الروحانيات فى الإسلام: ما معنى الطريق الى الله ؟ حقا وخلقا ؟

بحث في المدونة من خلال جوجل

الأربعاء، 18 يناير 2012

Textual description of firstImageUrl

ما معنى الطريق الى الله ؟ حقا وخلقا ؟

بسم الله الرحمن الرحيم


ما هو معنى الطريق الى الله ؟
 
ما هو معنى الطريق إلى الله


- بعض من المؤمنين ترجو أن تسلك الطريق الى الله تبارك وتعالى ولكن لا يعرفون كيف يسيرون بخطى صحيحة .. لأنهم لم يسألوا أنفسهم ما المقصود بالطريق إلى الله وطرق تحقيق ذلك ..!!

- ولذلك من الغريب حينما تسألهم عن مفهومه عن طريق الله .. فهو يحتار فى الرد ويبحث عن معانى يجيب بها .. وغالبا يظنه طريق الأولياء ويربطونه بطرق التصوف .. وكأنه مخصص لهم .. وهذا شيء غريب .. لأنه لا يوجد صفيُّ (القلب) وسلفي (المنهج) .. إلا هو يعلم أن الطريق إلى الله هو اتباع النبي ظاهرا وباطنا ..!! 

- عموما نبحث فى هذه المقالة البسيطة ما هو المقصود والمراد .. وبالله التوفيق ..
 ********************

أولا : ما هو الطريق ؟
 
هو المسار الذى يسير عليه الانسان للوصول الى مبتغاه


 ********************

ثانيا : ما هو الطريق الى الله تعالى ؟
 
#- يمكن أن اصفه فأقول:" هو عمل بالكتاب والسنة يورث فى القلب حال نبوى شريف "
 
#- أو تقول: " هو عمل بالكتاب والسنة يورث سلامة القلب "
 
#- وكلا من التعريفين: "وهو اجتهاد شخصى مني " .. نجد فيه العمل بالكتاب والسنة .. وهذا التعريف يحتاج لبيان .. في السطور القادمة .
 ********************

# ولكن ما معنى يورث فى القلب حال نبوي شريف #
 
1- هو أن تشرق فيك وعليك من أنوار الله .. ببركة اتباع النبي صلى الله عليه وسلم والتي منها تجلي الله عليك بمحبته وغفران الذنوب .. واقرأ قوله تعالى: (قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ) آل عمران: 31.
 
2- وتظهر فيك من أنوار علم الحق فتكون على بصيرة بالحق لتعمل به .. إذ يقول تعالى: (وَاتَّقُوا اللَّهَ وَيُعَلِّمُكُمُ اللَّهُ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ) البقرة:282..
 
#- ونفهم من هذه الآية .. أنه بقدر إلتزامك بتقوى الله ستجد مدد الله لك في تأييدك بالحق في كل أحوالك طالما أنت متبع لله ورسوله .. وذلك يظهر بوضوح في الحديث القدسي إذ قال النبي صلى الله عليه وسلم عن ربه أنه قال: (مَن عادَى لي وَلِيًّا فقَدْ آذَنْتُهُ بالحَرْبِ، وما تَقَرَّبَ إلَيَّ عَبْدِي بشَيءٍ أحَبَّ إلَيَّ ممَّا افْتَرَضْتُ عليه، وما يَزالُ عَبْدِي يَتَقَرَّبُ إلَيَّ بالنَّوافِلِ حتَّى أُحِبَّهُ، فإذا أحْبَبْتُهُ، كُنْتُ سَمْعَهُ الَّذي يَسْمَعُ به، وبَصَرَهُ الَّذي يُبْصِرُ به، ويَدَهُ الَّتي يَبْطِشُ بها، ورِجْلَهُ الَّتي يَمْشِي بها، وإنْ سَأَلَنِي لَأُعْطِيَنَّهُ، ولَئِنِ اسْتَعاذَنِي لَأُعِيذَنَّهُ) صحيح البخاري.
 
- وأبسط نموذج على ذلك قوله تعالى: (وَلَقَدْ آتَيْنَا لُقْمَانَ الْحِكْمَةَ) لقمان:12 ..، وقوله في الخضر: (آتَيْنَاهُ رَحْمَةً مِنْ عِنْدِنَا وَعَلَّمْنَاهُ مِنْ لَدُنَّا عِلْمًا) الكهف:65.
 
- ولعل من أجل ما سبق .. نجد مقولة يتداولها بعض العارفين من أهل الحكمة إذ يقول: "من عمِلَ بما علِم أورثه الله علمَ ما لم يعلَم" .. وهذا ليس حديث نبوي .. وإنما هو نوع من مقولات أهل الحكمة فظن البعض أنه حديث نبوي من كثرة تداوله ..!! فانتبه .
 
3- وكذلك البصيرة بالحق تأتي من اتباع الحق .. وفي ذلك يقول تعالى لنبيه لتفهيم أمته: (قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي) يوسف:108 .. أي يخبر النبي من يدعوهم للإيمان بالله أن الدعوة إلى الله والإيمان به إنما هي عن بصيرة لأنها عن وحي صادق من الله وهو الحق وكذلك من يؤمنون فهم على بصيرة إيمانية حقا لأنهم يتبعون الحق .
 
4- ولا يظهر عليك حال إيماني صحيح إلا باتباع النبي صلى الله عليه وسلم .. إذ يقول تعالى: (لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا) الاحزاب:21 ..، ويقول تعالى: (وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ (52) صِرَاطِ اللَّهِ الَّذِي لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ أَلَا إِلَى اللَّهِ تَصِيرُ الْأُمُورُ) الشورى 52-53.
  
#- وخلاصة ما سبق:
- هو أن الذى يعمل بعمل النبي صلى الله عليه وسلم .. يرث من حال النبي الاخلاق النبوية الشريفة التى تفتح عليه بخير الدنيا والاخرة .. ويكفيه أن أعظم فتح ونور سيكتسبه هو محبة الله وغفران الذنوب .. فمن اتبع الرسول فهو بالله موصول بالمحبة وبغفران الذنوب .. فاتبع يا مؤمن وأبشر بكرامة الله وأنواره عليك ولا تشك أبدا ..
 
- والصحابة رضوان الله عليهم .. ما كانوا ليعرفوا الا بظهور الآثار النبوية عليهم وهى اتباع خُلُقه صلى الله عليه وسلم .. فكانوا أصحاب المكانة العليا وكذلك من صدق في الإتباع .. إذ يقول تعالى: (وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ ) التوبة:109.
 ********************

:: إذن تذكر جزاء من يتبع النبي صلى الله عليه وسلم ::
 
- يقول تبارك وتعالى (قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ) آل عمران: 31..
 
- إذن المحبة والغفران جزاء العمل بالاخلاق النبوية الشريفة 
 
- ولكن هل الأخلاق النبوية هى الذقن والجلباب .. لا .. فهذه تسمى هيئة ولا ننكرها .. ولكن أين الأخلاق والمعاملات ؟!!
 ********************

# اتباع النبي له وجهان #
 
1- وجه مع الحق ( تبتغى فيه وجه الله ) ظاهرا وباطنا ..
أ- فتفعل ما أمرك الله به من طاعات في ظاهرك ..، وفي باطنك مخلصا في فعل الطاعات ولا تريد من ورائها رياء وشهرة ونفاقا مع التوكل على الله والرضا بما قسمه الله لك واليقين بما قد علمته من كلام الله ورسوله وأنه الحق ..
 
ب- وتبتعد عما نهاك الله عنه فلا تقترب ظاهرا من فعل الحرام ..وتجاهد باطنك أي نفسك الأمارة بالسوء فلا تسمح لها قدر استطاعتك بأن تغلبك وامنعها قدر استطاعتك من شر الباطن وهو استحلال الكذب والرياء والنفاق والغل والحسد وما شابه ذلك ..
 
2- وجه مع الخلق ( تبتغى فيه وجه الله ) ظاهرا وباطنا..
أ- فتفعل مع خلق ربنا بالإحسان إليهم في ظاهرك ..، وفي باطنك انت ترجو الله من وراء اعمالك وليس تطلب الشهرة والرياء ..
 
ب- وتبتعد عن إساءة الخلق في ظاهرك .. وفي باطنك تجاهد نفسك عن إساءة الظن بهم والشك فيهم واتهامهم وما شابه ذلك طالما لا يوجد يقين لديك يستوجب ذلك .
 ********************

#- فكن أخي الحبيب مع الله ظاهرا وباطنا قدر استطاعتك #
 
- وإن غلبتك نفسك .. فهذا طبيعي ولا تحزن .. بل قف أمام الله واستغفر وارجع إليه .. وهكذا تستمر مجاهدة النفس بين انتصار وخسارة حتى تبدأ نفسك تعلو بمدد من الله فتكون انتصاراتك أعلى من خسائرك .. وتترك ما كنت تفعل من باطل ويغلب عليك حب حال أهل الحق .. فتعلم حينئذ أنك مؤيد من الله .. واحذر أن تتهم أحد في حاله مع الله .. لأن الله أعلم بحال عباده .. وإذا وجدت من هو على معصية .. فارجو له الله ان يعينه على ترك معصيته ويكرمه بطاعته .. فلعل دعوتك تصيبه ولك من الأجر والكرامة من الله ما لا يعلمه إلا الله ..
 
