نعمة وحياة!

- كذلك كانت آيات القرآن حين تتنزل، تنخلع لها قلوب المنافقين، وتنفطر منها أفئدتهم، لما يتوقعون فيها من صواعق تدمدم عليهم، وتفضح مكنون صدورهم، بما يبيتون ما لا يرضى من القول، وما لا يحمد من العمل..

- فإذا تلقى الرسول وحيا من ربّه، وأعلنه فى أصحابه، اصطكت به أسماع المنافقين، ووجفت قلوبهم هلعا وفزعا .. هذا هو حظهم من كتاب الله، وذلك مبلغ ما ينالهم من هذا الخير العظيم.. اضطراب، وذعر، وهمّ مقيم.. حذر الخزي والفضيحة .. وذلك شأنهم تماما مع الغيث..

التفسير القرآني للقرآن ج1 ص38-39

 

****************************

 

..:: س49: هل في القرآن ظلمات ؟ وما الذي أوضحته كلمة (فيه) ؟ ::..

 * قلت (خالد صاحب الرسالة):

- قد يخطر على بالك سؤال حينما تتأمل جملة (فيه ظلمات) .. وهذا السؤال هو: لو كان المطر تم تشبيهه بالقرآن .. فهل القرآن فيه ظلمات حتى يتم تشبيه ما ينزل فيه بالظلمات ؟

 

- قلت لك:

- أولا: لم يقل تعالى "أنزله بظلمات" وإنما قال (فيه ظلمات) .. فأصل المطر في نفسه طاهر (وَأَنْزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً طَهُورًا) الفرقان48 ..

 

- ثانيا: كلمة (فيه) تعني معنى يشمله المطر باعتبار مستقبل هذا المطر (أي كيف يستقبل الإنسان هذا المطر) .. وليس كلمة (فيه) تعني أنه مخلوط بظلمات .. لا .. لأن أصل المطر هو طاهر كما أوضحنا .. فانتبه حتى لا يلتبس عليك الأمر .


- وكمثال لك يقول تعالى (وَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ فَزَادَتْهُمْ رِجْسًا إِلَى رِجْسِهِمْ وَمَاتُوا وَهُمْ كَافِرُونَ) التوبة25.. فهل معنى ذلك أن القرآن كان فيه رجس ولذلك زادهم رجسا ..؟!!

- بكل تأكيد .. لا .. وإنما الرجس الذي كان في قلوبهم قد زاد حال استقبالهم للقرآن .. لأنهم لم يريدوا أن يتطهروا من هذا الرجس .. فكان نزول الآيات كالخبر السيء الذي ينزل بشخص ويسبب له كآبه نفسية .. لأنهم له كارهون خوفا من أن يفضحهم كلام الله .

 

- فالظلمات ليست باعتبار كلمات القرآن وإنما باعتبار النفوس المستقبِله له ..

 

