الروحانيات فى الإسلام: الرضا .. والطريق الى الله

بحث في المدونة من خلال جوجل

الخميس، 12 ديسمبر 2013

الرضا .. والطريق الى الله

بسم الله الرحمن الرحيم

الرضا .. والطريق الى الله

الرضا هو احد المقامات العالية التى يسعى الانسان إليها للوصول الى معية الله تعالى ورضوانه .. وهى من المطالب النفيسة جدا فى النفس البشرية .. لأنها تتطلب قناعة وكفاية وموافقة على ما كتبه الله لك وقدره عليك .. 
وهى حلاوة يتذوقها الانسان كلما هاجت عليه أمواج البلاء فيقابلها بالتسليم لقضاء الله .. بل هذا المقام من مقامات الإيمان بالله العظمى .. ولذلك يقول سيدنا ومولانا محمد صلى الله عليه وسلم " ذاق طعم الإيمان من رضى بالله ربا وبالإسلام دينا وبمحمد نبيا ورسولا "
إذن لن يتذوق الانسان من حلاوة الإيمان إلا بالرضا عن الله وشريعته ورسوله .. (وسنشرح ذلك لاحقا )

بداية : نشرح معنى كلمة الرضا ..
- رضِي بحكم الله : سلَّم واقتنع ، - رضِي بما آتاه اللهُ : قنَع .
- رضِي من العيش ما يستره "? رضِي بالكَفَاف     المعجم: اللغة العربية المعاصر

 "طَلَبَ رِضاهُ " : مُوافَقَتَهُ ، اِسْتِحْسانَهُ .
" رِضا النَّفْسِ " : اِطْمِئْنانُ النّفْسِ
" نَظَرَ إِلَيْهِ بِعَيْنِ الرِّضا " : بِالقَبولِ وَالاسْتِحْسانِ . 
"عَنْ رِضىً " : بِطيبِ خاطِرٍ ، أَيْ تَعْبيرٌ عَنِ الْمُوافقَةِ والارْتِياحِ .      المعجم: الغني

رِضا 
اسم علم مذكر ومؤنث عربي ، 
معناه : القناعة ، القبول بالمكتوب ، الاطمئنان       المعجم: معاني الاسماء

هذه هى المعانى المحيطة بمعنى كلمة الرضا .. وهى تشمل فى مجملها ( التسليم والموافقة والقناعة والكفاية بما قضاه الله وقدره ) 
ويترتب على ذلك ظهور الايمان وتذوق حلاوته فى النفس وبزوغ شمس الطمأنينة فى الإنسان بأن كل شيئ هو المقسوم له من الله وإن كل مقدور له هو الخير لأن المريد لذلك هو الله ..، والله لا يأتى إلا بالخير .

ولعل كلمة الرضا مأخوذة من كلمة (ر ضّ ) بالشدة على حرف الضاد التى هى الضرب بقوة او الكسر او ما شابة وكما ذكر فى المعجم الرائد
رضّ - يرضّ ، رضّا 
 - رض الشيء : دقه وطحنه طحنا خشنا    - المعجم: الرائد

فكأن الإنسان يتعرض الى أنواع البلاء والمحن ، وأصعب الظروف التى تمر عليه .. أى يرضّ رضّا .. أى تخبطه الظروف والابتلاءات حتى يرضى ..
فالرضا لا يأتى إلا عن اختبارات وظروف صعبة تمر على الانسان يختبر فيها إيمانه الحقيقى .. وكما يقول ربنا فى بدايات سورة العنكبوت الم{1} أَحَسِبَ النَّاسُ أَن يُتْرَكُوا أَن يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ{2} وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ{3} أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ أَن يَسْبِقُونَا سَاء مَا يَحْكُمُونَ{4} مَن كَانَ يَرْجُو لِقَاء اللَّهِ فَإِنَّ أَجَلَ اللَّهِ لَآتٍ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ{5} وَمَن جَاهَدَ فَإِنَّمَا يُجَاهِدُ لِنَفْسِهِ إِنَّ اللَّهَ لَغَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ{6} وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَنُكَفِّرَنَّ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَحْسَنَ الَّذِي كَانُوا يَعْمَلُونَ{7} )

فبعد الاختبار ومجاهدة النفس يكون تكفير السيئات والجزاء يالإحسان من الله تبارك وتعالى  .. رجاء تأمل الآيات السابقة حتى تفهم متى يأتيك العطاء الربانى .. وأن السماء لا تعطى إلا لمن يجتهد فى رضا الله ويجاهد شهوات نفسه .. 