- فأعن الناس بدعواتك بدلا من أن تلعنهم بلسانك ..!! فلعلك يوما ما تحتاج لمن يعينك على بلاء انت فيه فيسخر الله لك من يدعو لك بظهر الغيب فيكون سببا لرفع البلاء عنك .. فيكون جزاء الإحسان منك في معاملاتك هو الإحسان إليك في ابتلاءك .. والبر لا ينس وكما تدين تدان .
 ********************

# ولكل عمل مع الله ظاهر وباطن #
 

- إذن فمن يدعي اتباع النبى فعليه اتباع النبي ظاهرا وباطنا .. وليس الإتباع في ظاهر الهيئة .. لا .. فهذا ما أسهله وكان المنافقين يفعلونه ويقلدون أهل الإيمان .. ولكن المؤمن الصادق هو من يتبع النبي في ظاهره وباطنه .. ولكن من يتبع شكل النبي في ظاهر أفعاله فقط فهذا أمره إلى الله لأن البواطن لا يعلمها إلا الله ..

- ولكن اعلم أخي الحبيب .. أن الله جعل لبعض خلقه عيونا وأسماعا في قلوبهم يدركون بها أهل الباطل مهما اختبئوا بظاهر أفعالهم ليزكوا أنفسهم على الله وعلى الناس ..!!

 

- وحسبك دليلا على ما سبق من معرفة البعض بشيء من الحقائق .. هو الحديث القدسي الذي جاء فيه (فإذا أحْبَبْتُهُ، كُنْتُ سَمْعَهُ الَّذي يَسْمَعُ به، وبَصَرَهُ الَّذي يُبْصِرُ به) صحيح البخاري .. وقد ذكرت هذا الحديث منذ قليل.

 ********************

# لن تكون كالنبي ولكن اجتهد قدر استطاعتك #
 
- كل إنسان ميسر لما خلق له .. فاجتهد قدر المستطاع .. ألم تسمع الله تبارك وتعالى يقول: (فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ وَاسْمَعُوا وَأَطِيعُوا وَأَنفِقُوا خَيْراً لِّأَنفُسِكُمْ) التغابن:16.
 
- وهذه الآيه قيل أنها ناسخه لقول الحق (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ) آل عمران102.
 
معنى " أنها ناسخه" : يعنى تغير الحكم إليها بعد أن كان هناك حكم آخر وهو الذى في سورة آل عمران "
 
- أى أن الله علم منا عدم تحقق كامل التقوى منا فخفف الحكم علينا بقدر المستطاع
 
* حتى انه صلى الله عليه وسلم قال فى دعائه المشهور عنه بأنه سيد الاستغفار كان يقول: (اللَّهُمَّ أنْتَ رَبِّي لا إلَهَ إلَّا أنْتَ، خَلَقْتَنِي وأنا عَبْدُكَ، وأنا علَى عَهْدِكَ ووَعْدِكَ ما اسْتَطَعْتُ، أعُوذُ بكَ مِن شَرِّ ما صَنَعْتُ، أبُوءُ لكَ بنِعْمَتِكَ عَلَيَّ، وأَبُوءُ لكَ بذَنْبِي فاغْفِرْ لِي؛ فإنَّه لا يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إلَّا أنْتَ) صحيح البخاري.
 
#- والإستطاعة : معناها بذل الجهد بكل ما يستطع الإنسان من قوة وقدرة في توجيهها لتكون كما طلب الله منه في ظاهره وباطنه لإرضاء الله .. وليس معناها أن تجلس منتظرا أن يتجلى الله عليك بكرامات الأولياء حتى تعمل .. لا .. فالإستطاعة مرتبطة ببذل الجهد والتعب في الوصول لمرضاة الله .. وليس بالنوم والكسل في الوصول لمرضاة نفسك .. فانتبه وانشط واطلب من الله المدد والمعونة ليعينك على طاعته وذكره وشكره وحسن عبادته.
 
#- وقال معاذ بن جبل للنبي صلى الله عليه وسلم: (قُلْتُ يا رسولَ اللهِ أوصِني: قال عليك بتقوى اللهِ ما استطَعْتَ واذْكُرِ اللهَ عندَ كُلِّ حَجَرٍ وشَجَرٍ وما عمِلْتَ من سوءٍ فأَحْدِثْ للهِ فيه توبةً السِّرُّ بالسِّرِّ والعَلانِيَةُ بالعَلانِيَةِ) رواه الطبراني .. وقال المنذري إسناده حسن .. وقال ألباني : حسن لغيره .. (قلت خالد: والحديث فيه ضعف ولكن أذكره لأنه في فضائل الأعمال وهو مما يؤخذ به) .
 
- إذن .. العمل بقدر الاستطاعة .. فكلما تيسر لك الحال لعمل صالح فلا تأخره .. واغتنم صحتك قبل مرضك .. فلعلك تندم علي هذا الوقت لاحقا .. فاغتنم الوقت في العمل مع الله .. وليس في اللعب والخروجات والتليفونات والتليفزيونات .. ولا أقول لك لا تنسى نسيبك من الدنيا .. ولكني أقول لك لا تنسى نصيبك مع الله .
 ********************

#- واعلم أخي الحبيب #
- حتى وأنت مشغول بعملك الدنيوي فكن متقنا ومخلصا فيه لأنك تريد أن تتقي الله فيما تعمله .. حتى تكون من المتقين .. فالانشغال بالعمل الحلال من جملة استطاعة العبد في تقوى الله .. حتى ولو كانت المرأة تطبخ طعامها .. ولو كان الرجل يكتب ورقة فيها مصلحة لأحد .
 
- وابسط نفسك وأهل بيتك قدر استطاعتك وبالحلال .. ولكن ليس كلما ظهر لك وقت فراغ تنطلق الى ما لا فائدة منه ككثرة النوم أو الرحلات أو الجلوس على القهاوي .. وكأنك تغتنم الفرص للهو فقط ..!!
 ********************

# ولا تنسى أخي الحبيب #

#- لا تنسى قول النبي صلى الله عليه وسلم: (نِعْمَتانِ مَغْبُونٌ فِيهِما كَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ: الصِّحَّةُ والفَراغُ) صحيح البخاري.
 
- ومعنى (مغبون فيهما) : اى منقوص .. والمقصود هو قلة توافر هذه النعمتين مع كثير من الناس .
 
- إذن ليس كلما ظهرت لك نعمة الفراغ وكنت بصحتك .. فأنت تصرفها لشهواتك ورغباتك فقط ..!!
 
#- وقال بن عباس: (قال رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِرَجلٍ وهو يَعِظُه:
"اغْتَنِمْ خَمْساً قبلَ خَمْسٍ: شبابَكَ قبلَ هَرمِكَ، وصِحَّتَك قبل سَقْمِكَ، وغِناكَ قبْلَ فقْرِكَ، وفَراغَك قَبْلَ شُغْلِكَ، وحياتَك قَبْلَ مَوْتِكَ) رواه الحاكم وقال صحيح على شرطهما .. وذكره الألباني في صحيح الترغيب وأشار لصحته .
 
- ومعنى (اغتنم) : انتهزها واستثمرها ..
 
 ********************

#- واعلم أخي الحبيب أن في طلب العلم كرامة #
 
- إذا كان طلب العلم فيه كرامة .. فأفضل العلوم التي يحتاجها الإنسان هو ما يقوي به إيمانه بربه ويتبع فيه نبيه صلى الله عليه وسلم .. وتذكر قول النبي صلى الله عليه وسلم: (مَنْ سَلَكَ طَرِيقًا يَطْلُبُ فِيهِ عِلْمًا، سَهَّلَ اللَّهُ لَهُ بِهِ طَرِيقًا مِنْ طُرُقِ الْجَنَّةِ) رواه بن حبان .. وأشار لصحته الشيخ الأرنؤوط والألباني.
 