- وكأن تفسير الكلام هكذا (كلام طاهر ولكن القلوب المريضة تستقبل هذا الكلام الطاهر وكأن فيه ظلمات فيزدادوا رجسا على رجسهم) .. وسبب استقبالها على أن فيها طلمات لهم .. لأن هذه الآيات تحمل أمثلة وأدلة توضح تفضح أحوال هؤلاء المنافقين وتكشفهم من خلال تصرفاتهم .. ودليل ذلك قوله تعالى: (وَيَقُولُ الَّذِينَ آمَنُوا لَوْلَا نُزِّلَتْ سُورَةٌ فَإِذَا أُنْزِلَتْ سُورَةٌ مُحْكَمَةٌ وَذُكِرَ فِيهَا الْقِتَالُ رَأَيْتَ الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ يَنْظُرُونَ إِلَيْكَ نَظَرَ الْمَغْشِيِّ عَلَيْهِ مِنَ الْمَوْتِ فَأَوْلَى لَهُمْ . طَاعَةٌ وَقَوْلٌ مَعْرُوفٌ فَإِذَا عَزَمَ الْأَمْرُ فَلَوْ صَدَقُوا اللَّهَ لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ . فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ . أُولَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمَى أَبْصَارَهُمْ . أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا . إِنَّ الَّذِينَ ارْتَدُّوا عَلَى أَدْبَارِهِمْ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الْهُدَى الشَّيْطَانُ سَوَّلَ لَهُمْ وَأَمْلَى لَهُمْ . ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا لِلَّذِينَ كَرِهُوا مَا نَزَّلَ اللَّهُ سَنُطِيعُكُمْ فِي بَعْضِ الْأَمْرِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِسْرَارَهُمْ . فَكَيْفَ إِذَا تَوَفَّتْهُمُ الْمَلَائِكَةُ يَضْرِبُونَ وُجُوهَهُمْ وَأَدْبَارَهُمْ . ذَلِكَ بِأَنَّهُمُ اتَّبَعُوا مَا أَسْخَطَ اللَّهَ وَكَرِهُوا رِضْوَانَهُ فَأَحْبَطَ أَعْمَالَهُمْ . أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ أَنْ لَنْ يُخْرِجَ اللَّهُ أَضْغَانَهُمْ . وَلَوْ نَشَاءُ لَأَرَيْنَاكَهُمْ فَلَعَرَفْتَهُمْ بِسِيمَاهُمْ وَلَتَعْرِفَنَّهُمْ فِي لَحْنِ الْقَوْلِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ أَعْمَالَكُمْ . وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ حَتَّى نَعْلَمَ الْمُجَاهِدِينَ مِنْكُمْ وَالصَّابِرِينَ وَنَبْلُوَ أَخْبَارَكُمْ) محمد25-30 ..

 

- فنزول مثل هذه الآيات تكون كالظلمات في نفوس المنافقين .. لأنهم يخافون الفضيحة وانكشاف أمرهم .. وضياع المكاسب التي كانوا ينتفعون بها من وراء إيمانهم المزيف .. فضلا عن القصاص منهم .

 

- والمعنى العام للآيات السابقة من تفسير المنتخب:

- ويقول الذين آمنوا: هلا نزلت سورة تدعونا إلى القتال؟ فإذا نزلت سورة لا تحتمل غير وجوبه، وذكر فيها القتال مأموراً به رأيت الذين فى قلوبهم نفاق ينظرون إليك نظر المغشى عليه من الموت خوفاً منه وكراهية له، فأحق بهم طاعة لله وقول يقره الشرع، فإذا جد الأمر ولزمهم القتال، فلو صدقوا الله فى الإيمان والطاعة لكان خيراً لهم من النفاق، فهل يتوقع منكم - أيها المنافقون - إن توليتم أن تفسدوا فى الأرض وتقطعوا صلاتكم بأقاربكم ؟

 

- أولئك الذين أبعدهم الله عن رحمته، فأصمَّهم عن سماع الحق، وأعمى أبصارهم عن رؤية طريق الهدى.

 

- أعموا فلا يتفهمون هدى القرآن؟ بل على قلوبهم ما يحجبها عن تدبره.

 

- إن الذين ارتدوا إلى ما كانوا عليه من الكفر والضلال من بعد ما ظهر لهم طريق الهداية. الشيطان زيَّن لهم ذلك، ومد لهم فى الآمال الكاذبة.

 

- ذلك الارتداد بأنهم قالوا للذين كرهوا ما نزَّل الله: سنطيعكم فى بعض الأمر، والله يعلم أسرار هؤلاء المنافقين. فهذا حالهم فى حياتهم، أم حين تتوفاهم الملائكة يضربون وجوههم وأدبارهم إذلالاً لهم فهذا ما لا يتصورنه ولن يقدروا على احتماله.

 

- ذلك التوفى الرهيب على تلك الحالة بأنهم اتبعوا الباطل الذى أغضب الله، وكرهوا الحق الذى يرضاه، فأبطل كل ما عملوه.

 

- بل أَظَنَّ هؤلاء الذين فى قلوبهم نفاق أن لن يظهر الله أحقادهم لرسوله وللمؤمنين؟ .

 

- ولو نشاء لدللناك عليهم، فلعرفتهم بعلامات نسمهم بها، وأقسم: لتعرفنهم من أسلوب قولهم، والله يعلم حقيقة أعمالكم جميعاً.

 

-  وأقسم: لنعاملكم معاملة المختبر، حتى نعلم المجاهدين منكم والصابرين فى البأساء والضراء، ونبلوا أخباركم من طاعتكم وعصيانكم فى الجهاد وغيره.