والرضا أنواع 

الرضا عن الله : هو أن يرض العبد عن قضاء الله وقدره ، ويرضى عن أوامره فيطيعه فيها ، ويرضى عن شريعته بالعمل بها ، ويرضى عن كله ما ارتضاه الله لنا .. فذلك هو الرضا عن الله .. أى قبول كل ما أراده الله منا بالتسليم والموافقة والقبول والعمل بما طلبه منا ..

الرضا من الله : أن يرضى الله عن العبد .. وذلك بقبول أعمال العبد وحب العبد ، وأن يجازية بالإحسان العظيم كما يليق بجلال الله تعالى  ما قال تعالى (  وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَنُكَفِّرَنَّ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَحْسَنَ الَّذِي كَانُوا يَعْمَلُونَ{7} )..  
وكما يقال : ينظر الله بعين الرضا الى العبد .. أى بقبول الأعمال واستحسانها 

فيجب أن ترضى عن الله حتى يرضى الله عنك .. فافهم

درجات الرضا

كل مقام وحال مع الله له درجات .. فيجب ان تفهم ذلك جيدا .. فكل إنسان له درجة من كل مقام .. فقد تجد إنسان يزيد عنده حال الكرم ويقل عنده حال الرضا .. و قد يزيد عند انسان حال الزهد ويقل الحلم ، وهكذا ..
ولكن الانسان ينظر الى الصفات الضعيفة فيه ويحاول أن يقويها ..

عموما لا تكن ساذجا وتقول أننى راضي .. لا .. بل أنت على درجة من درجات الرضا .. إلا إن كنت فى مكانة النفس المطمئنة وهى التى لا يزعجها أى حدث دنيوى مهما كان .. 

كيف يحصل الإنسان على الرضا ؟

لا يكون إلا بمجاهدة النفس على قبول القضاء والقدر بالتسليم لهذا القضاء والقدر ..و ليس بالتذمر والسخط 
ولا يكون الرضا إلا بالصبر وتفويض الأمر لله تبارك وتعالى ، ولذلك قيل أنه نهاية مقام التوكل أى تفويض الأمر لله .. والله أعلم
وعموما الطريق الى الرضا  يكون بالإيمان والعمل الصالح والخوف من الله .. قال تعالى  ( إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أُوْلَئِكَ هُمْ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ{7} جَزَاؤُهُمْ عِندَ رَبِّهِمْ جَنَّاتُ عَدْنٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَداً رَّضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ ذَلِكَ لِمَنْ خَشِيَ رَبَّهُ{8} )

الفرق بين الرضا والصبر ..

الصبر : معناه حبس النفس على ما تكره .. ولا يكون إلا عن كراهية .. يعنى أنت تصبر ولكن فى صدرك ضيق من هذا الابتلاء وغالبا يكون من قلة حيلة للانسان فى دفع هذا الأذى
اما الرضا : فأنت تسلم الأمور جميعها لله عن طيب خاطر وقناعة ولا تشعر بمضض أو ضيق فى نفسك من هذا الابتلاء

ملحوظة : وقد يصاحب الصبر الرضا .. وذلك عندما يكون الصبر على الأذى والرضا بأن هذا قضاء الله وقدره .. فيكون اجتمع لك الفضل كله 

وكلاهما مقام كريم عند الله

هل الرضا بالقضاء والقدر يمنعنا من استرداد الحقوق ؟

قطعا لا ، .. لأن من الرضا هو ان ترضى بقضاء الله وقدره .. ومن جملة القضاء والقدر هو العمل بشريعة الله تبارك وتعالى .. والله يأمرنا بأخذ حقوقنا أو التنازل عنها برضا .. وبرد الحقوق للغير أيضا .. 
فالرضا يشمل العمل بكامل الشريعة وليس التهاون فى الحقوق والإلتزامات .. فافهم هذا جيدا .
ولكن شرط الرضا هو السعى الى أخذ حقى مع الرضا القلبي بأن هذا الامر هو من قضاء الله وقدره .. وأننى راض بكل نا سيعود إليه من هذا الأمر .. أى أن الرضا فى القلب يكون مصاحبا لك فى كل خطواتك .