- وفي (حديث ضعيف وقد يكون حسن لشواهده) .. جاء فيه: ن سلك طريقًا يطلبُ فيه علمًا ، سلك اللهُ به طريقًا من طرقِ الجنةِ ، وإنَّ الملائكةَ لتضعُ أجنحتَها رضًا لطالبِ العِلمِ ، وإنَّ العالِمَ ليستغفرُ له من في السماواتِ ومن في الأرضِ ، والحيتانُ في جوفِ الماءِ ، وإنَّ فضلَ العالمِ على العابدِ كفضلِ القمرِ ليلةَ البدرِ على سائرِ الكواكبِ ، وإنَّ العلماءَ ورثةُ الأنبياءِ ، وإنَّ الأنبياءَ لم يُورِّثُوا دينارًا ولا درهمًا ، ورَّثُوا العِلمَ فمن أخذَه أخذ بحظٍّ وافرٍ) رواه أبو داود .. وقال الأرنؤوط: حسن بشواهده كما بيناه في "مسند أحمد" (21715)، وهذا إسناد ضعيف لضعف كثير بن قيس ..، وأشار الألباني لصحته في صحيح أبي داود ولتحسنه في صحيح بن حبان..، (قلت خالد صاحب الموضوع: الحديث ضعيف بكل طرقه كما قال الشيخ الأرنؤوط – ولكنهم يجعلوه حسنا لتعدد طرق الحديث .. والله أعلم).
 
#- فالعلم هو موروث الأنبياء .. والعلم له ظاهرا وباطنا .. فاحرص على ان تجمع بينهما .. والأصل هو طهارة القلب باتباع الله ورسوله في ظاهرك وباطنك ..
 ********************

# ليه نجتهد ليكون القلب سليما قدر المستطاع ؟ #
 
#- لأن القلب السليم من حب المعاصي ومن الغل والحقد والحسد والنفاق ..، والممتليء حبا بالخير والبر والرحمة والرضا والتوكل على الله .. هو محل نظر الله تعالى بالعناية والرعاية والمدد .. ولذلك قال سيدنا إبراهيم كما اخبرنا الله: (يَوْمَ لَا يَنْفَعُ مَالٌ وَلَا بَنُونَ (88) إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ) الشعراء88-89.
 
- ويقول النبي صلى الله عليه وسلم: (إنَّ في الجَسَدِ مُضْغَةً: إذَا صَلَحَتْ صَلَحَ الجَسَدُ كُلُّهُ، وإذَا فَسَدَتْ فَسَدَ الجَسَدُ كُلُّهُ، ألَا وهي القَلْبُ) صحيح البخاري.
 
- ويقول النبي صلى الله عليه وسلم: (إنَّ اللَّهَ لا يَنْظُرُ إلى صُوَرِكُمْ وأَمْوالِكُمْ، ولَكِنْ يَنْظُرُ إلى قُلُوبِكُمْ وأَعْمالِكُمْ) صحيح مسلم.

 ********************

#- ختاما وإجمالا لا يتحقق لك طريق الى الله الا بصدق اتباع النبي صلى الله عليه وسلم #
 
- يقول تعالى: (قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ) آل عمران: 31.
 
- يقول تعالى: (لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا) الأحزاب:21 .
 
- ويقول تعالى: (وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ (52) صِرَاطِ اللَّهِ الَّذِي لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ أَلَا إِلَى اللَّهِ تَصِيرُ الْأُمُورُ) الشورى 52-53.
 
#- فهذا هو الطريق إلى الله .. هو اتباع رسول الله صلى الله عليه وسلم.. وتعمل مخلصا لله .. يقول تعالى: (وَادْعُوهُ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ) الأعراف:29..، وقال تعالى: (هُوَ الْحَيُّ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ فَادْعُوهُ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ) غافر:65 ..، وقال تعالى: (وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ وَيُقِيمُوا الصَّلَاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ وَذَلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ) البينة:5 .. والمعنى من التفسير الميسر: وما أمروا في سائر الشرائع إلا ليعبدوا الله وحده قاصدين بعبادتهم وجهه، مائلين عن الشرك إلى الإيمان، ويقيموا الصلاة، ويُؤَدُّوا الزكاة، وذلك هو دين الاستقامة، وهو الإسلام. (انتهى النقل).


 ********************

#- لا تنسى أخي الحبيب أن طريقك مع الله يتطلب الآتي #
 
أ- وجه مع الحق ( تبتغى فيه وجه الله ) ظاهرا وباطنا ..
 
ب- ووجه مع الخلق ( تبتغى فيه وجه الله ) ظاهرا وباطنا ..

#- مع دوام التحقيق في القلب بأنه لا حول ولا قوة إلا بالله ..#
 
- فأنت عزيمتك كمؤمن مستمدة من الله .. وسر الوصول لله هي الاعتراف دائما بعجزك إلى الله حتى يمدك بمدده ويزيدك من فضله ويعينك على ذكره وشكره وحُسن عبادته.
 
- فالنبي صلى الله عليه وسلم هو من علمنا أن الإمداد في الطاعة يتم طلبه من الله .. فكان يعلمنا ويقول لنقول مثله .. كما جاء عَنْ عَبْدِ اللَّهِ "بن مسعود"، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَقُولُ: (اللَّهُمَّ أَعِنِّي عَلَى ذِكْرِكَ، وَشُكْرِكَ، وَحُسْنِ عِبَادَتِكَ) رواه البزار .. وقال الهيثمي: ورجاله رجال الصحيح غير عمرو بن عبد الله الأودي وهو ثقه.
 
- ولذلك من حرص النبي على طلب المعونة من الله فكان يوصي صحابته .. ومن ذلك ما  أوصى به معاذ بن جبل فقال له: (يا معاذُ أوصيك ألَّا تدَعَنَّ في دبُرِ كلِّ صلاةٍ أنْ تقولَ: اللَّهمَّ أعِنِّي على ذِكرِك وشُكرِك وحُسنِ عبادتِك) صحيح بن حبان .. وذكره الألباني في صحيح الترغيب وصحيح أبي داوود.

   ********************

# وطريق الولاية لتكون ممن تولاه الله بعنايته ورحمته #

- وطريق الولاية هو في قوله تعالى: (أَلَا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ (62) الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ) يونس62-63.
 
- والولي: هو الذي توالت طاعته لله قدر استطاعته دون أن تحدث معصية إلا عن غفلة .. فالتزم بضوابط الإيمان وتقوى الله قدر استطاعته ..  
 
- والولي: ما كان ليكون وليا إلا بصدق اتباعه للنبي صلى الله عليه وسلم .. لانه أولى نفسه بصدق اتباع النبي .. فتولاه الله برحمته وفضله ..
 
- فالولايه أصلها اتباع النبي وليس اتباع الولي .. فكن محبا للأولياء بظهر الغيب .. ولكن كن عاملا مع الله باتباع النبي صلى الله عليه وسلم .

والله أعلم

اللهم صل على سيدنا محمد وعلى آله وسلم
 
###############################

ملحوظة هامة

تم كتابة الموضوع بتاريخ 18/1/2012

ثم التعديل على بعض أجزاءه وتخريج أحاديثه بتاريخ 10/8/2023


والحمد لله رب العالمين

###############################

 

هذا الموضوع مصدره - مدونة الروحانيات فى الاسلام -  ولا يحق لأحد نقل أي موضوع من مواضيع أو كتب أو رسائل المدونة .. إلا بإذن كتابي من صاحب المدونة - أ/ خالد أبوعوف .. ومن ينقل موضوع من المدونة أو جزء منه (من باب مشاركة الخير مع الآخرين) فعليه بالإشارة إلى مصدر الموضوع وكاتبه الحقيقي .. ولا يحق لأحد بالنسخ أو الطباعة إلا بإذن كتابي من الأستاذ / خالد أبوعوف .. صاحب الموضوعات والرسائل العلمية .

هناك 26 تعليقًا:

  1. غير معرف30/10/15 7:23 م

    اللهم هييء لنا من امرنا رشدا واسلك بنا طريقك وعرفنا عليك وعلى اهل محبتك واجعلنا ممن يسارع في طريقك يالله ومدنا بمددك يالله بجاه حبيبك ومصطفاك سيدنا ومولانا محمدواله وسلم والحمد لله رب العالمين خادم المدونة من اليمن