تفسير المنتخب ص753-754.

 

* قلت (خالد صاحب الرسالة):

- فإذا سمعوا مثل هذه الآيات السابقة .. كانت ظلمات لهم في نفوسهم .. مما يسبب يزيد من ظلمتهم النفسية من الخوف والكفر والحقد ومزيد النفاق والشك والإضطراب .. ويزدادوا رجسا إلى رجسهم ..!!

 

- ودليل ما سبق هو قوله تعالى : (وَإِذَا مَا أُنْزِلَتْ سُورَةٌ فَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ أَيُّكُمْ زَادَتْهُ هَذِهِ إِيمَانًا فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا فَزَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَهُمْ يَسْتَبْشِرُونَ . وَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ فَزَادَتْهُمْ رِجْسًا إِلَى رِجْسِهِمْ وَمَاتُوا وَهُمْ كَافِرُونَ . أَوَلَا يَرَوْنَ أَنَّهُمْ يُفْتَنُونَ فِي كُلِّ عَامٍ مَرَّةً أَوْ مَرَّتَيْنِ ثُمَّ لَا يَتُوبُونَ وَلَا هُمْ يَذَّكَّرُونَ . وَإِذَا مَا أُنْزِلَتْ سُورَةٌ نَظَرَ بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ هَلْ يَرَاكُمْ مِنْ أَحَدٍ ثُمَّ انْصَرَفُوا صَرَفَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَا يَفْقَهُونَ) التوبة 124-127

 

- والمعنى العام للآيات السابقة من تفسير المنتخب:

- وإذا ما أنزلت سورة من سور القرآن، وسمعها المنافقون سخروا واستهزأوا، وقال بعضهم لبعض: أيكم زادته هذه السورة إيمانا؟ ولقد رد اللَّه عليهم بأن هناك فرقا بين المنافقين والمؤمنين: فأما المؤمنون الذين أبصروا النور، وعرفوا الحق، فقد زادتهم آيات اللَّه إيمانا، وهم عند نزولها يفرحون ويستبشرون.

 

- وأما المنافقون الذين مرضت قلوبهم وعميت بصائرهم عن الحق فقد زادتهم كفرا إلى كفرهم، وماتوا وهم كافرون.

 

- أو لا يعتبر المنافقون بما يبتليهم اللَّه به فى كل عام مرة أو مرات من ألوان البلاء بكشف أستارهم، وظهور أحوالهم، ونصر المؤمنين، وظهور باطلهم، ثم لا يتوبون عما هم فيه، ولا هم يذكرون ما وقع لهم؟

 

-  وكذلك إذا ما أنزلت سورة، وهم فى مجلس الرسول، تغامزوا، وقال بعضهم لبعض: هل يراكم أحد؟ ثم انصرفت قلوبهم عن متابعته والإيمان به، زادهم اللَّه ضلالا بسبب تماديهم فى الباطل وإعراضهم عن الحق، لأنهم قوم لا يفقهون.

تفسير المنتخب ص282-283

 

* قلت (خالد صاحب الرسالة):

- لذلك جاء القرآن بلفظ المطر (والمراد به القرآن) كوسيلة غياث للمؤمن لأنه يحيي به قلبه ويسعى به في الدنيا .. وفي نفس الوقت كان نفس المطر (القرآن) هو سبب هلاك للمنافق لتعمده الكفر به وإصراره على ذلك .. ولذلك لم يرى من المطر في الليل إلا أنه سبب يعيقه ويضايقه في سعيه في الدنيا ..!!

- والله أعلم .

 ***********************

  ..:: س50: لماذا لم يقل تعالى "أو كظلمات فيها صيب" ؟ ::..

 

* قلت (خالد صاحب الرسالة):

- لأنه أراد أن يثبت أن لهذا الصيب ظلمات مصاحبة له .. بخلاف ظلمة الليل .. ولو كان الكلام (كظلمات فيها صيب) لكنا فهمنا أن الصيب من جملة هذه الظلمات وليست له ظلمات خاصة به .. وإليك تفصيل ذلك من كلام الإمام أبي السعود العمادي رحمه الله .