من رضى عنهم الله تبارك وتعالى من أمة محمد صلى الله عليه وسلم

 {لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ فَعَلِمَ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَنزَلَ السَّكِينَةَ عَلَيْهِمْ وَأَثَابَهُمْ فَتْحاً قَرِيباً }الفتح18

 {وَالسَّابِقُونَ الأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالأَنصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُم بِإِحْسَانٍ رَّضِيَ اللّهُ عَنْهُمْ وَرَضُواْ عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَداً ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ }التوبة100

من ذكرهم الله تعالى بهذا الوصف من الانبياء فى القران

 سيدنا يحيى {يَرِثُنِي وَيَرِثُ مِنْ آلِ يَعْقُوبَ وَاجْعَلْهُ رَبِّ رَضِيّاً }مريم6
سيدنا ابراهيم {وَكَانَ يَأْمُرُ أَهْلَهُ بِالصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ وَكَانَ عِندَ رَبِّهِ مَرْضِيّاً }مريم55

هذا وكل الانبياء راضون بقضاء الله ومرضيا عنهم من الله .. لأنهم من خير البرية .. قال تعالى ( إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أُوْلَئِكَ هُمْ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ{7} جَزَاؤُهُمْ عِندَ رَبِّهِمْ جَنَّاتُ عَدْنٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَداً رَّضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ ذَلِكَ لِمَنْ خَشِيَ رَبَّهُ{8} )

جعلنا الله وإياكم من الراضين عن الله والمرضى عنهم من الله .. آمين

والله أعلم
اللهم صل على سيدنا محمد وعلى آله وسلم









هناك 8 تعليقات:

  1. ربنا يعفو عنك ويصبرك ويرضيك انت وانا والمسلمين جميعا

    ردحذف
  2. غير معرف10/3/15 6:20 م

    ربنا يراضيك

    ردحذف
  3. ياالله الرضا ياالله الرضا * يارب العفو عما مضى

    ردحذف
  4. ياالله الرضا ياالله الرضا * يارب العفو عما مضى
    أيها المهموم ايها المحروم هذا لايدوم فأرجع الى الله

    ياالله الرضا ياالله الرضا * يارب العفو عما مضى
    أيها العاصي للمولى ناسي لاتكن قاسي وأرجع الى الله

    ياالله الرضا ياالله الرضا * يارب العفو عما مضى

    ردحذف
  5. رضي الله عنك وأرضاك أستاذنا الفاضل

    قيل ليحيى بن معاذ رحمه الله :
    متى يبلغ العبد إلى مقام الرضا ؟
    فقال : إذا أقام نفسه على أربعة أصول فيما يعامل به ربه ، فيقول :
    -إن أعطيتني قبلت ،
    -وإن منعتني رضيت ،
    -وإن تركتني عبدت ،
    -وإن دعوتني أجبت.

    ردحذف
  6. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم"ارضَ بما قسم الله لك تكن أغنى الناس".
    وكان يدعو ربه فيقول: "اللهم قنعني بما رزقتني، وبارك لي فيه، واخلف على كل غائبة لي بخير".
    والقانع بما رزقه الله تعالى يكون هادئ النفس، قرير العين، مرتاح البال، فهو لا يتطلع إلى ما عند الآخرين، ولا يشتهي ما ليس تحت يديه، فيكون محبوبًا عند الله وعند الناس، ويصدق فيه قول الرسول صلى الله عليه وسلم: "ازهد في الدنيا يحبك الله، وازهد فيما عند الناس يحبك الناس".
    إن العبد لن يبلغ درجة الشاكرين إلاَّ إذا قنع بما رزق، وقد دل على هذا المعنى قول النبي صلى الله عليه وسلم لأبي هريرة رضي الله عنه: "يا أبا هريرة! كن ورعًا تكن أعبد الناس، وكن قنعًا تكن أشكر الناس، وأحب للناس ما تحب لنفسك تكن مؤمنًا.."