    ردحذف
  2. اخى الكريم خالد ارجومنك كتابة مقال خاص عن التقرب لله عز وجل بصلاة على رسول الله اعمل انك بالفعل وضعت كتاب خاص بالصلوات عن رسول الله وجمعتها ابتغاء مرضاة الله وتقربا لله عز وجل وحبا فى نبيه صل الله عليه وسلم ، لكن حدث معى شئ غريب بعض الشىءعندما قراءت الكتاب الذى حملته على جهازى الخاص وقراته حتى الجزء الرابع والحمد لله تفاعلت مع الصلوات حتى اننى كنت ازيد عليها مما الهمنى الله عز وجل ..المهم شعرت برعشه شديدة وبرودة فى جميع جسدى فذهبت للسرير والتغطيت بثلاث بطانيات وانا ارتعش بشده واغمضت عينى (كنت بين اليقظة والنوم بعد الظهر وكانى اقرا فى كتاب وان احد ما يعلمنى ويقرأنى وبه اذكار وذكر لا اله الا الله وكانى قرات او خطر لى خاطر انه كتاب منتخب النفائس ..الكتاب موجود عندى (نزهة المجالس ومنتخب النفائس )اقرا فيه عندما احب ان اشعر بالسعادة فهو كتاب جميل رغم انه لايعتد بكثير ممن جاء فيه ..المهم اخى لم استطع ان اشعر بالدفئ فقمت وعملت لاولادى بعض الحلوى ههههه قلت لعل الجو بارد جدا ولعل هذه الرعشه بسبب البرد وبعد ان طمئننت وذهب عنى بعض ما وجدت جئت بالكتاب وفتحت اخرة فقرات هذا كان الخضر يقول اللهم انى استغفرك لما تبت اليك منه ثم عدت اليه واستغفرك لما وعدتك من نفسى ثم اخلففتك واستغفرك لما اردتك به وجهك فخالطه ماليس لك واستغفرك للنعم التى انعمت بها على فتقويت بها على معصيتك واستغفرك يا عالم الغيب والشهادةالرحمن الرحيم من كل ذنب اذنبته او معصية فى ضياء النهار وسواد الليل فى ملأ او خلأاو سر او علانيه يا حليم (صفحة363) . اخى الكريم هذا الدعاء الذى وجدته فى الكتاب علمتنا اياه انت ايها الاخ الكريم وكنت اتسال من علمك هذا الكلام الجامع الجميل الان عرفت ان الله عز وجل الهمك اياه وعلمه لك فأسال الله العظيم رب العرش العظيم الحنان المنان بديع السموات والارض نور السماوات والارض ان يزيدك علما وينصرك على اعداءه واعداء الدين اللهم امين ...وعلى فكرة ان شاء الله ساستمع الى جميع الرقيات لأتاكد انه ليس بى عارض سوء لانى شكيت فى نفسى صراحة رغم ان والحمد لله بفضل من الله اسارع الى الطاعة على قدر ما استطيع وابتعد عن ما يغضب الله عز وجل بقدر استطاعتى والله هو المعين واهو الهادى والفضل منه واليه نسال الله من فضله الذى لا يعطيه غيرة ونستعيذ منه من الهو والنفس وسوء الكبر وحسن الظن بالنفس بل حسن الظن فيه عز وجل القائل انا عند ظن عبدى فى اللهم اجعلنا لك عبادك كما تحب وترضى ولا تجعل فى قوبنا ذرة رياء واجعلنا ممن ان اذا احسنوا استبشروا بك وشكروا لك وممن اذا اسأؤا استغفورا لك وتابوك لك توبه نصوحا وكن لنا يا مولانا معينا على قهر انفسنا ولا تحبنا عنك ابدا ابدا ياربنا فات الذى تتقبل التوبه من عبادك الرحمن الرحيم واجعلنا اللهم يا ربناممن يرجوا رضاك ورحمتك ويخاف وعديك ويخشى عذابك اللهم امين واخر دعونا ان الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيد الخلق اجمعين سيدنا محمد الصادق الوعد الامين ى اخى الغالى الكريم خالد ادعى لى ان يمن الله على برحمته ويتولانى بحكمته ويبعد عنى وعنك وعن كل المؤمنين كل سوء وكل فتنه ويكون لنا جميعا ناصرا ومعينا ..سبحان الله العظيم قوله الحق وله الملك وهو على كل شئ قدير الله الله الله ربى هو حسبى ونعم الوكيل نعم المولى ونعم النصير .لا تسونا من صالح دعائكم اختك سهير

    ردحذف
  3. السّلام عليكم ورحمة الله وبركاته جميعا،
    أستاذ خالد الأكرم، لو تتفضّلون عليّا بمزيد التّوضيح بخصوص هذه الأسئلة:
    كما أوردتم في المقالة أنّه من عمل بما علم أورثه الله علم ما لم يعمل؛ وحال النبييّ يؤكّد لنا معرفته صلّى الله عليه وعلى آله وسلّم تسليما بتفاصيلَ كثيرة لم نعلمها إلّا من خلال العلم الحديث،
    1- فهلّا وضّحتم لي قناعتكم(ما رأيكم في معرفته صلّى الله عليه وسلّم) حول معرفة النبيّ بالعلوم الحديثة أم لا؟ وهل هي بصفة دقيقة ام على سبيل الإجمال؟
    2-هل الإرتقاىت القلبيّة تورث معرفة دنويّة ( تفاصيل خلق الكون مثلا) والتّي بدورها ثورث معرفة بالله أم هي معرفة بصفات الله( بدون فهم علمي) ومعانيها من دون تعلّقها بمخلوقاته (من دون خوضها في تفاصيل دقيقة لمخلوقاته اقصد والتّي تزيدنا علما بالله ) سبحانه؟
    3-في قصّة سيّدنا الخضر رأينا كيف كان تلميذه نبيُّ الله موسى عليه السّلام، فهل العلم اللدنّي لسيّدنا الخضر هو علم فقط (أيضا) بمعاني صفات الله وأسمائه (كالعلم الشّرعي الىن مثلا في أيّ كتاب عن صفات وأسنمء الله) أم أنّ علمه غيرُ محصورٍ فيها ومقصور عليها فيعلم علوما أخرى (هل هذا وارد) دنيويّة-دينيّة في نفس الوقت (مثلا كالعلم بالجينات)؟
    4-في قصّة سيّدنا سليمان عليه السّلام، راينا كيف إستطاع الذّي عنده علمٌ من الكتاب أن يأتي بعرش بلقيس سريعا جدّا، فهل العلم هنا هو علم ديني(علم الكتاب) ام أنّه علم بخصائص فيزيائيّة يستطيع هو فهمها أم هي فقط مجرّد كرامة (وهذا لا اره لأنّ الكرامة الافضل منها تكمن في العلم التّفصيلي، طبعا أكرم الكرامة دوام الغستقامة لكنّي لا أقصد هذا المعنى الآن)؟
    5- لماذا لا نجد أحدا من العارفين بالله(على الأقل لم أسمع عن أحدهم) يخوض في مسائِل علمٍ دنيوي-ديني تعلّمه (ككيفيّة نقل عرش بلقيس وهو جاني علميذ بالضّرورة) وهو متعلّق أيضا وجدّا جدّا جدّا بالضّرورة بالرّوحانيّات؟
    6- أشرف العلوم هو العلم بالله، بصفاته، بأسمائة، ومن جملة أسمائه مثلا القدير، وعندما اقسم الله بالنّجوم فهذا المعنى يعرفه ويتذوّقه بصفة كبيرة دارسو سرعة الضّوء وخصائصه، وهم أعلم النّاس، إذا كانوا مؤمنين وليس بالضّرورة عارفين بالله، بل فقط علماء في ميدانهم، هم أعلمُ النّاس بهذه القدرة الجبّارة لله على التحكّم في مصائر الكواكب، لماذا نجدهم يتفوّقون في وصف صفة القدرة عند الله على غيرهم من العارفين الذّين يكتفون بالتّفاصيل اللغويّة ولا يتجاوزونها للعلم وهم أولى من السّابقين لقربهم من الله، أم أنّ للعارفين علما مثله يكتمونه؟
    أعذرني على هذه الأسئلة، لكنّي لا أفهم إلى الآن سبب عدم تطرّق العارفين بالله، أي عارفون بصفاته بالضّرورة، لا أفهم لماذا لا يتطرّقون لهذه المواضيع كمعاني القدرة والقدسيّة والرّحمانيّة والحكمة و... التّي نقرؤها في سطور الكون ويناقشونها، إذ مثال ناقل عرش بلقيس يؤكّد أنّ البعض منهم لديه هذا العلم الدّيني الدّنيوى الرّوحي الرّوحاني. وجزاكم الله عنّي كلّ خير استاذي خالد.