 * قال الشيخ أبو السعود العمادي رحمه الله (المتوفى: 982هـ):

- (فِيهِ ظلمات) أي أنواع منها وهي ظُلمةُ تكاثُفِه وانتساجِه بتتابع القطر وظلمةُ إظلال ما يلزمه من الغمام الأسحمِ المطبق الآخذ بالآفاق مع ظلمة الليل وجعلُه محلاً لها مع أن بعضها لغيره كظلمتي الغمام والليل لما أنهما جُعلتا من توابع ظلمتِه مبالغةً في شدته وتهويلاً لأمره وإيذاناً بأنه من الشدة والهول بحيث تغمر ظلمتُه ظلماتِ الليل والغمام .

- وهو السر في عدم جعل الظلمات هو الأصلَ المستتبعَ للبواقي مع ظهور ظرفيتها للكل .. إذ لو قيل "أو كظلمات فيها صيب" الخ لما أفاد أن للصيب ظلمةً خاصة به فضلاً عن كونها غالبة على غيرها.

إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم ج1 ص53

 

*************************

 ..:: س51: ما الذي أفاد تنكير الألفاظ (ظلمات ورعد وبرق) ؟    ::..

 * قلت (خالد صاحب الرسالة):

- جاءت الألفاظ بالتنكير للتهويل .. أي تضخيم الأمور مما يبعث في النفس الخوف والتهديد ..

 

* قال الشيخ أبو السعود العمادي رحمه الله (المتوفى: 982هـ):

- (فِيهِ ظُلُماتٌ وَرَعْدٌ وَبَرْقٌ) والتنوين في الكل للتفخيم والتهويل كأنه قيل فيه ظلماتٌ شديدة داجية ورعدٌ قاصفٌ وبرق خاطف .

إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم ج ص53


******************* 

..:: س52: ما المقصود من الرعد والبرق والصواعق في الآية ؟ ::..


* قلت (خالد صاحب الرسالة):

- الرعد في تطبيقه على المنافقين .. يشار به إلى الوعيد والزجر الذي ينزل فيهم وفي أمثالهم .

 

- والبرق في تطبيقه على المنافقين .. يشار به إلى المنافع القليلة التي يختلسونها من وراء إيمانهم المزيف .

 

- الصواعق في تطبيقها على المنافقين .. يشار به إلى ما جاء  في القرآن:

1- من الدعوات المتكررة إلى الجهاد .. ولذلك يقول تعالى عنهم حين سماع الجهاد (فَإِذَا أُنْزِلَتْ سُورَةٌ مُحْكَمَةٌ وَذُكِرَ فِيهَا الْقِتَالُ رَأَيْتَ الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ يَنْظُرُونَ إِلَيْكَ نَظَرَ الْمَغْشِيِّ عَلَيْهِ مِنَ الْمَوْتِ) محمد25 ..

2- أو ما قد يفضحهم كما يقول تعالى : (يَحْذَرُ الْمُنَافِقُونَ أَنْ تُنَزَّلَ عَلَيْهِمْ سُورَةٌ تُنَبِّئُهُمْ بِمَا فِي قُلُوبِهِمْ) التوبة 64 .. وكما قال تعالى (يَحْسَبُونَ كُلَّ صَيْحَةٍ عَلَيْهِمْ) المنافقون4 .

 

- والله أعلم .. وسيأتيك جملة من كلام علمائنا بعد قليل في مطابقة المثل على المنافقين ..

************************


..:: س53: لماذا جاء الترتيب هكذا (ظلمات ورعد وبرق) ؟ ::..

 * قلت (خالد صاحب الرسالة):

- جاء الترتيب هكذا لأن أول ما يستقبل المنافق كلام الله فهو يظن أنه سينزل فيه ما يفضحه .. فكان كالخبر المظلم لنفوسهم .. فإذا لم يجدوا فيه ما يفضحهم فإنه يسوئهم ما يجدونه من كلمات في غير المؤمنين .. حتى إذا وجدوا ما في كلام الله من خير تشبثوا به وقالوا (آمنا) وما هم بمؤمنين ..

- فالترتيب جاء باعتبار استقبال نفوسهم للقرآن .. 

- والله أعلم .