    ** يقول الإمام الشافعي رحمه الله:
    رأيت القناعة رأس الغنى فصرتُ بأذيالها مُتمسكْ
    فلا ذا يراني على بابه ولا ذا يراني به منهمكْ
    فصرتُ غنيًّا بلا درهم أمرٌ على الناس شبه الملكْ

    ** واخيرا
    لاتفكر في المفقود حتى لاتفقد الموجود ...
    ((( ما ذاق طعم الغنى من لا قنوع له ولن ترى قانعا ما عاش مفتقرا )))

    اللهم ارزقنا القناعة والرضا بما قسمت لنا
    منقول للامانة
    *******
    اللهم صل على سيدنا محمد النبي الأمي وعلى آله وسلم

    ردحذف
  7. هل تعلم ما هو الرضا؟
    الرضا..ان تقول يارب انت حبيبي فافعل بى ما شئت ..فانى أثق بك ثقة كاملة
    الرضا..ان تقول كيف لى أن أحزن ياالله..وأنت ربي ومولاى
    الرضا..أن تقول كيف لى أن أعترض ورب الخير لا ياتى الا بالخير
    الرضا ..أن أقول الحمد لله ..أتالم لان ربي يريدنى أن أتعلم..ولكنى من داخلى راضية ياالله
    الرضا ..أن الله عزوجل يقول..تشاء ياعبدى وأشاء.. فاذا رضيت بما أشاء..أعطيتك ما تشاء
    الله الله ربي لا اشرك به ابدا ..الله حبيبي..الله نصيري..الله وكيلي..الله ملجائ..الله حبيبي
    الرضا..أن تقول كل ما ياتى منك جميل ياالله ..فيكفينى شرفا وعزا ..انك أنت ربي وحبيبي ..من لى سواك ياربي..أنت رب العالمين
    الرضا..جنة الدنيا
    من يطلب الخير ..يلتمس الرضا ..ومن يطلب الشر..فالشر ياتيه..
    الحمد لله عدد ماكان..الحمد لله عدد ما يكون ..الحمد لله عدد الحركات والسكون ..ولا حول ولا قوة الا بالله العلي العظيم

    ردحذف
  8. الرضا:

    والرضا من ثمرات المعرفة بالله، فمن عرف الله بعدله وحكمه وحكمته ولطفه
    ↩️أثمر ذلك في قلبه الرضا بحكم الله وقدره في شرعه وكونه

    فلا يتعرض على أمره ونهيه ولا على قضائه وقدره،
    بل تراه: (قد يجري في ضمن القضاء مرارات يجد بعض طعمها الراضي،
    أما العارف فتقل عنده المرارات لقوة حلاوة المعرفة،
    فإذا ترقى بالمعرفة إلى المحبة صارت مرارة الأقدار حلاوة

    وقد كان من سؤال الحبيب صلى الله عليه وسلم:
    ((أسألك الرضا بعد القضاء)) .

    وإنما يرضى المؤمن العارف بأسماء الله وصفاته بحكم الله وقضائه؛
    ↩️لأنه يعلم أن تدبير الله له خير من تدبيره لنفسه،
    وأنه تعالى أعلم بمصلحته من نفسه،
    وأرحم به من نفسه، وأبر به من نفسه،
    ولذا تراه يرضى ويسلم،

    بل إنه يرى أن هذه الأحكام القدرية الكونية أو الشرعية إنما هي رحمة وحكمة،

    وحينئذ لا تراه يعترض على شيء منها،

    بل لسان حاله:
    رضيت بالله ربا، وبالإسلام دينا، وبمحمد صلى الله عليه وسلم رسولا،
    ⤴️وذلك والله محض الإيمان.

    ردحذف

ادارة الموقع - ا/ خالد ابوعوف