    ردحذف
    الردود
    1. أخي نزار :
      1- في عهد النبي .. هو نفسه قال : أنتم أعلم بشئون دنياكم ..
      2- المعرفة القلبية شيء .. والمعرفة الدنيوية شيء آخر ..!! فهذا عطاء ألوهية وذاك عطاء ربوبية !!
      3- علوم اهل الله غيبيات وليست ماديات
      4- أفضلية الكرامة ليست بالعلم وإنما بحدوثها .. ومع ذلك فالعلم من الكتاب قد يكون بمجرد الدعاء باسم الله .. وقد يكون عن علم مستنبط من الكتاب له أصوله .. ولكن في النهاية تم النقل في غمضة عين وبسرعة خارقة تفوق سرعة الجن بمراحل ..!!
      5- ولماذا يخوض العارفون في أمور الدنيا .. وهم أرباب سلوك قلبي ..؟
      ومع ذلك لا يمنع أن تكون عالما في علوم الدنيا .. ويهبك الله خصوصية حكمة فيها لو كنت من الصالحين .. وهذا يحدث كثيرا ..
      6- لازلت تخلط عطاء الألوهية بعطاء الربوبية ؟!!
      ولماذا تريد أن تجعل رجل الدين هو نفسه عالم بحثي في علوم المادة والطبيعة ؟
      ولماذا تنظر للعارفين أنهم أحاطوا علما بالعلوم الكونية ؟
      7- ما علاقة وصف القدرة الإلهية بأن يشرحوها فيزيائيا ؟ فهل لو قلت لأحد الله خالق كل الكون .. فهل سيطلب منك شرحا لذلك ؟
      ولماذا يتطرقون لأمور أنت لا تعقلها ولا تفهمها بمعطياتك العلمية ؟ مثل انتقال سيدي عبد القادر بخطوة من بلد لبلد .. أو انتقال النبي للسموات وعودته وفراشه لازال دافيء من حرارة جلوسه عليه ..

      يتبقى في النهاية .. أن الكرامة الإلهية خصوصية عطاء لا علاقة لها بقانون الاسباب المعلومة .. والكرامة الربانية عمومية عطاء لها أسباب فابحث عنها ستجدها طالما أنت مجتهد ..ولا يحرم الله أحد من عطاء ربوبيته ..
      والعارفون عرفوا مولاهم فأعطاهم من مدده .. وكل انسان بقدر مقامه القلبي فالله يعطيه .. وعطاء القرب من الله ثمرته السكينة والطمأنينة .. وفي مقامات أخرى يكون ثمرته يدعو فيستجاب ..
      أما العلوم الدنيوية : فأنتم اعلم بشئون دنياكم
      تحياتي لك

      حذف
    2. أستاذي خالد الأكرم،
      جزاكم الله كلّ خير على سعة صدركم معين ولقد كنت انتظر منكم ردّة فعل أشدّ، ولكنّكم عاملتموني بحلمكم وبعلمكم مع من لا يزال جاهلا بالكثير من أمور دينه، فبارككم الله تعالى وجزاكم الله خير الجزاء على كلّ هذا الوقت الذّي تجودون به علينا، وإنّي أعلم أنّه من وقتكم مع عائلتكم الكريمة ولست اجد ما اقول، ولست أستطيع التعبير عن مدى حبّي لكم وتقديري وإحترامي: حقيقة أستاذ خالد العزيز، تتوه العبارات منّي.
      فقط إجابةً على أسئلتكم، فإنّي أرى أنّ تفصيل المعرفة الدّقيقة مثلا بعلمٍ دنيوييٍّ، لنَقُلْ كيفيّة حدوث الكون، هو تفصيل يزيد من معرفة السّالك بالله، ففي تفاصيل الخلق يكمن علم كبير، وهو وإن كان يُعتبر علما دنيويّا، فإنّه في الواقع أيضا علم بقدرة الله تعالى، وإنّي إذ سألتكم عن العارفين ومعرفتهم بهكذا علوم في وقتنا الحالي التّي فيه تقدّم العلوم بشكل هائل، فإنّي، إذ سألتكم، لأنّه سؤال بديهيّ بالنّسبة لي ولم أجد له جوابا حيث أنّي لاحظت، تاريخيّا، وفي كلام أبي حامد الغزالي، وهو من كبار العارفين بالله، إشارات تدلّ على فهمه الدّقيق جدّا بالعلوم الحديثة وتفاصيلها وأكاد أجزم أنّ هذا العلم لا يمكن أن يكون بشريّا في ذلك الزّمان، فكيف عرف الغزالي هذا التّفصيل حول تناظر الزّمان والمكان وهو تصوّرٌ حديث موجود في نظريّة النسبية اليوم، وهو جزء من عدّة مفاهيم متطوّرة له قدّس الله سرّه لا أوردها هنا خشية الإطالة ولكنّها موجودة في كتابه "تهافت الفلاسفة"، فليس هنا مقامه(ولذلك سألتكم هذه الاسئلة عن معرفة العارفين بالعلم الحديث كنتيجة سلوكهم القلبي وسُقت كمثال نقل عرش بلقيس مثالا قرآنيّا لذلك) وأضع بين أيديكم فقرة قصيرة منه فقط( صفحة 66 من نس الكتاب، طبعة دار الكتب العلمية، سنة 2010) :
      " فكذلك يقال: كما أن البعد المكاني تابع للجسم فالبعد الزماني تابع للحركة فإنه امتداد الحركة كما أن ذلك امتداد أقطار الجسم وكما أن قيام الدليل على تناهي أقطار الجسم منع من إثبات بعد مكاني وراءه. فقيام الدليل على تناهي الحركة من طرفيه يمنع من تقدير بعد زماني وراءه وإن كان الوهم متشبثاً بخياله وتقديره ولا يرعوى عنه. ولا فرق بين البعد الزماني الذي تنقسم العبارة عنه عند الإضافة إلى " قبل " و " بعد " وبين البعد المكاني الذي تنقسم العبارة عنه عند الإضافة إلى فوق وتحت. فإن جاز إثبات " فوق " لا " فوق " فوقه جاز إثبات " قبل " ليس قبله " قبل " محقق إلا خيال وهمي كما في الفوق. وهذا لازم فليتأمل فإنهم اتفقوا على أنه ليس وراء العالم لا خلاء ولا ملاء.."

      حذف
    3. جزاك الله خيرا استاذنا ونفعنا بك
      اخي الكريم نزار

      أحببت أن اذكر بعض النقاط التي قد تجيب على سؤالك, لمذا لا يتكلم العارفون في العلوم الدنيويه ؟ ولماذا لا يتخصصون في علوم تنفع الناس وتقود الأمه للأمام؟؟؟ لماذا يكتفون بالدلاله بالألفاظ اللغويه والمخاطبه بالأفكار العقلية والامور الروحانيه؟؟؟
      هذه الاسئلة التي تفضلت بها قد تكون ناتجه عن عدم وضوح مفهوم العارف في ذهنك, فليس صحيح أن نقصر مفهوم العارف فقط على العالم الذي "يعبِّر عن الحقائق" ويرشد الناس للطريق إلى الله ويتكلم بكلام اهل الله, أو يبين عقبات الطريق, أو من تحدث له الكرامات والتاييد... ولكن العارف الحق هو من لا يزول إضطراره ولا يكون إلا مع الله قراره كما قال إبن عطاء... فقد يكون الإنسان عالماً في أمر من أمور الدنيا ومتخصصاً في علم دقيق منها , وهو من العارفين بالله, لكن الله لم يأذن له بالتعبير, فتجد عنده من الحكمة والسكينه والراحه والإطمئنان بالله والخشوع لما يشاهده من الجمال والجلال الإلهي ومن المعاني الإيمانيه مالا يعلمه إلا الله... ولا يستطيع أن يعبر عنها بلسانه لان الله أراد ان يكون في هذا الموقع ليخدم الآخرين

      فمثلا علماء كثيرين كالدكتور زغلول النجار وغيره من نحسبهم على خير , إذا استمعت ستجد عنده الكثير من المعاني القلبيه التي نتحدث عنها , وهو عالم كبير في علم الجيولوجيا كما نعلم... فهل تخصصه في الجيولوجيا وعدم اشتغاله بالعلوم الشرعيه يسحب منه العرفان؟؟؟ بالطبع لا

      فالعرفان الإلهي كما أعتقد ليس علم فقط, بل العلم والمعرفه وسيله له... فالعرفان الإلهي هو "الخشيه", والخشيه مزيج من الحب والخوف والإجلال والتعظيم... وهذه الخشيه قد يقذفها الله في قلوب عباده ولكن يحجر عليهم التعبير عنها حتى تستقيم الحياة, فتجد مزارعا بسيطا وعنده من الخشية والحب لله ما لا يعلمه إلا الله, ولكنه لا يستطيع أن يدعوا الناس أو أن يعبر عن هذه الحالة القلبيه التي يتنعم بها...

      بخصوص العلم اللدني للخضر, فكلنا يأتينا علم لدني من الله , ولكن كل حسب مقامه, فالعلم اللدني هو فهم في كتاب الله, وفي سنة رسوله عليه الصلاة والسلام ... أما العلم اللدني للخضر هو وحي من الله, لان بعض العلماء قال إنه نبي, لهذا فقال وما فعلته عن أمري, تنبيها أن هناك أمر إلهي له لتنفيذ ما فعله ...