 

***********************
يتبع إن شاء الله تعالى
*****************
والله أعلم
اللهم صل على سيدنا محمد وعلى آله وسلم
هذه الرسالة مصدرها - مدونة الروحانيات فى الاسلام -  ولا يحق لأحد نقل أي موضوع من مواضيع أو كتب أو رسائل المدونة .. إلا بإذن كتابي من صاحب المدونة - ا/ خالد أبوعوف .. ومن ينقل موضوع من المدونة أو جزء منه (من باب مشاركة الخير مع الآخرين) فعليه بالإشارة إلى مصدر الموضوع وكاتبه الحقيقي .. ولا يحق لأحد بالنسخ أو الطباعة إلا بإذن كتابي من الأستاذ / خالد أبوعوف .. صاحب الموضوعات والرسائل العلمية .

هناك 24 تعليقًا:

  1. ماشاء الله لاقوة إلا بالله
    ياممد الوجود بالجود أمدنا بصدق التوحيد وافتح لنا أبواب المزيد بجود منك ياعزيز ياحميد ياالله ياالله ياالله

    ردحذف
  2. *الزعل المستمر واللوم المستمر يُميت لذة كل شيء وإن كان من غير قصد*

    امدحوا حسنات بعضكم وتجاوزوا عن الأخطاء ، فإن الكلام الجميل مثل المفاتيح تفتح به قلوب من حولك .

    تغافل مرة وتغابى مرتين فليس كل شيء يستحق الاهتمام ‎، لا تعطي الأمور أكبر من حجمها ، إن رأيت أمامك حجراً ارمِ به خلفك وتقدم ، إنها ثقافة ومهارة .

    *‏التمسوا لنا الأعذار حينما لا نكون كما عهدتم أن نكون*

    فالنفوس آفاق ووديان ولعل نفوسنا في أودية غير وديانكم ، ولعل صدورنا تحوي مالا نستطيع البوح به .

    *ابتسموا يا غالين وسامحوا يا أحبة*

    اغسلوا قلوبكم من نغزات الشيطان وسوء الظن ، والتمسوا لإخوانكم الأعذار .

    فنحن في أعوام تتساقط فيه الأرواح بلا سابق إنذار ، فاللهم اجعلنا ممن طال عمره وحسن عمله ، فهنيئا لزارعي الخير وحاصدي الخير والقائمين على الخير ومحسني الظن والناطقين بالخير والخارجين من هذه الحياة بحسن المعشر وطيب الذكر .

    *انشروا التسامح والمحبة*
    *فهذه الدنيا فانية*

    ردحذف
    الردود
    1. طيّب الله قلبك بهذا التذكير الطيّب يا مجد
      نفع الله به وبك اينما حللت .. آمين

      حذف
    2. آمين يارب
      ميرسي قطر الندى

      حذف
    3. ماشا الله مجد عجبني جدا ما نقلت
      اللهم اجعلنا ممن حسن عمله اميين
      كل سنه و انت طيب و دايما بخير

      حذف
    4. آمين يارب
      ميرسي مروة علي

      حذف
  3. كاننا نستشعر من خلال الايه الكريمه ان الله يعطينا وصف لما يهو واقع حال نفوس اولائك المنافقين ويضرب لنا مثلا من خلال ماخلق بكل شيئ ليفهمنا ان الانسان ضعيف امام عظمه هذا الخالق المبدع المصور لكل شيئ ولذا لاتوجد لنا اي ذره حجه على الله لاستبيان واضاح الحقيقه من طرفه اليا هو الخالق نحن مجرد مخلوقات مااحوجنا اليه لكن تخدعنا انفسنا فنمظي اليها نبتعد عنه لكن متى ماشاء وقت ماشاء هدانا اليه

    رحمتك غفرانك يامن هو عفو يحب العفو فاعفو عنا

    جزاك الله بما يراه هو انك حق به كرم منه عليك

    ردحذف
  4. زادكم الله نورا وعلما وفهما أستاذي الحبيب خالد، وبارك فيكم ولكم وعليكم، وجعلكم في أعلى مقامات الصدّيقيّىة، ومتّعكم بدوام الوصال مع الحضرة النبويّة، اللهم آمين آمين آمين يا ربّ العالمين.