      بخصوص إحضار عرش بلقيس, فسواء كان علم الكتاب المقصود به العلم في كتاب الله , أو في كتاب آخر لتسخير الطبيعه نزل على سيدنا سليمان , فامر الكتاب لا يشغلنا, وما يشغلنا حقيقة هو وجود الحال الذي ينفعل له الكتاب... فسيدنا العلاء الحضرمي مشى على الماء بالجيش بكلمات قليله قالها والقصه معروفه, فالعبرة في الحال القلب لقائل الكلام, والفاتحة رقيه ولكن أين القلوب "وَلَوْ أَنَّ قُرْآنًا سُيِّرَتْ بِهِ الْجِبَالُ أَوْ قُطِّعَتْ بِهِ الْأَرْضُ أَوْ كُلِّمَ بِهِ الْمَوْتَى بَلْ لِلَّهِ الْأَمْرُ جَمِيعًا...."

      بخصوص السؤال ,لماذا لم يتكلم العارفون عن كيفية نقل عرش بلقيس ؟ لماذا لا يوضح العارفون كيفيه حدوث الكرامات أو هذه الخوارق ؟ ولماذا لا يحاولون تفسير تلك الظواهر واستكشافها لمحاولة تكرارها ؟؟؟ لماذا يبخلون علينا بهذه المعلومات؟؟؟ هل عدم التبحر في فهم كيفيه حدوث الكرامه من الناحية الفيزيائيه والكيميائيه يعتبر نقص؟؟؟

      لطالما قال العارفون ووضحوا كيفية حدوث الكرامات والخوارق وأسباب حصولها ولكن قد لا ننتبه لها... لأنه ببساطة "ميادين الغيب تُقطَع بالقلوب لا بالعقول"... فمن كان ذا قلب منيب سليم في عالم الملك , فهو ذو سلطان في عالم الملكوت ... فيكون سمعه وبصره ويده ورجله بالله سبحانه, فينبع الماء من بين اصابعه , أو يكلم الشاة أو يمتلئ الضرع ببركة مسحته ...

      فهل مثلا وجدت حديثا للرسول صلى الله عليه وسلم يشرح كيفية حدوث هذه الكرامات, وهو أحرص الناس علينا؟؟؟ هل بخل علينا بهذه المعلومات (حاشاه بأبي هو وأمي)؟؟؟ بالطبع لا... بل إنه وضح كيفية حدوثها فقال, " لو تدومون على ما تكونون عندي وفي الذكر لصافحتكم الملائكة على فرشكم وفي طرقكم "... فهذا هو السبب في نقل عرش بلقيس , ولا يمكن فهم هذا الحدث في ضوء قوانين هذا العالم لأنه حدث بتدخل تسخيري من عالم الملكوت... وإلا فكيف يضع البراق حافره عند منتهى بصره مثلاً؟؟؟ فهل قدمه طويلة جدا حتى تطول هذه المسافه؟؟؟ كيف هذا وقد ركبة النبي صلى الله عليه وسلم مما يدل أنه ليس عالياً جداً؟؟؟


      لهذا فتجد جل كلام العارفين ينصب على إعداد النفس وتصفيتها حتى ترتقي في طريق الله, فإن حصلت كرامة أو خارقة فلا يلتفتون لها لأنهم يعلمون انها حدثت تسخيرا بأمر الله, لا بالأسباب العاديه...

      تحياتي

      حذف
    4. جزاك الله خيرا استاذنا الفاضل
      وبارك فيك يا اخي محمود على هذه الاستفاضة
      والشكر موصول لاخينا نزار ..
      زادك الله وزادنا جميعا علما ومعرفة وفهما
      وقربنا اليه قربا لا مرد بعده ابدا

      حذف
    5. أخي الكريم محمود،
      لا نستغني عن تعليقاتك أبدا، جزاك الله كلّ خير وبركة وفتح الله عليك؛ ومفهوم العارفين الذّي ذكرته جميل جدّا ورائع وقد زادني فهما الحقيقة، وربّما فعلا العارفون "الصّامتون"، ربّما هم الذّين يغوصون في فهم بعض الاسباب كالتّي أردت معرفتها، وليس كلّهم، أمّا الذّين يتكلّمون ويؤلّفون فربّما مقاهمم هو مقام التّفهيم والتّبليغ، وهكذا؛ فبشيئ من هذا وقدر من ذاك يستطيع الواحد منّا أن يتدرّج في مفاهيم دينه. أفرح كثيرا بمداخلاتك اخي محمود، فببركة هذه المدوّنة الطيّبة تعلّمت الكثير جدّا من أمور ديني، وفضل الله عليّ كان عارما أن دلّني على الأستاذ الأكرم خالد الأكرم، ففضله كبير جدّا عليّ هذا الرّجل، ومداخلاتك أخي محمود استفيد جدّا منها، المَراجِع التّي تذكرها او يذكرها الأستاذ خالد تفيدني في نوعيّة الكتب التّي أستطيع التطرّق إليها، إضافاتك للمواضيع من أحاديث نبويّة أو إستشهادات عقليّة وقرآنيّة مباركة ونافعة جدّا. ولكم فرحت بهذه المدوّنة، والله فرحا لا ينقطع، وإنّي أعتبرها إضافة كبيرة جدّا في حياتي هذه السّنة وستستمرّ بلا إنقطاع بركتها إنشاء اللع على توالي الأزمان المقبلة.
      أخالفك فقط في نقطة:لا أعتبر الدّكتور الفاضل الذّي ذكرتَ أخي محمود عالما على الإطلاق، ومفهوم العالم يحتمل الإضافات العلميّة التّي قدّمها، وليست التّي أضيفت لسيرة العالم الذّاتيّة لمجرّد إشراف على عشرات(وهذا رقم مخيف ومضحك في نفس الوقت، إطّلع على العلماء، لن تجدهم يؤطّرون اكثر من خمس رسائل دكتوراه طوال حياتهم في الغالب إن لم تكن واحدة فقطن ومن يمارس البحث يفهم جيّدا هذه الأرقام) رسائل الدّكتوراه لتلاميذه وليست له، ونوعيّتها، وتقاس أهميّتها بالمجلّات العلميّة المتخصّصة ذات معامل التّأثير الكبيرة التّي قبلت نشر بحوثه بها، إن وجدت وهي لا توجد، ومفاهيمه خاطئة كثييييرا جدّا في مجال الإعجاز العلمي إن لم اقل فادحة، وإستشهاداته العلميّة فادحة جدّا ممّا يحرجنا كثيرا كمسلمين أمام الحقائق العلميّة. لا أريد التحدّث في غياب الرّجل، لكن وجب التّنبيه لأنّ الكثير منا يعتبر كلامه فعلا مدعوما بالعلم، وهو ليس كذلك، بل مجرّد تأويلات له، وأيضا إستشهادات بامور "حقائق علميّة أكتُشفت" وهي لم تثبت لغاية اليوم، ونؤمن بها نحن كمسلمين، كحادثة إنشقاق القمر ولكنّها لم تثبت علميّا لغاية اليوم، لذلك وجب الحذر.
      نفعنا الله بك أستاذ محمود وبارك لك في علمك وزادك بسطة فيه، ورزقك مقام المقرّبين، وأسمعكما الله أخي محمود والأستاذ خالد القرآن تلاوةً من الرّسول صلّى الله وبارك عليه و على آله وسلّم تسليما.

      حذف
  4. أخي الكريم نزار

    بل الشكر لله أولا وأخيرا ,ثم للاستاذ خالد على ما علمنا ببركة هذه المدونه العطره, أنا ذكرت الدكتور زغلول وأختلف معه في تفسير أشياء كثيره كتفسير "والسماء والطارق" وغيرها, وكتنزيل بعض الآيات على وقائع كونيه... ولكن أنا ضربته كمثال لانه معروف للجميع بغض النظر عن الإجتهادات الخاطئه ... كما أن هذا الإجتهاد الخاطئ لا يسحب منه العرفانيه, فكل مسلم عارف ولكن هي درجات وكل إنسان حسب علاقته بالله...

    تحياتي

    ردحذف
  5. السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،

    أستاذي الحبيب خالد، لديّ سؤالين منفصلين يحتاجان مقدّمة لكلّ منهما، وفي الأوّل منهما ثلاثة أسئلة، أرجو إن توفّرت لكم فسحة من الوقت أن تفيدوني برأيكم حولهما.

    I)
    يُسمّي النّاسُ بعض مشايخ طرق التصوّف أو بعض من ظهرت عليهم الكرامات أو أيضا بعض الصّالحين، يسمّونهم بالعارفين بالله أو الواصلين لله، وإن كنت أعلم انّكم تعرّفون الصوفيّة الحقيقيّة بطريقة مختلفة عن العامّة، بل بأنّهم أولئك الّذّين تذوّقوا معاني الصيام القلبيّة؛ وإنّ سؤالي يخصّ هذين المصطلحين، أعني العارفون بالله والواصلون إلى اللّه.

    ففي أحد التعريفين لكم لمعنى الطّريق قلتم أنّـ " هو عمل بالكتاب والسنة يورث فى القلب حال نبوى شريف "، والحقيقة وإن كان واضحا معناه جدّا، إلّا أنّ من لازال يشدو في التصوّف مثلي يحتاج لمزيد تفهيم وتوضيح لهكذا تعريف، وإنّي لأجده واضحا في ذهني هكذا: الطّريق هو "الطّريق المتَّبَعُ للتعرّف على الله وللوصول إليه عن طريق عبادته، وذلك بأن تعمل بمنهج الكتاب والسنّة فترث حالا قلبيّا نبويّا شريفا"، إذ أنّ معرفته سبحانه واجبة بدليل الآية الكريمة:

    فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مُتَقَلَّبَكُمْ وَمَثْوَاكُمْ.

    ولأنّ معرفة الله سبحانه عند علماء الشريعة هي التعرّف على اسمائه وصفاته وقراءة القرآن وتدبّره والعمل به، والعمل بالسنّة النبويّة المطهّرة، لأنّ ذلك كلّه مطلوب عند علماء التزكية، وزيادة عنه، فسؤالي إذن:

    1- ما معنى المعاني القلبيّة؟ (لعلّكم لا تتحدّثون عن صفات القلب الروحية كالرّضا واليقين والإخلاص والتوبة والتوكّل وغيرها)

    2- ما معنى أن نعرف الله (فأُصبحَ عارفا) عند السّادة الصّوفيّة؟

    3- وما معنى أن أصل (فأُصبحَ واصلا) إلى الله عندهم؟

    يتبع

    ردحذف
    الردود
    1. أخي الحبيب جدا نزار ..
      أولا : اعتذر عن التأخير في الرد عليك .. فلم انتبه لسؤالك إلا الآن .. !!

      ثانيا: أما عن الذي سألت عنه .. :
      1- المعاني القلبية .. هي نور يقذفه الله في القلب .. وهذا النور هو ما فيه تزكية للنفس فيطهر ما في الصدر وما في القلب وما في العقل .. وهذا النور هو صفات التزكية التي يجعلها تسلك في نفس الإنسان ليهديه بها ويستقر الإيمان بها .. ومن هذه الانوار أو الصفات .. هي التوبة والتوكل والرضا والإخلاص واليقين .. وكلما وصل المؤمن لدرجة أو مستوى معين في أي صفة كلما ارتقى حاله الإيماني مع الله .ز
      - وكمثال على ذلك : الطفل الذي في مرحلة الابتدائي .. ليس كالشاب الذي في كلية هندسة .. فكلما ارتقى الغنسان في العلم كلما اتسعت مدارك عقله في الإستيعاب والفهم والتمكن من العلم .. فكذلك الحال بالنسبة للمؤمن يجتهد مع الله ويتذوق من معاني القرآن ويتدبر فيها حتى يجد من نور القرىن أو علم الاحاديث من الأنوار التي تبدل من احواله شيئا فشيئا .. ويكفيك في ذلك قوله تعالى: (وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحًا مِنْ أَمْرِنَا مَا كُنْتَ تَدْرِي مَا الْكِتَابُ وَلَا الْإِيمَانُ وَلَكِنْ جَعَلْنَاهُ نُورًا نَهْدِي بِهِ مَنْ نَشَاءُ مِنْ عِبَادِنَا وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ) الشورى52.
      - فالقرآن روح .. لنه تحيا به القلوب لو صدق المؤمن في معاملته وتجه إلى الله .. بل وفيه نورا يسلكه الله في قلوب المؤمن به .. حتى يكون على بينة من ربه .. وكلما كان يوجد سلام في قلبك دون حقد ولا كراهية ولا غل لأحد .. وزاد الرضا بما يجري به القدر كلما زاد الإيمان والحب في الرغبة بالبقاء مع الله والأنس به .. فهذا علامة قوية على زيادة الإيمان وقربك من الله.

      2- معنى (فاصبح عارف) ؟
      - ما الفرق بين العالم والعارف ؟
      المعرفة تدل على خصوصية في علم العالم .. ويمكنك أن تسميها الفهم الخاص أو الحكمة الخاصة
      - مثال ذلك : علم سيدنا سليمان وسيدنا داوود .. ولكن الله أتاه فهما خاصا في مسألة (فَفَهَّمْنَاهَا سُلَيْمَانَ وَكُلّاً آتَيْنَا حُكْماً وَعِلْماً)
      - ومثل ذلك : قصة سيدنا ابراهيم مع قومه في المجادلة ({وَتِلْكَ حُجَّتُنَا آتَيْنَاهَا إِبْرَاهِيمَ عَلَى قَوْمِهِ نَرْفَعُ دَرَجَاتٍ مَّن نَّشَاء إِنَّ رَبَّكَ حَكِيمٌ عَلِيمٌ } الأنعام83

      * وكمثال في الأمور الدنيوية :
      - وهناك المهندس الذي يبني منزلا بقواعد العلم .. ولكن هناك مهندسا يبدع في هذا العلم لمعرفة خاصة من وراء هذا العلم .. مثل بناء الأهرامات.
      - وهناك عالم الدين الذي وقف عند حدود معرفة النص .. دون أن يفطن لما وراء النص دون أن يستنبط منه الحكمة كما فعل أصحاب المذاهب الكبرى.

      * فالعارف هو من يلهمه الله بخصائص ولطائف وتذوقات وحكمة ربانية خاصة .. كنوع من تكريم الله له .. وليس بالضرورة أن يكون العارف اعلى مقاما ممن ليس موصوف بالمعرفة .. لن المقامات عند الله .. لا يعلمها غلا الله .

      3- ما معنى (فاصبح واصلا) ؟
      - اي هو موصول بالله .. بدلالة ما يظهر على حالة من دوام الطاعة وحسن المعاملة مع الخالق والمخلوق .. وهو ما يسمونه بالولي .. لأنه توالت طاعته لله مع الخالق والمخلوق في ظاهره وباطنه .. وظهرت على يديه ما يسمى بكرامات تدل على صدق معاملته مع الله ..

      - والله اعلم
      *******************************
      اللهم صل على سيدنا محمد النبي الأمي وعلى آله وسلم

      حذف
  6. أزال المؤلف هذا التعليق.

    ردحذف
    الردود
    1. أخي الحبيب نزار ..
      - اختصارا لك فيما ذكرته وارجو أن اجيبك بما كنت ترجو ..
      اولا: لا يوجد عند اهل الله من المؤمنين ما يسمى بوحدة الوجود .. التي هي ان الوجود مستمد من نفسه كما هو الفكر البوذي .. !!
      - لا وإنما وجدة الوجود عند المؤمنين .. هي وحدة الشهود مع كثرة التجلي .. !!
      - ولكن ستجد في حياتك من لم يرتضوا بنعمة العقل .. لضعف عقولهم وبلادتها وغبائها .. فلم يعقلوا .. واكتفوا بالتكفير والسب واللعن ..!!

      - وكمثال لك على الأمر (مما ذكرته في تعليقك) .. فيكفي أن ترى الوجود كله كدائرة .. ونقظة الدائرة يخرج منها خطوط كثيرة .. وكل خط من هذه الخطوط وله فعل معين في الوجود .. وهذا الفعل وله اسم .. مثل الخالق وله فعل بإيجاد الخلق في الوجود ..

      - فالنقطة هي مركز كل شيء . والتي هي الأولية والاخرية أيضا .. لأنه منها يتجلى على الوجود الذي هو الدائرة .. ولو منع التجلي لانتهى الوجود ..

      ثانيا:- فكثرة التجليات .. بسببها ضل الكثيرين .. فجعلوا لكل تجلي إله .. والبعض نظر للتجلي وجعله طاقة كونية لأنه ينكر الخالق .. ويتبعه في ذلك مروجين مذهبه وأفكاره .. ويعبدون الوجود وليس المعبود جل جلاله .. !!

      - وكذلك اصحابنا المسيحين ضلوا بسبب التجلي .. فلما تجلى الله على عيسى عليه السلام .. بشيء من القدرات التي ليست للبشر .. فاعتقدوا فيه انه الإله المتجسد ..!!

      - فالتجليات .. مع كثر مظاهرها في الوجود والتي هي مظاهر أسماء الله وصفاته .. في جميع كثرتها هي لذات إلهية واحدة .. ولي ذوات متعددة ..

      - أرجو أن اكون أجبتك ..
      - والله اعلم
      *********************************
      اللهم صل على سيدنا محمد النبي الأمي وعلى آله وسلم

      حذف
    2. نفعنا الله بعلمكم أستاذي الحبيب خالد، وبارك لكم في هذا الإسهاب في الشّرح وطول نفسكم فيه، ماشاء الله، تبارك الله، وأسأله سبحانه أن يكتبكم إماما وأمّة لوحدكم، إنه لما يشاء قدير، اللهم آمين آمين آمين يا ربّ العالمين.