    ردحذف
  5. ما أجملها من ساعة تروّح بها قلوبنا بسياحاتك القرآنية ..
    زادك الله من بركات وأنوار كلامه الجليل .. وجعله في قلبك ربيعاً مزهراً يانعاً غدقاً في كل وقت وحين .. آمين ياارب العالمين

    اللهم صلّ على سيدنا محمد النبيِّ الأميّ سبب كل خير وهدي ومدد عدد كل خير وهدي ومدد وعلى آله وسلم

    ردحذف
  6. ما شاء الله
    اللهم زد و بارك في علمكم أستاذ
    *******************
    اللهم صل على سيدنا محمد النبي الأمي و على آله وسلم

    ردحذف
  7. ✍🏻🌸💐🌸✍🏻
    منقول

    💫 *الدين المعاملة* 💫

    العبادة ليس تأدية الفرائض فقط. وهذه الأشياء أيضا عبادة :

    *أنت في عبادة ..*
    عندما تساعد الاخرين

    *أنت في عبادة ..*
    عندما تطعم الـمسكين

    *أنت في عبادة ..*
    عندما تصل أرحامك وتبرّ الوالدين

    *أنت في عبادة ..*
    عندما تؤدي الأمانة وحقوق الآخرين

    *أنت في عبادة ..*
    عندما تكف لسانك عن الكلام البذيء

    *أنت في عبادة ..*
    عندما تبتسم في وجوه الناس ..

    *أنت في عبادة ..*
    عندما تكون لطيفاً في تعاملك مع أهلك

    *أنت في عبادة ..*
    عندما تكتم غيظك

    *أنت في عبادة ..*
    عندما تكون سمحاً في بيعك وشرائك

    *أنت في عبادة ..*
    عندما ترفض الرشوة

    *أنت في عبادة ..*
    عندما تحتاط من الخلوة

    *أنت في عبادة ..*
    عندما تغض بصرك

    *أنت في عبادة ..*
    عندما تكون حليماً صبوراً

    *أنت في عبادة ..*
    عندما تكون متواضعاً

    *أنت في عبادة ..*
    عندما تكون صادقاً

    *أنت في عبادة ..*
    عندما تكون نظيفاً في بيتك
    ومكان عملك وشارعك ..
    وإذا كنت موظفاً مسؤولاً ..
    فأنت في عبادة عظيمة ..
    عندما تُصلح وتُتقن وتُحسن ..

    👈هذه العبادات التعاملية هي التي تجعل الآخرين يدخلون في دين الله أفواجاً كما دخلوه ايام كنِّا مسلمين حقاً..

    *الدين المعاملة*

    ردحذف
  8. أزال المؤلف هذا التعليق.

    ردحذف
  9. هناك حرب تشن على بني آدم من قبل قوات جنود إبليس
    ( حزب الشيطان ) شياطين الإنس والجن....
    ...
    طيب ما اسم هذه الحرب يامجد؟
    إسمها حرب صناعة التعاسة والكآبة والخوف والقلق والحالة النفسية السيئة!!
    طيب
    نحن نريد ننجو من هذه الحرب يامجد. فكيف نعمل؟
    الجواب
    لا تشاهدوا التلفاز والأخبار. وكمان. لا تشاهدوا البرامج والمسلسلات.
    بمعنى آخر امنعوا دخول التلفاز للبيوت.
    انا أطالب علماء الإسلام بإصدار فتوى تحرم إدخال التلفاز للبيوت.
    ...
    إلى اللقاء
    البدر محمد صلوا عليه

    ردحذف
    الردود
    1. دخيلك يا مجد على مهلك هههههه استنى لحتى يخلص رمضان ونختم حلقات (( أدب يا هو )) .. 🤗

      حذف
    2. والله فعلا بصدق التلفاز مش تمام تدمير لكل شيء وتدمير لنفسية وروحية الإنسان.
      نفسية الإنسان = قلق توتر خوف أعصاب متدهورة إزعاج.
      روحية الإنسان = أخلاق. آداب. قيم. مدمرة ( نقض عرى الإسلام )
      تفكيك المسامير والمداميك والسكاريب والبراغل التي تشد عرى ومواثيق الدين.
      ..
      عاوزين يذهبوا بنا إلى الإلحاد. ..

      حذف
    3. بعد التحية لك أخي مجد و للجميع
      إسمح لي بهذا التدخل ، ألا ترى معي أن المشكل ليس في التلفاز و إنما في الشخص الذي يشاهد التلفاز فلديه جهاز التحكم remote control نسميها أو telecommande و له حرية الإختيار ، فالتلفاز و الانترنت و الحاسوب و الهاتف وو... لها مالها و عليها ما عليها ، إيجابيات و سلبيات ، على فكرة أخي مجد موضوعك على التلفاز جاء بفائدة حيث اكتشفنا برنامج تتابعه الاخت قطرالندى ولم تخبرنا عنه هههه " ادب ياهو " و بحث عنه و أعجبني .
      بيني و بينك أخي مجد لا أستطيع الاستغناء عن التلفاز ههه
      تقبل مروري و تحياتي

      حذف
    4. ياحسن المغربي
      الإعلام خطير يهد ويحطم بكل شيء ....

      تحياتي لك

      حذف
    5. أزال المؤلف هذا التعليق.

      حذف
  10. جزا الله استاذنا خالد عنا خيرا وجعلناالله واياكم من المقبلوين

    ردحذف
    الردود
    1. آمين آمين آمين ياارب العالمين
      اهلا بك يا اخ عبد الواحد
      واكرمك الله على مرورك الطيّب

      حذف
  11. جزاك الله عنا بما هو اهله استاذنا

    وربنا يوفقك ويعينك بحوله وقوته ويحفظك ويبارك لنا في عمرك
    ويكرمنا بخدمتكم ويغفر لنا ويرزقنا الصدق والإخلاص
    اللهم صل علي سيدنا محمد النبي الامي و علي اله و صحبه و سلم

    ردحذف
  12. غير معرف13/5/20 11:44 م

    السلام عليكم ورحمه الله وبركاته اريد من حضرتك أخذ الأذكار السبعه.
    وفقنا ووفقكم الله لما يحب ويرضي

    ردحذف
    الردود
    1. وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
      اهلا بك اخي الفاضل خالد
      يسعدنا انضمامك لكوكبة السائرين في طريق الايمان ..نور الله قلبك وامدك بمدده .. آمين ..

      من فضلك تفقد ايميلك فقد تم مراسلتك
      وبالله التوفيق

      حذف
  13. السلام عليك استاذنا الكريم اكرمك الله كما اكرمتنا من هذه المائدة الفرانية. وما تقربه لنا من معان تشتت بالاضطلاع على كتب التفاسير بدون تركيز. وأتمنى ان اوفق في التعبير هذه المرة .واقبلوا عذري سيدي فلم يسبق لي الكتابة في هذه المعاني المقدسة ولم اجد من يتيح المجال في ذلك .
    بسم الله وبه استعين بالنسبة للمثل الثاني او ما يسميه بعض العلماء بالمثل المائي فماجال بخاطري بخصوص "او" و "كصيب"
    فالاشارة فيهما والله اعلم. ان او جاءت للتفصيل بين فئتين من المنافقين الأولى "استوقدت" طلبت الحق فوجدته "اضاءت" ولكنها تنكرت له و انشغلت بما "حوله" او استغلته في غير وجه الحق فسلبوا نور الهداية تماما واولوا الى ما ما تولوااليه. والفئة الثانية لم تطلبه ولكن نور الحق "الصيب" نازل قهرا لكن لمرض قلوبهم لم ينتفعوا به. اذا اضاء لهم قبس من نور هداية مشوا فيه واذا اظلم عليهم لضعف استقبالهم توقفوا لا الى هؤلاء ولا الى هؤلاء وكان الفئة الأولى احبار اهل الكتاب الذين طلبوا الحق فلما جاءهم "نبذ فريق منهم كتاب الله وراء ظهورهم..." والفئة الثانية عوام اهل الكتاب والاتباع منهم رغم تلمسهم الحق فيما نزل على سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم "..قالوا نومن بما انزل الينا.. وقس على ذلك كل من طلب بالحق غير الحق واتباعهم. و والله اعلم .
    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته .
    وصلى الله على سيدنا محمد النبي الامي وعلى اله.

    ردحذف

ادارة الموقع - ا/ خالد ابوعوف