      من ناحية أخرى، أستاذي الحبيب خالد، إنّه ليحرجني كثيرا جدّا أن أجد أنّكم تعتذرون منّي، ووالله فإنّ عدم ظهور السؤال يجعلني افهم أنّكم إرتأيتم أفضليّة عدم إظهاره للمصلحة العامّة، ورأيكم عندي دائما أصوب منّي، فكيف والحال أنّكم لم تنتبهوا له؟

      مقامكم عالي عندي أستاذي الأكرم خالد، وأنا مدين لكم بالكثير جدّا ممّا لن يسعفني في ردّه إليكم إلّا الله؛ فبارك الله في علمكم وكتب له سبحانه أن يمكث في الأرض إلى ان يرثها ومن عليها، ورحم الله الوالد والوالدة برحمة عباده الصّالحين، ورزقهما مصاحبة سيّد الأنبياء والمرسلين، اللهم آمين آمين آمين يا ربّ العالمين.

      حذف
  7. مقال جميل جدا واستفدت منه ، ربنا يبارك فى حضرتك يا استاذنا

    ردحذف
  8. اللهم اجعلنا من الذاكرين الشاكرين العبادين الحمادين وأرض عنه وتجوز عن سيأتي برحمتك ياارحم الراحمين اللهم اغفر لنا ذنوبنا وتوب علينا انه لا يغفر الذنوب إلا أنت اللهم علمني ما جهلنا وذكرني مانسينا واحسن ختامنا برحمتك ياارحم الراحمين وجزاك الله كل خيرا استاذنا الفاضل ربنا يكرمك ويزيدك من علمه

    ردحذف
  9. لا حول ولا قوة الا بالله
    هداية وإرتقاء و تثبيت
    لا حول ولا قوة الا بالله (هداية)
    لا تحويل من المعصية إلى الطاعة إلا بالله

    لا حول ولا قوة الا بالله ( إرتقاء وكرامة)
    ولا رقي من حال إلى حال إلا بالله

    لا حول ولا قوة الا بالله (تثبيت)
    ولا تثبيت على حال إلا بالله

    لا حول ولا قوة الا بالله
    (توكل مع رضا وإخلاص بيقين)

    لا حول ولا قوة الا بالله
    بها نبتدي ونهتدي ونرتقي
    لا حول ولا قوة الا بالله
    منه وإليه كله بيديه
    فكن ناظرا إليه معتمدا عليه
    وخلي نفسك بين يديه
    والله اعلم
    ----------------------------------
    اللهم صل على سيدنا محمد صلاة تطهر بها القلوب وتنير بها العقول وعلى آله وسلم

    ردحذف
  10. اللهم حققنا بقولك الحق:

    ( وَاتَّقُوا اللَّهَ وَيُعَلِّمُكُمُ اللَّهُ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ ﴾ [البقرة: 282].

    ردحذف
  11. اللهم علمنا الادب في ضاهرنا وباطننا امام الله ومع الناس وفي انفسنا واصلح حالنا لنكون كما تحب واجعلنا ممن يسمعون القول ويتبعون احسنة ونعمل به فلا حول لنا ولا قوة الا بك يا الله

    ردحذف
  12. ربنا يبارك في حضرتك استاذنا ومعلمنا الفاضل.. ونفعنا الله بك وبعلمك.. وزادك الله من فضله
    اللهم صل علي سيدنا محمد النبي الامي وعلي اله وسلم..

    ردحذف
  13. جزاك الله خيرا استاذنا الفاضل ولي سؤال كلما أذنبت أرجع إلي الله استغفره وأتوب إليه وأعلم أن الله سيغفره مادام يسر لي الاستغفار منه ولكن تحدثني نفسي بأنه لن يمحي من صحيفتي يوم الحساب فهل التوبة من الذنب ممكن أن تظل وأحاسب عليه أو أنه سيذكر ولا أحاسب عليه وإن تكرر وتكرر توبتي منه

    ردحذف
    الردود
    1. #- من الخطأ يا بنتي الظن ان الله لا يمحو الذنوب طالما نجتهد في التوبة والاستغفار ولا يوجد اصرار على فعل الذنب ..

      #- اقرئي الحديث الآتي .. وهو حديث قدسي حلو قوي:
      ------------------------------------------------
      - عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فِيمَا يَحْكِي عَنْ رَبِّهِ عَزَّ وَجَلَّ، قَالَ:
      (أَذْنَبَ عَبْدٌ ذَنْبًا، فَقَالَ: اللهُمَّ اغْفِرْ لِي ذَنْبِي، فَقَالَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى: أَذْنَبَ عَبْدِي ذَنْبًا، فَعَلِمَ أَنَّ لَهُ رَبًّا يَغْفِرُ الذَّنْبَ، وَيَأْخُذُ بِالذَّنْبِ ..،
      - ثُمَّ عَادَ فَأَذْنَبَ، فَقَالَ: أَيْ رَبِّ اغْفِرْ لِي ذَنْبِي، فَقَالَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى: عَبْدِي أَذْنَبَ ذَنْبًا، فَعَلِمَ أَنَّ لَهُ رَبًّا يَغْفِرُ الذَّنْبَ، وَيَأْخُذُ بِالذَّنْبِ ..،
      - ثُمَّ عَادَ فَأَذْنَبَ فَقَالَ: أَيْ رَبِّ اغْفِرْ لِي ذَنْبِي، فَقَالَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى: أَذْنَبَ عَبْدِي ذَنْبًا، فَعَلِمَ أَنَّ لَهُ رَبًّا يَغْفِرُ الذَّنْبَ، وَيَأْخُذُ بِالذَّنْبِ ..،
      - اعْمَلْ مَا شِئْتَ فَقَدْ غَفَرْتُ لَكَ) صحيح مسلم.

      - وفي رواية في آخرها: (أُشهِدُكم أنِّي قد غفَرْتُ لعبدي فلْيعمَلْ ما شاء) صحيح بن حبان وقال الأرنؤوط: صحيح على شرط البخاري.

      #- يبقى خلي عندك رجاء مصحوب بيقين في الله أنه سيمحوه لكي .. طالما تجتهدي في محاولة التخلص من هذا الذنب حتى ولو تكرر عن غفلة منك ..

      - لكن أهم حاجة يكون هذا الذنب ليس عن إصرار (أي عن تعمد) .. وليس فيه استكبار (أي امتناع عن التوبة منه والندم وطلب غفران من الله) .. وما عدا ذلك فأبشري بالخير من الله ..

      ****************************************
      اللهم صل على سيدنا محمد النبي الأمي وعلى آله وسلم

      حذف
  14. جزاك الله خيرا وزادك من فضله

    ردحذف
  15. جزاك الله خيرا استاذ خالد ربنا ينفع بيك يارب

    ردحذف
  16. ☆☆💎☆☆

    لا يوجد مجهول في هذا العالم
    الذي يجعل السفينة تسير أو تغرق هو الماء
    بمعنى؟
    فهل تسير اذا لم يجري الماء من تحتها... مستحيل!...
    وإن دخل الماء جوفها فستغرق..

    ردحذف
  17. في كل حصة للّغة العربية يسألني الأستاذ عن عدد الحروف الأبجدية فأجيبه دون تفكير " سبعة وعشرون حرفًا "

    _ خطأ ، كم مرة أخبرتك أنها ثمانية وعشرون .

    _ بل سبعة وعشرون ، أنا متأكد من ذلك .

    فيطلب مني أن أمد يدي ليضربني

    وأمدها غير آبه بالألم لقد اعتدت على ذلك

    نصحني زميلي بعد أن رأى آثار الضرب على كفي بأن أقول كما يقول الأستاذ لكنني أتجاهله

    ثم أضع كفي على الحديدة لتبرد قليلًا .

    دعاني مدير المدرسة ذات يوم يستوضح مني

    بعد أن شكاني ذلك المدرس فبدأ يمتدح ذكائي وكم أنني طالب مثابر ومتميز

    قد أدركت مايريد مني فقاطعته وقلت له مباشرةً : "إنها سبعة وعشرون حرفًا " ..

    ثم انصرفت وتركته في حيرته يراقب خطواتي وأنا أخرج الباب .

    توجهت نحو المنزل ، مثقل بحقيبتي الممتلئة بالكتب والدفاتر

    تفتح لي أمي الباب وتحتضنني كعادتها ، ثم تفتح كفي المنقبضة لترى ما اعتادت أن تراه

    _ متى ستعقل( ياصغيغي )، إنها مشيئة الله

    فأقَبِّل مفرق رأسها وأعِدُها كذبًا أن لا أكررها ثم أتجه نحو المطبخ وأنا أحدث نفسي ..

    " إن حرفًا لا تنطقه أمي لا يعد من الأبجدية ."

    ردحذف

ادارة الموقع - ا/ خالد ابوعوف